المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رواية سبع الليالى الجزء الثانى _قبل التصحيح (البعد الكتابة على الحاسب- بقلم ناجى السنباطى



ناجى السنباطى
13/09/2009, 06:11 PM
الخاتمة:حيث لم تستوعب المساحة المسموح بها فى المنتدى كامل النص
أعتذار:حيث ان الجزء الثانى من الرواية بدون تصحيح بعد الكتابة على الحاسب واعد بنسخة مصححة حيث يحتاج التصحيح وقتا طويلا
****************************************
ومرت السنوات علي هذا الحال ، ولكن مرورها كان أسرع وثبا من السنين السابقة ، كانت السنوات تطوي بعضها البعض ، بسرعة صاروخية ، وكانت مصر قد أخذت تلملم جراحها في سرعة عجيبة ايضا ، و الرجل ما زال هو الرجل يكافح ويكابد وقد خف الحمل عنه قليلا ، ولكنه ما تلبث أن تحضر احدي بناته وبصحة زوجها وأولادها ، فيضع ما أدخـره للأيام القادمة من معاش ومن عمل بماكتب الاستيراد والتصدير لم يكن يدخر ليومه ولا لغده ، وقد كسب الكثير وضيع الكثير في كرمه وفي حبه أيضا للوجاهة حينما يعطي جنيها لمعد يقول له يا بك في وقت من التاريخ القديم ، كان للجنيه قيمة ووزنا كبيرا وها هو الآن يفقد كل شىء إلا القليل والقليل وها هو عام آخر من الحزن يأتي أو قل أنه الشرخ الذي بـدأ في عام 1967 ظاهرا وإن كان باطنا منذ زمن طويل ، قد انعكس في صلب الرجال ، فشرخها كما شرخ بنيان المجتمع شرخ الصلابة ، وأخت تتهادى تدريجيا ، وهي تقاوم في صلاة ، حتى فقدت آخـر ورقة من أوراق الحياة في التشبث بها والعض بالنواجذ عليها ، ذلك يوم كان سبتمبر 1970 حينما ما عبد الناصر ، متأثرا ببداية الإنهيار في 1967 ، لقد ظل طوال السنوات الممتدة ، من هذه إلي تلك يحتضر وكم هو صعب ، أن يمتد الاحتضار لعدة سنــوات ، من هذه إلي تلك يحتضر وكم هو صعب أن يمتد الاحتضار لعدة سنوات ، وكان عرفان هو الآخر في حالة من الجمود وقل أنه الحـد الأدني للحياة وجاء أنور السادات ليحمل الراية من بعد عبد الناصر ونظر الناس إليه ن بمنظار وجوده في عهد عبد الناصر ، ولم يدروا أن عبد الناصر كان قد حجب بحجمه الكفاءات الكثيرة ، ولم يبق إلا هـو فلما مات عبد الناصر ، نظر الناس إلي السادات بموقعه في عهد عبد الناصر ، وجوبه بالكثير من المواجهات والمشاكل من جانب الفرق المتناحرة علي الحكم وعلي وراثة عبد الناصر واشتد العنف ضده في الجامعات وفي المواقع العامة ، ومن رفاقه في الحكم لقد نظروا إليه ، بنظرة أنهم كانوا في مكان واحـد وقد يكون هو متأخرا عنهم ، وها هو الآن يشد الخطوات نحو الكرسي ثم يجلس عليه ، وكان سخطهم ظاهرا ، واضحا منعكسا.. رجالاتهم في كل مكان وكانوا قد أعـدوا لمثل هذا منذ وقعت حرب 1967 بينما مجابهة عبد الناصر كانت أضعاف من كل هذه المجابهات للسادات ، لأنه لم يترك لهم الفرصة لذلك ولكنه لم يستطع ذلك ، بعد هزيمته في 1967 فكانت مظاهرات 1968 و 1969 وكان سببها أحكام قادة حرب 1967 في الطيران ولكن المتأمل يرى أنها أنعكاسا طبيعيا بعد صدمة 1967 ولم يظهر في 1967 شىء من هذا عقب الهزيمة بل العكس هو الذي ظهر وهو التأييد والصمود لأن الشعب لم يفق من ضرب الرأس إلا بعد مدة حينئذ فكر وقد بدأت الأمور تبعد قليلا ، والوقت بدأ يظهر حجم المآسأة ، فكان مظاهراته في 68 و 69 ولو لم تكن هناك محاكمات لقادة الجيش ، لقامت المظاهرات أيضا لأي سبب لأنها كانت محاولة للتنفيث ، عن نتائج الحرب ولا تظهر هذه مباشرة ولكن بعد مدة والمتتبع لكل هذا يجد أن المظاهرات أو وسائل إظهار عدم الرضاء ، لم تتوقف من 1968 حتى قامت حرب أكتوبر 1973 وهذه الملحوظة جديرة بالدراسة والفحص ، ولهذا فالسادات كان يجابه عدم الاقتناع به من جانب من رأوا أنهم أحق منه وكان يجابه هزيمة البلاد ، وكان عليه أن يكسب هذا ويمحو هذه ، وكان عرفان يتأمل كل هذا وهو منهمك في عمله في مكتب الاستيراد والتصدير ، وكان يعاونه ابنه الأكبر جدير وقد بدأ ينفردان بعملها ، بعيدا عن المكاتب الأخرى ، وكانا يسافران إلي إيطاليا ، وفرنسا وانجلترا وبعض دول الخليج كالكويت والسعودية ويتعاقدان علي بضائع مختلفة لتصديرها من منتجات زراعية وصناعية وغير ذلك من الأمـور ويتعاقدان علي ماكينات للاستيراد للبلاستيك ، ولصناعة المكرونة ، وأمثال ذلك من الآلات واستمرا حالهما في وسط هذه الدوامة التي انعكست علي البلد وعلي الاقتصاد وكل اقتصاد البلد قد وجه للمعركة ، واستمرت حرب الاستنزاف بعد وفاة عبد الناصر ، أو قبل وفاته بقليل ، وبلغت ذروتها ، علي وجه التحديد في 1969 ، في عهدة وقبل رحيله ، ثم قام السادات ، بتصفية معارضيه ، قبل أن يصفوه ولا ينكر أحـد ان هذه المجموعة كانت تنتظر الفرصة لخلعه من العرش وأنها كانت مجموعة سيئة ، فيما عدا القليل منها ، وأنها ظلت من قبل حول عبد الناصر مدة طويلة ، وكان يجب عليه أن يغيرها جميعا فأصحاب الهزيمة ، لا يستطيعون أن يبنوا مجتمعا جديدا ، أو يحصلوا علي النصر وقد تحولوا مع السلطة إلي شبكة معقدة ، متشابكة كالأخطبوط في ضرباتها ، وتحولوا مع الهزيمة إلي ذئاب جريحة يعضون بعضهم البعض وتحول الناس معهم إلي لامبالاة غريبة وكان مايو 1971 خطوة جديدة في سيرة الأمة ، ثم كان ترتيب البيت لصاحبه الجديد ، السادات عملية يحاول فيها أن يقضي علي الصفوف التالية لهذه القيادات فلما استوثق من كل هذا فرش فرشته العربية والدولية وأخذ ضماناته الكافية وأطلق جنود مصر البواسل ، كل في موقعه ليكون يوم السادس من أكتوبر 1973 ، يوم عبور الأمة بأسرها من الذل والهوان إلي غايات لا تنتهي من المجد والشرف في معركة سجلت ، بدماء الشهداء في العبور وفي الاستيلاء علي خط باريف وفي التقدم شرقا وفي رفع الرايات في كل مكان وفي معركة سجلتها الصحافة والإذاعة والتليفزيون في كل أنحاء العالم و في مصر ، وسجلتها أقلام الكتاب والأدباء والشعراء ، وسجلتها أيادي المؤرخين العسكريين ، وصارت تاريخا جديدا لمصر ، تاريخا يمحو كل الهزائم السابقة ويظهر قدرة الجندي المصري ، ويظهر التضامن العربي ، ويظهر صلابة الشعب المصري ، ويظهر مدة قوة الشعب المصري والشعب العربي لو اتحد هذا واتحد ذاك ، حينئذ يكون لهم ، العتاد والبشر والاقتصاد ، ورعاية الله لكنهم دائما فرق وأحـزاب ، مثلما عرفان و أسرته وأقاربه ، فرق وأحـزاب ، وها هو يستغل ما أدخل من تسهيلات كثيرة في معاملات الاستيراد والتصدير فينشط كثيرا هو وابنه جدير ، وتدور العجلة قليلا ، وكان ابنه الآخر ، قد توظف في عمل بالمطار المدني ، وأخذ يشق طريقه منفصلا عن أبيه وعن أخيه فهو لا يفهم في أمـور الاستيراد والتصدير ، ولم يلبث ابنه نسيم ، أن وصل إلي ليسانس الآداب قسم لغات شرقية ، وانخرط في العمل في قسم الترجمة ، باحدى الصحف اليومية ، وانفصل أيضا عن والده والاب وابنه الكبير ، يعملان معا وقد قسما بين كل منهما ، واجبات المنزل المادية وواجبات الأخـوات ، في الأعياد وفي المناسبات المختلفة ، وقد قسما ايضا ، الإيراد الناتج من عملهما ، مناصفة فيما بينها وكان زوج ميرفت قد توفى وقد ترك لها ابنا وبنتا فتزوجت من صاحب مصانع مختلفة وانتقلت معه هي وأولادها وعاشت في كنف الزوج ، بعد انقضاء فترة الحـداد الطويلة ، وعلمت أنها سنة الحياة ، وجاءته ابناء بأن الشيخ عبد العليم قد عاد إلي القرية وظل مساعد مع مدحت بتك ، وأنهما في نجاح ففرح لها.

واستمرت الأيام علي هذه الأحوال شجرة العائلة قد تعددت فروعها وتنوعت وأنبتت فروعا جديدة ، تمتد هذه الشجرة في أنحاء مصر صعيدها وشمالها شرقها وغربها ، ولا يجمعها إلا مناسبة من المناسبات أو عيد ميلاد الوالد الكبير ، الذي أخـذت التجاعيد تقلل من وسامته ، وحمل اسنين يقلل من حركته ، وأمراض الشيخوخة تزيد من علته وكان يقاوم كل هذا وفرض القلب قد تمكن منه قليلا ، ولكنه ما زال علي عهده للشراب وما زال علي عهده للذكريات القديمة ، يتذكرها ويعيدها ولكنه لا يخلط بينها ، وقد يذهب إلي صديق أو صاحب قديم ، وإن كانوا قد هربوا منه جميعا بعد أن خرج من الشركة ، ولم يبال وكان يبتسم دائما ويتذكر يوم أرسل ابنه جدير ، ومعه وائل إلي أحـد الأصدقاء القدامى ، ويقع في منزله في حي الزمالك المعروف ، وصعدا إلي حيث يقطـن ، وقدما للخادم النوبي ، وكان مازال موجودا كما كان موجودا منذ مئات السنين ، في مثل هذه البيوت بطاقة تحمل اسم عرفان مرسلة ، إلي صاحب هذا المنزل ، وصاحب هذا العرفان ، فدخل الرجل النوبي وجاء وقال أنه ليس موجودا ، وأقفل الباب في وجه جدير وفي وجه وائل ولم يكررها ، أنه يعرف أن الناس مع القوى ، حتى يضعف وضد الضعيف حتى يقوي ، ولن يتغيروا أبدا هكذا الحياة وهكذا فعلت بهم الحياة ، يتربص الفرد منهم بأخيه ، وبقريبه وبأبيه وبإبن عمه ، وبصديقه ، وها هي السنوات قد جرت مسرعة ، وكأن البركة قد نقصت فيها أيضا ، ويظل عرفان يقول كأن هذا الحدث كان بالأمس ، وكان قد مر عليه سنوات ، وها هو الآن ، قد انفصل ابنه عنه واشتغل لحسابه ، وإن ظل وفيا لأسرته في الواجبات المادية ولكنه انفصل لأن والده يصرف كل ما يأتيه ، وما أن يتجمع معه القليل من الماء ، حتى يذهب ويشرب والسنوات يجر بعضها البعض ، ويشق كل ولد من أولاده ، طريقة في الحياة وينجحون وقد يقابلهم مشكلة ، فيحاول أن يساعدهم في حلها ويقول لهم لقد كان هنا في هذا المكان صديقي فلان وصديقه علان ، ويكون هؤلاء قد أحيلوا إلي المعاش أو توفوا ، والسنوات تمر وعرفان يتابع بعض الأعمال البسيطة ويتابع احـداث الدولة ، ها هو السادات يزور فلسطين المحتلة ، ويوقع في أمريكا معاهدة سلام ، من وجهة نظره ، وها هي البلاد العربية تقطع علاقاتها مع مصر ومن قبل كان هناك أكثر من ثلاثة ملايين مصري منتشرين في دول الخليج ، وكان هناك بعض الأقارب والأصدقاء ، لعرفان واسرته ، وظل العاملون المصريون في هذه البلاد ، رغم قطع العلاقات وكانت مصر قد ذهبت بعيدا في موضوع الانفتاح فارتفعت الأسعار بطريقة شديدة ، وفشل الانفتاح في حل مشكلة مصر الاقتصادية لأنه كان انفتاحا استهلاكيا ، وليس انتاجيا ليحول البلد من الداخل إلي صراع مادي رهيب وقد أوشكت كل العلاقات الإنسانية علي التراجع ، والتباعد والتفكك الأسري يشتد.
لقد تجمعت صفوة الورثة من عهد ثورة يوليو ، علي مجموعة من أصحاب المال الجدد الذين ظهروا فجأة في غيبة كثير من الأمور وتحولت إلي الطبقة الجديدة ، التي حلت محل طبقة ضباطا لجيش بعـد الثورة ، والتي بدورها حلت محل طبقة الرأسماليين ، قبل الثورة ، وانعكس كل هذا في الصحافة وفي وسائل الإعـلام ، وانعكس كل هذا علي حياة المواطنين وعلي حياة عرفان وهـو يرى ، أمامه الدنيا تسرع ولكنها سرعة الخائف ، وليس سرعة المطمئن ، وها هو العبث في الخطط وفي السياسات بعد نشوة النصر المجيد في أكتوبر 1973 ينعكس في الصدام الدامي في سبتمبر 1981 وينعكس في قرار السادات الخاطىء ، باعتقال كل هؤلاء ، سامحه الله ، هل كان برأيه ، أم برأي من أوصى إليه بذلك ، وكانت الطامة الكبرى ، أن يجمع كل البلد في سجن كبير ، وأن يجمع قياداتها ، أيا كان الاختلاف معها في سجن أصغر قليلا ، ولما كان هذا بمثابة وضع المزيد من الفحم في أتـون النـار ، وأنت تزيد من الفحم وأنت معتقد أن الفحم رطب سيطفىء الناس ، كان نارا في عام 1981 في أكتوبر منه ، ولم تكن نارا كانت مآساة ومأساة عنيفة لأن النهاية كانت واضحة ، حينما يثب الاب علي أبنائه ، وحينما يثب الابناء علي ابيهم ، حينما يخرج المجتمع بعد الحرب كل يلهث في سباق محموم ، من أجل الثروة وما هي بثروة ...من يجمع أكثر من من ، من يملك أكثر من من ثم يفاجأ الناس ، بأن ما أسرعوا وراءه ، وهم يعود عليهم بالخسارة الكبيرة ، إذ أنه نوع من القمار ، تكسب فيه أولا ، ثم تخسر بعد ذلك كثيرا وقد كان كل هذا الذي كان ، إن اشتعلت النيران ولم يستطع أحـد ، أن يطفئها ، كبئر للبترول عميقة ، وقد طالتها النيران، فلا تستطيع أن تطفئها ، إلا بعد جهـد جهيد ، وها هو عرفان قد صدم في كل ما حدث وأخذ يقول دائما سبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، سلام قولا من رب رحيم ، وها هو زعيم جديد لمصر ، يتولى الحكم ، ويفرج عن المعتقلين ، ويذهب الناس إليه ليباركوا ويؤيدوا ، ويمر قرابة نصف العام ونتسلم أرض سيناء ويعود المهاجرون إلي بلدانهم ، ويعود البناء في كل موقع ، وتمر السنون وتعود العلاقات العربية مرة أخرى ، ونرى من يقول نعم ونرى من يقول لا ، وجدير قد استقل بمنزل وزوجة منذ زمن ، وغدير متله ، وكذلك نسيم ، وعرفان قد جلس في المنزل ، وبجواره روح الحياة من ناحية، ومن ناحية أخرى عفارم !!!، وخادم صغير يقضي الحاجات وقد عاد عرفان إلي وضعة الطبيعي وقد ترك صحبة البارات والكباريهات ، وجلس في منزله يستعرض الصحف فيحزن علي صديق أو قريب جاءه القضاء فيذهب ليؤدي الواجب ، ثم يعود إلي جلسته ، فيذهب ليصرف المعاس ، ويشاهد التليفزيون وبجواره سيعى قصر النيل !! وهو يعجب بكل ما يقدم وأكثر ما يعجب به الافلام الجديدة ، ويرى أن هذه سنة الحياة وأن الحياة لا تستحق كل هذا الصراع وكل هذا القتال وكل هذا السياق القاتل ، ويقول آه منك يا حياة حملتك وحملتيني ، علي كفوف الراحة ، وعلي صخور الشوك ، وأخذت منك وأخذتي مني وحفرتي بسنك الحاد ملامحك في وجهي وفي جسدي ، وحفرتى في صخرك الصلد طريقي وارتفعت إلي قمم جبالك ، وهبطت إلي قاع بحورك ، ورششت بالماء العذب ، ورششت بسموم ودم ، وها أنذا أجلس وقد بلغت من العمر ما بلغت ، لا أعرف حكمة لكل هذا ، وها أنذا ، بعد كل هذه الحياة أجلس وحيدا ، إلا من روح الحياة وعفارم ، وقد تفرقت العائلة ، جميعها كأنها توحد مصر ، بتشابك هذه العائلة مع تلك ، وحتى مظلوم لم يتحمل صدمة ، فصلي من الشركة ، فقدم استقالته ، وعاد إلي البلدة ، وقد فتح دكانا صغيرا يقتات منه وقد يزورني من وقت لآخر ، وحتى الأقارب كل لاه في حالة وكذلك مدحت وإبنى جدير ، أصبح وكيلا لشركة عريبة ، وهو الكبير ولا أراه إلا قليلا ، وها أنذا ، أرى الدنيا لا تسلم قيادها لأحـد كبيرا كان أم صغيرا ، حاكما كان أم محكوما ، جبارا كان أم ضعيفا ، وصدقت الحكمة ( لو دامت لغيرك ، ما إتصلت إليك ) ، وها أنذا علي كرسي هزاز ، أجلس واجتر الليالي ، كجمل يعبر الصحراء ، وما زال أفق النهاية بعيدا ، وكل ما كان أنني تركت الخمر ، واتجهت إلي الصلاة ولكني لم امنع عن نفسي المشاهدة وقراءة الصحف ، و حتى برهان لم يعد يكتب إلا قليلا ، ولكن الصحف أصبحت أكثر وتعارض بعضها البعض ، والأحـزاب اصبحت أكثر وتعارض بعضها البعض ، والناس أصبحت أكثر وتعارض بعضها البعض ، والأولاد اصبحوا أكثر ويعاندون بعضهم البعض ، ولا ندري ماذا يكون ولا ندري ماذا يكون العالم غدا أو بعد غد وقد صار الزحام فيه كثيرا ، والقتال فيه سريعا وآلات الدمار فيه أشد وبيلا ، والكل في لهاث وفي غيبوبة قد تطل من كوتها لحظات إشراق ، ولكنها ما تلبث ان تنطفىء ، قد نرى الأمل قادما من بعيد ، ولكن ريح الشر تسابقه ، قد نرى خط النجاح قريبا ، ولكنه السراب الذي عشناه ، وما زالت الحياة مستمرة ، مستمرة بك يا سبع الليالي ، مستمرة بك منذ بدأتها ، بطيئة تسير أحداثها ببطء ، ثم سريعة عندما تلاحقت الأحداث سريعة ، ومسرعة أكثر حينما تغيرت الدنيا ، وتغير كل شىء فصارت حكايتك أسرع وأسرع وأسرع من ذي قبل وكأن الزمن يختصر المسافات ، ويقطعها في زمن أقل القليل عن ذي قبل ، وكأنك يا عرفان ، لا تعرف في معظم عمرك ، أكثر مما عرفته في سنواتك الأخيرة وكأن الليالي التي كنت يوما ملكا عليها ، وشاهدا عليها وسبعا عليها قد صارت غير الليالي ، أين تلك الليالي الجاليات ، من لياليك السابقات ، في صحراء شاسعات ، وفي صوت فيها من المباني الناطحات ، وفي قرى فيها من الخيرات ، خيرات ومن الأنقياء الأوفياء مئات !! ، هذه كل لياليك السابقة وهذه لياليك الحالية وقد توجت علي كل هذه الليالي ، سبعا وقالها الصديق ، عرفانا بفضلك ، وقالها العدو سخرية لسكرك ، وسخرية لبغضك وسخرية لكرمك ، ذلك أنه فى رأيهم نوع من السذاجة أو نوع من العبط ، وما عرفت أنت هذا يوما ، إلا نوعا من الوفاء ونوعا من الكبرياء ، فأنت يا عرفان سبع لليالي وللأيام وللبشر سبع لأنك قابلت كل هذا ، وما زلت.. مع الحياة ، تجابه وتجابه حتى ولو جلست علي كرسي هزاز وتحت رجليك ، موقـد من نار ، يدفئك ، وفوق ركبتيك بطانية تحميك شتاءا ، أو كابرته خفيفة صيفا حتى ولو كان هذا وما كان هذا لسبع الليالي !!!!!!!!!
عش مع ذكرياتك وأطلالك ، وإشطب أوائل الأسماء من تأليف وتلحين ، ترى الكلام علي قدر المعاني.
وعلي كل الوجوه وكل الشخوص تعيش الأسامي.
إنتهى