المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حركة فتح بثوبها الجديد



سميح خلف
14/09/2009, 02:50 AM
حركة فتح بثوبها الجديد


منذ تولي عباس سدة الرئاسة لسلطة الحكم الذاتي كانت هناك وما قبل ذلك تحضيرات لثوب فتح الجديد ، فكان للترزي " الخياط " ، الأميركي والمفصل الموسادي والأجهزة الأخرى ومن أهمها الشين بيت تقوم بالتفصيل لثوب فتح الجديد ، بعد أن جنحت قيادتها المتمردة على المبادئ والأهداف وعلى القيادة التاريخية من خلال سلم زمني بدأ بمرحليات التغيير وبنزع ثوبها النضالي تدريجيا وصولا إلى مرحلة الإنقلاب الأخير ، وكان العمل بالثوب الجديد يستدعي تفصيل أجسام جديدة ذات عقول مستساغة للإحتلال ولبرامجها وخاصة الترزي العبقري دايتون والمفصل كما قلت أجهزة الشين بيت والموساد التي برعت في زرع بذوورها في حركة التحرر الوطني الفلسطيني .

من الغريب أن ينادي أحد العمداء في جيش التحرير الوطني الفلسطيني رئيس السلطة بأن يعمل لآخرته ، وكيف يعمل رئيس سلطة دايتون لآخرته وهو في رقبته تاريخ شعب وتاريخ مناضلين أذله ، من السذاجه أن نوجه مثل تلك النداءات لمثل تلك القيادة التي فصلت تفصيلا من خلال ما يسمى بالمؤتمر السادس وما يسمى باستكمال أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واعتماد أمين السر لهذه اللجنة ياسر عبد ربه المشارك الرئيسي في وثيقة مدريد التي يدرسها أوباما الآن ومحورها التنازل عن حق العودة ، أما حركة فتح بثوبها الجديد وأمين سرها محمد راتب غنيم ونائبا للقائد العام ، فهذه هي فتح بثوبها الجديد .

ففي تقرير لمركز الأبحاث التابع للكونغرس الأمريكي ، يقول هذا التقرير " تعديل أتباع حركة فتح سواء داخل القوى الأمنية أم خارجها " ، في تقريره في 19-6-2009 ما هو يفيد باستبدال كوادر فتح بكوادر جديدة وعسكر العاصفة بعسكر جديد ، ويتم ذلك في مطبخ الترزي الأمريكي والصهيوني ، فلقد ذكر التقرير أن عباس قد قام بتغيير وزير الداخلية عبد الرزاق يحي في أيار 2009 واستبداله برجل مدني سعيد أبو علي الموالي لعباس ، إشارة إلى إقصاء عسكر جيش التحرير أو الحرس القديم ، تلبية لتغيير في الهوية لتركيبة السلطة وإخراجها من ثوبها أو من بقايا ثوبها القديم الذي عاصر الكفاح المسلح ، وأشار التقرير أن قيام الدولة مرهون باتفاق وطني مع حماس التي مازالت تصر على عدم الإعتراف بدولة الكيان الصهيوني ومازالت تعتمد في خيارها على المقاومة ، وهذا يعني إما استيعاب حماس في بوتقة ما يسمى بالسلام أو تبقى قضية الدولة مرهونة بحلول موضعية مدنية إقتصادية أمنية في الضفة ، وهذا ما تريده إسرائيل حيث تحدد الممرات الإجبارية ، وهناك تخوف من أن يعلن عباس انتخابات رئاسية وتشريعية على الضفة الغربية فقط باستثناء غزة وفلسطينيي الخارج ، لما أثار حفيظة مصر من خروج محمود عباس عن صف دول الإعتدال العربي وعلى رأسها مصر حيث بقي عباس إلى الآن أسيرا للموقف الأمريكي والصهيوني ملبيا رغباته ، وإذا ما نفذ عباس التوجه الأمريكي بعيدا عن مصر وليست أول مرة يفعلها عباس فإن ذلك يعني أنه قد تزيد الأمور تعقيدا على الإخوة في مصر وعلى أمنها الإقليمي والقومي ، مما جعل الحكومة المصرية والوزير عمرو سليمان أن يبدي تحفظه بل سخطه على رغبات عباس .

تقوم الآن الإدارة الأمريكية وبممثلها في القدس السيد دايتون برسم وبتفصيل سلطة مدنية كما يقول مهنية أي الإبتعاد عن أي فكر لمقاومة الإحتلال والقبول بما يسمى الواقعية السياسية التي تعتبر تلك الواقعية هي خروج عن الإستحقاقات التي يجب أن تدفعها إسرائيل للشعب الفلسطيني وأولها حق العودة وإزالة المستوطنات .

وفي عملية استبدال لثوب حركة فتح قام الرئيس الفلسطيني باتخاذ عدة اجراءات ومراسيم رئاسية سابقة مثل الإحالة إلى التقاعد لرؤوس الأجهزة الأمنية بدء من موسى عرفات الذي تم إغتياله في غزة وعبد الرزاق المجايدة وأمين الهندي وبعض من الألوية والعمداء في عملية تفريغ ممنهجة لمؤسسات حركة فتح في السلطة الوطنية ، فحتي نهاية آذار 2008 كان من تم إحالتهم إلى التقاعد يناهز 6000 ضابط وذكر التقرير أن اللجنة الثلاثية أميركا والشين بيت والسلطة معنيين بالإختيار والتدقيق في الأسماء التي يمكن اختيارها على رأس الحرس الوطني والرئاسة وأجهزة الأمن الأخرى وهذا يعطي مؤشر أيضا إلى أن من تم انتخابهم في اللجنة المركزية الجديدة ومجلسها الثوري تم عرضهم على اللجنة الثلاثية قبل اجراء الإنتخابات وتحديد الخيارات للمرشحين .

أما السلوك والطريقة التي يتم بها تكوين عسكر فتح بثوبها الجديد وسلطتها في رام الله ، فذكر التقرير الآتي :
" التدريب مع متعاقدين دوليين (في حين يكون مدير التدريب جنرالا فلسطينيا من قوات الأمن الوطني) وتضم المادة 36 ضابطا (برتبة مقدم أو عقيد أو عميد). يتم اختيار هؤلاء الضباط من جميع التنظيمات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، بما فيها منظمة الأمن الوقائي وجهاز الاستخبارات العامة، التي – كما ذكر آنفا – تعرضت لانتقادات بسبب عدم احترامها والتزامها بمعايير حقوق الانسان. ويتم اختبار كل الضباط البارزين المشاركين للتحقق من براءتهم من أية انتهاك لحقوق الانسان أو علاقة ارهابية أو سجل اجرامي ومن ثم نقل هذه المبادئ إلى الآخرين. الا ان المتدربين الذين ينهوا مادة "القادة البارزين" يعودوا إلى منظماتهم التي يلتزم كل منها بتراثه. وقد تبوأ كثير من هؤلاء المتدربين مراكز حيوية في عمليات فرض النظام والقانون ومكافحة الارهاب السلطة الفلسطينية "

وذكر التقرير أيضا أثناء الحرب على غزة في كانون الأول 2008 ، كانت هناك إرهاصات لحدوث إنتفاضة ثالثة بعد نداءات متكررة قامت بها الكوادر والقيادات النضالية بدء من خالد مشعل إلى كتائب شهداء الأقصى وبعض ضباط العاصفة المبعدين من سلطة رام الله ، لقد ذكر التقرير أن أجهزة الأمن في رام الله حققت نجاحات كبيرة في السيطرة على المظاهرات والقيام بالمهمات الأمنية على أكمل وجه مما دعا إلى بوادر الإرتياح من أجهزة الأمن الصهيونية التي وضعت ثقتها في تلك الأجهزة وثقتها بأنها قادرة على قمع أي تحرك تقوم به الجماهير الفلسطينية دعما لغزة ، أو أي نشاطات أخرى تقوم بها كتائب شهداء الأقصى التي صنفت من الإدارة الأمريكية على حسب التقرير بأنها مجموعات إرهابية وجدير بالذكر أن سلطة رام الله وأجهزتها الأمنية ومنذ تسلم محمود عباس مقاليد السلطة ، قامت باعتقال مئات المناضلين من حماس والجهاد وكتائب الأقصى ، وقامت مؤخرا بعمليات تصفيات جسدية لبعض المناضلين والقيادات الميدانية ، كما حدث في سجون السلطة وفي قلقيلية باغتيال وتصفية عناصر من حركة حماس ، وهذا كان تحت إطار تطبيق البنود الأولى في خارطة الطريق وباعتراف عباس نفسه وباعتراف فياض وأجهزته الأمنية .

فتح بثوبها الجديد اعتمدت على عدة ( اسطوات ) أي فنيين لإدارة عملها وإخراجها بمونتاج جديد ، فكان في الداخل كما ذكرت وذكر التقرير عمل ممنهج لإخراج فتح بثوبها الجديد ، أما في الخارج فقد قام مفوض التعبئة والتنظيم محمد راتب غنيم بمهمته على أكمل وجه ، حيث فرغ الأطر الحركية من كوادرها الأصيلة وفرغ الأطر الحركية من ذوي التجربة واستبدالهم بواجهات إختراقية من فصائل أخرى ، المهم على واجهة التبعية لبرنامج غنيم المكمل لبرنامج عباس ، وها هو محمد راتب غنيم وكما ذكرت الأنباء والمصادر الصهيونية بأنه الرئيس القادم بعد عباس لسلطة رام الله أي لسلطة على غرار سلطة أنطوان لحد في جنوب لبنان ، وحقيقة أن ما قام به محمد راتب غنيم هو أخطر بكثير مما قام به عباس من تغييرات في منهجية حركة فتح داخل الوطن ، فمازال هناك الأصلاء في داخل الوطن ، أما خارج الوطن فقد وضعهم غنيم تحت التكرير والتنقية بناء على منهجية التقرير الأمريكي ، وخير دليل على ذلك صعود العناصر الإختراقية المتعاونة مع إسرائيل إلى مراكز مرموقة في داخل مركزية حركة فتح بثوبها الجديد .

بقلم / سميح خلف