المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقاومة الفلسطينية .. مقاومة تحريكية أم تفعيلية أم تحريرية ؟



سميح خلف
30/09/2009, 07:59 PM
المقاومة الفلسطينية .. مقاومة تحريكية أم تفعيلية أم تحريرية ؟

موضوع هام له مقدمات وله نتائج انعكست على الواقع الفلسطيني ببنيته وثقافته وتشكيلاته المختلفة .

ونتيجة الواقع الحالي هل نقول أن المقاومة الفلسطينية بفعل الماضي كانت تحريكية أم تفعيلية أم تحريرية ؟ .

للإجابة عن هذا السؤال لابد لنا من الرجوع محطات نأخذ بها من الماضي لنستند الى الحاضر في تحليلنا .

بعد عملية الحزام الأخضر التي اشترك فيها أكثر من فصيل فلسطيني وعلى طول مواجهة طويلة مع العدو الصهيوني كانت تلك العملية لها أن تكون تطور في حرب العصابات وحرب التحرير ، وربما بعد تلك العملية لم يكن هناك من العمل المقاوم والممنهج ما يؤدي إلى فكرة العمل المقاوم لغرض التحرير أو بغرض صقل التجربة وتقويته وتعزيزها ، ودخلت الثورة الفلسطينية في متاهات سواء على المستوى الداخلي أو مع قوى اقليمية تاهت فيها البوصلة ربما بشكل ممنهج وتارة أخرى بشكل عفوي وبعد عملية الحزام الأخضر وظهور مدرسة شارع الحمرا في بيروت لم يكن التواجد للثورة الفلسطينية أكثر من بعد سوى إثبات الوجود ومطلب الإعتراف بذاتها فقط كلاعب رئيسي في الصراع العربي الصهيوني ان صح التعبير .

وبشكل سريع ارتدادي على الواقع الثوري للثورة الفلسطينية بنية الأجهزة من أجل التوازنات والصراعات الخفية بين قيادة اللجنة المركزية وتخوفها الداخلي في صراع دخلت فيه المادة والمال اللون المؤثر في صياغة المعادلة الداخلية في الثورة الفلسطينية ، فمنهم من استند الى دول الخليج ومنهم من إستند إلى المال الغربي ، ومنهم من بقي مناضلا ينتظر توقيع هذا " الأبو " أو ذاك لكي يبقى وجهه النضالي نقطة مضيئة في واقع التوازنات في قيادة اللجنة المركزية .

وواقع الحال في فصائل الثورة الفلسطينية وفي كل تطور يحدث في داخل حركة فتح يتبعه تطورات في داخل الفصائل وصيغة الإرتباط تحت مظلة منظمة التحرير الأداة السياسية والتمثيلية كانت المادة أيضا هي العصا وهي البلسم لإجماع الفصائل أو عدم إجماعهم على هذه القضية أو هذا الموقف الذي كانت تبادر به قيادة حركة فتح باسم منظمة التحرير الفلسطينية .

انتقلت الثورة الفلسطينية بديمومة الجمع بين طرحين ، التحريك والتفعيل ، أما قضية التحرير فقد أجلت في قاموس قيادة الثورة الفلسطينية وأرجعت إلى ما يمكن أن تنجزه من خطوات دبلوماسية من وعود فرنسية تلت خروج الثورة الفلسطينية بعد اجتياح 82 ، وكان هذا هو مطلب لخروج الثورة الفلسطينية من ثوبها المسلح إلى عالم الدبلوماسية والسياسة والتفاوض ، وتبلورت فكرة الطبقة الحاكمة الدكتاتورية الأرستقراطية في داخل الأطر الفتحاوية والأطر الأخرى .

على سبيل المثال لا الحصر ، لم تكن أي مواجهة تحدث من الجنوب اللبناني هي ممنهجة تحت قضية التحرير ، بل كانت ممنهجة تحت قضية التفعيل أي تفعيل المواقف السياسية والتحريك فقط ، وأذكر عندما كان تواجد راجمات الصواريخ في الجنوب اللبناني لم تستفيد قوى الثورة وأطروحاتها من تواجد تلك الصواريخ وتلك الراجمات ، فكانت الأوامر تصدر " لعزمي " : " أطلق صاروخ أو صاروخين فقط ! " ، في حين أن راجمة الصواريخ bm21 وذخيرتها من إطلاق فردي أو جماعي يمكن لها أن تمسح مساحة أرض بقطر 500 متر في دفقة واحدة ، وكانت تلك الصواريخ عندما تطلق رغم دقة توجيهها بناء على تقنياتها ، كانت تضرب في أراضي غير مؤثرة في الأرض المحتلة وهنا نقول بغرض التحريك والتفعيل فقط .

افتقدت الثورة الفلسطينية بعد عملية الحزام الأخضر المبادرة ومنهجية حرب الشعب لتسير في دور المتلقي للضربات المتتالية التي يقررها العدو الصهيوني في الزمان والمكان من إغتيالات واجتياحات لقواعد الثورة الفلسطينية باستثناء اجتياح 78 على أرض فتح لاند التي طلبت إسرائيل وقف اطلاق النار بشكل وعبر وسيط .

كما حدث في الجنوب باختلاف الظروف والامكانيات وروافد الدعم مازالت الثورة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية تعاني من الخلط بين المفاهيم الثلاث التحريك والتفعيل والتحرير .

كانت منذ مدة الصواريخ هي قادرة على صقل الموقف السياسي في غزة وكنا نتغنى بالصواريخ التي انتجها العقل الفلسطيني ولو كانت محدودة الفعل ، وكنا نقول هي الطريق من التطوير والتفعيل من اجل التحرير وربما لعامل الدبلوماسي والحصار قد اثر على منهجية العمل المقاوم في غزة وسحب رويدا رويدا الى خندق اثبات الوجود والتفعيل فقط من خلال عملية اطلاق الصواريخ المحدودة في ارض البور والتي يصاحبها اجتياحات محدودة في بيت حنون .

هل نستطيع ان نقول ان هناك منهجية وعمل ممنهج للمقاومة الفلسطينية في ظل الاعتراف بالمبادرة العربية التي تعني الاعتراف والتطبيع مع العدو الصهيوني والاعتراف الموثق بدولة الكيان الصهيوني على 80% من الارض الفلسطينية وهل هناك الآن خلاف بين موقف عباس الذي يطالب بالاعتراف بالمبادرة العربية وبين من اعترفوا مؤخرا ً بالمبادرة العربية ؟؟؟!!!!

وهل يمكن للعمل الدبلوماسي ان يؤثر على القضايا الاستراتيجية واذا كان كذلك فإن فصائل المقاومة قد فقدت مبرر وجودها كفصائل مقاومة وذهبت الى الخندق المرسوم وهو صيغة التفاهم مع تيار اوسلو من اجل التفعيل والتحريك فقط .

اذا ً الى اين ذاهبة فصائل المقاومة الفلسطينية اذا اقررنا فعلا ان هناك فصائل مقاومة ، وكنا نتمنى من الذين اعترفوا بالمبادرة العربية مؤخراً ان يشرحوا لنا برنامجهم المرحلي اذا كان الاعتراف تحت مصطلح المرحلية وهو نفس الفخ الذي وقعت فيه منظمة التحرير الفلسطينية وانساقت الى اوسلو وخارطة الطريق وادنى من ذلك .

نعتذر للاخوة في القاطع الغربي الذين عملوا بجد من اجل صياغة كيانية فلسطينية مقاومة من اجل التحرير وليس التحريك .
ومن هنا نستطيع القول ان عملية اغتيال ابو جهاد وهو مطلب فلسطيني عربي دولي كانت احد الاسباب الهامة له هو ان ابو جهاد وكوادر القطاع الغربي لم يعملوا يوما ً من اجل التحريك والتفعيل فقط بل من اجل التحرير .

بقلم/ سميح خلف