المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احمد سامي الجلبي وحديث قيم حول الصحافة الموصلية !!



ابراهيم خليل العلاف
04/10/2009, 10:49 PM
أحمد سامي الجلبي وحديث قيم حول الصحافة الموصلية!!
أ.د. إبراهيم خليل العلاف
نائب رئيس اتحاد كتاب الانترنت العراقيين
في الذكرى (112) لصدور أول جريدة موصلية، التقى الأستاذ الصديق سالم حسين(رحمه الله ) بالأستاذ الصحفي الرائد أحمد سامي الجلبي (رحمه الله)، والذي حدثه عن الصحافة الموصلية، ماضيها وحاضرها ومستقبلها. وقد أشار الأستاذ سالم حسين في مطلع المقابلة التي نشرتها جريدة الحدباء (الموصلية) في عددها (781) في 24حزيران-يونيو 1997، إلى أن الأستاذ أحمد سامي الجلبي يعد من رواد الصحافة في الموصل.. عاصر العديد من الصحف الموصلية التي كانت تصدر في بداية الخمسينات من القرن الماضي، محرراً وكاتبا،ومشرفا وسكرتير تحرير. فقد كان والده رحمه الله الأستاذ المرحوم إبراهيم ألجلبي صحفيا بارزا أصدر العديد من الصحف وتولى إدارة عدد آخر.. وكان أحمد سامي الجلبي يكتب بأسماء عديدة لكثرة مقالاته في العدد الواحد ولأسباب أخرى دفعته إلى التخفي أحيانا وراء أسماء نسائية .
ولد سنة 1932 واشرف على إصدار (مجلة الابتكار) في نهاية الأربعينات من القرن الماضي ، وعمل مراسلاً لجريدة الاتحاد، وتولى سكرتارية تحرير جريدتي فتى العراق وفتى العرب في الخمسينات والستينات، وكتب في العديد من الصحف العراقية والعربية، كما عمل مديرا لوكالة الأنباء العراقية في الموصل عدة سنوات.
قيم الأستاذ ألجلبي الصحف التي صدرت في الموصل، منذ صدور( جريدة موصل) في 25 حزيران 1885 قائلاً:(( لقد جاوز عدد الصحف الصادرة في الموصل، منذ صدور جريدة موصل أكثر من تسعين جريدة ومجلة، منها ما امتلك في الميدان الصحفي عمرا طويلاً، ومنها ماتخلف عن المسيرة في الأشهر والأسابيع الأولى، لكن النشاط الصحفي في الموصل بلغ ذروته في مرحلة الخمسينات حين كان يصدر فيها أكثر من عشرين جريدة ومجلة في الأسبوع الواحد)).
وقسم الأستاذ ألجلبي صحف الموصل إلى ثلاثة أنماط وهي:
1_ صحف ولدت وهي تحمل معها عوامل موتها، إذ صدر منها عدد أو بضعة أعداد ثم توقفت فطواها النسيان والغي امتيازها.
2_ صحف حزبية صدرت لتكون لسان حال حزب معين ثم توقفت مع توقف نشاط الحزب وإلغاء الحياة الحزبية في البلاد.
3_ صحف رائدة كان لها دورها وتأثيرها ومكانتها وبصماتها لأنها كانت تمثل مدارس معينة لها تأثيرها الواسع والبعيد حسب الأجواء الزمنية لفترات صدورها.
وسأله الأستاذ سالم حسين عن مواقف الصحف الرائدة فأجاب الأستاذ ألجلبي قائلاً: أن الباحث في مجلدات صحف الموصل الرائدة، يجد أن لتلك الصحف مواقف متميزة في مختلف المجالات إذ استطاعت التعبير عن الرأي العام الموصلي بكل اهتماماته وعن الاتجاه العربي_الإسلامي لهذه المدينة، فضلاً عن معالجتها القضايا الاجتماعية والتربوية بكل حرص وإخلاص. كما أسهمت تلك الصحف بتعميق الحس الوطني الموصلي، وساندت حركة التحرير الوطني ومن ذلك اندفاعها لتأبين ثورة مايس-أيار 1941 وانتفاضات 1948، 1952،1956. كما وقفت مع ثورة 14 تموز 1958 منذ لحظاتها الأولى. هذا إلى جانب اهتماماتها بقضايا الوطن العربي وتخصيصها الكثير من أعمدتها لقضايا فلسطين والجزائر وأحداث سوريا وثورة مصر في 23 تموز 1952. لذلك تعرضت صحافة الموصل إلى ملاحقة السلطة الحاكمة، ومساءلة القانون، فما أكثر ما شهدت من إلغاء وتعطيل ،كما تعرض أصحابها ورؤساء تحريرها وكتابها إلى الاعتقال ومن ذلك على سبيل المثال اعتقال المدير المسؤول لجريدة فتى العراق المرحوم إبراهيم وصفي رفيق،عدة سنوات بسبب تأييد الجريدة لثورة مايس 1941. كما قضى المرحوم حمادي الناهي صاحب جريدة الكشكول ثلاث سنوات في المعتقل للسبب نفسه. وأوقف الأستاذ غربي الحاج احمد رئيس تحرير جريدة النضال أكثر من مرة، ومثل أمام المجلس العرفي العسكري وحكم عليه بغرامة وأبعد إلى خارج الموصل بسبب مواقفه وكتاباته الجريئة، واعتقل الأستاذ محمود ألجلبي المحامي رئيس تحرير جريدة فتى العرب اثر انتكاسة ثورة الموصل 1959 سبب مواقف الجريدة القومية، وأحيل المرحوم محي الدين أبو الخطاب صاحب الأديب إلى القضاء أكثر من مرة .
كما عانت الصحف تلك من الرقابة المفروضة عليها منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية وما بعدها، حيث كانت السلطة الإدارية تعهد إلى أحد موظفيها للقيام بهذه المهمة، وفي حالة فرض الأحكام العرفية أو تولي السلطة العسكرية أمور البلاد، فان الرقابة كانت تعهد إلى أحد ضباط الجيش في موقع الموصل العسكري.
وهل كان لصحافة الموصل معاناة أخرى غير قيود السلطة؟ أجاب الأستاذ ألجلبي قائلا: ليس الإلغاء ، والتعطيل ،والمراقبة، والمسألة القانونية هي كل معاناة الصحف الموصلية، فكان هناك ضعف القدرات الطباعية، إذ كانت حروف الجريدة تجمع وتنضد بواسطة اليد مع عدم وجود معمل للزنكغراف في المدينة الأمر الذي كان يضطرها إلى إرسال الصورة أو (المانشيت) إلى معامل بغداد لصنع (كليشة) لها، وهذا يستغرق أكثر من أسبوع. أما المعاناة الأخرى فهي ضعف القدرة المالية ،فواردات الجريدة أو المجلة المحددة بأجور الإعلانات، وواردات البيع والاشتراكات لم تكن تكفي لسد نفقات الطبع وقيمة الورق فقط الأمر الذي تضطر معه الصحيفة إلى التوقف بعد فترة قصيرة من صدورها أو أن يتولى صاحب الجريدة هو وحدة القيام بكافة أعبائها فهو صاحبها، ومحررها، ومحاسبها، ومصححها،ورزامها، وجابي اشتراكاتها، وأجور الإعلانات الرسمية وكل ما يتعلق بها من أعمال ومهمات.
وحول اختلاف الصحافة الموصلية عن صحافة بغداد والصحف العراقية الأخرى، أجاب الأستاذ أحمد سامي ألجلبي (رحمه الله) مؤكدا أن صحافة الموصل كانت تختلف عن صحف القطر الأخرى، ففي الموصل كانت هناك صحف تراثية يرتبط إصدارها أو استمرارها بشخصية صاحبها أكثر من ارتباطها بسياسة الدولة أو رغبتها، وحتى في اسم الجريدة كان هناك ثمة اختلاف، فصاحب الجريدة التراثية كان ما أن تلغى جريدته أو تعطل حتى يلجأ للحصول على امتياز آخر لإصدار جريدة أخرى بأسم جديد، وضرب على ذلك مثلا، بجريدة فتى العراق فعندما ألغيت، حصل صاحبها امتياز لإصدار جريدة أخرى باسم فتى العرب.. وقد يستعير صاحب الجريدة امتياز جريدة متوقفة عن الصدور ويبدأ بإصدارها من قبله للتعويض عن جريدته المعطلة، فعندما الغي امتياز فتى العراق مثلاً استعار صاحبها صحف (الهلال)، و(الذكرى) و(صدى الأحرار)، و (الثقافة) فأصدرها عوضا عن جريدته، كذلك عندما عطلت (جريدة الهدف)، استعار صاحبها المرحوم عبد الباسط يونس جريدة (وحي القلم) ليصدرها تعويضا عن جريدته.
يقينا أن صحافة الموصل كانت تحتل مكانة متميزة في تاريخ الصحافة العراقية، ففي الموصل صدرت أول مجلة في العراق، هي مجلة إكليل الورود بتاريخ 1 كانون الأول-ديسمبر 1902 وفيها صدرت أول جريدة عراقية هزلية هي (جكة باز) وتلفظ جنه باز بالتركية أي المهذار أو الثرثار في 27 حزيران-يونيو 1911. وفي الموصل صدرت أول جريدة تناضل من اجل الطبقة العاملة هي جريدة العمال، وفي الموصل صدرت أول جريدة في العراق في العهد الجمهوري هي (الرائد) .وفي الموصل كانت جريدة النضال أول جريدة عراقية تتعرض للأسرة المالكة وتتنبأ بسقوطها . وفي الموصل انشأت جريدة فتى العراق،كأول جريدة عراقية ،فرقا رياضية بأسمها كما أقامت بطولات رياضية. ولم ينس الأستاذ ألجلبي أن يتعرض للمواقف الطريفة في سجل مسيرته الصحفية عندما قال أن ثمة مواقف طريفة في مسيرته الصحفية الطويلة لعل الأخطاء المطبعية في مقدمتها فكم مرة ظهرت في الجريدة كلمة (المرجوم) بدلا من (المرحوم) و(سعاد)بدلا من (سعادة) و (فحامه) بدلا من (فخامة) و (الغريق) بدلا من (الفريق). وهناك التواقيع النسائية التي كان الأستاذ ألجلبي يذيل بها بعض مقالاته ومنها :(نوال ألعبيدي)و(هيفاء عبد الله)و(سعادة مصطفى) و (الآنسة سين).. والطريف انه كان يتلقى رسائل إعجاب من القراء وبينهم من أصدقائه الذين يبدون إعجابهم في الأمر وطلبهم منه أرقام هواتف أو عناوين الكاتبات .. أو أبداء الرغبة للتعرف بهن. ومن الطرائف كذلك أن الأستاذ عبد الحميد التحافي كان يوقع مقالاته بتوقيع (الآنسة أمل ألرافدي) وقد حدث أن التقى صدفة مع فتاة كانت تكتب هي الأخرى في جريدة فتى العراق فعرفته بنفسها وسألها هل تعرفين (أمل ألرافدي) فأجابت على الفور :((أنها صديقتي.. تصور أنها لاترسل مقالاتها إلى النشر إلا بعد أن تعرضها علي لأصححها لها... )) . ويقينا أن أسباب التوقيع بأسماء نسائية هو الرغبة في تشجيع العناصر النسائية على الكتابة في الصحف من ناحية، وجذب اهتمام القراء من ناحية أخرى،
رحم الله أستاذنا أحمد سامي ألجلبي وتغمده برحمته الواسعة، فقد كانت مدرسة صحفية قائمة بذاتها فما أحوجنا اليوم للإقتداء بها.

نبيل الجلبي
04/10/2009, 11:51 PM
جزاكم الله كل خير أستاذ إبراهيم خليل العلاف
ورحم الله المرحوم أحمد سامي الجلبي واسكنه فسيح جناته

حسين اسماعيل الاعظمي
05/10/2009, 09:35 AM
شكرا للاستاذ الفاضل ابراهيم خليل العلاف
شكرا للاستاذ نبيل الجلبي
رحم الله الاستاذ احمد سامي الجلبي واسكنه فسيح جناته

تحية طيبة لجميع قراء واتا الحضارية
اسمحوا لي اخوتي الاكارم ان اشير الى جزء من هذا التاريخ المهم للصحافة في الموصل الحدباء ، ومن جانبها الفني حيث كان للموسيقار الملا عثمان الموصلي (1854 - 1923) احد رواد النهضة الموسيقية العربية اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين مساهمة فعَّالة في هذا الشأن .. فقد اصدر العدد الاول من مجلة المعارف في القاهرة العاصمة المصرية المؤرخة بيوم 19/5/1897 فهو انجاز فني وادبي وثقافي كبير رغم انه اصدرها في مصر وليس العراق .. (انظر كتابي الموسوم - المقام العراقي الى اين ..؟ - ص 52 و 53 الصادر في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في آذار March عام 2001)
دمتم لاخيكم
حسين الاعظمي