المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معجم يجب أن يعدم 2\



وحيد فرج
04/02/2007, 06:35 AM
معجم يجب أن يعدم 2\ 2!! ـ د.مصطفى رجب


د.مصطفى رجب : بتاريخ 3 - 2 - 2007
أعيد لتذكير القراء إلى أن " الشامل " : معجم في علوم اللغة العربية ومصطلحاتها ، وضعه محمد سعيد إسبر ، وبلال جنيدي ، ونشرته دار العودة في بيروت الطبعة الأولى عام 1981م ، والطبعة الثانية ( وهي التي بين أيدينا ) عام 1985م . . ويقع هذا المعجم في ثلاث وثلاثين وألف صفحة من القطع المتوسط بخلاف الفهرس . . ويقول المؤلفان في مقدمة هذا المعجم : إنهما استعرضا ما وضع في اللغة العربية من معاجم ، فلم يجدا ما يرجوان ، فوضعا هذا المعجم ، ورتباه في صيغة واحدة مرتبة بطريقة معجمية ، متناولين :
1- مواد النحو والصرف . 2- علوم القرآن والحديث.
3- علم العروض . 4- الإملاء والخط.
5- علوم البلاغة . 6- التعريفات الأدبية والنقدية .
وهما يقولان في المقدمة : " نستطيع القول – وبكل ثقة – إن هذا المعجم هو للطالب في المرحلة الثانوية ، وللمختص في المرحلة الجامعية ، وللباحث والدارس مهما علا اختصاصهما ، كما أنه في الوقت نفسه لهواة اللغة العربية ومحبيها ، ويمكن وصفه بأنه مكتبة في كتاب " !!!
وقد أكون مخالفاً للحقيقة إذا قلت إنني سعدت بقراءة هذا المعجم النفيس . . فالحق أن سعادتي انتهت عندما وصلت إلى هذه الفقرة من المقدمة . . . . إذ كيف يستطيع كاتب يحترم قارئه أن يقول : إن ما يؤلفه للهواة وللباحثين في وقت واحد ؟!!.
على أية حال . . ما إن مضيت في قراءة المعجم حتى وجدتني مضطراً إلى تدوين بعض الملاحظات ، إلى أن وجدت دفتري ضاق بما دونت ، وكلما توغلت في المعجم ، اكتشفت مزيداً من الملاحظات ، وبصفة خاصة أشير إلى الأغلاط في الآيات القرآنية الكريمة ، وهذا أشنع ما يمكن أن يقع فيه مؤلفان يزعمان أنهما يضعان معجماً يضم فيما يضم " علوم القرآن والحديث "!!
وليت الأمر وقف عند حد الأخطاء الطباعية ، بل إنه يتعدى ذلك إلى التحريف في آيات القرآن الكريم ، واستنتاج قواعد نحوية من تلك الآيات المحرفة !!!
ولقد ذكرت في الجزء الأول من المقال عددا من الأمثلة واليوم نستأنف ما بدأته منذ أسابيع

1- نماذج لأخطاء علمية :
وأقصد بالأخطاء العلمية : تسرع المؤلفين بإبداء رأي ، أو إعطاء حكم ، مبني على أساس غير سليم ، أو تسرعهما بالفتوى في موضوع ، ثم تناقضهما مع ما أفتيا به في موضع آخر من معجمهما ، فمن ذلك مثلاً :
3/أ = النصوص الشعرية ليست قطعية الثبوت ، وبالتالي فإن الاستشهاد بها في تقعيد قاعدة نحوية ينبغي طبقاً للأصول العلمية – أن يسبقه توثيق للنص الشعري موضع الاستشهاد ، وبخاصة أن روايات البيت الواحد قد تضطرب ، أو تختلف من مصدر لآخر من مصادر التراث الشعري ، وهذا ما لم يلتفت إليه واضعا المعجم ، فعلى سبيل المثال :
• في ص 562 قالا :" لا يجوز الفصل بين التمييز والعدد إلا في ضرورة الشعر ، كقوله : ( في خمس عشرة من جمادى ليلة ) . . يريد :" في خمس عشرة ليلة من جمادى " . . وفي قولهما هذا مأخذان : أولهما : إعادتهما الضمير " كقوله " على غير مذكور ، مما يخالف أبسط قواعد النحو ، وثانيهما : إثباتهما هذا الشطر كما لو كان معروفاً للجميع ، فلا هما أتما البيت ، ولا ذكرا قائله ، ولا مصدره .
• في ص 134 أوردا البيت الشهير :
لو أن الباخلين – وأنت منهم رأوك ، تعلموا منك المطالا
ونسباه إلى النابغة الجعدي ، وبعد صفحة ونصف صفحة فقط ، أوردا البيت نفسه ص 136 ، ونسباه إلى كثيّر عزة !!!.
• في ص 599 أوردا البيت الآتي :
كيف أصبحت ؟ كيف أمسيت ؟ مما
يغرس الودّ في فؤاد الكريم .
فقد ضبطاه بضم التاء في الفعلين الناسخين في البيت ، وفي تعليقهما على ذينك الفعلين ، والصواب : فتح التاء على أنها للمخاطب ، ويبدو أنهما لم يحاولا فهم معنى البيت . . . ومعناه : أن سؤال المضيف للضيف كيف أصبحت ، أو كيف أمسيتَ ؟ من الأشياء التي تميل إليها نفس الإنسان وتأنس بها ، فالتاء تاء المخاطب ، وليست تاء المتكلم .
ومن ذلك ما أورداه ص 663 ، فقد أوردا قول الشاعر :
ويركب يوم الروع منا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
فقد ضبطا " الكلى " بكسر الكاف ( وهي جمع كُلية بضم الكاف ) والمعروف في جميع كلية أنها كلى بضم الكاف كذلك ، أما كسرها فلغة العامة .
ومن ذلك ما أورداه ص 64 من قول عمر ابن أبي ربيعة " ثم قالوا : تحبها ؟ قلت : بهراً . . . استشهدا بذلك البيت على حذف الهمزة الاستفهامية ، أي : ثم قالوا : أتحبها ؟ مع أن البيت يروى أحياناً :
قال لي كم تحبها قلت بهراً عدد الرمل والحصى والتراب
وهو الأقرب للمنطق ، فالسؤال بكم عن العدد يناسبه نصف البيت الثاني ، أما روايتهما فركيكة ، إذا عرفنا أن مطلع القصيدة :
قال لي صاحبي ليعلم ما بي أتحب القتول أخت الرباب ؟
وليس عمر بن أبي ربيعة بالشاعر الركيك الذي يستفهم بالهمزة أول القصيدة ، ثم يستفهم بالهمزة وبالصيغة نفسها بعد بيتين أو ثلاثة أبيات . . .
3/ب = من أمثلة التسرع في الفتوى ، ما ورد في ص66 في معرض حديث المؤلفين عن أسلوب الشرط . . قالا ما معناه : إن الاسم لا يأتي بعد أدوات الشرط إلا بعد أداتين فقط ، هما : إنْ الجازمة ، و " إذا " غير الجازمة . . . ونفاجأ بهما في 221 يأتيان بأمثلة للأداة " أيّ :" إن الأساس في " أي " أن تضاف إلى نكرة !!! ". . . ونسيا ما قالاه آنفاً ( ص 66 ) من أن الأسماء لا تأتي إلا بعد إِنْ وإذا .
3/جـ= من أمثلة التردد ، أو عدم القدرة على الضبط ، ما أورداه في ص 569 – بند رقم ( 7 ) من أن اسم المفعول الذي أصله ثلاثي وعينه حرف علة ، تحذف تاؤه في صيغة منتهى الجموع . . . مثل : مختار ، ومنقاد تصيران : مخاير ، ومقاود ، ولنا زيادة ياء قبل آخره تعويضاً عن المحذوف ، فتصيران : مخايير ، ومقاويد ، مع أنهما في بند ( 5 ) السابق قالا : إن الميم في أول الكلمة أولى بالبقاء إذا كانت زائدة وتليها تاء الافتعال والاستفعال ، نون الانفعال ، وهو ما لم يلتزماه في بند ( 7 ) هنا !
وإنني أشك في سلامة هذه القاعدة شكاً كبيراً . . فإذا صحت فكيف يقولان في جمع ( مشتاق ) إذا كانت اسم مفعول أو في غيرها مما لابد له من حرف جر بعده ؟ وكيف يقولان في جمع " مختار " على هذه الصيغة " مخاير " أيكون مفردها اسم فاعل ، أم اسم مفعول ؟ وبأي قرينة ؟ ثم " مقاود " هذه التي جاءا بها ، كيف نفرق بينها في هذه الصيغة ، وبينها جمعا ل " مِقْوَد " بكسر الميم وسكون القاف ، وفتح الواو ؟ وكيف يجمعان " مرتاع " بمعنى خائف على هذه الصيغة ؟ أهي مرايع ، أم مراييع ؟ ومن ذا الذي يعرف أن مراييع هذه جمع مرتاع على صيغة منتهى الجموع ؟
ثم إنهما في بند ( 8 ) بعد هذا مباشرة يقولان : " الطبيعي في الصفات التي أولها ميم زائدة ، أن تجمع جمع مذكر سالماً ، أو مؤنث سالماً مثل : مجتهد : مجتهدون ، مجتهدة : مجتهدات . . وأعتقد أن بند ( 8 ) يشمل فيما يشمل جمع أسماء المفعول التي أصلها ثلاثي ، وعينه حرف علة ، لأنها غالباً تكون صفات .
3/د = ومع إقرار المؤلفين بأن الطبيعي في الصفات التي أولها ميم زائدة . أن تجمع جمع مذكر سالماً ، أو مؤنث سالماً ، فإنهما في ص 81 يقولان : " ثلاثة مفاعيل " وكان الأولى بهما أن يقولا : ثلاثة مفعولات . . . تطبيقاً لما يقعدانه من قواعد !!! .
2- نماذج لركاكة الأسلوب :
 في ص 89 يتحدثان عن قراءة القرآن فيقولان : " ويجوز للقارئ أن يقطع الاستعاذة عن البسملة ، ويقطع البسملة عن أول السورة ، وله أن يصل الاستعاذة بالبسملة ، يقرأ الاستعاذة ويقف . . ثم يصل البسملة بالسورة ، وله أن يقطع دائماً فيقف بعد الاستعاذة ، وبعد البسملة و!! . . . ما هذا كله ؟ ولم كل هذا الأخذ والرد والإرغاء والإزباد في أمر يمكن صوغه بأسلوب موجز لا استطراد فيه ولا إعادة . . فيقال مثلاً : إن للقارئ أن يصل بين كل من الاستعاذة والبسملة والسورة ، أو يقطع فيقف بعد كل واحدة أو اثنتين .
 قولهما في ص 679 " بحيث اَنّ ( بفتح همزة أنّ ) !!. . و " تقديم بيت على بيت لا يؤثر كثيراً على المعنى " . . الصواب : " في المعنى " فالفصيح أن الفعل " أثر " يتعدى ب"في " . . و " ثم تغلغل تأثير أرسطو في الفكر والأدب ، ففهموه بشكل خاطئ فأخذوا هذه الملاحظات الخاطئة التي فهموها ، وحولوا الشعر إلى بلاغة لفظية " . . فهما ذكرا أرسطو فجأة خلال حديثهما عن الوحدة العضوية . . ثم إن قولهما " بشكل خاطئ " من الأساليب الركيكة . . فالفصيح أن يقولا : " ففهموه فهماً خاطئاً " والواو في الفعل " فهموه " لا تعود على مذكور قبلها ، واسم الإشارة : " هذه الملاحظات " لا مكان لها هنا ، إذ لم يسبق استخدام كلمة " الملاحظات " حتى يشار إليها .
 ويبقى ما أورداه عن أسس الشعر الحديث في ص 680 فجل ما أورداه لا طائل منه ، ولا قيمة له ، ولا حتى من مجرد التعرض له هنا .
3- نماذج للنقل غير الدقيق :
 أورد المؤلفان ص 567 أن صيغة " فُعال " بضم الفاء ، من مصادر الثلاثي التي أقرها مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، لتستعمل للدلالة على : أ – داء . ب- صوت . مثل : دوار ، وزكام ، ونباح . . وأوردا هذا في ص 650 على أنه قاعدة مسلم بها دون إشارة إلى أنه اجتهاد مجمعي ، وإلا فإن اللغة العربية قد عرفت مصادر على وزن "فُعال " لا تدل على داء أو صوت ، مثل : دخان ، ومخاط وغيرهما .
وبعد :
فإن الرحلة تطول إذا استقصينا ما يحتاج إلى استقصاء ، ويكفي أننا أشرنا إلى نماذج فيها من الدلالة على خطر انتشار هذا المعجم ، وبخاصة ما يموج به من أخطاء في آيات القرآن الكريم . . .
ولعل في هذه العجالة ذكرى لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد . . .
ولعل ذلك لا ينفي أن بالمعجم مجهوداً ملموساً يستحق التقدير والثناء . . .
غير أن المتنبي قال :
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام
وقد جنى المؤلفان على نفسيهما بمقدمتهما تلك التي يشتم منها القارئ لأول وهلة رائحة الغرور . . .
نسأل الله أن يجعلنا وإياهما خارج دائرة الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً . . .
http://www.almesryoon.com