المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لم يستجب الله لدعائكم يا أهل البصرة ؟



عبدالوهاب محمد الجبوري
16/09/2009, 10:02 PM
لماذا لم يستجب الله لدعائكم يا أهل البصرة ؟
الباحث الدكتور عبدالوهاب محمد الجبوري
جاء في الاثر أن شقيق البلخي (رحمه الله) قال : كان إبراهيم ابن ادهم (رحمه الله) يمشي في أسواق البصرة فاجتمع الناس إليه وقالوا له : يا أبا اسحق ، قال الله عز وجل (ادعوني استجب لكم) ونحن ندعو منذ دهر ولم يستجب لنا ؟ فالتفت إليهم وقال : يا أهل البصرة ماتت قلوبكم من عشرة أشياء فكيف يستجاب لكم :
1. عرفتم الله ولم تؤدوا حقه ..
2. قرأتم القران ولم تعملوا به ..
3.ادّعيتم عداوة الشيطان لكنكم أطعتموه ووافقتموه ..
4. تقولون أنكم من امة سيدنا محمد (صلى الله علية وسلم) ولم تعملوا بسنته ..
5. تحبون الجنة ولم تعملوا لها ..
6 . تخافون النار وقد رميتم فيها أنفسكم ..
7. قلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له ..
8. اشتغلتم بعيوب إخوانكم وتركتم عيوبكم ..
9. أكلتم نعمة الله ولم تشكروا له ..
10 . دفنتم أمواتكم ولم تعتبروا بهم ..
لقد فعلتم كل هذا ولم تعتبروا فكيف يستجيب الله لكم ..
ونحن نقول إن ما ينطبق على أهل البصرة قبل مئات السنين ينطبق على أهل العراق وعلى الأمة في وقتها الحاضر ، خاصة حكامهما ومسئوليها والمتنفذين فيها لان قلوب الكثيرين منهم ماتت عن كل الصفات والأعمال الحسنة والكل يعرف ما يجري ألان في العراق والكثير من بلدان العرب والمسلمين من قتل ودمار وفساد واستهتار بحرمات الله وحقوق الشعب ولن نطيل فهذا معروف ولكننا لتعميم الفائدة والاستزادة عن هذا الموضوع سنذكر الأسباب التي لا يستجيب الله لدعائنا وماهي شروط الدعاء المستجاب فأقول بعد الاتكال على الله :
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير ) الداء والدواء ص35 .
فيتبين من ذلك أن هناك أحوالا و آدابا و أحكاما يجب توفرها في الدعاء و في الداعي ، و أن هناك موانع و حواجب تحجب وصول الدعاء و استجابته يجب انتفاؤها عن الداعي و عن الدعاء ، فمتى تحقق ذلك تحققت الإجابة .
و من الأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة :
1 . الإخلاص في الدعاء ، وهو أهم الآداب وأعظمها وأمر الله عز و جل بالإخلاص في الدعاء فقال سبحانه : ( وادعوه مخلصين له الدين ) ، والإخلاص في الدعاء هو الاعتقاد الجازم بأن المدعو وهو الله عز وجل هو القادر وحده على قضاء حاجته و البعد عن مراءاة الخلق بذلك .
2 . التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، فإن المعاصي من الأسباب الرئيسة لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يبادر للتوبة والاستغفار قبل دعائه قال الله عز وجل على لسان نوح عليه السلام : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) .
3 . التضرع و الخشوع و التذلل و الرغبة و الرهبة ، و هذا هو روح الدعاء و لبه و مقصوده ، قال الله عز وجل : ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين ) .
4 . الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل : ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين أو ثلاث و الاقتصار على الثلاث أفضل إتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود و النسائي .
5 . الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر و السعة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) رواه أحمد )
6 . - التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى و صفاته العليا في أول الدعاء أو آخره ، قال تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .
7 . - اختيار جوامع الكلم و أحسن الدعاء و أجمعه و أبينه ، و خير الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ، و يجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجات .
و من الآداب كذلك و ليست واجبة : استقبال القبلة و الدعاء على حال طهارة و افتتاح الدعاء بالثناء على الله عز و جل و حمده و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و يشرع رفع اليدين حال الدعاء .
و من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة .
فمن الأوقات الفاضلة : وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة .
و من الأماكن الفاضلة : المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا .
و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .
أما موانع إجابة الدعاء فمنها :
1 . أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل ، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفس بالموت و نحوه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .
2 . أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه ، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى . أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء الله عز و جل دعاء المستغني المنصرف عنه أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى ، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك .
3 . أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة ، و مثل تزين المعاصي على القلوب ، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .
4 . أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !! ) رواه مسلم . فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام ، نسأل الله السلامة و العافية .
5 . استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .
6 . تعليق الدعاء ، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت ، بل على الداعي أن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم .
ولا يلزم لحصول الاستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنه كل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله ، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه في الإتيان بها .
ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع : فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء ، أو أن يدفع عنه به شرا ، أو أن ييسر له ما هو خير منه ، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيث يكون العبد إليه أحوج ..
********
المراجع
موقع المحراب
موقع الإسلام
إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي
دليل الراغبين إلى رياض الصالحين للإمام يحيى بن شرف النوري

أميرة عمارة
17/09/2009, 03:25 PM
حالت معاصينا دون استجابة دعائنا

صدقت يادكتور عبد الوهاب

هو حال الأمة كلها......

ضعنا يوم ضيعنا الدين

شكرا جزيلا لك
تحيتي
أميرة عمارة

عبدالوهاب محمد الجبوري
19/09/2009, 03:14 PM
حياك الله عزيزتي المبدعة والمتالقة ابدا اميرة .. وان كنا لم تعد نراك راجيا ان يكون السبب خيرا متمنيا لك الصحة والسعادة والتوفيق وكل عام وانت بخير .. وانا اتفق معك ان اضعنا ديننا اضاعنا الله وسخر الامم الاخرى علينا واذا رجعنا الى ديننا اعزنا الله ونصرنا على اعدائنا .. فمتى يعي الحكام والمسؤولين والشعوب هذا او يدركوه في افعالهم واقوالهم ويطبقوه على كل المستويات ؟
هذا ما ادعو الله ان يحققه في العيد القادم ان شاء
مع تمنياتي

نبيل الجلبي
21/09/2009, 11:48 PM
روى أبو داود في سننه عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا أنس إن الناس يمصرون أمصاراً وإن مصرا منها يقال له البصرة أو البصيرة فإن أنت مررت بها أو دخلتها فإياك وسباخها وكلاءها وسوقها وباب أمرائها وعليك بضواحيها فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير. ورواه أيضا الطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ في الفتن، وأبو يعلى في المعجم، وابن عدي، وعده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه العلائي والسيوطي، فقد قال العلائي في إسناد أبي داود رجاله رجال الصحيح كلهم، وقد جزم بصحته الشيخ الألباني.

عبدالوهاب محمد الجبوري
27/09/2009, 08:02 PM
روى أبو داود في سننه عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا أنس إن الناس يمصرون أمصاراً وإن مصرا منها يقال له البصرة أو البصيرة فإن أنت مررت بها أو دخلتها فإياك وسباخها وكلاءها وسوقها وباب أمرائها وعليك بضواحيها فإنه يكون بها خسف وقذف ورجف وقوم يبيتون يصبحون قردة وخنازير. ورواه أيضا الطبراني في الأوسط، وأبو الشيخ في الفتن، وأبو يعلى في المعجم، وابن عدي، وعده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه العلائي والسيوطي، فقد قال العلائي في إسناد أبي داود رجاله رجال الصحيح كلهم، وقد جزم بصحته الشيخ الألباني.

حياك الله اخي الغالي نبيل وشكرا كثيرا على هذه المداخلة والمعلومات .. متمنيا لك الصحة والتوفيق