المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ عبد الله الاربيلي وكتابيه الرسالة في الزكاة وتوحيد المسلم



ابراهيم خليل العلاف
12/09/2009, 08:00 AM
الشيخ عبد الله الاربيلي وكتابيه : الرسالة في الزكاة وتوحيد المسلم
أ . د . إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل

رحم الله علمائنا الأجلاء الذين عاصرناهم في سني تكويننا النفسي والاجتماعي في الموصل ، فقد كانوا ، بحق علامة مضيئة في تاريخ هذه المدينة المعطاء. ونعد أنفسنا نحن جيل الأربعينات من القرن الماضي محظوظين لمعرفتنا عددا كبيرا منهم ، فأولئك الرجال الطيبين لم يكونوا متفرغين لأمور الخطابة والإمامة بل كانوا يعملون في حرف وصناعات ، شأنهم في ذلك شأن اقرانهم وأبناء بلدتهم ، فالشيخ الأستاذ عبد الله الاربيلي (1905 ـ1983) كان صاحب مطعم للكباب وقد شاهده أهل الموصل يقوم بشوي الكباب بنفسه للزبائن . أما الشيخ العلامة الأستاذ إسماعيل الكتبي فكان صاحب مكتبة في شارع ألنجفي وكذلك الأستاذ الشيخ بشير الصقال فقد عمل (قوطجيا) أي بائعا للشاي والسكر .. في باب السراي ..وقد نذر أولئك أنفسهم لأمور الخطابة والوعظ في مساجد وجوامع الموصل المختلفة وبدون مقابل مادي، وأتذكر بان هناك من كتب عن الشيخ عبد الله الاربيلي ومن الذين كتبوا الأساتذة احمد محمد المختار ، وعبد الجبار محمد جرجيس وأنور عبد العزيز.. وقد أشاد الزملاء هؤلاء بالشيخ الاربيلي وتطرقوا إلى سيرته الذاتية ،وشيوخه، وتلاميذه وذهب الأستاذ أنور عبد العزيز - عندما كتب عنه في جريدة الحدباء (10 شباط2002) -إلى القول بأنه رأى هذا العالم الجليل في أوائل الخمسينات من القرن الماضي في محله الكائن في باب الطوب يواجه منقل النار ، صيفا وشتاء ، وبقية الفصول يراقب أسياخ الكباب ليقدمه طعاما شهيا نظيفا رخيصا للآكلين .. وأضاف الأستاذ أنور ، وبأسلوبه القصصي الممتع يقول عن الشيخ الاربيلي ((ومع تقديم الطعام ، كان التواضع والخلق الجم مع الزبائن والناس ، فكان ، وكما كثير من علماء الدين المسلمين ، وعلى مر العصور عاشوا على كدهم وكدحهم ومارسوا مختلف الحرف والمهن ، ولم يكونوا أبدا متبطلين ، , والأمثلة على ذلك كثيرة ومعروفة رغم أن انشغالهم بتحصيل الرزق لهم ولعوائلهم كان يؤثر على تحصيلهم العلمي ، ولايتيح لهم الوقت الكافي للانصراف كلية لجهودهم العلمية وتخصصاتهم الدينية في مجالات التفسير والحديث والفقه ومختلف علوم الدين )) .
ويستعيد الأستاذ أنور عبد العزيز في مقالته التي كان ينشرها متسلسلة في جريدة الحدباء بعنوان : ((من ذاكرة المدينة)) ذكرياته، والصورة الذهنية التي رسمها عن الشيخ الجليل فيقول : ((إنني لأتخيله الآن ، وبعد خمسين عاما ، بشخصيته ووقاره العلمي وبساطته وتواضعه وقدراته وتمكنه من مادته ، وهو يقوم ويلقي دروس التفسير في أمسيات الخميس ، قرب الجامع الكبير وإمامه جمهور من المدرسين والمعلمين والطلاب جالسين على بسط من حصران يستمعون اليه بكل محبة وشغف واحترام واهتمام وتقدير ، وأنا أتخيله الآن واستعيد صورته وجلسته وحديثه ما يزال يرن في أذني وخاطري وما يزال شعاع تلك الآية الكريمة الباهرة يضيء في نفسي وأنا اسمعه شارحا ومفسرا ((ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا)) لينطلق في سيل عذب منهمر وبعمق في المعاني والدلالات والشواهد والإشارات ، وهو يتحدث عن المعاني الكبيرة لمفهوم (الاستقامة) في الإسلام .
اليوم ونحن نستذكر هذا الرجل الكريم لنستلهم القيم والمبادئ والتي كان يحملها ، أود أن اخبر القارئ الكريم .. بأنني عثرت له في مكتبتي الخاصة على أثرين علميين الأول بعنوان )) :رسالة في الزكاة )) وهي رسالة علمية قيمة كان قد ألفها وفرغ منها في 18 ربيع الاول 1276هـ/1956م عندما كان يعمل مدرسا في مدرسا زكر بالموصل وقد طبعت في مطبعة سلمان الاعظمي ببغداد سنة 1276هـ ـ1957م وتقع في (57) صفحة من القطع المتوسط.. والثانية كتاب (( توحيد المسلم )) وسنقف في هذه العجالة عندهما، فنقول_ بصراحة_ إن عودتنا للاطلاع على ماكتبه الاربيلي في مثل أيام رمضان المبارك هذه ، هو سبب كتابتنا هذه السطور .ورسالة في الزكاة قيمة ومفيدة ، تتألف من أبواب وفصول ومن موضوعاتها واجب الأمر بالمعروف ، حكمة الزكاة ، الضرائب عند الأمم الماضية ، معنى الزكاة لغة ، شرعا ، متى فرضت الزكاة ؟ منزلة الزكاة ، الإخوة الدينية في الزكاة ، ، الترغيب في أداء الزكاة والترهيب في منعها ، انواع الزكاة وشروطها ، زكاة الذهب والفضة ، الزكاة في الأوراق المالية والعملة ، زكاة عروض التجارة ، زكاة المحصولات الزراعية وثمار الأشجار ، لازكاة في الخضراوات ، تؤخذ الزكاة من الوسط ، الزكاة في الدور ، في الحلي ، في اواني الذهب والفضة ، زكاة الركاز والمعادن ، زكاة المواشي والإبل ، زكاة البقر والغنم والجاموس , والخيل.. ومن الطريف أن يشار في نهاية الكتاب ،إلى أن الأستاذ الشيخ عبد الله الاربيلي قد كلف السيد احمد عبد الله الحسو،وكان آنذاك طالبا في جامعة بغداد (الدكتور والمتخصص في التاريخ فيما بعد) بالإشراف على طبع الكتاب في بغداد ، وقد ختم الاربيلي رحمه الله رسالته بالقول: ((إن الزكاة نظام اجتماعي ثمرته حفظ التوازن بين الطبقات ، وتقويمه الروابط بين المسلمين والقضاء على الحقد والحسد ، وخلق التآلف بين الفقراء والأغنياء)) .
إن رسالة الزكاة للشيخ الاربيلي ، رسالة قيمة وممتعة ، خفيفة الحمل ، سهلة المآخذ تغني عن الجدل والشك ومراجعة العلماء للاستفسار)) .. وذلك لما تحويه من الادلة المستندة الى الكتب والمصادر الفقهية المنصوص عليها في الكتاب والسنة والاجتماع والقياس سواء المتفق عليها او المختلف فيها ..
أما كتاب ((توحيد المسلم )) فقد سبق لابن الشيخ عبد الله الاربيلي ،الأستاذ عبد المنعم قد طبعه طبعة خاصة سنة 2003 ، وبالقطع الكبير وبجزأين مترابطين وبواقع 108 صفحات وقدمه لي نسخة منه على سبيل الإهداء ومما جاء في مقدمة الكتاب أن أهم مايلزم المسلم ،معرفة ربه لهذا ندب الشيخ الاربيلي نفسه ((لجمع مايتعلق بعقيدة المسلم والتي ينجو بها المسلم من الشرك الذي يسود مجتمعنا اليوم ...وبأسلوب يفهمه الخاص والعام ...فالتوحيد قطب الرحمة، وقلب البشر ،ولب الألباب، وهو النور لحياة كل مسلم مؤمن في هذا الكون ...واقتداء بما بدأ به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لااله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقهم وحسابهم على الله .
من مباحث الجزء الأول ماهو التوحيد ،مااقسامه ،ماهي شروط وقواعد الإسلام ،ماهو التكليف وما حدوده ،ما معنى الوحدانية ،ما مفهوم الوجود ،ما معنى الوحي ،ما هي المعجزات ،الموت ،الروح والنفس ،الروح والعقل ،الملائكة ، الميزان والصراط .ومن مباحث الجزء الثاني الجنة والنار ،العرش ،الحلال والحرام ،مصدر عقيدة المسلم القران والسنة ،الشرك ،التوسل بالنبي وهل هو جائز ،علامات المصابين بالشرك ،المدافن وزيارة القبور ،الحلف بغير الله القرابين والأضرحة ،الحلول والاتحاد ،النذور ،نذر المباح ونذر المعاصي ،تاركي الصلاة ،فتنة الدجال ،الرقي والتمائم .ومما يمكن قوله ان الشيخ الاربيلي بدا في كتابيه من ابرز الذين قادوا الحركة القوية التي نشأت في الموصل وكانت تدعو إلى إتباع ما كان عليه السلف في مجال العقيدة والشريعة ولم يقتصر موقفه على الجوانب التنظيرية بل نراه قد عمل على التصدي لكل الأفكار الخاطئة والمنحرفة ودفع ثمنا لذلك عندما تعرض للاعتقال والعنت ولم يخضع بل ظل متمسكا بمبادئه واستمر في القاء الدروس والخطابة والوعظ في الكثير من مساجد وجوامع الموصل .
رحم الله الشيخ الاربيلي ، فقد كان عالما جهبذا ، وإنسانا رائعا ودعوة لابناءنا لكي يطلعوا على سير أولئك العلماء الأجلاء ويخذوا منها قدوة صالحة تفيدهم في حياتهم العلمية .

نظام الدين إبراهيم أوغلو
09/02/2010, 02:17 PM
أستاذي الكريم إبراهيم خليل العلاّف

أبحاثكم يسعدني ويهمني كثيراً، لأنني أحب وأتذوق من سير حياة علماء وشيوخ المسلمين من أين كانوا ومن أيّ جنسية كانوا. جزاكم الله ألف خير.