المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماقبل تلك الدوخة



محمد المهدي السقال
29/01/2007, 11:29 PM
قصة قصيرة

ما قبل تلك الدوخة

من وحي " دوخة "
المبدع عبد الحميد الغرباوي

محمد المهدي السقال

اليوم : 23 مارس , من سنة ضاعت كغيرها من عمري بين تكرار نفس السنوات إلى الآن ,
المكان : ستعرفونه قبل انتهاء الحكاية ,
كنت عائدة من " سوق الكلب " , منشغلة بمحاولة تذكر الوضع الذي تركت عليه باب الدار ,
لم تكن أول مرة مرة ينتابني فيها القلق على ما تركته ورائي ,
أمسك بالمفتاح متحسسة وجوده المادي بين يدي ,
أتحقق من إحكام دورتين في المزلاج , ثم أبتسم مخاطبة نفسي , ها هي مقفلة .
وكنت قد استعجلت عودتي مبكرا قبل قضاء حوائج بيت الداء ,
إذ خطر لي فجأة , وحي بالشك فيما قمت به آخر لحظة ,
جارتي التعبى , و منذ أسر زوجها في الصحراء , تحملني عبء التسوق لها ,
لم أرفض مساعدتها لحظة , بل أحيانا أغض الطرف عن استيفاء ما يتبقى بذمتها لآخر الشهر ,
كشفت لي عما تتوصل به من راتب الأسير ,
استغربت دون الدخول في التعليق على غمغماتها ,
لكنها ظلت تنهي شكواها بالأمل في إطلاق سراحه , وتستحضر جارتنا " هنية " ,
توصلت مع النعي بظرف رخصة استغلال للنقل القروي ,
على الأقل لم تذهب تضحيته سدى من أجل الوطن ,
كنت أتخيل أن جارتي هي الأخرى , لا تفكر في عودة زوجها حيا , ثم ألعن الشيطان في نفسي .
وبينما أنا أحاول القبض على ما تبقى عالقا بالذاكرة , كمن يحاول التثبت من الشهادة لحظة الاحتضار ,
عادت بي خطاي إلى البيت,لأجد حشودا من الآدميين في هرج ومرج ,
تتوسطهم امرأة شبه عارية , تلطم بأرجلها كومة رمل أشبه بالرماد ,
لم تكن ملامحها غريبة علي , ليست صاحبة البيت ,
فمنذ رحيلها عنا مصفدة بتهمة الوساطة في تجارة الأجساد الميتة , لم يسمع عنها أحد ,
شاع أنها هجرت ضمن العابرين إلى الضفة الأخرى عبر قوارب الموت ,
قبل إنهاء المدة الحبسية , تدخلت لها رأس كانت وقتها كبيرة , قبل أن تدور عليها عوادي الزمن ,
دنوت من الجمع لتفحص وجهها , اعترضتني المناكب بقوة وعنف,
كيف أقوى على مقاومتهما في هذه السن المتقدمة ,
ماذا يقع ؟
كل العيون مسمرة على المحور , تراجعت عن السؤال , لأنشغل بالتفكير في طريقة ألج بها البيت ,
ليست المرة الأولى التي يشغلني فيها نفس الهاجس ,
تشتعل الرأس بالخمرة , رغم حرصي الشديد على الاكتفاء بالتظاهر ,
صار القليل منها يأخذني بعيدا ,
يناولني الزبون كأسه بضحكاته الساخرة , فلا أجد مناصا من مسايرته ,
يتلوى بين يدي كالحية الرقطاء , يتحرك بكل أشيائه في خريطة جسدي المتعب ,
يكون قبولي الكأس تعبيرا عن الاستجابة ,
مع الاحتراف , يصبح الرجل دمية أمام شهوته الحيوانية ,
أظل حريصة على الصحو ,
يساعدني على التعلق به , تفكيري المتواصل في المداهمة البوليسية ,
حالة التلبس بامتياز , تكون بردا وسلاما عليهم , يفاوضوننا قبل تقديمنا للوكيل ,
سيقولون بأن الدنيا هذه الأيام على غير ما يرام ,
بعد أحداث الانفجارات , صار المسؤولون أكثر جدية ,
و سيصحبوننا بملابس آخر الليل مع ما يمكن أن يتبقى من شراب ,
والسيد الوكيل يقبل دليلا من بقايا القنينات حتى ولو كانت فارغة ,
لذلك كنا نجد أنفسنا منشغلين بالتفكير في مخرج الطوارئ ,
ينفتح الطابق الرابع على سطوح موازية , تنتهي إلى عمارة " الحاج الوردي "
نتذكره في عز الانتشاء بالتناسي , فنقول : من خرج من باب " الحاج الوردي" فهو آمن ,
وبالفعل , ما أن تنزل أدراج البناية , حتى تلاقيك ساحة خضراء تسر الناظرين ,
يتحرك فيها الناس نهارا بنظام المتحضرين ,
وليلا تفتح أذرعها للوافدين من الطبقة إياها ,
لذلك لم يكن ممكنا أن يتحرك الأمن فيها ظاهرا للعيان ,
يخطئ من يقول عنا إننا بلد معرض للاضطراب ؟
نحن أحسن بلد في العالم ,
واستقر رأيي على اختراق التجمع بكل ما تبقى في من قوى , عادلة عن التسلل من الخلف ,
رغم استعجالي اللحاق بالمطبخ , فقد كان هاجس احتمال انفجار الغاز أكبر من أي وقت مضى ,
تحسست حمالة المفاتيح , لم يكن الجدار خلف الجماعة نفس الجدار , مازال البيت في الضفة الأخرى .

*********

محمد المهدي السقال

zghari hassan
04/02/2007, 07:18 PM
أستادي وصديقي العزيز المهدي السقال افتقدناك يا صديقي في مجمع الإصدقاء وأنت تحدثنا عن قدسية الكلمة ،
افتقدناك أيها الصديق بيننا وأنت تتحدث عن جمالية ،عن موهبة اختياروصياغة الكلمة .
أهي الفتنة،أم أن عنكبوت زماننا أحكم خيوطه حولك ؟
عرفتك أستاذي شغوفا بالكتابة وها أنت تبرهن من جديد من خلا ل هدا النص عن قدرتك في سرد وقائع كلها عبر في نص أدبي بديع
فشكرا لمنتدى واتا الذي منحنا فرصة هدا اللقاء حسن الزغاري

عبد الحميد الغرباوي
04/02/2007, 08:43 PM
و يبقى لكل دوخة، أخي السقال، مبرر ما، يمكِّنها من الجسد و يعطيها كامل الحرية في التلاعب بالرأس.
شكرا للتفاعل مع نص " دوخة"...
مزيدا من الإبداع..
محبتي

محمد المهدي السقال
04/02/2007, 10:27 PM
أستادي وصديقي العزيز المهدي السقال افتقدناك يا صديقي في مجمع الإصدقاء وأنت تحدثنا عن قدسية الكلمة ،
افتقدناك أيها الصديق بيننا وأنت تتحدث عن جمالية ،عن موهبة اختياروصياغة الكلمة .
أهي الفتنة،أم أن عنكبوت زماننا أحكم خيوطه حولك ؟
عرفتك أستاذي شغوفا بالكتابة وها أنت تبرهن من جديد من خلا ل هدا النص عن قدرتك في سرد وقائع كلها عبر في نص أدبي بديع
فشكرا لمنتدى واتا الذي منحنا فرصة هدا اللقاء حسن الزغاري

أخي حسن

أقرأ فيك وجه مبدع واعد بالعطاء المتجدد نوعيا ,

لديك انسيابات عميقة تغري بالرحيل في متاهات الحكي و السؤالات الوجودية ,

أتمنى أن تواصل الكتابة كهم لحظي ,

تأكد أخي حسن أن البقية تأتي مطواعة بحجم الإرادة

محمد المهدي السقال

محمد المهدي السقال
04/02/2007, 10:32 PM
و يبقى لكل دوخة، أخي السقال، مبرر ما، يمكِّنها من الجسد و يعطيها كامل الحرية في التلاعب بالرأس.
شكرا للتفاعل مع نص " دوخة"...
مزيدا من الإبداع..
محبتي

الأستاذ المبدع
عبد الحميد الغرباوي

حين قرأت نصك الجميل ,

وجدتني أستحضر لقطة من الذاكرة ,

كنت فيها قريبا من بطلك ,

لذلك أردت أن أكون وفيا لما أوحيت لي به ,

تحياتي

محمد المهدي السقال

سعدية اسلايلي
17/12/2007, 06:31 PM
قصة يفوح منها عبق الحضيض وتنبعث من مقاديرها الموزونة بحكمة نكهة الطبق الشعبي .
كأنها نافدة على حومة أو زنقة أو حي يعج بالحياة والألم.
لقد أغرني هذا التفاعل الجميل بين دوختين من نسج الكاتبين الكبيرين وربما أضفت دوخة أخرى على صفحات الموقع تكون لها لمسة انثوية. أجمل الإبداع ما يبعث على الإبداع.
تحياتي.

محمد المهدي السقال
17/12/2007, 07:27 PM
قصة يفوح منها عبق الحضيض وتنبعث من مقاديرها الموزونة بحكمة نكهة الطبق الشعبي .
كأنها نافدة على حومة أو زنقة أو حي يعج بالحياة والألم.
لقد أغرني هذا التفاعل الجميل بين دوختين من نسج الكاتبين الكبيرين وربما أضفت دوخة أخرى على صفحات الموقع تكون لها لمسة انثوية. أجمل الإبداع ما يبعث على الإبداع.
تحياتي.


ليتك تفعلين أختي سعدية ، فقد أتعبتني معها تلك المرأة وانا أجاهد في تحسس حركاتها ، رغم أني عرفتها أقرب إلى معرفتي بنفسي . تقديري لوقفتك الجميلة .