المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة قي نص "نهاية " لإبراهيم أبويه بقلم كمال دليل الصقلي.



كمال دليل الصقلي
20/09/2009, 12:24 AM
http://www.wata.cc/forums/imgcache/11731.imgcache.jpg (http://www.0zz0.com/realpic.php?s=3&pic=2009/09/20/15/962783426.jpg)
بقلم المبدع كمال دليل الصقلي

http://www.wata.cc/forums/imgcache/11732.imgcache.jpg (http://www.0zz0.com)
نهاية
فتح الجريدة على خبر اغتصاب...
فتح التلفاز على صور القتلى ...
فتح الدفتر واختار ورقة بيضاء ،خط عليها بضع كلمات...
فتح الذاكرة على السواد...
فتح النافذة ليستسلم للجاذبية يعد إبراهيم أبويه من المبدعين المغاربة المهووسين بالقصة القصيرة جدا إلى جانب زمرة من أصدقائه بمدينة برشيد مصطفى طالبي الإدريسي،محمد أكراد الورايني،عبد الغني صراض، كمال دليل الصقلي...
له عدة نصوص منها : "عنف المكان" ،" كائن الأعماق"، "الذوبان"،"شتاء آخر"،"الحذاء العجيب"،"هواء غزة من هواء فلسطين" بالإضافة إلى أعمال أخرى وكلها منشورة على صفحات مجموعة من المواقع الرائدة ك"واتا" و"دروب"،" والمثقف" و"أنفاس". وهو الآن يتهيأ ؤ رفقة شلته ببرشيد لإصدار أولى مجموعتهم القصصية،والتي سترى النور قريبا.
"نهاية" هو عنوان النصيص ،وهو أول عتبة يدخل منه القارئ لمعانقة حروفه .يتكون من مونيم لفظي واحد "نهاية" الذي هو خبر لمبتدأ محذوف ،تقديره : هذه نهاية.
فما هي مقصدية السارد من هذا العنوان الذي يحيل مدخله المعجمي إلى معان كثيرة؟و يجعل القارئ يثير مجموعة من الأسئلة المقلقة تجعله يترقب أحداث النص بشغف كبير.هل "نهاية" تعني الموت والانتحار؟ أم نهاية عهد وبداية آخر؟ أم نهاية العالم؟...فالعنوان جاء محفزا ومثيرا وفاتحا لشهية القراءة.
يندرج هذا العمل ضمن الق ق ج التي تعتمد التكثيف والمفارقة وإجاعة اللفظ وإشباع المعنى وتمطيطه لخلق إيحاءات دلالية متعددة ومفتوحة ..وكل هذه الصفات تنطبق على "نهاية" لإبراهيم أبويه الذي كتبه بلغة بسيطة موظفا عبارات سردية موجعة وثرية.
فما هي القضية الموضوعية التي اشتغل عليها السارد؟ وما هي مقصديته؟
أعتقد أن السارد يستمد تخييله إما من تجربته الشخصية وحياته أو من محيطه أو من ثقافته بصفة عامة.
أول ما يثير انتباه القارئ وهو يطالع النص، فعل "فتح"لذي جاء متصدرا لكل المقاطع السردية ،وهو تكرار مقصود خدم جمالية النص خاصة أنه يأخذ سياقا مختلفا في كل مقطع سردي.
يتكون النصيص من خمسة مقاطع سردية ،تبدأ كلها بجمل فعلية إخبارية تخبر أن شخصا كلما فتح جريدة أو جهازا إلا وتطالعه أخبار مأساوية (اغتصاب- قتلى..)إن القاص هنا اختار عن وعي منه تجويع اللفظ وإشباع المعنى ومنحه دلالات مفتوحة على عدة احتمالات . فمثلا الاغتصاب هنا ليس مقرونا بعملية جنسية تمارس بالقوة والضغط ،،وإنما يأخذ عدة احتمالات منها : اغتصاب الوطن ،واغتصاب الحق،واغتصاب القيم النبيلة...ونفس الشيء بالنسبة للقتلى .يعني هل الموت هنا موت عادي وطبيعي؟ أم موت بسبب العدوان والقصف ؟أم موت بسبب حوادث السير؟.
ولم يكشف لنا السارد ماذا خط على الورقة ؟ هل خط وصية ؟ أم دون المشاهد التي رآها ليحولها إلى عمل إبداعي يترجم واقعه بكل سلبياته؟
إلى هنا كان القاص بارعا في توهيم القارئ الذي خاب ظنه في إيجاد علاقة بين العنوان "نهاية" وهذه المقاطع السردية الأولى.
في المقطع السردي الأخير، أو ما يسمى بالقفلة تحقق انتظار القارئ المتمثل في استسلام البطل للجاذبية أي الانتحار.
هذه هي القراءة السطحية لنص "نهاية"، أما القراءة التأويلية التداولية المعرفية التي تعمل على سبر أغوار حروف النص العميقة ، فالسارد من أمة عربية إسلامية يدافع عن الحق وكل القيم النبيلة ، يرفض الإهانة والاغتصاب كيفما كان نوعهما، كما يرفض القتل والجرائم وقيم الدمار المنحطة دينيا وإنسانيا بدليل أنه فتح النافذة وسلم تلك القيم الرذيئة للجاذبية لتبعثرها وتقبرها إلى الأبد ،وكله أمل أن تحل محلها قيم الفضيلة والتسامح والتعاون ..( الأمل هو فتح النافذة).
"نهاية" إذن ليس بمعنى الانتحار وإنما لنقد وتغيير المنكر في محيط يسوده الظلم والعدوان.
مودتي.

شوقي بن حاج
20/09/2009, 12:36 AM
أخي / كمال دليل الصقلي
تكاد تكون الق.ق.ج صناعة لغوية عبر الإشتغال على الكلمات والحروف
عكس الشعر الذي هو وليد الفورة الشعورية الأولى كما تقول "نازك الملائكة"
لذا فالق.ق.ج ليست وليدة فكرة فحسب فالأفكار مطروحة على الطريق
وما على الكاتب إلا حسن صياغتها وسبكها " مثلما يقول الجاحظ
قد توكن الأفكار في بعض الأحيان مستهلكة , لكن الكاتب البارع ذاك
الذي يحسن الإشتغال جيدا على تيمته, من خلال عناصر وشروط عامة
على هذا الجنس الأدبي...لتبقى مساحة واسعة للتجريب.
عيدكم يوم الإثنين سعيد مبارك مع تثبيت الأجر والقراءة النقدية المميزة " يا عصابة برشيد "

محمد أكراد الورايني
20/09/2009, 12:38 AM
أقول لأخي أبراهيم : هنيئا لك ولنصك الفائز , بهذه القراءة الجميلة..
وأقول لأخي كمال : الله يعطيك الصحة..

عمر أبودقة
20/09/2009, 05:44 AM
شكرا جزيلاً لك أخي كمال
واعذرني لقرائتي له بشكل سطحي
ولم ادرك هذه المعاني الراقية
أبدعت سيدي ابراهيم ابوية حقاً .:fl:

محمد فائق البرغوثي
20/09/2009, 07:45 PM
قراءة جميلة وواعية أخي كمال الصقلي ،، أضاءت جوانب معتمة كثيرة في النص ، خاصة بما يتعلق بالجملة الأخيرة التي كانت مثار نقاش واهتمام العديد من الأعضاء ، والق ق ج التي لا تثري النقاش ، وتحصد هذا الكم من الاختلاف المعرفي ، الق ق ج التي لا تكشف عن تعدد حقولها حقولها الدلالية وتثير التأويلات المختلفة تبعا لملكات القارئ وحمولته الثقافية ومخزونه المعرفي الذي يكون ذائقته الفنية ، القصة التي تجعل القارئ في حالة ارباك وتشويش لا تحوز على اعجاب القارئ ولا تعلق في ذاكرته .

تحيتي ،،

صراض عبدالغني
20/09/2009, 09:51 PM
اولا شكرا للقراءة العميقة للنص اخي كمال
ما اود اضافته في تدخلي هو:
أن هناك مسافة جمالية تربك القارئ وتجعل توقعه الانتظاري خائبا بفعل هذا الخرق الفني والجمالي للنص القصصي -نهاية-و المراد هنا هو أن الآثار الأدبي الجيد هو الذي ينمي انتظار الجمهور بالخيبة، إذ الآثار الأخرى التي ترضي آفاق انتظاره وتلبي رغباته هي آثار عادية جدا.
يجب الاشارة كذلك ان اية قراءة لن تكون جادة إلا إذا وجدت القارئ الذي يعيد بناء النص عن طريق تأويله انطلاقا من تجربة جمالية وفنية وواقعية.
مع المودة الخالصة

ابراهيم ابويه
21/09/2009, 12:59 PM
http://www.wata.cc/forums/imgcache/11731.imgcache.jpg (http://www.0zz0.com/realpic.php?s=3&pic=2009/09/20/15/962783426.jpg)
بقلم المبدع كمال دليل الصقلي

http://www.wata.cc/forums/imgcache/11732.imgcache.jpg (http://www.0zz0.com)
نهاية
فتح الجريدة على خبر اغتصاب...
فتح التلفاز على صور القتلى ...
فتح الدفتر واختار ورقة بيضاء ،خط عليها بضع كلمات...
فتح الذاكرة على السواد...
فتح النافذة ليستسلم للجاذبية يعد إبراهيم أبويه من المبدعين المغاربة المهووسين بالقصة القصيرة جدا إلى جانب زمرة من أصدقائه بمدينة برشيد مصطفى طالبي الإدريسي،محمد أكراد الورايني،عبد الغني صراض، كمال دليل الصقلي...
له عدة نصوص منها : "عنف المكان" ،" كائن الأعماق"، "الذوبان"،"شتاء آخر"،"الحذاء العجيب"،"هواء غزة من هواء فلسطين" بالإضافة إلى أعمال أخرى وكلها منشورة على صفحات مجموعة من المواقع الرائدة ك"واتا" و"دروب"،" والمثقف" و"أنفاس". وهو الآن يتهيأ ؤ رفقة شلته ببرشيد لإصدار أولى مجموعتهم القصصية،والتي سترى النور قريبا.
"نهاية" هو عنوان النصيص ،وهو أول عتبة يدخل منه القارئ لمعانقة حروفه .يتكون من مونيم لفظي واحد "نهاية" الذي هو خبر لمبتدأ محذوف ،تقديره : هذه نهاية.
فما هي مقصدية السارد من هذا العنوان الذي يحيل مدخله المعجمي إلى معان كثيرة؟و يجعل القارئ يثير مجموعة من الأسئلة المقلقة تجعله يترقب أحداث النص بشغف كبير.هل "نهاية" تعني الموت والانتحار؟ أم نهاية عهد وبداية آخر؟ أم نهاية العالم؟...فالعنوان جاء محفزا ومثيرا وفاتحا لشهية القراءة.
يندرج هذا العمل ضمن الق ق ج التي تعتمد التكثيف والمفارقة وإجاعة اللفظ وإشباع المعنى وتمطيطه لخلق إيحاءات دلالية متعددة ومفتوحة ..وكل هذه الصفات تنطبق على "نهاية" لإبراهيم أبويه الذي كتبه بلغة بسيطة موظفا عبارات سردية موجعة وثرية.
فما هي القضية الموضوعية التي اشتغل عليها السارد؟ وما هي مقصديته؟
أعتقد أن السارد يستمد تخييله إما من تجربته الشخصية وحياته أو من محيطه أو من ثقافته بصفة عامة.
أول ما يثير انتباه القارئ وهو يطالع النص، فعل "فتح"لذي جاء متصدرا لكل المقاطع السردية ،وهو تكرار مقصود خدم جمالية النص خاصة أنه يأخذ سياقا مختلفا في كل مقطع سردي.
يتكون النصيص من خمسة مقاطع سردية ،تبدأ كلها بجمل فعلية إخبارية تخبر أن شخصا كلما فتح جريدة أو جهازا إلا وتطالعه أخبار مأساوية (اغتصاب- قتلى..)إن القاص هنا اختار عن وعي منه تجويع اللفظ وإشباع المعنى ومنحه دلالات مفتوحة على عدة احتمالات . فمثلا الاغتصاب هنا ليس مقرونا بعملية جنسية تمارس بالقوة والضغط ،،وإنما يأخذ عدة احتمالات منها : اغتصاب الوطن ،واغتصاب الحق،واغتصاب القيم النبيلة...ونفس الشيء بالنسبة للقتلى .يعني هل الموت هنا موت عادي وطبيعي؟ أم موت بسبب العدوان والقصف ؟أم موت بسبب حوادث السير؟.
ولم يكشف لنا السارد ماذا خط على الورقة ؟ هل خط وصية ؟ أم دون المشاهد التي رآها ليحولها إلى عمل إبداعي يترجم واقعه بكل سلبياته؟
إلى هنا كان القاص بارعا في توهيم القارئ الذي خاب ظنه في إيجاد علاقة بين العنوان "نهاية" وهذه المقاطع السردية الأولى.
في المقطع السردي الأخير، أو ما يسمى بالقفلة تحقق انتظار القارئ المتمثل في استسلام البطل للجاذبية أي الانتحار.
هذه هي القراءة السطحية لنص "نهاية"، أما القراءة التأويلية التداولية المعرفية التي تعمل على سبر أغوار حروف النص العميقة ، فالسارد من أمة عربية إسلامية يدافع عن الحق وكل القيم النبيلة ، يرفض الإهانة والاغتصاب كيفما كان نوعهما، كما يرفض القتل والجرائم وقيم الدمار المنحطة دينيا وإنسانيا بدليل أنه فتح النافذة وسلم تلك القيم الرذيئة للجاذبية لتبعثرها وتقبرها إلى الأبد ،وكله أمل أن تحل محلها قيم الفضيلة والتسامح والتعاون ..( الأمل هو فتح النافذة).
"نهاية" إذن ليس بمعنى الانتحار وإنما لنقد وتغيير المنكر في محيط يسوده الظلم والعدوان.
مودتي.


المبدع والقارئ المتمكن كمال دليل الصقلي ،تحية طيبة.
بداية ،أشكرك على هذا التناول الدلالي والمقصدي للنص (نهاية)وهذا الجهد الجلي في سبر أغواره واكتشاف كنهه وتأويل مركباته وفق نظرة فاحصة لمعظم جوانيه الدلاليلة والجمالية ...
عندما نزعم الخوض في تجربة الكتابة السردية،نستحضر دائما مسؤولية الكاتب في جعل عمله مقبولا ومتداولا وسهلا ممتنعا وقادرا على منح القارئ فرصة المشاركة في بناء المعنى حسب المرجعيات المختلفة وحسب أنماط الثقافة السائدة هنا وهناك ،لذلك فإننا نبحث عن مفهوم الإضافة التي تجعل من النص نمطا فريدا في رؤيته ،قادرا على خلق عصف ذهني لدى القارئ وجعله يخوض في نقاشه الى أبعد الحدود.
نص (نهاية)هو في الحقيقة بداية جديدة لكتابة تبدو ظاهريا بسيطة وعادية جدا ،ولكن القارئ الفذ من أمثالكم هو الكفيل بجعله عالما من الجاذبية الجميلة التي تفتح أبواب الأمل على مصراعيها لاحتضان القيم الايجابية التي لا تصدر الا من تجربة السواد.
تحيتي وتقديري لجهودكم الرائعة في جعل ق ق ج نمطا للتفكير في قضايا العربية الكبرى.

إسماعيل البويحياوي
22/09/2009, 03:50 AM
http://www.wata.cc/forums/imgcache/11731.imgcache.jpg (http://www.0zz0.com/realpic.php?s=3&pic=2009/09/20/15/962783426.jpg)
بقلم المبدع كمال دليل الصقلي

http://www.wata.cc/forums/imgcache/11732.imgcache.jpg (http://www.0zz0.com)
نهاية
فتح الجريدة على خبر اغتصاب...
فتح التلفاز على صور القتلى ...
فتح الدفتر واختار ورقة بيضاء ،خط عليها بضع كلمات...
فتح الذاكرة على السواد...
فتح النافذة ليستسلم للجاذبية يعد إبراهيم أبويه من المبدعين المغاربة المهووسين بالقصة القصيرة جدا إلى جانب زمرة من أصدقائه بمدينة برشيد مصطفى طالبي الإدريسي،محمد أكراد الورايني،عبد الغني صراض، كمال دليل الصقلي...
له عدة نصوص منها : "عنف المكان" ،" كائن الأعماق"، "الذوبان"،"شتاء آخر"،"الحذاء العجيب"،"هواء غزة من هواء فلسطين" بالإضافة إلى أعمال أخرى وكلها منشورة على صفحات مجموعة من المواقع الرائدة ك"واتا" و"دروب"،" والمثقف" و"أنفاس". وهو الآن يتهيأ ؤ رفقة شلته ببرشيد لإصدار أولى مجموعتهم القصصية،والتي سترى النور قريبا.
"نهاية" هو عنوان النصيص ،وهو أول عتبة يدخل منه القارئ لمعانقة حروفه .يتكون من مونيم لفظي واحد "نهاية" الذي هو خبر لمبتدأ محذوف ،تقديره : هذه نهاية.
فما هي مقصدية السارد من هذا العنوان الذي يحيل مدخله المعجمي إلى معان كثيرة؟و يجعل القارئ يثير مجموعة من الأسئلة المقلقة تجعله يترقب أحداث النص بشغف كبير.هل "نهاية" تعني الموت والانتحار؟ أم نهاية عهد وبداية آخر؟ أم نهاية العالم؟...فالعنوان جاء محفزا ومثيرا وفاتحا لشهية القراءة.
يندرج هذا العمل ضمن الق ق ج التي تعتمد التكثيف والمفارقة وإجاعة اللفظ وإشباع المعنى وتمطيطه لخلق إيحاءات دلالية متعددة ومفتوحة ..وكل هذه الصفات تنطبق على "نهاية" لإبراهيم أبويه الذي كتبه بلغة بسيطة موظفا عبارات سردية موجعة وثرية.
فما هي القضية الموضوعية التي اشتغل عليها السارد؟ وما هي مقصديته؟
أعتقد أن السارد يستمد تخييله إما من تجربته الشخصية وحياته أو من محيطه أو من ثقافته بصفة عامة.
أول ما يثير انتباه القارئ وهو يطالع النص، فعل "فتح"لذي جاء متصدرا لكل المقاطع السردية ،وهو تكرار مقصود خدم جمالية النص خاصة أنه يأخذ سياقا مختلفا في كل مقطع سردي.
يتكون النصيص من خمسة مقاطع سردية ،تبدأ كلها بجمل فعلية إخبارية تخبر أن شخصا كلما فتح جريدة أو جهازا إلا وتطالعه أخبار مأساوية (اغتصاب- قتلى..)إن القاص هنا اختار عن وعي منه تجويع اللفظ وإشباع المعنى ومنحه دلالات مفتوحة على عدة احتمالات . فمثلا الاغتصاب هنا ليس مقرونا بعملية جنسية تمارس بالقوة والضغط ،،وإنما يأخذ عدة احتمالات منها : اغتصاب الوطن ،واغتصاب الحق،واغتصاب القيم النبيلة...ونفس الشيء بالنسبة للقتلى .يعني هل الموت هنا موت عادي وطبيعي؟ أم موت بسبب العدوان والقصف ؟أم موت بسبب حوادث السير؟.
ولم يكشف لنا السارد ماذا خط على الورقة ؟ هل خط وصية ؟ أم دون المشاهد التي رآها ليحولها إلى عمل إبداعي يترجم واقعه بكل سلبياته؟
إلى هنا كان القاص بارعا في توهيم القارئ الذي خاب ظنه في إيجاد علاقة بين العنوان "نهاية" وهذه المقاطع السردية الأولى.
في المقطع السردي الأخير، أو ما يسمى بالقفلة تحقق انتظار القارئ المتمثل في استسلام البطل للجاذبية أي الانتحار.
هذه هي القراءة السطحية لنص "نهاية"، أما القراءة التأويلية التداولية المعرفية التي تعمل على سبر أغوار حروف النص العميقة ، فالسارد من أمة عربية إسلامية يدافع عن الحق وكل القيم النبيلة ، يرفض الإهانة والاغتصاب كيفما كان نوعهما، كما يرفض القتل والجرائم وقيم الدمار المنحطة دينيا وإنسانيا بدليل أنه فتح النافذة وسلم تلك القيم الرذيئة للجاذبية لتبعثرها وتقبرها إلى الأبد ،وكله أمل أن تحل محلها قيم الفضيلة والتسامح والتعاون ..( الأمل هو فتح النافذة).
"نهاية" إذن ليس بمعنى الانتحار وإنما لنقد وتغيير المنكر في محيط يسوده الظلم والعدوان.
مودتي.
العزيز كمال دليل
أهنئك على قراءتك النافذة لقصيصة " نهاية" كما أهنئ الصديق القاص إبراهيم أبويه. سررت كثيرا لتوظيفك لأدوات كثيرة ومنها أدوات تأويلية تداولية معرفية وأعجبني اقتناعك بجدواها في القراءة. أنت تعرف أنني أوظف هذه الأدوات. وثار حول قراءاتي نقاش واسع مع العديد من الكتاب والنقاد هنا في واتا. وكنت مرارا ، وما زلت، أدافع عنها وعن نجاعتها وعن انفتاح القصة القصيرة جدا ككتابة جديدة واعدة. وقد راقني أن تخوض غمارها أنت الآخر وأن تكون حواراتنا العديدة أثمرت تفاعلا وتقاربا وسأنتظر منك المزيد. سأنشر قراءتي بنفس منهجي التأويلي التداولي المعرفي المعتاد في قراءتي للتخييل القصصي القصير جدا لأحاورك وأحاور الزملاء الأعزاء الذين علقوا على قصيصة " نهاية" أو قرأوها. وأملي أن تكون فرصة لنقاش ثري ومفيد حول القصيصة وتأويلها / تأويلاتها الممكنة وكشف مقصدية القاص الواعية وغير الواعية من ورائها كما تفيدها دلالة النص وبناؤه والمؤشرات التداولية وسياق التواصل بين القاص والقارئ بصفة عامة.
مودتي أخي. .

سعيد نويضي
22/09/2009, 03:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم...
سلام الله على الأخ المبدع كمال و الأخ الملهم إبراهيم...و كل عام و الإبداع بألف خير...كما أهنئ القاص الجميل بعواله إسماعيل البويحياوي...و الأخ عمر و العزيز شوقي...و المبدع البرغوثي و الفاضل عبد الغني...فعيدكم مبارك سعيد...تقبل الله منا جميعا صالح الأعمل...اللهم آمين...
قراءتك العميقة لما وراء السطور جعلت من النص نافذة على بداية غير معرفة على نهاية معرفة...و إن كان العنوان هو "نهاية" بدون أل للتعريف...
فكل ما هو غير صالح مصيره إلى الزوال و إن طال الأمد...فمأساة الإنسان التي تدور في فلكها تيمات القصة القصيرة فعلى سبيل المثال لا الحصر قصة "سكرات" للمبدع مصطفى طالبي الإدريسي هي من قبيل فلسفة البدايات...التي توقظ النائم و الغافل عن نهاية آتية لا مفرمنها...
و قصة "عالم آخر" للقاص محمد خلف السنجاري هي الأخرى تنقل القارئ بين بداية المشوار و آخر المطاف على رقعة الأرض "الثلة" التي تتوسط الجبل بوعورة تسلقه وصلابة تجاوزه التي تحتاج إلى قوة عالية و استواء الأرض بسهولة السير فيها و الاكتفاء بما فيها...و التلة تضم المقبرة...التي تتنقل إليها الكائنات الحية/الميتة...و الميتة/الحية هي ما عبر عنه الأستاذ القدير إبراهيم ابويه من مأساة الإنسان الحالي...إنسان العصر الذي تجسد أبوابه المفتوحة/المغلوقة... القتل و الفتك و اغتصاب الحياة...
و كأن الإشكالية تتعلق بماذا يفتح الإنسان؟ فقراءة الأخ كمال كان رائعة جدا...لأنها اعتمدت على كاتب يؤمن بأن الانتحار ليس حلا و على ناقد يؤمن بنفس المبادئ...لذلك الإشارة العميقة جدا و هي المتجلية في فتح النافذة كمجال يتنفس منه الإنسان الهواء النقي الصافي ليستبدل به آخر أثخنه التعفن...تعفن الإنسان من الداخل...من قيمه التي تشكل و تتحكم في سلوكه...
و هذا من جماليات الإيمان و حلاوته التي تتذوقها القلوب التي تبحث عن الصفاء و النقاء...لكن في الضفة الأخرى من الإيمان الحق الذي يقابله إيمان متذبذب بين و بين و بين...قد يكون الانتحار هو شيء طبيعي...بل قد يشكل في بعض المعتقدات قمة الخلاص...الخلاص من المأساة...الخلاص من العذاب...الخلاص من حب الحياة كما هي ...لا البحث عن تطوير و تغيير الحياة بما هو جيد و جميل...
فالمفارقة الجميلة هي التي أتت بها نهاية القصيصة هي مكمن المفارقة بين يؤمن و بين من لا يؤمن...لذلك يمكن القول أنها فاسفة تأسس البدايات على نقيض ما أتى به الغرب في بعض الأدبيات من فلسفة تتحدث عن النهايات...
أمتعك الله جل و علا بهذا القص التي يتناول القديم بشكل جديد ليصل في نهاية المطاف لما هو أفضل...
و كل عام و الإبداع بخير...