المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرياضة والاقتصاد



نعمان عبد الغني
07/10/2009, 09:57 PM
الرياضة والاقتصاد
يقلم الأستاذ : نعمان عبد الغني
namanea@yahoo.fr
تعد الرياضة أحد فروع الاقتصاد الحديث، حيث أن ممارسة النشاط الرياضي ذات أهمية اقتصادية ثنائية بالنسبة للفرد والدولة فبالنسبة للفرد فإنها تقوم بتحسين قدراته الصحية والبدنية
وإطالة عمره الإنتاجي وتقليل فرص إصابته، أما بالنسبة للدولة فالرياضة تعمل على زيادة كفاءة المواطنين وحفظ معدلات الاستهلاك العلاجي والتأهيلي .
طبعا فقد كانت أولى بدايات الارتباط الاقتصادي الرياضي في أعقاب الحرب العالمية الثانية كون أن الرياضة تمثل وسيلة دعاية ومجال إشهار واسع الانتشار كما أن تزايد الرياضيين قد خلق سوقا رابحة في مجال إنتاج وتسويق واستهلاك الأجهزة والمعدات الرياضية.
ويعتقد – ستوكفيس - عالم اجتماع الرياضة الهولندي أن تكامل الأنشطة الرياضية مع المصالح الاقتصادية قد أدى إلى احتلال الرياضة مكانة رفيعة في الحياة الاجتماعية، كون أن النظام الرياضي يقوم على دعائم اقتصادية فالغرض الأول للعلاقة بين الرياضة والاقتصاد يتمثل في اعتماد الرياضة على الاقتصاد لتمويل مختلف أوجه النشاط بها، وأن الغرض الثاني يتمثل في رعاية المصالح التجارية والاستهلاكية للرياضة كمصدر للربح ووسيلة دعاية ناجحة .
وفي العشرية الأخيرة ظهر الاهتمام جليا لدور القطاع الاقتصادي في الرياضة حيث تنوعت واختلفت الدراسات في هدا الشأن ومن بينهم نذكر GERARD BASLE -2000-
الذي بحث في تحليل آفاق التجهيز الرياضي في فرنسا.

1 – اقتصاديات الهيئات الرياضية:
وهي طريقة توزيع الموارد وإمكانيات الهيآت الرياضية لتحقيق أقصى إشباع ممكن لحاجات ورغبات أعضائه بما يحقق أهداف تكوينه وإنشائه وأهداف أعضائه من الاشتراك فيه، كما يؤثر النظام الاقتصادي الذي تنتهجه الدولة الموجودة بها الهيئة الرياضية على اقتصادها سواء كان هذا النظام اقتصاد السوق أو اقتصاد التخطيط المركزي الاشتراكي أو درجة ما بينهما.

و يمكن التعرف على اقتصاديات الهيئات الرياضية داخل أي نظام اقتصادي من خلال التعرف على بعض المحددات الرئيسة مثل:
- ملكية الهيئة الرياضية
- تموين الهيئات الرياضية
- تنظيم الهيئات الرياضية
- أهداف الهيئات الرياضية

II- الاحتراف الرياضي:
لقد اتجه الفكر الفرنسي الحديث إلى تعريف الرياضة على أنها نشاط ترويجي يهدف إلى تنمية القدرات البدنية ويعد في آن واحد لعبا وعملا، ويخضع الرياضي في ممارسته للوائح وأنظمة خاصة ويمكن أن يتحول إلى نشاط حرفي.
و الاحتراف في أبسط صوره يعني أن يقوم بالعمل لاعبا أو العمل مدربا أو مساعد للمدرب، ويكون له دخل من هذا العمل وفق عقود أو شروط يتم الاتفاق عليها مسبقا، بينما تعني الهواية في أبسط صورها ممارسة الأنشطة الرياضية دون انتظار أي مكاسب مادية أو معنوية .
لذلك فعملية الاحتراف يجب أن يكون لها أركان أساسية تتمثل في النادي واللاعب وعقد بينهما متفق عليه أما عن أهميته فتتمثل في:
- الاحتراف يتطلب التفرغ التام للممارسة الرياضية فقط دون غيرها أي أن الرياضي يكتسب صفة المهنية المعترف بها كمصدر للكسب المالي.
- يساعد الاحتراف على الانتقال الرياضي بين الأندية على المستوى الداخلي والخارجي تحت ضوابط تحددها الفدراليات الرياضية الدولية والوطنية.
- الجهد الذي يبذله الرياضي المحترف يقابله أجر متفق عليه مسبقا في بنود العقد.
- الاحتراف يضمن سلامة الرياضيين من الإصابات كون أن العقوبات صارمة، كما أنه يضمن حقوقهم التعويضية عند الإصابات والوفيات
- يمنح أكثر من فرصة لمدربي المنتجات الوطنية لتشكيل فرقهم.

III - التمويل الرياضي ومصادره:
التمويل الرياضي هو عملية البحث عن موارد مادية للإنفاق على الأنشطة المرتبطة بالمجال الرياضي حيث أصبحت مشكلة رئيسية لمواجهة متطلبات الاحتراف كنظام مؤثر فرض نفسه في المجال الرياضي وللتمويل في المجال الرياضي دور مهم لحل المشاكل الموجودة على مستوى الهيئات الرياضية بمختلف أنواعها سواء تعلق الأمر بالبيع أو الشراء أو الانتقالات والتبادل، وهو ما قد يؤثر سلبا على تحقيق وتنفيذ برامج الهيئة الرياضية، ومن هنا أصبحت مشكلة البحث عن مورد مالي قضية رئيسية تواجه غالبية الهيئات والمنظمات الرياضية.

و للتمويل الرياضي ثلاث مصادر أساسية هي:
أ- التمويل الحكومي: ويشمل كل الإعانات المالية والمادية التي تدعم بها الهيئات الرياضية عن طريق المؤسسات الحكومية.
ب- التمويل الأهلي: ويشمل كل التبرعات المالية أو العينية التي تأتي للهيئة الرياضية عن طريق الأفراد أو الشركات أو المؤسسات من داخل أو خارج البلاد.
ج- التمويل الذاتي : هو كل الإيرادات التي تحققها الهيئة الرياضية عن طريق استثمار مرافقها أو منشآتها أو نشاطاتها.
وأهم صور التمويل الذاتي هي التسويق الرياضي والاستثمار الرياضي.

VI التسويق الرياضي :
التسويق هو المفتاح لتحقيق أهداف المؤسسة الرياضية ويشمل تحديد الاحتياجات والرغبات للسوق المستهدفة والحصول على الرضي المرغوب بفعالية وكفاءة أكثر من المنافسين.

وللتسويق الرياضي أربعة عوامل أساسية تحدد مفهومه وهي:
أ – التركيز على السوق: ويشمل ذلك تحديد خصائص السوق الرياضي من أجل تركيز أفضل لتلبية الاحتياجات.
ب- التوجه نحو العميل: هو المفتاح الأساسي الواجب التركيز عليه في الفلسفة الناجحة للتسويق الرياضي، والتوجه نحو العميل يعني بأن تستثمر المؤسسة الرياضية التي تقدم الخدمة وقتا لمعرفة احتياجات ورغبات العملاء. وهنا نشير مثلا إلى الدراسة الاقتصادية التي قام بها فريق ف.بريمن الألماني لكرة القدم الذي أوضح بأن زيادة 5 دقائق إضافية لفترة الراحة ما بين الشوطين يحقق رضا الجمهور من جهة، ومن جهة أخرى يحقق للنادي فوائد قدرها 300000 أورو سنويا بحكم ارتفاع مدخول مبيعات المحلات التجارية للنادي. كما أنMichel DESBORDES -2000- تطرق في دراسته إلى اختيارات المستهلك الرياضي والدور التكنولوجي للوصول إليه.
ج – التسويق المتناسق : ويعني بأن الأفكار والمجهودات التسويقية يجب أن تشمل كافة الدوائر المؤسساتية ويجب أن تحضي بالدعم الكامل من مستويات الإدارة العليا لضمان نجاحها ويجب أن توفر فهم واضح لدى الدوائر للأهداف المؤسساتية وتطبيق فلسفة التوجه نحو العميل ويشمل هذا التسويق الداخلي والذي يعني المكافئة والتدريب وتحفيز الموظفين للعمل معا لخدمة العميل .
د/الربحية: يجب على المؤسسة الرياضية التركيز على تحقيق الربحية من خلال النظر إلى تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل من المنافسين حيث يضمن ذلك المحافظة على العملاء واستقطاب عملاء جدد. وهو ما يحدث حاليا في سوق مبيعات الأقمصة الرياضية للنوادي الكبرى مثلا حيث نجد أن فريق البيارن لديه أكبر مدخول بـ 17 مليون أورو ثم يليه جوفنتوس بـ 13.5 مليون أورو في حين أن ريال مدريد يقارب 12 مليون اورو.

V – الاستثمار في المجال الرياضي:
الاستثمار هو عمل هدفه هو زيادة رأس المال للفرد أو زيادة موارده عن طريق تشغيل ماله أو استغلاله بهدف زيادته، فوظيفة الاستثمار هي تشغيل الأصول بهدف زيادتها.

و هنا يكثر الاتجاه إلى تكوين شركات المساهمة التي تتولى إدارة هذه الرياضات والإشراف عليها بهدف تحقيق أفضل مستويات الربحية والتي بدورها تحقق العائد المناسب على الاستثمار والذي يمكن استغلاله في إعادة تمويل كافة الأنشطة الرياضية والوصول بها إلي مستوى العالمية.

وطرقه تتمثل:
استثمار المنشئات الرياضية وتأجير صالات النادي لاستفادة المادية منها بالإضافة لإيجار المحلات وغيرها من المشاريع التي تدر عائدا ماديا يدخل ضمن إيرادات الأندية
أما أهم الاستثمارات الحديثة للنوادي فهو التحول نحو التجارة من خلال إنشاء شركات تجارية باسم النادي صاحب المنفعة أو محاولة التوصل لخوصصة الأنشطة الرياضية التي تستطيع تحقيق الأرباح بالإضافة للاتجاه نحو تحويل الأندية لشركات مساهمة ضخمة كما هو الحال بالنسبة لعديد الأندية الأوروبية.
كما يمكن إنشاء قنوات رياضية تلفزيونية للأندية وذلك من أجل توفير الموارد المالية اللازمة للارتقاء بمستوى الأندية ورعاية اللاعبين المحترفين والتعامل معهم بمفهوم استثماري وفقا لاستراتيجيات اقتصادية في قطاع الإعلام الرياضي، وهو ما بحث فيه jean.C. Salle -2001- حين تطرق إلى موضوع تصرفات المستهلك للتجهيز الرياضي وحقوق النقل والبث الإذاعي والتلفزيوني.
وفي الأخير نقول بالرغم من الخدمات الكبيرة التي ما فتئ يقدمها القطاع الاقتصادي للجانب الرياضي إلا أن آخر التوجهات المعتمدة من طرف استراتيجيي القطاع الصناعي بحسب ليونال بلينجر-2003- هو دخولهم العالم الرياضي بغية معرفة أسرار النجاح لدى مدربي المستوى العالي ودلك من خلال فهم واكتساب قدراتهم التسييرية والاتصالية حتى يحققوا كل تلك النجاحات المسجلة في أقوى بطولات العالم، لا لشيء سوى لتطبيقها على المستوى الصناعي.