المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إبليس يغني في " الليالي "



إبراهيم كامل
27/09/2009, 06:32 AM
إبليس يغني لإبراهيم الموصلي وابنه اسحق

خص مؤلفو ألف ليلة وليلة إبليس بحكايتين لعب الدور الرئيسي فيهما . وهما حكاية " أبي اسحق إبراهيم الموصلي مع أبي مرة إبليس " و" حكاية اسحق الموصلي مع الجارية وأعمي " . وفي الحكايتين غني إبليس لإبراهيم الموصلي وابنه اسحق وهما من أساتذة الغناء . وقد روى جابر أن إبليس أول من تغني ، فهو أستاذ الأستاذين في الغناء . ويصف إبراهيم الموصلي عزف إبليس علي العود وغناءه بقوله " فوالله لقد خلت العود ينطق بلسان عربي فصيح بصوت أغن مليح ولقد ظننت أن الأبواب والحيطان وكل ما في البيت تجيبه وتغني معه من حسن صوته ، حتي خلت أني أسمع أعضائي وثيابي تجيبه وبقيت مبهوتاً لا أستطيع الكلام ولا الحركة لما خالط قلبي " . وحين أعاد إبراهيم الموصلي الأصوات التي غناها إبليس علي هارون الرشيد طرب بها ، وجعل يشرب عليها ولم يكن له انهماك علي الشراب وقال لإبراهيم : ليته متعنا بنفسه يوماُ واحداً كما متعك . وفي الحكايتين شرب إبليس الخمر مع إبراهيم الموصلي وابنه اسحق . ومن الطريف أن البدو والأعراب يسمون الخمر " بول إبليس " وقد وصف إبراهيم الموصلي الصورة التي رأى فيها إبليس " فبينما أنا في مجلسي والحريم قد حففن بي وإذا بشيخ ذى هيبة وجمال وعليه ثياب بيض وقميص ناعم وعلي رأسه طيلسان وفي يده عكاز قبضته من فضة ورائحة الطيب تفوح منه حتى ملأت الدار والرواق " . أما ابنه إسحق فلم يزد عن وصفه " بأعمي يخبط الأرض بعصاه " . ودخول وخروج إبليس في الحكايتين والأبواب مغلقة يعكس ما قاله العلماء عن قدرات الجن وتشكلهم في صور شتي . ففي رسالة الحدود لابن سينا يقول :" الجن هو حيوان هوائي ناطق ، مشف للجرم، من شأنه أن يتشكل بأشكال مختلفة " وقد قدم إبليس نفسه مستخدماً كنيته " لا بأس عليك يا أبا اسحق إنما أنا أبو مرة قد جئت أزورك اليوم فلا تفزع ." وقد ذكر مجاهد أن من ذرية إبليس مرة وبه يكني . وقد استخدم شمس الدين محمد بن دانيال الموصلي الكحال في كتابه " طيف الخيال " كنية إبليس " أبو مرة " فهو يقول : " قد غلب علي ظني أن أبا مرة قد مات وعد عن الرفات ، فقم بنا نبكيه ، ونصف الحالة ونرثيه :


مات يا قوم شيخنا إبليــس وخـلا منه ربعه المأنـوس
ونعاني حدسي به إذ توفـي ولعمرى مماتــه محدوس
هو لو لم يكن كما قلت ميتـاً لـم يغيـر لأمـره نامـوس

فابن دانيال حين جاء إلي القاهرة في عهد الظاهر بيبرس ، ووجد مواطن الأنس دارسة وأرباب اللهو والخلاعة غير آنسة ومن لذة العيش آيسة غلب على ظنه أن أبا مرة إبليس قد مات ، فأنشد قصيدته في رثاء شيخ العصاة وأستاذ المعصية .

شرب إبليس مع إبراهيم الموصلي وابنه إسحق وغني لهما . وزاد الطين بلة بأن قاد لإسحق الذى حكي : " فعلمت أنه إبليس وأنه قاد لي ثم انصرف فتذكرت قول أبي نواس حيث قال هذين البيتين :


عجبت من إبليس في كبره
وخبث ما أضمر في نيته
تـاه علي آدم في سجدة
وصار قـواداً لـذريته

وقد أورد " التيفاشي " في كتابه " نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب " هذين البيتين ، واتبعهما بقول السرى الموصلي في رجل اسمه إدريس مثلهما

وتحقير إبليس ووصفه بالقواد حيلة دفاعية لجأ إليها الأديب الشعبي للتهوين من شأن هذا العدو المصر علي عداء آدم وبنيه حتى قيام الساعة . وقد ذكر الشيخ " النفزاوى " ، في كتابه " الروض العاطر في نزهة الخاطر " أن " الأعور " و هو اسم أحد أبناءاسم من أسماء الذكر أيضاً .وليس بمستغرب أن يشمل التحقير ذرية إبليس فهم أطراف في الخصومة التي نشأت بين آدم وإبليس .