منذر أبو هواش
02/02/2007, 09:43 AM
((مجلة المنار ـ المجلد [ 1 ] الجزء [ 3 ] ص 66 7 ذو القعدة 1315 ـ 1 مارس 1898))
اصطلاحات كُتَّاب العصر
التعصب
مادة (عصب) تدل في أصل اللغة على الليّ والشد ، يقال : عصب الشيء ، إذا لواه وشده ، وعصب الشجرة : ضم ما تفرق من أغصانها ، وهو مأخوذ من الشد بالعصابة ، فمعنى عصب وتعصب في الحقيقة : شد العصابة ، ومنه العصبة لقوم الرجل وقرابته ، وكان جمع عاصب ( اسم فاعل ) ككَمَلَة جمع كامل ، والعصبية نسبة للعصبة ، والتعصب : ميل أفراد العصبة بعضهم إلى بعض وتشددهم في المدافعة عمن يتصل بهم بجامعة العصبية التي كان مناطها عند العرب القرابة والعشيرة .
ولم يكن يطلق اسم التعصب على التشدد في الدين والغلو فيه ، بل كانت العرب تسمي هذا تحمسًا ، وكُتاب العصر اشتهر بينهم إطلاق اسم التعصب على الإفراط في التشدد في الدين إلى درجة يؤذي بها المتعصب مخالفه فيه ، وأجدر بهم أن يسموه : تحمسًا ، لولا أن الناقلين له عن لغات الإفرنج إلى العربية لم يتنبهوا للفظ التحمس . ويطلقون التعصب أيضًا على الميل للجنس والإفراط في الحماية له والمحافظة على شرفه ، واتساع سلطانه ، وإن غمط حقوق سائر الأجناس ، وهضم جانبهم ، ويخصون هذا الضرب من التعصب بالمدح والإطراء ، والأول بالغميزة والهجاء ، ولا يخفى أن الأوروبيين سرى بينهم رأي نابليون في أن مناط الجنسية هو اللغة ، فكانت هذه الاصطلاحات وبالاً علينا نحن العثمانيين ، فإذا كانت سعادة الأمة في وحدتها ، والوحدة لا بد لها من جامعة تلتف عليها عناصرها وترتبط بها هاماتها ولَهازِمها فما هي الجامعة العامة والرابطة القوية لهذه الأمة المختلفة في الأديان واللغات ؟ ، والجواب : إن سعادتنا تتوقف على رفض مذهب الأوربيين في الجنسية واتفاقنا على أن يكون مناط جنيستنا هو العثمانية ، ولا أظن أحدًا من العناصر المستظلة بظل الدولة العلية العثمانية يرفض هذا ويرتضِي اصطلاح أوروبا في الجنسية.
________________________
((مجلة المنار ـ المجلد [ 1 ] الجزء [ 3 ] ص 66 7 ذو القعدة 1315 ـ 1 مارس 1898))
اصطلاحات كُتَّاب العصر
التعصب
مادة (عصب) تدل في أصل اللغة على الليّ والشد ، يقال : عصب الشيء ، إذا لواه وشده ، وعصب الشجرة : ضم ما تفرق من أغصانها ، وهو مأخوذ من الشد بالعصابة ، فمعنى عصب وتعصب في الحقيقة : شد العصابة ، ومنه العصبة لقوم الرجل وقرابته ، وكان جمع عاصب ( اسم فاعل ) ككَمَلَة جمع كامل ، والعصبية نسبة للعصبة ، والتعصب : ميل أفراد العصبة بعضهم إلى بعض وتشددهم في المدافعة عمن يتصل بهم بجامعة العصبية التي كان مناطها عند العرب القرابة والعشيرة .
ولم يكن يطلق اسم التعصب على التشدد في الدين والغلو فيه ، بل كانت العرب تسمي هذا تحمسًا ، وكُتاب العصر اشتهر بينهم إطلاق اسم التعصب على الإفراط في التشدد في الدين إلى درجة يؤذي بها المتعصب مخالفه فيه ، وأجدر بهم أن يسموه : تحمسًا ، لولا أن الناقلين له عن لغات الإفرنج إلى العربية لم يتنبهوا للفظ التحمس . ويطلقون التعصب أيضًا على الميل للجنس والإفراط في الحماية له والمحافظة على شرفه ، واتساع سلطانه ، وإن غمط حقوق سائر الأجناس ، وهضم جانبهم ، ويخصون هذا الضرب من التعصب بالمدح والإطراء ، والأول بالغميزة والهجاء ، ولا يخفى أن الأوروبيين سرى بينهم رأي نابليون في أن مناط الجنسية هو اللغة ، فكانت هذه الاصطلاحات وبالاً علينا نحن العثمانيين ، فإذا كانت سعادة الأمة في وحدتها ، والوحدة لا بد لها من جامعة تلتف عليها عناصرها وترتبط بها هاماتها ولَهازِمها فما هي الجامعة العامة والرابطة القوية لهذه الأمة المختلفة في الأديان واللغات ؟ ، والجواب : إن سعادتنا تتوقف على رفض مذهب الأوربيين في الجنسية واتفاقنا على أن يكون مناط جنيستنا هو العثمانية ، ولا أظن أحدًا من العناصر المستظلة بظل الدولة العلية العثمانية يرفض هذا ويرتضِي اصطلاح أوروبا في الجنسية.
________________________
((مجلة المنار ـ المجلد [ 1 ] الجزء [ 3 ] ص 66 7 ذو القعدة 1315 ـ 1 مارس 1898))