المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل كل إنسان متطرف , أم كل متطرف إنسان



د.عبدالغني حمدو
12/10/2009, 05:43 AM
هل كل إنسان متطرف , أم كل متطرف إنسان ؟
د.عبد الغني حمدو
في علم الوراثة يوجد نوعين من الطفرة :
طفره بيئية وطفره صناعيه , فالطفرة البيئيه تحصل في الأغلب للتأقلم مع الظروف البيئية المستجدة الواقعة على الكائن الحي .
أما الطفرة المصطنعة فهي التي يقوم الإنسان بالتأثير على التركيب الجيني للحي عن طرق استخدام مواد كيماوية , أو بواسطة تعريض الحيامل والبويضات لتأثير الأشعه الفولتيه , مما ينشأ عن ذلك أفراد يختلفون في الصفات المظهرية عن العشيرة التي كانوا ينتمون إليها في الأصل . وتسمى في هذه الحالة أفراد متطرفة أو معزوله .
ولو طبقنا هذه الظاهرة على المجتمع البشري , يمكننا ذلك أن نحكم بشكل عام أن التطرف ناتج عن سببين :
إما تطرف وراثي ناتج من أعماق الشخص منذ ولادته ويعبر عنه بطفرة طبيعية , أو أن يكون مصطنعا ناتج عن تأثير بشري .
وهنا يكمن السؤال الآتي :
هل كل أنواع التطرف منبوذ ؟
كما في الطفرة والتي تقسم بحد ذاتها لنوعين طفرات مفيدة وطفرات ضارة أو مميته , كالبرص عند الإنسان , فهو بحد ذاته طفرة وراثية غير مصطنعة . بينما توجد طفرات مفيدة .
كذلك يمكن تقسيم التطرف على هذا الأساس :
1-تطرف محمود
2-تطرف منبوذ
3-تطرف محمود من قبل البعض ومزموم من قبل البعض الآخر لتختلف هنا وجهات النظر بالنسبة للمجتمع .
يمكن تعريف التطرف في هذه الحالة (الشخص الذي يخرج عن عرف المجتمع الذي ينتمي إليه ذلك الشخص )
ولو اعتمدنا ذلك لاستطعنا التمييز بسهولة بين تطرف محمود والمثال على ذلك هو الأنبياء والرسل والمصلحين الإجتماعيين والذي يبتغي من خروجه هذا عن عرف المجتمع معالجة الأعراف الضارة والتي أدت إلى وضعية المجتمع في حالة من التخلف بجميع مستوياته.
أما التطرف المذموم مثلا في وجود العصابات الإجرامية في بلد ما
فالتطرف التي تختلف فيه وجهات النظر وليس له مقياس ثابت , أو رأي قاطع يكون أشد أنواع التطرف تعقيدا .
فمثلا منظمة حماس في المعايير الغربية الموالية لإسرائيل هي منظمة إجرامية متطرفة يجب مقاومتها ولوتطلب الأمر لمحوها عن الوجود .
بينما المجتمعات التي تؤيد القضية الفلسطينية تقول عنها أنها ليست متطرفة وهي حركة مقاومة للإحتلال يكفل حقها في الدفاع عن أرضها وتكفله القوانين الإلاهية والوضعية , كالمقاومة العراقية أيضا .
وبناءا على ذلك نجد أن أكثر أنواع التطرف هو مصطنعا وليس طبيعيا أو وراثيا .
لنصل إلى أخطر أنواع التطرف على البشرية وهو التطرف الإرهابي , والذي اختلف العالم كله في تعريف الإرهاب , ولم تستطع الأمم المتحدة مجتمعة تعريف ذلك ومن هو الإرهابي بحد ذاته .
لاأدعي العلم بمعرفتي لتعريف الإرهابي ولكن أطرح فكرتي على أساس :
ماهو مصدر الإرهاب وأين تمت صناعته وتتم منذ القدم وحتى يوم القيامة حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ففي الوطن العربي وبعد نهاية حقبة الإستعمار وفي معظمها ووجود الأنظمة الثورية في الوطن العربي , كان أمامهم طريقة تثبيت الحكم والنظام والمبني على البطش والإرهاب للشعب ولن يكن ذلك ممكنا إلا بإيجاد مبررا للقمع . ذلك عن طريق صنع عدو لهم في الداخل , وهذا العدو يجب أن يكون ذو مد شعبي وله تأثير في المجتمع .
ووجدوا ضالتهم في كل من يحمل الفكر الإسلامي الحركي . وكانت أكبر فئة تحمل ذلك الشعار هم الإخوان المسلمون .مع أن حركة الإخوان بالأساس ليست حركة عنفية ولا متطرفة , ولكن تحمل فكرا اسلاميا ممكن أن يشكل هذا الفكر خطرا على تلك الأنظمة . وغالبية المجتمع مسلمين وبالتالي لهم جذور قوية في المجتمع . مماجعل توجه تلك الأنظمة أن هؤلاء الإسلامييون هم العدو الحقيقي للثورة .وعليه لابد من ضربهم ضربات قوية ومتتالية . وبالفعل تم ذلك .
ليكون النتيجة عبرة لأي توجه آخر في محاولة إنقاذ الوطن من الحكم القائم , وتركيز الإعلام والدعاية عن الخيانة التي يملكها هذا الإتجاه . وفائدة هذا العدو المصطنع ماهو إلا وسيلة ابتدعتها تلك الأنظمة لتصل إلى الحكم الفردي والد كتاتوري البغيض .
نتيجة للظلم الذي مورس وبكل وسائل القمع والتعذيب المتاحة والمخترعة من تلك الأنظمة كان لابد من بحث الآخرين عن اللجوء لأفكار متطرفة لأبعد الحدود لتصل بنا إلى الفكر القاعدي التكفيري .
وهذا الفكر والذي يبدو لأول وهلة أن هذه الحكومات والغرب هي ضده وتعرفها بالمنظمات الإرهابية , ماهي إلا الورقة الثانية بيد تلك الأنظمة لتضغط بها على شعوبها أو تنفذ الدول الإستعمارية مخططاتها للسيطرة على دول العالم كما فعلت في العراق وافغانستان . وتوظيف الحادي عشر من سبتمر .
وكل هذا التوظيف والصناعة للمتطرفين والدعم لهم ماهو إلا من صناعة الغرب واسرائيل والأنظمة العربية والإسلامية لمحاربة الإسلام والمسلمين والقبضة من حديد على شعوبهم . وجعل المسلمين يبطشون ببعضهم فوق بطش الأعداء .
فلو كانت الأنظمة القائمة مبنية على مبدأ العدل والمساواة بين المواطنين وأمام القانون , والوطن للجميع , والأمن اختصاصه حماية الدولة والمجتمع من العدو الخارجي والمجرمين , والجيش لحماية الوطن من الأعداء المتربصين بدولهم .
فلن تجد جماعات أو أفرادا تتجه للتطرف أو الإجرام إلا من ورث ذلك في جيناته ويقف الأمن والمجتمع في وجهه وينال جزاؤه .
وكل نظام يدعي أنه يحارب التطرف فأعتقد أن قوله هذا فيه شك كبير ويعتمد ذلك على أن الأنظمة هي التي أنبتت هذا التطرف وبيدها الخيوط كلها . وبطشها بالبعض منهم ماهو إلا تمثيلية مسرحية تقع آثارها على الأفراد الذين يحملون ذلك الفكر , لتعود بالفائدة الكبيرة على الأنظمة .
وعندما يشعرون بخروج أحد قيادات التطرف عن سيطرة أيديهم يصفونه ويتخلصون منه كما تم التخلص من أبو القعقاع بعد أن نفدت صلاحيته لهم في سوريه .
فهل من المعقول على سبيل المثال أن أمريكا لم تستطع أن تنال من أسامة ابن لادن ؟ مع أن التقارير المصورة عرضت صوره من خلال طائرة الإستطلاع الأمريكي وعدلت عن الفعل .