المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تمثيلية الشجرة رقم 13 / 2



إبراهيم كامل
03/10/2009, 03:48 AM
تمثيلية الشجرة رقم 13

المسمع الثانى

( قاعة الجلوس بجدارها الزجاجي المطل على الحديقة.. صوت هطول المطر والريح وحفيف أوراق الشجر يتخلله صوت الرعد من آن لآخر مخففاً بسبب الجدار الزجاجي السميك )

العالم : ( موجهاً الحديث للكونتيسة بانبهار ) معك كل الحق ياسيدتي الكونتيسة . . ياله من منظر رائع شاعرى . . الأشجار العتيقة الجميلة تغتسل بالمطر وضوء القمر ومن آن لآخر يسلط عليها البرق ضوئه الباهر فيبرز جمالها وروعتها.

الكونتيسة : ( بفخر رزين ) ياسيدي العالم هذه الحديقة من مفاخر عائلتنا على مر الأيام .. وفيها من أشجار الدَلْب والدِرْدَار وغيرهما ما جاوز عمره المائة عام وأكثر.

الفيكونت : ( بلهجة متبرمة ) ولولا هذا المطر الذي يهطل دون توقف منذ عشرة أيام لاستمتعنا بالتنزه في الحديقة صبحاً ومساءً.

أرمان : ( بلهجة موحية ) فعلاً يابن خالي .. ولأمكن أن نرى آخر صيحة من موضة القرن التاسع عشر ترتديها السيدات والآنسات من المدعوات (بتحسر) وكلهن فاتنات.

الطبيب : ( بافتخار ) على ذكر القرن التاسع عشر لقد فاتكم أن تذكروا أن مخترع ماكينة الخياطة هو الفرنسي ثيمونبيه .. فمن فرنسا تخرج الموضة إلي العالم كله.

القسيس : ( بامنعاض ) ولا تنسوا أن ذلك سَيسرع إنتاج الملابس مما يساعد النساء على مزيد من التبرج وإظهار مفاتنهن (بغضب) في ظل الدعوة إلي تحرر المرأة.

الكونتيسة : ( بشيئ من الإندفاع ) لا تقلق ياسيدي الأب . . فلا بأس بقليل من الحرية بعد قرون من القيود والأغلال كان يفرض على النساء فيها ما يلبسن ويقولن ويقرأن وحتى ما يفكرن فيه.

القسيس : ( الذي يجلس إلي جوار الفيكونت يهمس بانزعاج ) ياسيدي الفيكونت أريد أن أحذرك من هذين المدعوين اللذين أحضرهما معه ابن خالك السيد أرمان ( بلهجة ناصحة ) فإن والدتك الكونتيسة هي الرقة بعينها, وهذان الرجلان يشيعان في المكان التجديف والإستخفاف بالتقاليد الراسخة وإني أخاف من تلك الأفكار التي تتغلغل ببطء في النفس الرقيقة لأمك المبجلة.

الفيكونت : ( بلهجة واثقة ) هون عليك ياسيدي الأب.. وأنا أشكر لك ما تحيطنا به من رعاية.. لكن ليس هناك ما يدعو إلي القلق ورغم أن أمي مسرفة بعض الشيء في فضولها نحو النظريات و الأراء الحديثة إلا أنها أثبتت دائماً أنها قدوة حسنة وذات عقل راجح( بلا مبالاة )، لنستمتع بهذا النبيذ المعتق.


( موسيقى )


" المسمع الثالث "

" قاعة البللور في القصر حيث استغل البللور لصنع قاعة تعد تحفة فنية .. في الدور الثاني تطل على قسم كبير من الحديقة . . لها شرفة واسعة لها واجهة زجاجية، مجلس شراب للشباب من الجنسين ".

الطبيب : ( مخاطباً الفيكونت بانبهار ) أقول لك صادقاً ياسيدي الفيكونت أننى كلما تجولت في جنبات قصركم العامر التقيت بمفاجأة سارة . . يالها من قاعة رائعة ياسيدي . . لوحة فنية صيغت من البللور والمنظر الساحر للحديقة والأضواء (يتفلسف) يالروعة الفن حين يمتزج بالطبيعة ويلقى العناية بسخاء.

الفيكونت : ( بفخر هادئ ) معك كل الحق . . وأنا من أكثر المنادين بان يرعى علية القوم الفن . . ليحافظوا على تيار الإبداع جارياً . . وفي رأيى أنه كلما تقدمت الصناعة واتسع مجالها كلما تقهقر الفن يتوارى خجلاً من الآلية والكثرة.

أرمان :( يصيح بمرح ) مهلاً أيها السادة . . دعونى أولا أرحب بالآنسات الجميلات جوزفين وأنطوانيت ولويز في مجلس الجمال والفن والثقافة والشباب . . شباب القرن التاسع عشر (بلهجة من يقدم حفلاً).

الفيكونت : ( يقلد أرمان ) ودعونى أرحب بالشاعر المغامر المركيز فيليب وصديقى أرمان الطبيب النفسى وعالم الأديان . . ونقترح نخباً نبدأ به مجلسنا فالليل ما زال صبياً . . وقد احتشدت النجوم لتشهد مجلسنا . . مجلس الشباب.

انطوانيت : ( بحماس ) فلنشرب نخب الحرية ونخب نيوزلاندة أول دولة في العالم تمنح النساء حق التصويت في الإنتخابات العامة قبل أن ينتهي القرن التاسع عشر بسبع سنوات . . يالها من خطوة جريئة على درب المساواة بين الجنسين ( أصوات الكؤوس تقرع مختلطة بالضحكات ).

جوزفين : ( وهى تضحك ) يا آنسة انطوانيت ياليتهم منحوها أيضاً الحق في أن تضع يدها على الرجل الذى تريده زوجاً لها دون أى اعتراض منه أو مقاومة . . وأظن أنك توافقين على ذلك يالويز . . أليس الزواج حلم كل فتاة (تتنهد) آمل أن يتحقق الحلم قريباً.

لويز : ( تضحك بخجل ) هكذا أنت دائما ياجوزفين لا تفوتين فرصة للضحك والهذر وإذا كان أرمان هو أمير الفكاهة في مجلسنا فأنت أميرتها (بجد) وبالطبع فحلم كل فتاة أن تجد زوجاً صالحاً محباً ولكن دون إكراه له أو قهر لإرادته.

العالم : ( باعتراض هادئ ) ولكنى أرى أن النساء منذ القدم تمتعن بمكانة عالية ونفوذ واسع وسلطان طاغ حتى على الصفوة من الرجال . . ولا يمكن أن ننسى " اسبازيا " الغانية الإغريقية التي عشقها السياسى والخطيب بركليس وتدله بها فطلق امرأته وتزوج بها . . وكان الفيلسوف سقراط يزورها ويعجب بحسن ذوقها ولمعان ذهنها.

أرمان : ( بلهجة فيها غمز ) إن معنا الخبير في شئون النساء صاحب المغامرات التي لا يجهلها أحد المركيز فيليب . . (يعابث فيليب) ولم تقتصر مغامراته على فرنسا بل تعدتها إلى أوربا والشرق . . لا تحرمنا من رأيك أيها الشاعر الفارس.

المركيز فيليب : ( يرد المعابثة ) شكراً ياصديقى العزيز أرمان ( بتواضع مصطنع ) وإن لم يكن هناك داع لهذا الإعلان الصاخب ( بهلجة الخبير) المرأة نعمة الله الكبرى التى أكرم بها الرجل . . ولولاها ما كانت هناك فروسية ولا شعر ولا فن . . ولا حياة فلا فارس بلا سيدة ولا شاعر بلا محبوبة ولا فن بدون المرأة و ...

انطوانيت : ( تقاطعه بحماس ) ولكن ألا ترى معى رغم ذلك ياسيدى أن عالمنا هذا هو عالم الرجل وأن المرأة سُلبت الكثير الكثير من الحقوق بدعوى الحماية وكبلت بكثير من الأغلال بزعم المحافظة عليها . . لا يا سيدى لن نضحي بحريتنا ونتنازل عن حقوقنا مقابل معسول القول وحلو الكلام بعد الأن.

رئيس الخدم : ( وهو يدير الشراب عليهم ) مجلسنا يضم شموساً وأقماراً تشع علينا ضياءات ثقافتهم وأنوار علمهم . . اسمحوا لخادمكم جاك بكلمة في الموضوع ولن أطيل عليكم . . (لاأصوات ضحكات . . مع ترديد كلمة تفضل )

أرمان : ( بسخرية ) تفضل ياسيد جاك أتحفنا بكلماتك الحكيمة . . ولا تنس أن هذا عصر الحرية و المساواة . . " يغالب ضحكة " لا عليك قل كلمتك و امش ( ضحكات ).

رئيس الخدم : ( بخجل ) الحق ياسادة أنى ما فكرت في المرأة والرجل إلا وهلت على ذهنى صورة علامة برج الجوزاء . . (برقة) فالمرأة والرجل توأم الروح وهما جناحا الحب. . .

أصوات مختلطة : ( بمرح تقاطعه ) أحسنت ياجاك . . كلمات حكيمة . . ومعانى جميلة.

الفيكونت : أحسنت ياجاك ( بمرح ) ولكن لا تسمح للحديث أن يلهيك عن أن تبقى الكؤوس دائماً مترعة بالنبيذ . . يافيلسوف الغبراء وساقى خمرنا الحمراء.

لويز : ( مخاطبة الطبيب النفسى ) الحب عاطفة نبيلة ولكن ألا ترى يا سيدى الطبيب أن الحب يؤدى أحياناً إلى ارتكاب خطايا لا تغتفر وأنت الفارس في ميدان النفس . . وأرجو أن تطلعنا بأمانة على أكبر خطيئة قد يقود إليها الحب في رأيك.

الطبيب : ( بلهجة المتمكن ) يا آنسة لويز الحب لا يقود إلى الخطايا إلا إذا مرضت النفس.. هنا يختل ميزانها فتندفع إلى ما تظن أنه حباً وعشقاً وهى واهمة تسقط في مستنقع الخطيئة . . أما الخطيئة الكبرى التي يقود إليها الحب فهى عشق الذات . . النرجسية فهى فسخ صارخ للعقد الإجتماعى ورفض قاطع للتواصل مع الآخر...

جوزفين : ( بهلع مبالغ فيه ) عشق الذات . . يا إلهى من أين إذن نحصل على زوج إذا عشق الرجال أنفسهم . . (تنوح بطريقة مضحكة) هذه ليست خطيئة فقط إنها مصيبة أي عشق هذا . . ألا يلزم للعشق رجل وامرأة . . عشنا وشفنا.

( صوت ضحكات مختلطة )

العالم : ( وهو مازال يضحك ) انظروا يا سادة إلى الحديقة الرائعة . . فهناك إلى جوار شجرة الدلب العتيقة حوض من أزهار النرجس تتألق تحت ضوء القمر وتتمايل تحت قطرات المطر . . لقد حولت الآلهة التي رفض "نرسيسوس" حبها بعد أن عشق صورته المنعكسة على سطح الغدير إلى زهرة النرجس كما تقول الأسطورة . . قمة الشاعرية إليس كذلك أيها المركيز فيليب.

المركيز فيليب : ( بلهجة الشاعر ) لقد أسبغت الأغاني والأشعار مزيداً من الجمال والروعة على زهرة النرجس . . وأصبحت تحمل معنى خاصاً حين يهديها الحبيب إلى محبوبته.. النرجس تلك الزهرة التي تمثل المحب الغارق في العشق في عيون الشعراء . . حقاً إنها واحدة من أجمل أساطير العشق والهوى التي أبدعها الخيال.

رئيس الخدم جاك : ( باستجداء ) على ذكر النرجس . . اسمحوا لخادمكم جاك أن يلقى على مسامعكم أبياناً من قصيدة نظمتها عن زهرة النرجس ولن أطيل . . .

أصوات مختلطة : ( تردد بتنغيم ومرح ) لا . . شكراً . . كفاية.

الفيكونت : ( بلهجة فيها جبر لخاطر جاك ) فلنؤجلها يا عزيزى جاك لمجلسنا القادم فقد نال منا السهر والشراب . . أرجو أن تقود ضيوفنا الأعزاء إلى غرفهم وأن تسهر على راحتهم.

أصوات مختلطة : ليلة سعيدة . . تصبحون على خير . . كانت جلسة رائعة . . لقد استمتعنا حقاً . . لابد أن نكررها مرة أخرى.


( موسيقى هادئة )