المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نبذة مختصرة عن حياة الملك فيصل الأول/حازم ناظم فاضل



حازم ناظم فاضل
02/10/2009, 10:22 AM
نبذة مختصرة عن حياة الملك فيصل الأول


هو فيصل بن الحسين بن علي الحسني الهاشمي، أبو غازي: ملك العراق ، من أشهر ساسة العرب في العصر الحديث. ولد بالطائف سنة( 1883 م )، وترعرع في خيام بني عتيبة في بادية الحجاز . وكان الأبن الثالث لشريف مكة الحسين بن علي .
وعندما بلغ السادسة من عمره ارسل الى قرية رحاب فمكث فيها بين ابناء عمومته واخواله ست سنوات يركب الخيل والابل ويكر ويفر حتى اذا اعتزم والده السفر الى استانبول اخذه واخوانه معه فتعلم العربية والتركية وبعض العلوم على اساتذة خصوصيين.
نزلوا في استانبول بناء على اوامر السلطان عبد الحميد في قصر الوالي (فؤاد باشا) وقد خصصه السلطان لهم وعين والده في مجلس شورى الدولة عاش الامير فيصل في العاصمة العثمانية نحو عشر سنوات وفيها تزوج بابنة عمه (حزيمة) ابنة الشريف (ناصر بن علي).
وفي عام 1908 غادر الامير فيصل الاستانة الى مكة المكرمة حين عين والده شريفاً لها . عاد فيصل الى الحجاز وقد اكتملت رجولته فادناه والده منه وولاه قيادة الغزوات التي يقوم بها لاخضاع القبائل وتأديبها.
وفي سنة 1909 انتخب نائباً عن لواء (جدة) في مجلس النواب العثماني فكان يذهب كل سنة الى الاستانة ليشترك في اعمال البرلمان ويعود بعد انقضاء دورته فينظم الى والده ويساعده في ادارة منصبه الخطير وكثيراً ما كان يمر بالقاهرة في ذهابه وايابه ليجتمع بقادتها ومفكريها ولما ثار (محمد الادريسي) على الدولة العثمانية في نهاية عام 1911 مغتنماً فرصة اشتباكها في الحرب مع ايطاليا وهم الذين ساعدوه وامدوه بالاسلحة اضطرب موقف الدولة في اليمن فاستنجدت بالشريف حسين امير مكة طالبة المساعدة ضد الادريسي فلم يتردد في تلبية الطلب وجند حملة بقيادة نجليه عبد الله وفيصل سارت من مكة الى (ابها) عاصمة عسير فطردت الادريسي وكانوا يحاصرونها وحطمت شوكته واعيدت تلك البلاد الى السلطة العثمانية.
زار فيصل سوريا للمرة الاولى عام 1913فقد خاف ولاة الامور الترك ان يهاجم البدو المحمل الشامي في عودته من الحجاز الى الشام فرافقه على رأس قوة من الجند لحمايته فلم يحدث له حادث واقام مدة في دمشق فتعرف على رجالها ومفكريها ودعاة الوحدة العربية من ابنائها مما سهل له العمل بعد ذلك وجاء سوريا ثانية في عام 1915 في طريقه الى الاستانة وقد اختار السفر بهذا الطريق دون البحر لان الحلفاء ضربوا الحصار على موانئ تركيا عند بداية الحرب العالمية الاولى عام 1914 ومنعوا دخول البواخر اليها وخروجها منها لما اظهرته من ميل الى الالمان وقد دخلت الحرب الى جانبهم بعد ذلك وبعد ان ختمت الدورة البرلمانية عاد فيصل ثانية الى دمشق واقام ضيفاً عند (ال البكري) وقيل ان الترك ارادوا من اقامته في دمشق ان يكون الى جانب (احمد جمال باشا) القائد العام في سوريا يومئذ فساعده في حملته على مصر وقيل انهم ارادوا ان يكون رهينة لديهم لكي يأمنوا انتفاضة والده.
اقبل رجال الشام ومفكروها واعيانها على فيصل يدعونه الى اقناع والده باعلان الثورة على الاتحاديين وخلع طاعتهم وانشاء دولة عربية لما ظهر من سوء نية هؤلاء وتعمدهم اذلال العرب باعدام مفكريهم وادبائهم والصفوة المختارة من رجالهم وبنفي اسرهم الى اقاصي الاناضول تردد فيصل في قبول القيام بهذه المهمة ونصح رجال الجمعيات والاحزاب والمفكرين الذين حادثوه بالتأني والتروي خوف وقوع الكارثة وخوف تمكن الاجانب من احتلال البلاد كما سعى من جهة اخرى عند (جمال باشا) المعروف بـ(جمال السفاح) لاقناعه بالعدول عن سياسة الشدة والارهاب والبطش واتباع خطة اللين والمسالمة وعدم شنق المفكرين الاحرار ونفي الاسرى فلم يزده ذلك الا اندفاعاً في خطته الدموية .
غادر فيصل دمشق في النصف الاول من شهر مايس 1916 قاصداً مكة المكرمة بطريق المدينة المنورة للاجتماع بوالده واطلاعه على رأي السوريين ووصف حالتهم وابلاغه ما يلاقونه من عنت وارهاب وما كان بغافل عما يجري بل كانت المكاتبات والرسائل مستمرة بينهما وكان الترك يرجون ان يعود بسرعة على رأس جيش من عرب الحجاز ليشترك في الحملة الثانية وكانوا يعدونها للزحف على قناة السويس ومعنى ذلك انه كان يرمي الى غرضين متناقضين من رحلته : غرض رسمي ظاهر وهو العودة بجند للاشتراك في الحملة التركية وغرض خفي مضمر وهو وصف حالة سوريا لوالده وابلاغه دعوة السورين الموجهة اليه لاعلان الثورة وانقاذهم.
واجتمع فيصل في المدينة المنورة بشقيقيه (علي وعبدالله) وقضوا ثلاثة ايام يبحثون الحالة ثم سافروا الى مكة المكرمة. اعلنت الثورة العربية بعد سفرهم في 9 شعبان 1334 هـ وقد عهد الى الامير فيصل قيادة القوة العربية في المدينة وكانت محصنة يتولاها (فخري باشا) وفيها من العدد والتجهيزات ما لا قبل على العرب على اقتحامها وجهز الحسين بعد اعلان الثورة جيشاً سيره الى شمال الحجاز وعهد بقيادته الى ابنه فيصل الذي احتل (ينبع) وتوجه الى الشمال فاجتاز الوجه ثم نزل العقبة وتقدم نحو (معان) وحاصرها وقاتل الاتراك قتالاً شديداً في الحمراء الشام ووادي حوران حتى ابواب دمشق فدخلها فاتحاً منصوراً يوم 30 ايلول 1918.
دبر فيصل الامر واتفق مع الحلفاء على تجنيد جيش من اسرى العرب الذين كانوا في صفوف الترك يقودهم ضباط مدربون فتم تأليف هذا الجيش.
وفي يوم 22 تشرين الثاني 1918 سافر فيصل بحرا من بيروت الى باريس لحضور مؤتمر الصلح دون ان يحصل على موافقة السلطات الفرنسية في سوريا فتنكر له الفرنسيون وعرقلوا مساعيه ، وبناء على وساطة رئيس وزراء انكلترا (لويد جورج) فقد قبل في المؤتمر وادى رسالته طالبا الاعتراف لسوريا بالاستقلال التام ثم عاد الى بيروت وحاول ان يوحد صفوف السوريين ويحصل على تأييدهم فلم يلق غير الجفاء وعدم الاكتراث .
سافر الى لندن بعد ان تطورت السياسة الانكليزية الفرنسية في البلدان العربية وفي يوم 8 اذار عام 1919 نادى به المؤتمر السوري ملكا على سوريا . فاقسم يمين الاخلاص لجمعية " العربية الفتاة " السرية.
فلما عاد فيصل الى بيروت اتهم بممالئة الفرنسيين كما ان هؤلاء اخذوا يتربصون به الدوائر حتى زحف الجيش الفرنسي على دمشق يوم 24 تموز 1920 يقوده الجنرال (غورو) فقوض اركان الحكومة الفيصلية فاضطر فيصل للسفر الى (درعا) ولكن السلطات الفرنسية انذرته بمغادرتها فغادرها الى حيفا ثم الى بورسعيد ثم الى ميلانو في ايطاليا فمكث فيها الى ان رشح لعرش العراق.
فبعد تشكيل الوزارة العراقية الاولى سافر الندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس الي مؤتمر القاهرة الذي عقد للفترة من 12 الي 24 اذار 1921 يرافقه جعفر العسكري وساسون حسقيل وقائد الطيران بحضور ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني لتقرير مصير البلاد العربية ومنها مشكلة العراق وذلك في 22 شباط 1921 والذي تقرر فيه إنشاء حكومة عربية يرأسها ملك عربي من البيت الهاشمي هو الأمير فيصل بن الشريف حسين بعدها عاد الوفد الي بغداد في 9 نيسان 1921.
وفي يوم 23 اب 1921 نودي به ملكا دستوريا على العراق.
واطلقت المدافع في بغداد معلنة اعتلاءه العرش.
وكان الملك فيصل الاول يطبق سياسة مرنة تعتمد على المساومة مع بريطانيا وهي سياسة (خذ وطالب) وكان يعتقد بان في امكان هذه السياسة ان تؤدي في نهاية المطاف الى استقلال العراق استقلالاً تاما لقد برهن بعد بضع سنوات من اعتلائه العرش انه ذو شخصية محترمة وخبرة سياسية وانه يمتلك موهبة في البقاء السياسي بالرغم من الظروف الحرجة وبعد عام 1930 تناقص عدد العراقيين الذين كانوا يشككون في اخلاص الملك فيصل الاول لخدمة بلاده وبعد حكم قارب الاثني عشر عاما وجه ملك انكلترا الدعوة اليه لزيارة لندن فقبلها.
ولما حدث التمرد الاثوري عاد الى بغداد للعمل على وضع حد للمشكلة ولكنه وجد ان كل شيء قد انتهى وان الامر خرج من يده فاصابه الاضطراب الذي ادى الى فقدانه النوم وخانته شهيته فراح يتطلع الى الراحة عن طريق الافراط في التدخين وتناول القهوة المرة لذا فانه غادر البلاد لمواصلة العلاج ووصل العاصمة السويسرية .
وشعر الملك فيصل بألم شديد ولما حضر الطبيب الخاص اشار على الممرضة بزرقه ابرة تحت الجلد فاستراح الملك واذن لحاشيته بالانصراف . وفي الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء ذلك اليوم استدعى الملك ممرضته وطلب اليها ابلاغ الحاشية بالحضور حالاً فصعد اليه الملك على شقيقه الاكبر ونوري السعيد ورستم حيدر وتحسين قدري فوجدوه يلفظ انفاسه الاخيرة.
نقل جثمان الملك فيصل الاول من محطة (بيرن) الى (برنديزي) في ايطاليا ومنها نقلته دراعة ايطالية مجللة بالسواد وسلمته الى الدراعة البريطانية. وصلت الدراعة حيفا ونقل الجثمان منها الى البر حيث نقلته طائرة خاصة الى بغداد بحراسة ثلاث طائرات من القوة الجوية البريطانية في فلسطين ومن الرطبة استقبلت الجثمان (9) طائرات من القوة الجوية العراقية حتى مطار بغداد يوم 15 ايلول ومنه نقل الى البلاط المكلي حيث وضع على عربة مدفع وسار الموكب نحو المقبرة الملكية التي اعدت في الاعظمية ووري التراب وفي اليوم نفسه 15 ايلول 1933.
وصدر عن الملك غازي الاول البيان الاتي:
(الى الشعب العراقي الكريم ان عواطف الاخلاص والمحبة التي انبعثت عن قلوب ابناء امتي على اثر الكارثة العظمى التي حلت بالبلاد بوفاة قائدها وباني كيانها جلالة والدي المعظم تغمده الله برحمته كان لها اعظم اثر في نفسي، وفي هذه الساعة التي يجيش قلبي فيها بآلم الفراق وبشكر الامة على عواطفها الصادقة المواسية يحق لي ان انتظر من ابناء شعبي ان يؤازروني بكل قواهم كما آزروا والدي في جهاده وان يساعدوني على النهوض بالمسؤولية العظمى التي القتها العناية الالهية على عاتقي وان يعملوا واياي على تمجيد ذكرى فقيد الامة وسليل البيت الهاشمي وتطيب روحه وذلك ببذل كل ما في وسعنا في سبيل تحقيق امانيه السامية). وبمناسبة مرور اربعين يوما على وفاة الملك فيصل الاول اقيم في بغداد احتفال كبير شاركت فيه وفود من جميع انحاء العراق ومن مختلف البلدان .