المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توحيد الرؤى ..... اللسان العربي



احمد شعبان محمد
25/09/2009, 02:47 AM
مقدمة
من الطبيعي أن يكثر الحديث كما هو حاصل الآن حول ألفاظ القرآن الكريم وكيفية فهم المعاني التي تدل عليها ، وتباينها مع الألفاظ التي نتحدث بها .
من هنا يمكنني القول بأننا بدأنا الوقوف على أبواب التحرر من التلقين ، وذلك حينما نبحث بموضوعية عن جذور أزمتنا ليست الراهنة فقط ولكن أزماتنا المزمنة على مدار التاريخ الإسلامي
نحن نعيش ورطة حضارية مستمرة وسط عالم تتحكم فيه القوى ، ولأن مرجعيتنا القرآن الكريم الذي نستقي منه كل توجهاتنا ، فاختلفنا حوله مما جعلنا مختلفين على أرض الواقع بل ومتقاتلين ، وكان الفرز الطائفي والقتل على الهوية طوال تاريخنا ، والتردي الحضاري الملازم لنا ، ناهيك عن الدمار البشري الذي نراه بأعيننا صباح مساء نتيجة لضعفنا الناشئ عن فرقتنا واختلافنا حتى كنا وما زلنا مطمعا لباقي البشر ، بل أكاد أن أجزم كما كتبت في منتصف الثمانينات بأننا بحالتنا هذه سنكون هنود حمر القرن الواحد والعشرين .
وقد كتبت حول ذلك فيما يشبه المعادلة كإجابة عن سؤال مفاده ماذا يراد بنا :
فكانت الإجابة : يراد بنا الاستغلال وفرض الوصاية وإبادة المقاوم منا بصفتنا أمة ضعيفة متخلفة ضارة بسبب فرقتنا واختلافنا الناشئ عن تديننا .
وعليه يجب أن نقوم بعملية إصلاح فكرنا الديني .
وفي الحقيقة أن هذا الموضوع هو همي وشغلي الشاغل منذ ما يربوا على الثلاثين عاما .
وهذا الاهتمام من ناحيتي ينصب في جانبه الأكبر حول معاني ألفاظ القرآن الكريم حتى نخرج من الفرقة والاختلاف بالدرجة الأولى ، وأود التأكيد هنا عن الفارق بين الاختلاف والذي هو الثبات والجمود لرؤية المختلف ، والتنوع الذي هو ظاهرة صحية لكي يضع أمامنا الحد الأقصى من الاحتمالات والتي يجب أن نأخذ بأحسنها مع الأخذ في الاعتبار وجوب التصحيح الدائم لها .
ولما كانت الألفاظ هي حاملة المعنى لذا كان لزاما على أن أدرسها حسب قدراتي المتواضعة بما يفي بالغرض الذي أريده وهو المعاني .
فحسب معرفتي التي توصلت إليها للسان العربي الذي أنزل به القرآن الكريم وتباينه مع اللغة العربية التي نتحدث بها .
لم أجد إلا فارق واحد لا غير ألا وهو : النظام " البركة " – المنطق – المنهج العلمي في التناول - اختر ما شئت - .
وعليه إذا ما ضبطنا ألفاظنا العربية التي نتحدث بها استرشادا بالقرآن الكريم فسوف يستقيم الأمر ونقترب من الحقيقة قدر الإمكان .
وعند هذه النقطة تحديدا سوف تقترب رؤانا لأن هناك من يسحب ألفاظ القرآن الكريم مع الألفاظ الاصطلاحية أو المعربة في سلة واحدة لفهم معاني القرآن الكريم ، ومنهم من يرى أن ألفاظ القرآن الكريم ألفاظ ليس لها دخل بالألفاظ التي نتحدث بها اللغة العربية .
ولكن حين التحقق من أن ألفاظ العربية التي نتحدث بها تحتاج مجرد ضبط فقط سيقترب كلا الطرفين بعضهم بعضا ، وتكون المسألة أكثر سهولة في التناول ، فلا تأويلات ولا باطنية ولا تهويمات ولا ترادف ولا مجاز بل معاني حقيقية للألفاظ ، وتصبح مجرد كلام مألوف ومنظم ومتبع في كثير من الكتابات منذ آلاف السنين .
وبعد هذه المقدمة يمكننا أن نبدأ :
لننظر أولا إلى مدى صحة القول الشائع " أن القرآن الكريم أنزل باللغة العربية " .
نجد أن القرآن الكريم لم يذكر أبدا أنه أنزل بلغة ، ولم تذكر كلمة لغة في القرآن الكريم مطلقا ، في حين وردت أربعة مشتقات لمادتها ، وهى : " لغو ، لغوب ، ألغو ، لاغية " وكلها ألفاظ مذمومة في القرآن وتحمل معنى في مجمله " عدم النظام " ، وعليه فكلمة لغة تعني الكلام غير المنظم لذلك نجد علماء اللغة يعترفون بأن بناءها لا يتبع المنطق ( اعتباطي ) ، فحاشا لله أن يرسل إلينا كتاب غير منظم .
وحينما نسائل أنفسنا كيف دخل علينا هذا اللفظ - لغة - لم أجد أمامي سوى أنه ترجمة لكلمة لوجيك الإنجليزية بمعنى ( منطق ) فترجمناها لفظا وعملا مثل باقي اللغات العالمية " بناؤها اصطلاحيا " ، والتي وصفها سوسير بالغير موضوعية ، وجاء في كتاب النيلي بالاعتباطية ، لكنها تفي بالغرض كاصطلاح بين الناس .
وقد جاء الخلط حين سحبنا هذه اللغة الاصطلاحية على القرآن الكريم والذي يتناقض مع ما جاء في كتاب الله " ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم ... ، والذي بدأت بعض آياته ببعض من حروف العربية المقطعة ، مما يدل على أن كل حرف له معناه المستقل .
لذا من الخطأ أن نردد مقولة " أن القرآن أنزل باللغة العربية " ولا يجب أن نقول إلا كما أخبرنا القرآن الكريم " بلسان عربي " .
ومن هنا يمكننا الانتقال إلى العلوم الطبيعية والتي جاء بناؤها موضوعيا "علميا " فالعناصر الكيماوية نجد أن كل عنصر منها مستقل بخصائصه ، وفي نفس الوقت يدخل في مساهمات مع عناصر أخرى لتكوين مركبات أو مخاليط لها سمات قد تبدوا مختلفة في ظاهرها ولكنها في الحقيقة تعبير عن كل سمات العناصر الداخلة في المركب .
وحديثي هنا على مستوى المخلوط والذي يمكن اعتباره بالمستوى الأفقي مجرد علاقات " لمس " ، وليس المستوى الأكثر عمقا المركبات المستوى الرأسي تداخل العلاقات " مس " ، وهذا يحتاج إلى مستوى أعمق من التجريد والذي أعتقد أنني أفتقر إليه بعض الشيء .
فإذا ما وضعنا الألفاظ مقابل المخلوط ، وقد وضعت هذا التقابل لسبب هام وهو أن قوانين الكون متسقة مع بعضها في قانون واحد ما زلنا نحاول التعرف عليه " والسماء رفعها ووضع الميزان .." وحتى الآن لم نستطع رغم إقتراباتنا الحثيثة منه .
فماذا عن كلمة عربي ؟
وردت مادة عرب في 22 موضع بالقرآن الكريم : ألفاظ " عربي ، عربيا ، عُرُبا ، الأعراب .
ومن خلال المفهوم الإجمالي للآيات التي وردت فيها هذه الألفاظ ، وجد أن هذا اللفظ له توجهين : الأول لفظ " ، عربي ، عربيا ، عُرُبا " تعبير عن دلالة نقية لأن هذه الألفاظ وردت في حق القرآن الكريم وما أعده الله للمؤمنين .
والثاني من يحملون صفة " الأعراب " - من يتحدثون العربية ( لسانا ولغة ) – تعبير عن تنوع ما بين قمة النقاء ( الإيمان ) وقمة التلويث ( شدة الكفر والنفاق ) ، وهذا بإخبار القرآن الكريم عنهم .
ولكن ماذا عن معنى هذا اللفظ " عربي " .
لفظ عربي لقد أشرت أعلاه بأنني أعمل على مستوى المخلوط ( سطحي / لمس / أفقي ) ، وقد ألمحت إلى وجود مستوى آخر أكثر عمقا وهو مستوى المركب ( متداخل / مس / رأسي ) ، وقلت أنني أفتقر إليه بعض الشيء لأنه يحتاج إلى مستوى أعلى من التجريد .
في نفس الوقت كنت قد وضعت الإطار للجزء الثاني من المقال حول لفظ عربي .
وحين التفكير حول هذا اللفظ وجدته صفة لم نصل بعد لمعناها خلال الحوار الدائر بل قل اختلفنا حول معناها .
ومن هنا اضطررت أن أغوص في معاني حروفها عسى أن أخرج بما يقترب من الحقيقة ويحوز القبول بناء على التراكم المعرفي المتاح لنا ، فأرجو أن أكون وفقت في مسعاي .
فإذا ما نظرنا إلى مقاطع لفظ عربي فسنجد الـ ( ع ) ، ( ربي )
وحين التفكير فيما يعنيه حرف الـ ( ع ) بدأت أفكاري كفرضيات تخرج من معنى إلى معنى ثاني أدق إلى ثالث إلى رابع ، وكانت جميع المعاني التي خرجت بها لم تكن دقيقة بالقدر الكافي ، لأنها كانت نتيجة الاعتماد على بعض الألفاظ الوارد في أولها حرف الـ ( ع ) .
ولكن حين وضعت أمامي جميع الألفاظ الواردة بالمعجم المفهرس في باب العين وكانت في 3710 موضع لحوالي 100 جذر .
وبعد التدرج في الفرضيات توصلت إلى أن حرف الـ ( ع ) هو قيمة مجردة ، وأقصد بكلمة مجردة أنها مرنة، ويمكن اعتبارها كجسم هلامي شفاف ، أو كالماء لالون ولا طعم ولا رائحة ، ولكن صفاته تتحدد حسب ما يذاب فيه .
ولأنه بهذا الشكل فيمكنه التشكل في أي صورة سواء كانت حالة ساكنة أو متحركة ، سالبة أو متعادلة أو إيجابية ، ويثبت حين تحديده في أي شكل أو قالب يوضع فيه حسب باقي الحروف المشاركة له في اللفظ الذي يرد فيه .
ويمكن لهذا الحرف المشاركة مع أي من حروف الهجاء عدا حرفي الحاء والخاء ( وهذا موضوع يتبع ) ..
ولنأخذ أمثلة على هذا القول :
القيم السالبة : عبد ، عجوز ، عذاب ، عقاب ، عجاف ، عقيم ، عرج ، عمى .
قيم الاعتدال : عدل
القيم الإيجابية : عبقري ، عسل ،عظيم ، عليم ، عربي .
والحالات الساكنة : عدس ، عنب
والحالات المتحركة : عاصفة ، عمل ، عيشة ، عائلا .
وحين نأتي إلى المقطع الثاني وهو ( ربي ) والذي لا يعني سوى الرب ، نجد المعنى يظهر أمامنا أن كلمة عربي يتحدد معناها من معنى الربوبية ، هذه القيمة المجردة احتوتها الربوبية " فيتحدد معناها بناء على ذلك .
مما يعني أن هذا القرآن والذي أنزل بهذا اللسان العربي قد جعله الله سبيلنا الأمثل لأرتباطه بأعلى درجات السمو والدقة والوضوح والتيسير والبيان والنظام ( البركة ).
لذا سأرجئ بحث معاني باقي حروف اللفظ " عربي " لعدم وجود احتياج آني لذلك ، ويكفينا ما يحمله إجمالا المقطع ( ربي ) .
أما لفظ أعجمي فقد ورد في القرآن الكريم في أربعة مواضع :
" ولو جعلناه قرأنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ، أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء " 44 فصلت .
ويفهم من الآية الكريمة أنه كان يمكن أن يكون قرأنا أعجميا ، وعليه سيكون محكما فقط ولا يوجد به تفصيل ، لذا سيحتاج إلى العربي أيضا للتفصيل ، ومن هنا لا يصح أن يكون عربيا وأعجميا في نفس الوقت .
مما يعني أن اللسان الأعجمي أيضا دقيق ولكنه عاجز عن استيعاب التفصيلات الواردة في القرآن الكريم والتي تحوي الكون جميعه ، والتي لابد منها لكي يكون للمؤمنين هدى وشفاء .
" ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين " 198 ، 199 الشعراء
مما يعني أيضا إمكانية إنزاله بلسان أعجمي وعليه فأن كلمة لسان تعني نقاء القول .
" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين " 103 النحل .
مما يؤكد وجود لسان آخر أعجمي ( لسان آخر غير عربي ) ولم يذكر أن هذا اللسان غير دقيق .
ومن المفيد التنويه على أن أصوات الطبيعة تختلف من مكان إلى مكان حسب المناخ ، وعليه فلأصحاب كل بقعة على الأرض لسانهم الخاص بهم ، والذي قد يتحول مع الزمن إلى لغة مثلما تم عندنا ، ولكل منطقه حتى الحشرات والطيور لها منطقها المتنوع والمحدود ( علمنا منطق الطير ) ، ( وقالت نملة ) وجميعها أصوات الطبيعة .

معروف محمد آل جلول
07/12/2009, 05:25 PM
الأستاذ المحترم ..
أحمد شعبان محمد..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
وحيث أنّكم طرحتم إشكال:
التأويل ..وما ينجم عنه من سوء فهم اللفظة العربية الواردة ..
ثم توجّهتم إلى محاولة الاقناع بضرورة إعادة تشكيل فهمنا لفكرنا الإسلامي..
والتأويل هو محاولة إعطاء الأولوية للمعنى القريب من المعاني المركزية في النص..
وعرف الأمة أن الحكم على كل شيء ينبغي أن يتمّ من الظّاهر ..
لذا اتّهم بعض السنّة الصوفية بأنهم ارتكزوا في فهم القرآن على الباطن ..متجاوزين ظاهر القول ..كما ظاهر السلوك البشري..
وقد ورد في سورة البقرة العظيمة أن القرآن آيات..مُحْكمات ..وأخر متشابهات..
:"والراسخون في العلم يقولون آمنّا به ،كلٌ من عند ربِّنا"..
لكن الذين تشابهت قلوبهم في الزيغ والضلال..تؤلونه بغية الفتنة ..
لهذا الأسباب جاءت الحكمة النّبوية الشريفة لِتُشير إلى الظاهر ..في توجيهاتها لكيفيات تعاطي الحياة مع الجماعة المؤمنة ..
وقد صار الشباب المسلم ـ بفضل الله ـ متعلّما ..يسمع توجيهات العلماء من كل العالم الإسلامي ..وفي قنوات متعدّدة ..
الكلّ يُجمِع أنّ الصّدق أساس..أي ضرورة توفير النّيّة ..
والكلّ يجمع على حتمية ترتيل القرآن الكريم يوميا بنسبة معيّنة..
والكلّ يجمع أن العبرة بفهم ونهج الفكرة سلوكا في الأرض..
ولايتم كل ذلك إلا بقراءة تفسير القرآن الكريم من علماء مشهورين..ثم يدرسون الجديد..
وهذا ما تطّرقتم إليه مشكورين أيها الأستاذ الكريم ..
والقيمة الركزية الّتي وقفتم عليها فعلا ..
هي فهم الكلمة القرآنية ..فهما جماعيا عاما ..حتّى تشكّل معانيها :"شعورا جماعيا"
وقد صدقتم حــقا أن معضلتنا في الاختلاف حول متعدد تأويلات ..
وهذه مسألة ثقافية كبيرة ..
هل اختلافنا في الواقع ..هو فعلا تشتتنا بسبب بسبب تنوّع التّأويل ..؟؟
وشخصيا ..أرفض تأويل القرآن ..
الأستاذ المحترم ..أحمد ..
من عمق الجزائر ..
أقول لك :
جعل الله هذه الكلمات في ميزان حسناتك ..بإذنه الحكيم..
تلقى بها وجهه الكريم ..
وتحول بينك وبين الجحيم..