المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدائرة في عمقها اللغوي الفلسفي والتشكيلي../سعاد ميلي



سعاد ميلي شاعرة الوجدان
03/10/2009, 06:07 AM
[]الدائرة في عمقها اللغوي الفلسفي والتشكيلي..[/]

http://www.wata.cc/forums/imgcache/12516.imgcache.jpg (http://www.0zz0.com)

الدائرة نبض حقيقي لعدة قضايا إنسانية.. إنها الإيمان بالقدر خيره وشره، وحياة مليئة بدائرة من الألوان، تحيلنا إلى عدة دلالات تشكيلية و فلسفية وجودية.. حيث نجد أنفسنا محاصرين داخلها، و نسعى جاهدين للخروج من دوامتها، لكننا لا نستطيع.. فهي تتشكل لدينا من عدة متضادات، لا غنى لنا عنها.. مثلا الماضي والمستقبل، البداية والنهايـة..

وهي كذلك تناسب في رمزيتها تطلّعات الفنان التشكيلي خاصة، وهذا من ناحية إدخال رمزيتها في لوحته التشكيلية بكل مدارسها و ألوانها ودلالاتها المختلفة..

الدائرة لغة تعني الهزيمة و السوء و الشر الكبير.. و قد تنذر أيضا بالتشاؤم والحظ المتعثر.. وأستدل رأي هذا، بقوله تعالى في قرانه الكريم""وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.. (التوبة آية 98).

حيث أننا نجد الآية الكريمة فسرت الدائرة بالشر العظيم الذي سينال المنافقين من الأعراب فسوف تدور الدائرة عليهم وينالون جزائهم بأشد العقاب.. وكما قال الشاعر.. في إحدى المقولات التي لا تموت:

قضى الله أن البغي يصرع أهله * وأن على الباغي تدور الدوائر



وقد تعني الدائرة أيضا التناغم والانسجام و نمط التوحد في معناها الميثيولوجي فهي في رمزها الأسطوري تعتمد على فكرة الارتباط والتكامل وليس الانفصال بالتأكيد..

تعتبر الدائرة في معناها الفلسفي، دوامة لا متناهية من الاكتشافات، ممتزجة بطعم الحياة الغامضة و الممزوجة بالقدر المحتوم، إنها لحن فلسفة الحياة الدائرية، فنحن لا نجد أنفسنا منها

إلاّ إليها، ثم إلى أنفسنا ذاتها، و بمعنى آخر تدور بنا الدائرة مرة أخرى لننتهي إلى نفس النقطة التي ابتدأنا منها..

فلسفة الحياة، تتضمنها فلسفة الأشياء في الواقع، حيث تحيلنا إلى مزيج من الدلالات الفلسفية الميتافيزيقية، والمعرفة الكونية..

دائرة الألوان هي دائرة فنية جمالية، تنقسم إلى أجزاء، وكل جزء منها لديه درجة معينة من الألوان، حيث تشمل الألوان الأساسية، و تحدد درجات كل لون فرعي بين كل لونين أساسيين منها..

و تنقسم الألوان الأساسية إلى ثلاث أجزاء متساوية، وهي:

اللون الأحمر، واللون الأصفر، واللون الأزرق.

وتتفرع عنها ألوان :

اللون البرتقالي والأخضر والبنفسجي ..

وألوان محايدة :

الأبيض والأسود والرمادي..

وألوان مكملة لألوان أساسية أي تظهر قوة اللون الأخر:

بمعنى آخر : اللونين المتقابلين في دائرة الألوان ( الأصفر والبنفسجي/ الأحمر والأخضر/ الأزرق و البرتقالي )



في النهاية، إن ما يجعلني أتعمق في هذه الدائرة وأقتحم أغوارها لغويا فلسفيا وتشكيليا ولو بصيغة مختصرة، هو انجذابي كفنانة تشكيلية تهتم برسم الدائرة، وهذا راجع لمعانيها العميقة والغامضة في آن واحد، فهي قد تكون الشر والخير معا، قد تكون الحياة والموت..

إنها في رأي نبض الإنسان وحالة من التضاد الكوني في داخله، و طبعا نكتشف في النهاية أن الدائرة منا وإلينا ولا مجال أن نخرج من دائرتها..

منير الرقي
18/05/2010, 02:23 PM
الفنانة سعاد ميلي
لكم اسعدني أن أقرأ لك هذا المقال وقد ضمّنتِه اهتمامك بالدائرة ولك الحق في ذاك
فهي حاضرة في وجدان الإنسان علامة رمزية تجمع في شكلها رؤيته للجمال و الروح و الحياة و بودي ان أضيف إلى ما قلت بعض التداعيات التي قد لا يجمعها إلا الاهتمام بالدائرة:
- يعتبر إخوان الصفا (وهي حركة فلسفية فكرية نشطت في العهد العباسي إبان تطور حركة الترجمة) ان الدائرة هي أشرف الأشكال وهي حمالة الحياة في نظرههم
- الدائرة حاضرة بقوة في التفكير الصوفي بدليل قول الشيخ السمان في توسله
الله يا الله يا الله
يا ملجأ القاصد يا غوثاه
ندعوك مضطرين بالصفات
بمظهر الأسما بسر الذات
بسر سر الطمس بالعماء
بكنزك المخفي بالهباء
بأول البازر للوجود
من عالم الغيب إلى الشهود
بما إنطوى في علمك المصون
وما حواه الكون من مكنون
بالعرش، بالفرش وبالأفلاك
بالعالم الأسني وبالأملاك
بسر جمع الجمع بالفناء
بالصحو والمحو وبالبقاء
بنقطة الدائرة المشيرة
لوحدة المظاهر الكثيرة

فهي عندهم مظهر من مظاهر وحدة الوجود ولا عجب فالدائرة في العين و الشريان و الأفلاك و الذرة فهي في المايكرو و الماكرو من الكون
- الدائرة حاضرة في التصور المعياري النمطي للجمال ولنذكر ان الجسد الإنساني كتعبير جمالي اختصر هذا الجمال في انحنائه و تحدبه لذلك كان من الضروري لكل فنان مجدد متمرد ان يقوض هذا الشكل الدائري المنحني ولنذكر معا ان اعمال بيكاسو قصدت قبل التكعيبية إلى التعبير عن الجمال بأشكال هندسية حادة بدل المنحنية معبرا عن نية واضحة في التمرد على رمز الجمال النمطي
الدائرة حاضرة بأشكال فوضوية رمزية فهي تعبير عن مأساة الإنسان و عبثية فعله (أسطورة سيزيف الذي عوقب بحمل الصخرة فإذا دفعها إلى أعلى سقطت فيعاود دفعها ....) هي أيضا تعبير عن الموت و العدم (مسرحية جلسة سرية لجان بول سارتر) لكن الدائرة اختصار لدورة الحياة التي تنتهي بالولادة و الأمل ولنذكر كذلك أن الشاعر العراقي بدر شاكر السياب أنهى قصيدته بهطول المطر بعد القحط والجفاف إن عودة المطر ( تموز او عشتار...) هي عودة الحياة إلى الجسد الفاني، و بهذه الدائرة الرمزية ينغلق الفعل الإنساني بالأمل في بعث جديد.
هذه الخواطر حضرتني و أنا أقرأ عملك
أشكرك على إثارة الموضوع
ودي واحترامي