المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السياحة الرياضية و التنمية الاقتصادية في قطر



نعمان عبد الغني
08/10/2009, 01:38 PM
السياحة الرياضية و التنمية الاقتصادية في قطر
بقلم الأستاذ: نعمان عبد الغني
namanea@yahoo.fr :

السياحة ظاهرة إنسانية قديمة قدم المجتمعات الإنسانية، وقد تطورت خلال النصف الثاني من القرن العشرين تطورا كبيرا أضحت معه ظاهرة عالمية لا يستطيع أحد إنكارها حيث أثبتت أنها ظاهرة ذات آثار اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وبيئية بعيدة المدى.
ولذا تزايد الاهتمام العالمي بها بوصفها أكبر الصناعات المولدة للدخل ولفرص العمل وقاطرة التنمية الاقتصادية بما يشيعه رواجها من رواج اقتصادي عام له تأثيره الإيجابي المضاعف على قطاعات اقتصادية إنتاجية وخدمية عديدة مرتبطة بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
تكتسي السياحة الرياضية أهمية متزايدة نظرا لدورها البارز الذي تلعبه في نمو اقتصاديات الدول، خاصة تلك المنظمة للمهرجانات الرياضية المحلية أو الدولية كرالي السيارات، أو رياضة الرمال،أو تنظيم الاولمبياد،أو كأس العالم في مجال كرة القدم... كونها تؤمن موارد مالية إضافية للسكان في البلد المنظم وتعمل على تحسين ميزان المدفوعات، وهي بذلك تمثل إحدى الصادرات الهامة غير المنظورة وعنصرا أساسيا من عناصر النشاط الاقتصادي، وترتبط بالتنمية ارتباطا كبيرا، كما تعمل على حل بعض المشكلات الاقتصادية التي تواجهها تلك الدول ومنها على سبيل المثال مشكلة البطالة التي تعمل التنمية السياحية الرياضية على تخفيف حدة نسب تفاقمها وذلك بقدرتها على خلق فرص عمل جديدة،سواء في الموسم الرياضي أو خارجه،علاوة على دورها في تطوير المناطق والمدن التي تتمتع بإمكانات سياحية- المبرمجة ضمن مخطط التظاهرة الرياضية أو المجاورة لها والمؤدية إليها - من خلال توفير مرافق البُناء الأساسية والتسهيلات اللازمة لخدمة السائحين والمواطنين على السواء، ويترتب على السياحة الرياضية مجموعة من التأثيرات التنموية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية في المقصد السياحي أي الدول المنظمة.
ويمكننا إبراز الدور الذي تلعبه السياحة الرياضية في تنمية الاقتصاد في الدول المنظمة للتظاهرات الرياضية المختلفة فيما يلي:
أن السياحة الرياضية تلعب دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية حيث يؤثر رواجها بشكل مباشر على اقتصاد ورواج الصناعات والأنشطة الناجمة عنها، فالإنفاق على الخدمات والسلع المرتبطة بالحدث الرياضي يؤدي إلى انتقال أموال من جيوب السائحين إلى جيوب أصحاب هذه الخدمات والسلع المشتغلين بها فيتفرع عن هذا الانتقال للأموال سلسلة أخرى من الإنفاق مثل: الإقامة بالفندق للفرق الرياضية المشاركة والجماهير الوافدة المناصرة لفرقها من الجنسيات المختلفة...، يتفرع عن هذا الإنفاق سلسلة أخرى من الإنفاق ومنها:
أ- الإنفاق على الخدمات الفندقية: والذي يشمل الإنفاق على المبيت والطعام والغسيل والاتصالات وسائر الخدمات التي يتطلبها السائح.
* يصرف جزء منه على تجديد الأثاث والمطابخ والمغاسل وتكييف الهواء ووسائل مهمات تشغيل الفنادق وصيانتها وترميمها.
* يصرف جزء منه علي موردي اللحوم والخضار والفواكه وسائر مستلزمات الحياة الفندقية اليومية.
* يصرف جزء منه كمرتبات وأجور العاملين في هذه الفنادق.
ب- الإنفاق على منظمي الرحلات السياحية داخل الدول السياحية من وكلاء السياحة والسفر على اختلاف أنواعها.
ج- الإنفاق على خدمات المطاعم السياحية.
د - الإنفاق على خدمات وسائل النقل السياحي المختلفة (الجوي والبحري والبري)
هـ . الإنفاق على دخول المتاحف.
و- الإنفاق على المشتريات من المصنوعات التقليدية اليدوية.
ز- الإنفاق على المرشدين السياحيين.
ح- الإنفاق على خدمات أعمال الصرافة والتأمين والاتصالات. ..الخ.
ولا شك انه كلما زاد تدفق حجم الحركة السياحية الرياضية خاصة أثناء التظاهرات الرياضية سواء المحلية أو الدولية زاد الإنفاق العام على السلع الاستهلاكية وبالتالي إلى ارتفاع معدلات الادخار مما ينشط هذه الصناعات والخدمات المتصلة بصناعة السياحة سواء بالطريق المباشر أو غير المباشر، الأمر الذي يتولد عن ذلك الإنفاق اتساع نطاق العمل في هذه ا لصناعات والخدمات المرتبطة بها والمتصلة بصناعة السياحة، ومن المسلم به في نظرية الاقتصاد أن كل استثمار جديد يولد عنه إنفاق جديد فينشئ دخولا جديدة.
كما يوجد نوع آخر من الإنفاق ليس من جانب السائحين الرياضيين أو غير الرياضيين كعائلات الرياضيين والمهتمين بالأحداث الرياضية والصحفيين ورجال السياسة والمناصرين والجمهور الرياضي الداخلي (أي من عمق البلد المنظم) وإنما من قبل المستثمرين والدولة كالإنفاق على إنشاء المشروعات السياحية مثل الفنادق وقرى الإجازات والمنتجعات الشاطئية ومدن الألعاب الترفيهية ..الخ، والإنفاق على مشروعات البنى الأساسية ومرافق الخدمات العامة والمركبات الرياضية ذات العلاقة، وهذا الإنفاق يؤدي إلى تنشيط الحركة الاقتصادية بصورة ملموسة .

التنمية السياحية مصدر للعملات الصعبة:
إن ناتج النشاط السياحي هو قيمة بيع المنتج السياحي المباع إلى أعداد السائحين الرياضيين أو غير الرياضيين المنتمين عادة لدول أخرى، والذين يدفعون بالعملات الصعبة، نظير إشباع رغباتهم السياحية سواء كانت ثقافية أو ترفيهية أو علمية أو بيئية.. الخ، لذا فان السياحة الرياضية تعتبر مصدرا من مصادر الدخل الأجنبي فتقاس أهميتها الاقتصادية بحجم تأثيرها على ميزان مدفوعات الدول، وهذا الميزان يمثل قيدا مزدوجا منظما لكافة المعاملات بين الدولة المنظمة للتظاهرة الرياضية وسائر دول العالم، والنشاط السياحي الرياضي يمثل جزءا من المعاملات غير المنظورة كالملاحة والتأمين والمعاملات البنكية..
ويتحدد هذا التأثير بالقيمة الصافية للميزان السياحي ونسبتها إلى النتيجة الصافية للميزان التجاري سواء كانت سلبية أو ايجابية، فإذا كانت النتيجة الصافية للميزان التجاري سلبية وكان التأثير الصافي للميزان السياحي ايجابيا فأنه قد يغير العجز في الميزان التجاري إلى فائض أو يخفف منه على الأقل، أما إذا كانت النتيجة الصافية للميزان التجاري ايجابية وكان التأثير الصافي للميزان السياحي في المجال الرياضي ايجابيا سيساعد هذا التأثير في زيادة تلك الايجابية في الميزان التجاري،
وبالتالي سوف ينعكس التأثير إيجابيا على ميزان مدفوعات الدولة ويقصد بالقيمة الصافية للميزان السياحي صافي العملية الحسابية للمصروفات السياحية بما فيها الإنفاق على السياحة الخارجية (إنفاق المقيمين من المواطنين والأجانب المسافرين إلى الخارج) وما تحقق من إيرادات سياحية بما فيها عائدات السياحة الوافدة إلى الدولة المنظمة للمهرجان الرياضي.
السياحة الرياضية وقدرتها على زيادة موارد الخزينة العامة للدولة:
إن الخزانة العامة للدولة السياحية تستفيد من الموارد التالية:
زيادة حصيلتها من الضرائب المختلفة مثل
* الضرائب على المواد الغذائية.
* ضرائب الأرباح التجارية والصناعية والمشروعات السياحية عموما.
* ضرائب الدخول التي تتزايد حصيلتها بتزايد دخول وأرباح المشتغلين بكافة الأعمال المتصلة
بصناعة السياحة الرياضية.
* رسوم التراخيص بمزاولة المهن والأعمال المتصلة بصناعة السياحة الرياضية
* رسوم تقديم خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والبريد .. الخ.
* رسوم الملاحة البحرية (رسو السفن السياحية) في الموانئ.

التنمية السياحية وقدرتها على امتصاص البطالة:
تعمل السياحة الرياضية على خلق فرص عمالة متعددة سواء في القطاع السياحي نفسه مثل شركات السياحة، المطاعم، الفنادق، شركات النقل السياحي، محلات بيع الهدايا، محلات بيع المصنوعات التقليدية اليدوية.. أو في المجال الرياضي كتبادل أو شراء اللاعبين والمدربين بين الأندية الرياضية المختلفة.
ومن خلال نتائج عدد من الدراسات التي أجريت في كثير من الدول السياحية الأوروبية والأميركية حول مدى تأثير السياحة الرياضية على العمالة، أكدت العديد من الدراسات السياحية قدرة هذه الأخيرة على امتصاص العمالة فقد أكدت دراسة أخرى أجراها الخبير (Jude) في المكسيك أن الاستثمار في الفنادق يؤدي إلى توفير فرص عمالة بمعدل اكبر من الاستثمار في أي قطاع آخر في الاقتصاد المكسيكي.
وتشير الدراسات التي أجريت أن بناء غرفة فندقية جديدة يخلف ثلاث فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لذلك فإن زيادة تخصيص الموارد اللازمة لتطوير المناطق السياحية خاصة تلك المتعلقة بالمناسبات الرياضية المحلية ، القارية أو الدولية التي تتمتع بمزايا طبيعية ومناخية مثل الشواطئ من خلال الرياضات الشاطئية، والجزر والمناطق الصحراوية مثل الراليات كرالي الجزائر، السعودية... والجبلية كمنافسات تسلق الجبال...
إضافة إلى أن تحفيز القطاع الخاص المحلي والعربي والأجنبي على الاستثمار السياحي في هذه المناطق يضاعف من فرص العمالة الجديدة وتحول هذه المناطق النائية إلى مناطق جاذبة للعمالة لسكان المجتمعات المحلية ، بعد أن كانت هذه المناطق طاردة للعمالة.
لذلك نجد أن السياحة الرياضية تزيد من فرص العمالة المباشرة وغير المباشرة من خلال تكاملها مع القطاعات الأخرى مثل الصناعات الغذائية والمشروبات وصناعة الأثاث الفندقي وقطاع المصارف والتأمين والتجهيزات الرياضية والتدريب الرياضي الذي يعمل على إكساب فرد معين مهارة ومعرفة جديدة (محمد محمد جاب الله عمارة،2003) ووكالات الإشهار..الخ.
وهذا يعني زيادة الطلب على هذه المنتجات سواء من جانب السائحين أو من جانب مالكي المنشآت السياحية الرياضية المختلفة، الأمر الذي سيترتب عليه زيادة الاستثمارات في هذه الصناعات من خلال إضافة خطوط إنتاج جديدة أو إنشاء مركبات رياضية وملاعب .. جديدة ستؤدي أيضا إلى تشغيل عمالة إضافية بغرض زيادة معدلات الإنتاج لمسايرة زيادة الطلب الناتج عن زيادة الإنفاق السياحي الرياضي على هذه المنتجات وهذا ما يطلق عليه في علم الاقتصاد الاستثمار المحفز والعمالة المحفزة، وتعني أن كل زيادة في الاستهلاك من فترة إلى أخرى تتطلب كما إضافيا من الاستثمار والعمالة وذلك لزيادة الإنتاج بنفس زيادة الاستهلاك أو لزيادة العرض بنفس المستوى في الزيادة في الطلب.

ويبدو من الطبيعي والمنطقي أن زيادة حجم الحركة الفندقية نتيجة ارتفاع معدل تدفق السائحين الرياضيين إلى البلد السياحي المنظم تعني زيادة حجم العمالة لأن الرواج الفندقي ينتج عنه تشغيل أعداد متزايدة من المواطنين بنسبة كبيرة، ولذلك تنخفض نسبة البطالة، وهو ما يحقق هدفا من أهداف الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أية دولة.
وعليه فتحرير الخدمات السياحة الرياضية يزيل القيود المفروضة على تدفقات رؤوس الأموال للاستثمار في مجالات خدمات السياحة الرياضية ويضع الضوابط الموضوعية على تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر وبذلك سوف يساهم في دفع التنمية السياحية الرياضية لزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يحقق هدفا آخر من أهداف الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي دولة.
أثر السياحة الرياضية على التنمية الاجتماعية:
العمل على رفع مستوى معيشة المجتمعات والشعوب وتحسين نمط حياتهم.
تنمية المهارات القيادية والسلوكية (نبيل الحسيني النجار، 1993)
العمل على خلق وإيجاد تسهيلات ترفيهية وثقافية لخدمات المواطنين إلى جانب الزائرين.
المساعدة على تطوير الأماكن والخدمات العامة بدولة المقصد السياحي الرياضي.
المساعدة على رفع مستوى الوعي بأهمية السياحة الرياضية لدى فئات واسعة من المجتمع.
تنمية شعور المواطن بالانتماء إلي وطنه وتزيد من فرص التبادل الثقافي والرياضي والحضاري بين كل من المجتمع المنظم والزائر.
إعداد الشباب إعدادا سليما من النواحي الخفية والقومية والرياضية والاجتماعية والروحية وتدريبهم على تحمل المسؤولية في المجتمع الذي نعيش فيه.( حسن أحمد الشافعي، 2004)
توفير التمويل اللازم للحفاظ وصون التراث للمباني وللمواقع الأثرية والتاريخية.
العمل على تنمية عملية تبادل الثقافات والخبرات والمعلومات بين السائح الرياضي والوفد المرافق له (الطاقم التدريبي، الأنصار، محبي السياحة الرياضية..) والمجتمع المنظم للدورة أزو التظاهرة الرياضية.
الأثر الايجابي من تنظيم مثل هذه السياحة الرياضية على البيئة حيث تساعد على إنشاء المنتزهات وتعمل على المحافظة على البيئة وحمايتها،و تزيد من الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع المضيف.
كما تعمل على تحقيق الحوار ومعرفة الآخر وتساعد على التفاهم بين شعوب الدول المختلفة، ونشر مبادئ السلام العالمي.و تدعيم أواصر الصداقة بين شعوب دول العالم من خلال العلاقات الودية التي تنشأ بين دول العالم المختلفة.

1. قـطـر :
انطلقت الألعاب الآسيوية عام 1951 من العاصمة الهندية نيودلهي وكانت بداية متواضعة حيث شاركت 11 دولة آسيوية فقط تنافس رياضيوها في 6 لعبات وتوالى ارتفاع عدد الدول وتزايد عدد الألعاب وصولا إلى الذروة غير المسبوقة في الدورة الخامسة عشرة في العاصمة القطرية الدوحة بمشاركة 45 دولة آسيوية يمثلهم نحو 11 ألف رياضي تنافسوا في 39 لعبة فردية وجماعية منها 28 لعبة معتمدة على مستوى الاولمبياد.(4)
وقد قدمت دولة قطر نموذجا باهرا في ميدان الاستثمار السياحي الرياضي عبر استضافتها لدورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة الدوحة2006- والتي اعتبرت بإجماع الآراء أنها الأفضل في تاريخ الألعاب الآسيوية منذ انطلاقها في الدورة الأولى بالعاصمة الهندية نيودلهي عام 1951 .
وعملت الدولة على تطوير هذا القطاع المهم لتصبح السياحة الرياضية عنوانا لافتا في السياحة القطرية وأصبح لقطر شأن كبير في احتضان وتنظيم الفعاليات الرياضية الإقليمية والقارية والعالمية وقد هيأت البنية اللازمة والإمكانات الكبيرة من منشآت متميزة اجتذبت العديد من نجوم العالم وأعطت الدولة الصغيرة بريقا عالميا كأكاديمية اسباير ومدينة خليفة الأولمبية ومجمع التنس والاسكواش وصالات التنس الدولية ومضامير سباق الخيل والهجن وغيرها ويضاف إلى ذلك كله الكادر البشري المتخصص والهيئات المختصة التي أشرفت على تنظيم هذه النشاطات فكان للرياضة الدور البارز في تنشيط الحركة السياحية على مختلف الأصعدة,.
حققت مكاسب كبيرة لدولة قطر على مختلف الأصعدة الإعلامية والسياحية والرياضية والطبية والخدماتية والاقتصادية وفتحت مجالات واسعة للتعريف بالإمكانات الاقتصادية والموارد الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها البلاد، وأشاروا إلى أن الدورة أسهمت بشكل فاعل في تطوير وتحديث البنية التحتية للدولة وساعدت على إكمال تلك البنيات الأساسية في أزمان قياسية مما سيكون له انعكاسات كبيرة على حركة التنمية الاقتصادية في المستقبل خاصة وان ما تم إنفاقه على تلك البنيات يصل إلى نحو 3 مليارات دولار وشمخت بتلك الأموال مشروعات رائدة تشمل مدنا رياضية ومنشآت صحية وطرقا وجسورا واستادات ومراكز ومعاهد رياضية ومراكز إعلامية ومنشات خدمية وفندقية راقية تعد مفخرة للقطريين.. كما أن الدورة حققت لدولة قطر مكاسب إعلامية لا تقدر بثمن إذ شاهد حفل الافتتاح أكثر من 3 مليارات من سكان العالم وان ذلك سيفتح المجال أمام رجال الأعمال الأجانب والشعوب والدول الأخرى للتعرف عن قرب على الإنسان والتاريخ القطري والانجازات الاقتصادية والتنموية الضخمة التي حققتها دولة قطر .
إن إقامة دورة الألعاب الآسيوية بالدوحة أنعشت الحركة الاقتصادية والتجارية بما فاق التوقعات وذلك من خلال ضخ مليارات الريالات في إطار الاستعداد لهذه الدورة غير العادية.
كما ساهمت في استقطاب الشركات العالمية لتقديم أفضل مالديها من إبداعات واختراعات لإقامة الدورة على مستوى عالمي يعكس إرادة وتصميم دولة قطر على إقامة هذه الدورة بشكل مميز وغير مسبوق وفى استقطاب احدث التكنولوجيا والأجهزة الرياضية مما سيكون له انعكاس ايجابي على السوق القطري وارتباطه بالسوق العالمي.
وقد شملت هذه الحركة التجارية الكبيرة جميع الأنشطة سواء كانت كبيرة أو صغيرة وخلقت فرص عمل هائلة للمواطنين والمقيمين وساهمت في تطوير قطاع الاتصالات والمواصلات والسياحة حيث شهد هذا القطاع نشاطا غير مسبوق،كما أن هذه الدورة رفعت من مستوى الخدمات وجعلت دولة قطر محط أنظار العالم فهذه الصروح والمنشآت العملاقة التي تم تشييدها ليست آنية وغير مرتبطة بانتهاء الدورة وإنما ستساهم في تطور ونهضة دولة قطر وتساهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية.
وعلى صعيد التدريب السياحي تم توقيع اتفاقية للتعاون بين اللجنة المنظمة وجامعة سي اتش أن الهولندية في قطر والمتخصصة في السياحة تسمح من خلالها لطلبة الجامعة بالعمل في قرية الرياضيين خلال أسياد الدوحة 2006، لتلبية احتياجات الكوادر البشرية كما رحب بالطلبة بانضمامهم لفريق عمل قرية الرياضيين. حيث قاموا بادوار هامة وحيوية لإنجاح الألعاب وهى ادوار تطلبت منهم بذل أقصى ما لديهم من جهد في مجال الضيافة والسياحة يؤهلهم لمساعدة بلاده في تقديم أفضل الخدمات للرياضيين ورؤساء الوفود والبعثات خلال إقامتهم بقرية الرياضيين.
وقد كان أسياد الدوحة بمثابة تجربة رائعة وفريدة تمكنت الجامعة من خلالها من إبراز قدراتها وتدريب طلابها. ومن جانبهم أكد مسئولو الجامعة على أهمية ما سيترتب على مشاركتهم في العاب الدوحة وما سيعود على طلابهم من فائدة.
إن دولة قطر تعتبر من الدول التي لا تقع تحت المردود الاقتصادي الموسمي، بل الاقتصاد القطري يعتمد على المدى الطويل ولذلك فانه بالإضافة إلى المردود الوقتي لدورة الألعاب الآسيوية والمتمثل في انتعاش الأسواق، فان الرؤية إلى المدى البعيد، تتمثل في تسويق الاقتصاد القطري، والمساهمة في جذب الاستثمارات الاحنبية إلى الدولة والى جانب هذا فان تنظيم هذه الدورة أثمر عن ارث كبير سوف تنعم به الأجيال القادمة حيث عملت مختلف الأجهزة الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص طوال السنوات الثلاث التي سبقت افتتاح الدورة على تنفيذ انجازات هائلة منها إكمال البنية التحتية وتأهيلها لجذب المستثمرين والمشاريع الكبرى، كما أن حجم المشروعات التي أنشئت استعدادا للدورة دفع الاقتصاد القطري إلى نمو متسارع، وسوف يستمر النمو بهذه الوتيرة المتسارعة لإكمال المشاريع الأخرى المرتبطة بهذه المشاريع . كما أن الحركة التي أدخلتها الدورة تتمثل في حجم الصرف والنفقات التي صاحبت الاستعداد لها وخلال فعالياتها، فعملية الصرف لديها مفعول مباشر آني و آخر على المدى البعيد، فالآني يتمثل في تغذية الاستثمارات التي ضخت استعدادا للدورة لعدة قطاعات.
إن مشاركة أكثر من 13 ألف رياضي ورياضية بالإضافة إلى الإداريين من 45 دولة آسيوية في دورة الألعاب الأسيوية الدوحة 2006اسهم بشكل كبير في تسويق الاقتصاد القطري خارجيا، خاصة وأن أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية تابعوا أحداث الدورة الرياضية عبر القنوات الفضائية، وبالتالي فإنهم تعرفوا أكثر على قطر واقتصادها المتسارع النمو، مما سيفتح مجالا نحو جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الدولة
ما من شك أن أفضل بقعة على الإطلاق تمكنكم من الوقوف والاطلاع على الملامح الحقيقية لتلك التطورات الضخمة والمذهلة والهائلة الجارية في أنحاء الدوحة هي ذلك البرج الجديد الذي يصل ارتفاعه إلى 200 متر والذي يعرف باسم برج «أسباير زون» والذي أصبح بمثابة المنارة الهادية والمميزة للدوحة 2006 في نفس الوقت الذي أصبح فيه البرج الجديد أحد أطول المباني على الإطلاق في قطر. تقف العديد من أحدث مرافق الألعاب في العالم لتبدو في أزهى حللها بتصميمها الفريد والمعبر بعد أن صممت لتكون مصدر إلهام للمراقبين والمشاهدين ومستخدمي هذه المرافق والأبنية على مدى عقود طويلة قادمة. هذه المعالم الجديدة الرائعة التي تزين وجه الدوحة تشكل قائمة طويلة وفريدة بما تضمه من 44 مكاناً من الأماكن والمرافق التي بنيت بالكامل أو تم توسعتها وتطويرها لاستضافة 39 منافسة رياضية و 423 حدثاً تنافس فيها نحو 13 ألف من اللاعبين والرياضيين ومسئولي الفرق من 45 دولة وإقليم عبر آسيا. على مسافة حوالي 9 كيلومترات من قرية الرياضيين وحوالي 14 كيلومتراً فقط من مطار الدوحة الدولي، يقع إستاد خليفة الذي بهر أنظار وأنفاس العالم ليلة الأول من ديسمبر 2006 حين وقف بشموخ لحفل الافتتاح وهناك يرتفع برج أسبا ير زون بعلوه الشاهق بجوار إستاد خليفة ,ومن المقرر أن يضم البرج لاحقاً فندقا من فئة خمسة نجوم ومطلات وشرفات لمشاهدة كافة معالم المنطقة من أعلى البرج بالإضافة إلى متحف من أحدث المتاحف الرياضية التفاعلية المتخصصة وعدد من المطاعم الراقية.
وتدرس فكرة إقامة متحف خاص ليضم جميع المعدات والملابس والإكسسوارات التي استخدمت في الدورة فقد تم استخدام 150 حاوية للملابس بالإضافة إلى عمل 7300 مجسم كما تم استخدام 50 كيلومترا من القماش شكلت 10 ألاف زى كان ألف متر منها من الذهب0 واستخدم في الحفل 58 كيلومترا من الأسلاك الحديدية التي دعمت بعض العناصر المستخدمة في الجو وفى العروض الطائرة إلى جانب 2700 طن من الحديد00 كما توفرت في الإستاد 1200 وسيلة إضاءة أوتوماتيكية و40 كيلومترا من الأسلاك الكهربائية ذات قدرة تصل إلى 15 ميغاوات
تعتبر القرية الرياضية التي بنيت من اجل إقامة البعثات الرياضية التي شاركت في الدورة الخامسة عشرة للألعاب الآسيوية الدوحة 2006- نموذجا حيا للاستثمار بعيد المدى . وقد جهزت القرية لإقامة ما يقارب 7300 رياضي ورياضية بالإضافة إلى3000 من الموظفين الرسميين المرافقين من 45 دولة مشاركة في الألعاب ولمدة 39 يوما. إلى جانب 4000 من المتطوعين في الأسياد أقاموا بالقرية الاولمبية.
وتبلغ مساحة القرية الكلية 330 ألف متر مربع وتقع في قلب العاصمة القطرية الدوحة..وتشتمل القرية التي تم تشييدها لدورة"الدوحة 2006" على 856 شقة موزعة على 32 عمارة سكنية إضافة إلى 45 مكتبا خصصت للجان الاولمبية الوطنية و15 مركزا للمعلومات و36 مرفقا للغسيل والكي.
وتنقسم القرية إلى ثلاث مناطق هي المنطقة العامة وتضم المركز الإعلامي ومركز مرور الضيوف..والمنطقة الدولية وتضم ساحة الإعلام التي أقيم فيها حفل استقبال الفرق والمركز التجاري ومنطقة التراث المحلي والمنطقة الترفيهية للرياضيين..إضافة إلى المنطقة السكنية والتي تضم مراكز السكن ومراكز دعم العمليات ويشمل مخازن القرية وموقع الصيانة ومضمار الجري ومركز الترفيه والاستجمام وصالة الطعام الرئيسية والمركز الإداري للقرية ومركز الوصول والمغادرة والتصاريح إضافة إلى العيادات الطبية
وتبعد القرية حوالي ثمانية كيلومترات من مواقع المنافسات الرئيسية وقد بدأ العمل بها عام 2003 وسيتم انتقال ملكيتها لمؤسسة حمد الطبية..لتتحول القرية إلى مدينة طبية تستوعب 1100 سرير.
لقد مضت دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة التي استضافتها قطر على مدى أكثر من أسبوعين خلال ديسمبر من العام الماضي بمشاركة نحو 13 ألف رياضي ورياضية دافعوا عن ألوان 45 دولة (رقم قياسي) وتنافسوا على إحراز 1393 ميدالية (428 ذهبية و423 فضية و542 برونزية)، في أكبر تظاهرة رياضية في التاريخ شهدتها منطقة الشرق الأوسط.
وقال ناصر المير عضو مجلس إدارة غرفة تجارة قطر أن قطر تعتبر من الدول التي لا تقع تحت المردود الاقتصادي الموسمي، بل إن الاقتصاد القطري يعتمد على المدى الطويل، مضيفا 'إننا لا ننتظر المردود الوقتي لدورة الألعاب الآسيوية المتمثل في انتعاش الأسواق، بل ننظر إلى المدى البعيد، المتمثل في تسويق الاقتصاد القطري، والمساهمة في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.
وأوضح أن تنظيم دورة الألعاب الآسيوية جعل قطر تقوم بخطوات كبيرة منها إكمال البنية التحتية وتأهيلها لجذب المستثمرين والمشروعات الكبرى، كما أن حجم المشروعات التي أنشئت استعدادا للدورة دفع الاقتصاد القطري إلى نمو متسارع سيعزز أداءه القوي.
ولفت إلى أن قطر وضعت اليوم على خريطة العالم الاقتصادي بقوة اكبر، حيث أن أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية شاهدوا حفل افتتاح الأسياد وشاهدوا معه قطر الصغيرة بحجمها، الكبيرة بانجازاتها، ولا بد أن هذا الكم من المشاهدين لحدث الافتتاح من بينهم مستثمرون ستتولد لديهم رغبة في دخول السوق القطري.
وقال رجل الأعمال القطري محمد كاظم الأنصاري، إن هذا الكم الهائل من المشاركين في دورة الألعاب الآسيوية نقل صورة ايجابية عن قطر وعن تطورها الاقتصادي والعمراني، وهذا الأمر سيساعد بالتأكيد في جلب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، مدعوما بالعوامل المحفزة التي تتمتع بها قطر من حيث الاستقرار السياسي والأمن والأمان.
وأضاف الأنصاري أن دورة الألعاب الآسيوية وعلى مدى أيام فعالياتها الممتدة لخمسة عشر يوما ستساهم في تعزيز حركة النشاط الاقتصادي في البلاد، وسيكون لها دور كبير في تحفيز عملية الطلب على مختلف السلع والخدمات في قطر، مما يؤدي إلى تنشيط حركة البيع والشراء، والأهم من ذلك التأثيرات الإيجابية المستقبلية التي ستتركها الدورة على الاقتصاد القطري والمناخ الاستثماري عموما.
من وجهة نظر أحمد حسن الخلف وهو تاجر قطري كبير، فإن دورة الألعاب الآسيوية ساهمت في إنعاش حركة السياحة بشكل خاص في قطر، عدا عن أنها أسهمت في زيادة معدلات السيولة في السوق المحلي، كما أن لها تأثيرات إيجابية كبيرة من حيث إبراز الاقتصاد القطري على المستوى العالمي من خلال متابعة الملايين لأحداث وفعاليات الدورة على مدى أسبوعين.
وقال الخلف إن دورة الألعاب الآسيوية عززت ثقة المستثمرين والشركات العالمية بالاقتصاد القطري وتشجعهم على دخول السوق المحلي والاستثمار فيه.
وأوضح أن القطاع الخاص القطري أصبح يتطلع إلى الاستثمار في المجال الرياضي لما يحققه من فوائد اقتصادية، وأوضح العبيدلي أن الحركة التجارية النشطة التي خلقتها دورة الألعاب الآسيوية شملت كافة قطاعات السوق سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وخلقت فرص عمل هائلة للمواطنين والمقيمين وساهمت في تطوير قطاع الاتصالات والمواصلات والسياحة.
ولفت إلى إن المنشآت والمشروعات العملاقة التي تم تشييدها في قطر ليست آنية وغير مرتبطة بانتهاء دورة الألعاب الآسيوية، وإنما ستساهم في تطور ونهضة البلاد، كما ستساهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية.
استثمار في هذا المجال من عوائد مجزية كما انه جاذب للاستثمارات العالمية.
ونجحت قطر في تنظيم "ألعاب العمر"، وهي التسمية التي أطلقت على هذه الدورة قبل انطلاقها، وسجلت نقاطا في سعيها لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2016.