المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فرصة لتشغيل مليون عر اقي



كاظم فنجان الحمامي
10/10/2009, 04:24 PM
على ضفاف شط العرب


فرصة لتشغيل مليون عر اقي



كاظم فنجان الحمامي

هذه فرصة ذهبية لتشغيل مليون عراقي عاطل عن العمل, ومن دون أن تخسر الدولة العراقية فلسا واحدا, بل إنها ستجني من وراءها أموالا طائلة, ولا تحتاج لتحقيقها إلا إلى إصدار قرار وطني صائب, يتعاطف مع أبناء الطبقات المسحوقة, والقرار الآن بيد رجالات الطبقات المرفهة الذين استغلوا فقرنا, وركبوه حصانا جامحا في حملاتهم الانتخابية السابقة, وعبروه جسرا أوصلهم إلى محطات العيش الرغيد, ثم تنكروا لنا, وأشاحوا بوجوههم عنا, ونسوا همومنا, وتجاهلونا تماما.
منذ أعوام وأنا أواصل كتاباتي في جريدة (المنارة), وجريدة (كل العراق), وجريدة (المنتدى), كتابات مشبعة بالألم والمرارة, ونابعة من مكامن الحرص الصادق على مستقبلنا البحري, تناولت فيها أبعاد وأهمية رفع القيود البحرية المفروضة على أبناء العراق منذ عام 1986. وطالبت بالسماح لهم بالعمل في بحار الله الواسعة, فلم أتلق أي اهتمام, وكان التجاهل والإهمال هو النتيجة المؤسفة لكل الأطروحات التي سعت للارتقاء بالمستوى المعيشي لفقراء العراق نحو الأفضل, ثم قررت الانتقال بكتاباتي غير المسبوقة, وغير المسموعة, والتوجه بها نحو منبر جريدة (الزمان), ذلك لأنها الأعلى صوتا, والأوسع انتشارا, والأكثر تداولا, فكتبت سلسلة طويلة تحت عنوان (على ضفاف شط العرب). تطرقت فيها إلى تفرد العراق وحده من بين أقطار كوكب الأرض, وتمسكه بتطبيق أحكام التشريعات الموروثة من الأنظمة السابقة, والتي حرمت عامة الناس من حق الحصول على الجوازات البحرية, وجعلتها حكرا على الذين يعملون في المؤسسات الحكومية.
في جمهورية مصر العربية اجتهدت الدولة في تشجيع أبنائها للعمل في عرض البحر, فسهلت لهم جميع الإجراءات, وجعلتها في منتهى البساطة, ووفرت لهم الدعم والرعاية والعناية, وقطعت في هذه السياسة أشواطا كبيرة, ونجحت في تصدير طواقمها البحرية للعمل على السفن العربية والأجنبية, فالبحر يغطي ثلاثة أرباع الأرض, وتجري فيه الأساطيل العظيمة في كل الاتجاهات, ثم ان المهن البحرية من المهن الحرة التي تدر على الدول موارد مالية مغرية, ما دفعها للتهافت على تنمية مواردها البشرية وتأهيلها بحريا, وحققت الفلبين في العام الماضي من خلال عمالتها البحرية نحو تسعة مليارات دولار, استثمرتها في بناء الفلبين, وتعزيز ميزانيتها المالية الوطنية.
تعد البطالة في نظر معظم الحكومات مصدرا من مصادر الإرهاب والإجرام, ونافذة من نوافذ التفسخ الأخلاقي, والفساد الاجتماعي, والتدهور المعيشي, وما انفكت الحكومات تبحث عن طوق النجاة, الذي ينتشل أبناؤها من مستنقعات البطالة, حتى وجدت ضالتها في البحر الزاخر بالخير والعطاء.
وهناك دول أخرى ترى في البحر عمقا سوقيا وجيوبولوتيكيا, فقررت السعي إلى نشر طواقمها وسفنها في كل المسطحات البحرية, وحرصت على استغلال البحر نفسه لغايات وأهداف إستراتيجية بعيدة المدى, فأصدرت التشريعات المبسطة والمشجعة لاستقطاب الشباب وزجهم في المهن البحرية المختلفة. وسجلت إيران في هذا الشوط أرقاما فلكية, فالأسطول البحري التجاري الإيراني هو الأكبر في الشرق الأوسط من حيث عدد السفن الحديثة, والمراكب التقليدية, ومن حيث الحمولات الطنية المسجلة, بل إن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم, التي تحرص اشد الحرص على تزويد سفن القطاع الخاص بالوقود, وبأسعار رمزية مدعومة, وتشملها بالإعفاءات الضريبية, والتخفيضات المينائية, ولا تسمح بتوقيع عقود النقل البحري بواسطة السفن الأجنبية, فالسفن الإيرانية لها الأولوية المطلقة في نقل البضائع الصادرة والواردة من والى إيران. وتوسعت في تشييد وتوسيع موانئها, فتفوقت من حيث عدد الأرصفة وطاقتها الاستيعابية على الموانئ العربية في حوض الخليج, وشيدت لها مينائين جديدين على ضفاف شط العرب, إلى جانب عبادان, وخرمشهر, وخسرو آباد. ويعد ميناء خرمشهر اليوم نسخة من الموانئ الأوربية المتقدمة.
وترى السفن والمراكب الإيرانية تشق مياه شط العرب جيئة وذهابا, وهي تنقل الحمولات المتنوعة, وتواصل عملها الدءوب ليل نهار. بينما تلوذ مراكبنا المحلية بين جنبات ومنعطفات شط العرب, ولا تستطيع مغادرة مياهنا الوطنية, بسبب حرمانها من الجوازات البحرية.
عندنا أكثر من مليون عاطل عن العمل, ونسبة كبيرة منهم يجيدون العمل البحري, أو من الذين يمكن تشغيلهم في المهن البحرية التي لا تستدعي المهارات التخصصية العالية. وعندنا آلاف السفن المحلية الصغيرة المجبرة على التوقف, بسبب ارتفاع أسعار الوقود, وبسبب حرمان طواقمها من الجواز البحري (السيمنز بوك). ومن غرائب الأمور, وعجائب الدهور, إن السفن الكبيرة المملوكة للعراقيين, والتي لم تسجل تحت العلم العراقي لأسباب يطول شرحها, اضطرت إلى تشغيل الهنود والباكستانيين والفلبينيين, في حين تعذر عليها تشغيل العراقيين بسبب عدم حصولهم على الجوازات البحرية.
كنت أتمنى أن تكون كتاباتي مقروءة ومسموعة ومثمرة, وتحقق نتائج ايجابية تعود بالنفع والخير على أهلنا في العراق, ولم أكن أتوقع أن أتلق التهديد والوعيد جراء مناشدتي بتحرير طواقمنا, ومطالبتي بشمولهم بالرعاية والعناية التي يستحقونها أسوة ببقية أبناء كوكب الأرض.
ترى ما الذي يمنعنا من مواكبة البلدان المجاورة لنا ؟. فنضمن تشغيل أكثر من مليون عاطل, ونقضي على أكبر منابع الإرهاب والخراب ؟. ولماذا يصر العراق وحده من بين أقطار السماوات والأرض على حرمان البحارة العراقيين غير المنتسبين لدوائر الدولة من الجوازات البحرية ؟؟. هذه الأسئلة وغيرها أوجهها إلى البرلمان, وأعضاء مجلس محافظة البصرة, وما زلت بانتظار الجواب ؟؟؟. وللحديث بقية.