المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة: المحطة



عبد الحميد الغرباوي
31/01/2007, 04:30 PM
المحطة
العلامة المنتصبة على جانب الرصيف تحمل رقم الخط (09).
و تحت الرقم، كُتبت أسماء مختلف الجهات التي يؤدي إليها...
و خلف العلامة، و على بُعد مسافة قصيرة، مقعد طويل للاستراحة أو لانتظار الحافلة...
أقبل رجل يرتدي بذلة رمادية ، جلس، وضع رجلا فوق رجل، فتح جريدة فظهرت صفحتاها: الأولى و الأخيرة، تحملان عناوين بارزة..
على الصفحة الأولى:
" أين تهرب العائلة المغربية من ضغط العيش؟"
" القنابل الأمريكية تدمر حيا سكنيا وسط بغداد، و تقتل ثمانية أطفال"..
و على الصفحة الأخيرة:
" كيف تكسبين ثقة و ود رفيق عمرك"...
لحظات بعد ذلك، أقبلت امرأة في مقتبل العمر، تدفع أمامها عربة صغيرة، و من داخلها ينبعث صراخ رضيع...مدورة الوجه، سمرته شفافة، تضع على شفتيها أحمر خفيفا، تبدو خصلات من شعرها سوداء من تحت منديل سماوي، ترتدي كنزة بيضاء موردة و بنطلون " جين" باهت الزرقة ...
أوقفت العربة، و أخرجت من داخلها الرضيع و هو لا يزال يزعق باكيا..
انحنت نصف انحناءة، ثانية، لكن في حذر، و أخرجت من العربة رضاعة...
جلست في ركن المقعد بعيدا عن الرجل الرمادي، و شرعت في سقي وليدها..
الرجل الرمادي لم يعر المرأة و وليدها أي اهتمام..
وقفت حافلة، صفق بابها الأوتوماتيكي زاعقا، ظهرت امرأة عجوز، نظرت إلى حيث تضع قدمها و نزلت في تثاقل صائحة في السائق أن يتمهل و ألا يسرع في الانطلاق حتى يتأكد من نزولها تماما، و أردفت و هي تضع قدميها على الرصيف:
" يا لطيف ألطف بعبادك... هذه الحرارة ليست عادية.."
أرسل السائق نظرة إلى الرجل الرمادي و المرأة المرضعة، و حين لم يبديا أي استعداد لركوب الحافلة، و بعد أن تأكد تماما من نزول المرأة العجوز، ضغط على زر أمامه فانغلق الباب ثم انطلق مخلفا وراءه دخانا أسود خانقا...
نظر الرجل الرمادي في ساعته اليدوية، زم شفتيه طاويا الصحيفة، و كأنما يأسف لموعد لم يتحقق. التفت التفاتة خاطفة إلى المرأة، رمى الصحيفة جانبا على المقعد و انصرف...
أقبل شاب يحمل سندويتشا...
جلس. رمى نظرة إلى الجريدة و ريحٌ بطيئة، خجولة تتلاعب برؤوس صفحاتها بين الفينة و الأخرى..
تروى قليلا، و حين تأكد له أن الجريدة ليست في ملك المرأة، امتدت يده إليها...
فتحها و شرع يتصفحها بعينين شاردتين و هو يلتهم السندويتش..
اشتمت المرأة رائحة منبعثة من رضيعها، ابتسمت فابتسم لها في براءة..
" تفعلها و تبتسم ! "
خاطبته في حنان، أرقدته على طرف من المقعد في دعة، و من داخل العربة، أخرجت علبة ورقية و شرعت في تنظيفه..
زكمت الرائحة أنف الشاب، فقام للتو مبتعدا و هو يمسح فمه بظاهر كفه و على وجهه أمارة تقزز...
لاحظت المرأة ذلك، فهمهمت :
" و كأنه لم يفعلها صغيرا.."
أنهت المرأة عملية تنظيف رضيعها، وضعت الخرق الوسخة داخل كيس من بلاستيك أسود، و بطريقة آلية ألقت به خلف المقعد.
أعادت الرضيع إلى العربة و هي تبتسم له، و جلست تسوي من وضع المنديل على رأسها، في اللحظة التي جلست إلى جانبها فتاة ممتقعة الوجه، تتحدث إلى شخص على الطرف الآخر من الهاتف النقال و هي تكاد تنفجر باكية...
قامت المرأة ، دفعت العربة أمامها مبتعدة و هي تسمع الفتاة خلفها تهدد:
" و الله لا بقات فيك.."
ابتسمت المرأة ابتسامة باردة و هي تقول في داخلها:
" كلهم هكذا في النهاية.."
وقفت سيارة غير بعيد عن المحطة، و أطلت رأس من داخلها كثيفة الشعر تدعو الفتاة الباكية إلى الصعود...
استفزت النداءات الفتاة، فقامت و هي أكثر غضبا و سخطا، و تركت المكان تشتم..
" كلاب.. كلكم كلاب.."
ابتسمت الرأس ثم غابت داخل السيارة التي زعق محركها، تاركة المحطة خلفها خالية إلا من جريدة مهملة على مقعد فارغ...

عبد الحميد الغرباوي
06/02/2007, 10:53 AM
ملحوظة:
كثيرا ما نقرأ نصوصا، و نقف عند آخر جملة و كلمة منها حائرين ، نود أن نقول في حقها تعليقا، أو رأيا، فنجد الكلمات تنفلت منا هاربة. و يظل بياض الصفحة يسخر منا. كما لو أن النص لم يقل شيئا. كل النصوص كيف ما كان حجمها و مضمونها و أيضا عمقها، تقول شيئا، تحمل رسالة ما. طبعا، الصمت لا يعني دائما التقليل من قيمة النص، و لا يعني دائما" الحكمة" تلك الحكمة الزائفة أحيانا، الحكمة الهروبية، التي تنجي من صداع الرأس و تجعلنا في منآ عن الدخول مع كاتب النص في مهاترات .... الصمت،قد يعني، أيضا، الإعجاب الكبير به لدرجة الشعور بفراغ داخلي يحول بينك و بين الكلام.
و بالمناسبة، أقدم أمامكم قراءة في نص " المحطة" كتبها القاص و الناقد المغربي، محمد أكويندي، لعلها تقدم أنموذجا في كيفية التعامل مع النص، أي نص، فثمة دائما داخل كل نص كلمة مفتاح تمكننا من الدخول إليه للتفاعل معه.
و أغتنم الفرصة لأدعو العديد من الأسماء التي تنشر نصوصها و تكتفي بالرد على التعليقات التي تخصها، إلى وجوب التفاعل مع النصوص الأخرى.
و معذرة إن أنا خرجت عن القاعدة، قاعدة التعليقات و الردود.
ــــــــــــ
قرأت مؤخرا عن النقد " الدقيق" للقاص أحمد بوزفور في مجلة " قاف صاد "وبالذات في العدد 04 س3/2007(الأخير) والذي تفضلت به مجموعة البحث في القصة القصيرة، على جميع الحضور، وذلك في إطار أنشطتها الثقافية، والتي استضافت فيه الباحث والناقد سعيد يقطين الذي ألقى محاضرة تحت عنوان( القصة..الخبر ). ومناسبة سياق هذا الكلام هنا هو قراءة " قصة المحطة " للقاص والروائي عبد الحميد الغرباوي..
النقد الدقيق الذي يعنيه أحمد بوزفور...هو تلك الجزئيات والتفاصيل الدقائق الفنية في النص الأخرى، كدقائق الفضاء القصصي: العناوين الداخلية للنص أو البياضات بين كتلة، علامات الترقيم، شكل الحرف، ودرجة لونه، العلاقات الخفية بين ألوان النص بين أبعاده أو بين ضيق أمكنته وسعتها بين فقر أثاثها واكتظاظه، بين أضوائه وظلاله...إلخ.(ص89)
إذا كان النص في جوهره كونا لغويا يبدعه القاص من خلال إقامته للعلاقات الجديدة المتنوعة بين مكونات المتن السردي فإن النقد عندئذ هو محاولة استنطاق هذه اللغة الجديدة والكشف الواعي عما فجره النص فيها من أبعاد تتضمن رؤية النص للعالم والأشياء من حوله.
بدفق سردي فيلمي، جاءت قصة ( المحطة ) للقاص الغرباوي متقنة الصنع، بلغة محايدة، ونحن نتعقب مشاهدها " الخطية " بعين كاميرمان ماهر(ة) تترصد حركات الشخوص وهي تفعل، وكذلك سكنات أنفاسها وتواتر انفعالها..حيث هناك مسار ينظم تيار الانفعالات والصور والأفكار، هذا المسار هو شكل الزمن الذي عاشته شخصيات القصة..حتى الريح التي تلاعب طرفي الجريدة، وتذهب بنا إلى أبعد من ذلك، فتجعلنا نبتسم مع الأم المرضعة، وهي تعقب على تقزز الشاب من رائحة رضيعها ( وكأنه لم يفعلها صغيرا ) وكما أشرت إلى "متقنة" الصنع وذلك في اختياره رقم (9) للحافلة، هذا الرقم الذي له دلالة، وعلامة بانية للنص حيث نجد لها معادل في " أتساع " أخرى وهو ما أشرنا إليه أعلاه بدقائق النص، حيث الألوان الموظفة في النص نجدها (9) وكذلك ملفوظات الشخصيات نجدها
(9) وكذلك شخوص القصة (9) والإكسيسوارات التي تؤثث النص(9) وتحيلنا دلالة التسعة إلى تسعة رهطين: أي الرجل وقبيلته، ورهط: من الثلاثة إلى عشرة ( المنجي الطلاب.ص.491 .نشر مكتبة الأمة. عبد الحميد الغرباوي) كما نجد القاص يرتب حتى الأحداث العارضة والمشاعر والأفكار، حتى تخلق في القارئ الوهم بالتعايش المكاني/ المحطة..
أثاث فضاء النص: 1محطة.2مقعد.3سيارة.4عربة.5هاتف نقال.6جريدة.7الرضاعة.8 الساعة اليدوية. 9 علامة الحافلة (9).
الملفوظات:
1)أين تهرب العائلة المغربية من ضغط العيش.
2) القنابل الأمريكية تدمر حيا وسط بغداد.
3) كيف تكسبين ثقة وود رفيق العمر.
4) يا لطيف ألطف بعبادك..هذه الحرارة ليست عادية.
5) تفعلها وتبتسم.
6) وكأنه لم يفعلها صغيرا.
7) والله لا بقات فيك.
(8كلهم هكذا في النهاية.
9) كلاب...كلهم كلاب.
الشخوص: 1 رجل. 2 امرأة. 3 رضيع. 4 أم مرضعة. 5 امرأة عجوز. 6 سائق. 7 شاب. 8 رأس.
9 كاميرا مان.
الألوان: 1 سماوي. 2 سوداء. 3 بيضاء. 4 زرقة. 5 أحمر. 6 سمرة. 7 ممتقعة الوجه. 8 رمادي.
9 أسود خانق.
وأخيرا إذا نعتنا هذه القصة بالسرد الفيلمي فهي تشبه الكاميرا المتحركة تبين لنا العالم المتخيل الذي نراه حيث نجد السرد القصصي يوحي لنا بأن الكلمات تقوم بالتصوير، والكاميرا مان عين ساردة للأحداث/ الصور من زاوية نظر عالية. محمد اكويندي

محمد البوهي
06/02/2007, 01:07 PM
السلام عليكم

الأديب القدير / عبد الحميد

رائعة هذه التفاصيل ، وهذا الكادر المسلط على قطعة من حياتنا ، رائع جدا هذا النص الذي يتلثم بعرقنا ، ودمائنا ، وآهات نساءنا ، و صراخ وليدنا ، وتبقى الجريدة وحيدة . رائعة

لكن ربما تعدد الشخوص كان نوعا جديدا في استحداث قالب القص القصير .

مودتي

عبد الحميد الغرباوي
06/02/2007, 11:55 PM
السلام عليكم

الأديب القدير / عبد الحميد

رائعة هذه التفاصيل ، وهذا الكادر المسلط على قطعة من حياتنا ، رائع جدا هذا النص الذي يتلثم بعرقنا ، ودمائنا ، وآهات نساءنا ، و صراخ وليدنا ، وتبقى الجريدة وحيدة . رائعة

لكن ربما تعدد الشخوص كان نوعا جديدا في استحداث قالب القص القصير .

مودتي/ محمد البوهي

شكرا أخي لتفاعلك مع النص، الذي ربما أحدث إرباكا عند الكثير من الأعضاء، و كانت تلك المبادرة من طرفي لتقديم قراءة في النص، بعث بها قاص، مجرد محاولة لإبراز كيف يمكن أن نلتقط مناطق ضوء في أي نص نتعامل معه قراءة و تعليقا.
أما بالنسبة لتعدد الشخوص ، كما ورد في تعليقك، و أنا أفهم من إشارتك أن النص القصصي القصير لا يحتمل تعدد الشخوص، و هو فعلا كذلك، إلا أن النص يعتمد على ثلاثة أركان: العين، و هي عين السارد، و الشخوص و هي شخوص تتحرك أكثر مما تتكلم بمعنى أنها لا تثقل على عملية السرد. اجتمعت كلها حول تيمة واحدة، تأزم الواقع ("مانشطات" الجريدة) و تأثيره على الفرد.
مودتي

حسام الدين نوالي
07/02/2007, 01:06 AM
بسارد ذي عين سينمائية تنقلنا الحكاية من وصف لمكان فارغ إلى حركة حياتية في محطة الحافلة، لنخلص في النهاية إلى مكان فارغ إلا من جريدة تعبث بها الريح..
القصيرة قصيرة، هادئة من غير عقدة سرد، بعدد من الشخصيات والموضوعات : الفقر والهم الثقافي "الشتراك في قراءة الجريدة"، المسألة النسائية "إناث النص لا يقرأن"، التحرش، الواقع المر "مواضيع الجريدة"...إلخ
وبالنظر إلى حجم القصة فإن العديد من الخطابات تمرّ، ويظل البلاغ المهيمن -على الأقل في قراءتي- هو عزلة الشأن الثقافي في خضم اهتمامات يومية أخرى داخل مجتمع ما يزال نصفه النسوي لا يقرأ أو معتبرا كجسد جنسي حينا ذا دور أمومي فقط حينا آخر..،
وإذا كان الأستاذ عبد الحميد يضع أمامنا إحدى القراءات لهذا النص، فإننا نتساءل عن جدوى الإحصاء في هذه القراءة، وعن جدوى الإحالات وقوانينها..
وقبل هذا هل فعلا سيطر العدد 9؟
أعتقد انه صح مع "الملفوظات فقط"، فبالنسبة لتأثيث فضاء النص هناك إضافة إلى ما ذُكر : الرصيف والحافلة والعلبة الورقية والباب الأوتوماتيكي و اشياء أخرى، وبالنسبة للألوان فهناك 8 فقط باعتبار أن "ممتقعة الوجه" ليس لونا، وإلا لم لم يتم اعتبار الخرق الوسخة أيضا تحيل على "اللون"؟؟
وبالنسبة للشخوص أتساءل عن أي كامرمان يتحدث الأستاذ اكويندي، إن كان يقصد السارد، فإن الشكلانيين يرتبون في أي عمل سردي عددا من العناصر -غير الشخصيات الحكائية- ليس أقلها السارد الضمني، والسارد الفعلي، والكاتب، والقارئ الضمني وغيرهم، ثم لِمَ لم يدخل الشخص الذي كانت الفتاة تتحدث إليه عبر الهاتف؟
وعلى مستوى الإحالة، فإن إسقاط الرقم 9 على "تسعة رهطين" لم يفدنا في شيء، بل بدا كرمية عشواء، خصوصا وأنه يضيف أن "رهط" هي من ثلاثة إلى عشرة، أي أنها لا ترتبط بالضرورة ب 9.. إن الإحالة تستوجب بقرينة ما، وإلا لِمَ إذن لا يحيلنا الرقم 9 على قميص "رونالدو"؟
ما أود أن أقوله الآن هو أن بعض القراءات لا تمنحنا شيئا، إنها تحجب عنا النص.. وأفضل بدلها الصمت ليس "بحكمة هروبية" أو "غباء قرائي" بل فقط صمت صادر عن حب، واحترام للنص.
مع مودتي.

عبدالرحمن الجميعان
07/02/2007, 02:10 AM
القصة متعددة الشخوص، كثيرة الحركة،تعالج واقعا حيا، الشخصيات تمثل شرائح في المجتمع، لكل حركة في القصة مدلول لا يخفى للقارئ..!
حتى المقعد له وظيفة في القصة، فهو حيز ومكان، يتعاور عليه الناس يرمون همومهم عليه، يحادثونه، يلقون باسرارهم عليه، ثم يتركونه ويمضون للحياة الصاخبة التي تبتلعهم.
الحافلة حركة الحياة المستمرة التي لا تهدأ أبدا، تنقل الناس كما الدنيا تنقل الأحياء........!
اللون الرمادي له مدلول في حياتنا اليومية، وكثير ما هم أصحاب هذا اللون، حركة جلوس الرجل، رجل فوق رجل، حركة نفسية معبرة، وهو يعبر عن شريحة اجتماعية لها دور في هذه الحياة..!
الجريدة لفتة رائعة وظفها الكاتب باقتدار وبانسيابية مع الحركة اليومية في القصة، الصفحة الأولى تحمل أخبارا مدوية مزلزلة، مرعبة ورهيبة، (على الصفحة الأولى:
" أين تهرب العائلة المغربية من ضغط العيش؟"
" القنابل الأمريكية تدمر حيا سكنيا وسط بغداد، و تقتل ثمانية أطفال"..)... ولكن هل نحن نعيش حالة من الواقع! كلا فالصفحة الأخيرة تناقض هذا كله، والمسألة تجارية بحتة بعيدا عن حمل الخبر الصحيح، وعن الصدق والتحري، (و على الصفحة الأخيرة:
" كيف تكسبين ثقة و ود رفيق عمرك"...)......ثنائية غير واقعية، ولكنها تعيش بيننا! سلط الكاتب بكلمات قليلة كأنها عدسة كاميرا تلتقط الصور المعبرة بقدرة فائقة، لا شك أن الكاتب هنا له إحساس بالواقع، وإلا كيف استطاع التقاط هذه الصورة الصغيرة، ثم وظفها في قصته؟!
الرجل يشغل حيزا في القصة، يتحرك بحركة دقيقة، يضيع وقته في لا شئ! ولا يهتم بشئ..!
المرأة..........نصف المجتمع، وهي تدفع بالجيل القادم أمامها، اجتمعت في القصة أجيال متعددة، الجيل القادم، الرضيع، والجيل الحاضر(المرأة)، والجيل القديم العجوز...........الجيل الجديد...الرضاعة الصناعية، التكور في حيز ضيق لا يرى فيه أفق العالم الرحب...المرأة سحنتها عربية، سمراء شعر أسود...
الشاب والسندويش رموز للشباب اليوم أصحاب الوجبات السريعة....المتأفف من كل شئ بلا شئ، المنزعج دائما..الباحث عن متعته.....!
الفتاة..التي تلهو بدنياها غير آبهة بالخطر المحدق بها....ولكنني لم أفهم(" و الله لا بقات فيك..")...ما المعنى؟
راس في السيارة...لاهون عابثون، والنهاية فيها مطابقة مع البداية، فالمحطة هي المكان الرئيس في القصة، بها تبدأ وبها تنتهي.....
محطة..كرسي..جريدة بقايا لأناس كانوا هناك.............!

عبد الحميد الغرباوي
07/02/2007, 02:21 AM
ما أود أن أقوله الآن هو أن بعض القراءات لا تمنحنا شيئا، إنها تحجب عنا النص.. وأفضل بدلها الصمت ليس "بحكمة هروبية" أو "غباء قرائي" بل فقط صمت صادر عن حب، واحترام للنص.
حسام الدين نوالي
عزيزي حسام، و بالمناسبة، لا بد لنا من جلسة في منطقة الأحباس بالدار البيضاء..
أقدمت على تثبيت القراءة المشار إليها في تعليقك ، من باب اختراق الصمت..هذه تقنية تعلمتها في " النت" على كبري.. الله يستر ، كم من الأفعال و الحيل سيعلمنا إياها...
و بالتالي، فقراءة الصديق محمد لم تكن كلها خالية من أي فائدة، و لا أظنها أحجبت النص، بل أثارت على الأقل ما كتبت، و محمد ، صديقنا، هو معروف بتخريجاته التي تعكس تكوينا عصاميا، و رغبة أكيدة في التفاعل مع كل من يدعوه إلى النقاش و المشاركة في قراءة قصصية هنا أو هناك..
أنا أحيي فيه، على كل حال، اجتهاده في كتابة قصة قصيرة متميزة و جرأة القول في طرح وجهات نظره دون شعور بنقص أو دونية ...
إشارة بسيطة: و الله أضحكتني من قلبي، و كنت في حاجة ماسة إلى حبة ضحك تزيل شيئا من انقباض في الصدر..

....وإلا لِمَ إذن لا يحيلنا الرقم 9 على قميص "رونالدو"؟
رولاندو بشحمه و دمه..!!!!
محبتي

حسام الدين نوالي
07/02/2007, 05:26 PM
الفاضل عبد الحميد..
سأكون فخورا بالتعرف إ ليكما عن قرب أنت والقاص المبدع محمد الذي عرفته عبر نصوص عديدة..
أ ملي أن ألقاكما قريبا..
مع مودتي

عبد الحميد الغرباوي
08/02/2007, 01:44 AM
....ولكنني لم أفهم(" و الله لا بقات فيك..")...ما المعنى؟
ذ.عبدالرحمن الجميعان
الأستاذ عبد الرحمن الجميعان،
مسح تضاريسي للنص، متقن و دقيق...
سعدت بقراءاتك، و سأكون دائما في انتظار المزيد كلما نشرتُ بالمنتدى نصا من نصوصي..ستكون لي وقفة مع نصوصك أيضا..لكن تحمل أخاك قليلا، إن هو بدا لك جافا في الطرح و التحليل.
بالنسبة لسؤالك، الجملة تعني: "و الله سأثأر منك" أو كما يقال:" وراك وراك و الزمن طويل" أو :" و الله سأنتقم منك"..
مودتي

بديعة بنمراح
10/02/2007, 07:29 PM
الأخ المبدع عبد الحميد
محطتك ليست محطة حافلات ، بل محطة هموم ومشاغل المواطن العربي.
أعجبني النص واستمتعت بقراءته.أعدت قراءته ، وهاأنا ذي أحييك من خلاله وأتمنى لك مزيدا من العطاء
مودتي

عبد الحميد الغرباوي
11/02/2007, 09:06 AM
الأخ المبدع عبد الحميد
محطتك ليست محطة حافلات ، بل محطة هموم ومشاغل المواطن العربي.
أعجبني النص واستمتعت بقراءته.أعدت قراءته ، وهاأنا ذي أحييك من خلاله وأتمنى لك مزيدا من العطاء
مودتي
المبدعة بديعة بنمراح،
شرفتني وقفتك في " المحطة"..
و كل كتابة و أنت مجددة، و متجددة.
مودتي

صبيحة شبر
11/02/2007, 04:36 PM
القصة متعددة الشخوص
كل واحد منها يعيش همه الحياتي
غير ابه بالهموم الكبيرة التي يئن منها مجتمعنا العربي
غلاء فاحش وارتفاع بالاسعار مع وجود احتلال في بقعة اخرى من الوطن
وقتلى وجرحى بالالاف
المحطة مكان الانتظار ، كل من الواقفين هناك ينتظر شيئا
قصة حية كما هي قصص المبدع عبد الحميد

محمد اكويندي
12/02/2007, 12:49 AM
أخي عبد الحميد الغرباوي، أنا بدوري أشكرك جزيل الشكر على تنبيهك إلي حتى أطلع على ما عقب عليه الأخ " حسام الدين نوالي " حول قراءتي لقصة " المحطة " ( وأتمنها محطة نقاش متمر ) والمنشور بموقع ( واتا )
ولو لا تنبيهك هذا لظل الأمر من جهتي ناقصا، وحتى أتمم قراءتي التي أعرف أنها إبداع ثان بالقوة، لأن ما تم إبداعه بالفعل هو للكاتب. ومن هنا ينبع فعل القراءة العاشقة حقا.
لقد قرأت بتأن وافتحاص تصدي الأخ " حسام." إلى بعض النقاط التي لم تستجب لفعل تمزيق صفاق الستار حتى تتضح معالم النص، وربما أبقته هذه القراءة محجوبا، وإن كنت أروم في قراءتي " دقائق النقد " المشار إليها في عدد مجلة " قاف صاد " لا بأس أن أجيب على كل النقاط التي اعتبرها صديقنا " حسام" كرمية وسأرتبها كما تفضل بها :
1 ممتقعة الوجه: ليس لونا، وإلا لم لم يتم اعتبار الخرق الوسخة تحيل على اللون.
2 أتسأل عن أي كاميرا مان يتحدث، إن كان يقصد السارد، غير الشخصيات الحكائية، ليس أقلها السارد الذي كانت الفتاة تتحدث إليه عبر الهاتف.
3 وعلى مستوى الإحالة، فإن إسقاط رقم 9 على تسعة رهطين، لم يفيدنا في شيء، بل بدا كرمية عشواء .
خصوصا وأنه يضيف أن " رهط " هي ثلاثة إلى عشرة، أي أنها لا ترتبط بالضرورة ب 9 – إن الإحالة تستوجب بقرينة ما، وإلا لم إذن لا يحيلنا رقم 9 على قميص رونالدو؟
4 ما أود أن أقوله الآن هو بعض القراءات لا تمنحنا شيئا، إنها تحجب عنا النص. وأفضل بدلها الصمت ليس " بحكمة هروبية " أو " غباء قرائي " بل صادر عن حب واحترام.
بدءا أعرف أن الاسم ( الوجدي نسبة إلى وجدة ) والتي لها مكانة خاصة في قلوبنا. هذا ما يفصح عنه أسلوب التعقيب.

1) إن فعل امتقع، الذي له دلالة قاموسية، وليست سياقية، هو ما يشرحه لنا القاموس، هكذا، امتقع { بالبناء للمجهول } اللون تغير، بالحزن، أو المرض، أو الخوف، إلى الشحوب و" الاصفرار "
وأضيف كذلك مع " ميخائيل باختين " إن خيمياء النص بالنسبة للمتلقي، أن هدفه التأويلي بلوغ ما يعده " جوهر " مع ذلك المفترض قد لا يكون له وجود فعلي، سوى في مخيلة القراءة وتشظي التأويل ذاته.
2) إن توزع الشخصيات، ممثلي المحكي، هي ستة أصناف شكلية من العوامل، يتحد دون بما يفعلونه تبعا لوضعيتهم لا بكينونتهم السيكولوجية ( يمكن للعامل أن تتجمع فيه عدة شخصيات، وقد يتجسد ذلك كيان جامد غير بشري ) وهذا الصنف الأخير هو الذي اشتغل عليه " محمود الورواري " في مجموعته اجتياح ( دار الأدب ط.الاولى 2002 ) حيث نجد فيها " قضيب حديدي" هو الشخصية وكذلك قصة " الشجرة " و قصة " الزجاج المتناثر " في الطريق وهذا النمط هو ما ركبت عليه موجة التجريب عندنا ( وهذا موضوع أخر )
3) على مستوى الإحالة فإن اسقاط رقم 9 على تسعة رهطين هو ببساطة " رهط " الذي هو الرجل وقبيلته: ( هي إحالة سياقية وقاموسية، عندما أشرنا إلى قاموس بعينيه، كنا نحيل أمر الرجل إلى الكاتب وشخوصه. الذي هو فعلا صاحب القاموس( المذكور) وكاتب القصة والخالق لتلك الشخصيات، وتمنيت لو أحلت أنت فعل الولادة مجازا للنص وعدد شهور الولادة (9) أليست الكتابة هي أشبه بذاك المخاض ( اختمار الفكرة عند الكاتب ) ثم يأتي بعدها المخاض" الوضع "...وضع النص / الجنين..أليست النصوص تشبه فلذات أكبادنا ( مجازا) وأن الكتابة تخرج من بين الصلب والترائب؟ وحتى رونالدو..نجده يجيد اللعب الأنيق بروح رياضية عالية جدا، بدل إيذاء الخصوم( الخرق المتسخة. قميص رونالدوا )
وأخيرا أخي " حسام " متى منحتنا القراءة والكتابة شيئا؟ سوى وجع الرأس والخصومات المجانية ..إننا مجتمع مركب ومعقد حتى أحلامنا الصغيرة تصادر بفعل الثقافة في الوقت الذي كانت تصادر من طرف الرقباء والمخزن وإذا حجبت بقراءتي (النص) أكون على الأقل أبرزت كاتبا تناساه النقد قسرا ولم يوفه حقه وطاله النسيان..وهل هذا النسيان من باب الحب؟ ومن الحب ما قتل.
محمد اكويندي

علاء الدين حسو
13/02/2007, 02:56 PM
استاذ عبد الحميد المحترم

في حياتي المهنية كمهندس صيانة ومبرمج اصادف اشكال او عطل اظنه احيانا سهلا بسيطا واذا بي اغوص لايام او اسابيع واحيانا اتوقع حجم الاشكال كبيرا واذا ينتهي بسرعة لم اكن اتصورها ها ما يحدث احيانا .

كنت البارحة قررت الاطلاع على والرد على مجموعة من الاعمال التي اطلع عليها وكان نصك من النوع الذي يخيفني ..تظنه بسيطا واذا يأخذك لعالم لم تتوقع الذهاب اليه .

اعتبر نفسي قارئ متوسط او جيد لذا سأكتب ما رأيت في النص وما قرأت من ملاحظات بين قوسين – رأي شخصي-وان بقيت البارحة لساعات متاخرة الوم نفسي على جهلي في فهم النص الا انني في صباح اليوم لم اطق انهاء عمالي في مهنتي الاساسية لاعود واكتب :

1- التعليق على النص جاء مفسدة لمتعة القارئ .فقد مزق التفاعل الكيمائي بين القارئ والنص عند نشر التعليق.
2- اظن ان التعليق ودلالات الرقم 9 درس مفيد لاهل النقد وملخبط للقراء
3- البطل في القصة -حسب رأي-الجريدة بما تحمله من تناقضات ومداهنة لارضاء جميع الاذواق .
وما تعانيه من اهتمام او اهمال حتى اني رأيت احد مهام الجريدة تنظيف الرضيع .
4- عنوان القصة واختيار الرقم 9 كان –برأي – اروع لو بقي سرا فكر فيه الشخص حسب فهمه
5- الالوان تخضع لمنطق نسبي فالازرق يدل الصفاء ويدل على التشأؤم دع القارئ يختار ما يناسبه.

مع تحياتي علاء .

عبد الحميد الغرباوي
19/02/2007, 12:33 AM
المحطة مكان الانتظار ، كل من الواقفين هناك ينتظر شيئا
قصة حية كما هي قصص المبدع عبد الحميد/ صبيحة شبر
هي الحياة ،برمتها، سلسلة من محطات..
تحياتي الخالصة للأديبة صبيحة.

عبد الحميد الغرباوي
19/02/2007, 12:41 AM
إننا مجتمع مركب ومعقد حتى أحلامنا الصغيرة تصادر بفعل الثقافة في الوقت الذي كانت تصادر من طرف الرقباء والمخزن وإذا حجبت بقراءتي (النص) أكون على الأقل أبرزت كاتبا تناساه النقد قسرا ولم يوفه حقه وطاله النسيان..وهل هذا النسيان من باب الحب؟ ومن الحب ما قتل.
محمد اكويندي
أخي محمد، و أنت أعرف الناس بنفسيتي، و بموقفي من النقد الإخواني، المدفوع الأجر سلفا، أني أكتب،لا ليتحدث عني النقاد، بل لأن قدري أن أكون من ضمن العشرات الآلاف من الكتاب الذين يبدعون للحياة، للتاريخ، و لن أكون أكبر من الأديب محمد زفزاف رحمة الله عليه الذي كتب في مقدمة إحدى مجاميعه القصصية: Tam Tam au critique
سعدت بوقوفك طويلا في هذه "المحطة"
مودتي

عبد الحميد الغرباوي
19/02/2007, 12:51 AM
- البطل في القصة -حسب رأيي-الجريدة بما تحمله من تناقضات ومداهنة لارضاء جميع الاذواق ./علاء الدين حسو
تعددت الشخصيات الرئيسة في النص..

أجل، الجريدة ، هي الأخرى، لها حضور وازن في النص..
رأيك يُحترم ، أخي حسو..
دمت مبدعا..
مودتي

صابرين الصباغ
22/02/2007, 11:18 PM
المبدع الاخ الكريم
عبد الحميد
لاول مرة ولسوء حظي ان اقرا لحضرتك
ولاني قارئة عادية ولست بناقدة سادلو بدلوي
اولا ياحبذا لو كان الرقم 7 لما له من قدسية في اشياء كثيرة بديننا
خصوصا وانا ارى الحياة في الحافلة وتلك العجوز التي تترك الحياة عفوا قصدت الحافلة
والفوضي الحياة التي نعيشها المتمثلة في المانشيتات للجريدة
الألوان وتعددها وتنساقها مع كل شخصية
ثانيا كاميرا المبدع التي تسجل الفيتو تفاصيل حتى العجوز التي تنظر لموضع قدميها لم تغفلة
كنت أقف بعيدا بجوار عامود الإنارة وشاهدت كل ماكتبته بعين مبدع كبير
لا تخفى عليه خافية وهو ينقل في ورقته عوالم كثيرة
استاذ عبد الحميد
يشرفني دوما القراءة لحضرتك
مودتي واحترامي

عبد الحميد الغرباوي
23/02/2007, 11:28 PM
المبدعة صابرين الصباغ،
لك تحياتي، و يشرفني تفاعلك و تجاوبك مع شخوص النص.
مودتي

حسام الدين نوالي
04/03/2007, 02:13 PM
على الأقل أبرزت كاتبا تناساه النقد قسرا ولم يوفه حقه وطاله النسيان..وهل هذا النسيان من باب الحب؟ ومن الحب ما قتل.


المبدع محمد..
شكرا لتواصلك، وشكرا للرائع عبد الحميد..
اختلاف القراءة ليس خصومة ما.. صحيح أننا في وطن صار أضيق من عين ابرة، لكن هل من الحرية فرع ينتسب لانطلاق غير نهائي..؟
شحصيا أفصل بين قراءة النص، وبين السير جوار النص حيث ظله يرمينا لمواطن ليست بالضرورة مرتبطة به.. و"باختين" حتما ليس من الصنف الثاني.
واعتقد أن بعض القراءات "تعذب النص" إما تمطيطا أو تقزيما مثلما كان "بروكست" يفعل بضحاياه في الأسطورة، ما أختلف فيه مع قراءتك هو "الإسقاط"، هذا ما أقصده بحجب النص.. فهل حقا يحيل الرقم 9 على الرهط، وعلى أشهر الحمل، وعلى رونالدو...جميعهم؟
القراءة المغرضة هي قراءة سابقة للنص، وحيث ما دار الذهن دُوِّر النص.. هذه نقطة صعبة.: فهل نبحث في النص عن حقيقة ما يقولها؟
الأخ محمد،
أتمنى أن لا أكون قد كتبت شيئا يُفهم على أنه إثارة لخصومة ما.. وحديثي عن "الغباء القرائي"، و"الحكمة الهروبية" لم يكن مرتبطا في شيء بقراءتك أنت للنص، بل كان كلاما للأستاذ عبد الحميد نفسه عن الصمت والتعليق على النصوص: الصمت لا يعني دائما التقليل من قيمة النص، و لا يعني دائما" الحكمة" تلك الحكمة الزائفة أحيانا، الحكمة الهروبية، التي تنجي من صداع الرأس و تجعلنا في منآ عن الدخول مع كاتب النص في مهاترات .... الصمت،قد يعني، أيضا، الإعجاب الكبير به لدرجة الشعور بفراغ داخلي يحول بينك و بين الكلام.
أعانقكما.
وليدم التواصل

عبد الحميد الغرباوي
31/12/2007, 10:34 PM
يبهرني لطفك أخي حسام الدين نوالي، ويأسرني...
لكن ليس لطفك فحسب، بل أيضا تمكنك من ناصية الكلام(الحديث)، و وعيك الشديد بما تطرحه من أفكار...
مودتي