المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعراوية



علاء الدين حسو
04/02/2007, 04:28 PM
شعراوية
1
أخيرا .. صباحا تمكنت من إنهاء الصياغة الرابعة للرواية، وهبط عليّ هدوء فقدته منذ زمن..
من تشرين الاول 2005الى تشرين الاول 2006 .. عام كامل ،لم يبقى احد يعرفني إلا واشتكى مني ، كنت قلقا ،متوترا, سريع الغضب ، سريع الرضى، أهملت دراستي الجامعية ..سنة بحالها، حتى استطعت إنهاء الرواية وشعرت بسعادة لا يمكن وصفها الآن..جمعت الأوراق المتناثرة, فصلت الصياغة الأخيرة عن الصياغات الأخرى ..وتهيأت للقاء بهاء لمقابلة الناشر الذي تطوع في نشر كتابنا لما علم بمحتواها..
2
تأخر والدي في جلب الخبز، كنت ارتقب مصروفي اليومي بعد قدومه من الفرن..تأقلم والدي مع تصرفاتي ،في البداية ثار ثم اعتاد ..غريبا كان تجاهلي..مقلقة كانت عزلتي ..أما اليوم، هذا الصباح أسعدتُ أمي لما سمعت عزمي على جلب الخبز بدلا من أبي..وتألمت لما افتقدت أختي التي تزوجت كانت ستفرح لفرحي ..
تجاهلني والدي عندما جاء، ودخل غرفته وكان خالي اليدين، لحقته أمي وخرجت بعد قليل وقد اختفت ابتسامتها الدائمة و قالت:
- لقد سُرق والدك في الفرن..
تأبطت روايتي وخرجت
3
قلت لها فلم تصدقني، قلت لهم فلم يصدقونني..كان( الباص) مزدحما ،وكنا منحشرين في القسم الخلفي ،نستنشق زفير بعضنا البعض ،نسد أجسادنا بأجسادنا كمثل الحجارة تصطف لتشكل شكلا هندسيا يناسب حجم (الباص)
وكنت اعرف أسلوب هذا السائق..يقف بين محطتين لينزل ركاب المحطتين، ضاربا عرض الحائط بأقوال وتهديد وسخط الركاب..لذا قلت للمرأة التي حشرت نفسها بيننا :
- لن يقف على الموقف؟

فتجاهلتني وحين قلت للذي بجانبي وكان ضخما كريه الرائحة:
- لن يقف السائق ..

رمقني الضخم ودفع الذي خلفه فسمعت أنفاسا كُتمتْ، ولخبرتي في اللحظات المزدحمة تحملت رائحته الكريهة في سبيل حماية جسدي من التخلخل والانضغاط كان كدرع بشري صان جسمي ،وخاصة ذراعي الأيمن الذي كان يتأبط المصنف الذي يحوي أوراق الرواية .. ستكون أول رواية لي سيُكتب اسمي وهي أولى درجات المجد،كأني رأيت مدرج كلية الآداب مزدحما كازدحام الباص يناقشون كتابنا ..

سرقت المرأة احلامي بصراخها تطلب النزول وقد وصلت إلى المحطة التي ترغب في النزول. إلا أن السائق تابع ، فتحمس بعض الشباب وضربوا الباب الخلفي لتنبيه السائق الذي كان يشتم ويصرخ . فعدت أقول للذي بجانبي:
- حذّرتها ..اعرف هذا السائق لن يقف إلا بين محطتين..
- مجنون هذا السائق..هتف صوت كهل لم اقدر على رؤيته.
ويبدو أن احد المراهقين استغل الفرصة وداعب منطقة حساسة للمرأة التي (ولولت)..فكما حدث في فيلم نور الشريف (سواق الأوتوبيس) حيث انقض على المراهق يضربه لتصرفه مع إحدى الراكبات وكأنه يفرغ فيه مشاكله العائلية..تكرر هذا المشهد ولكن حظ المراهق السيئ جعله يواجه العشرات من امثال نور الشريف فتوقف الباص وقذف الشاب ونزلت المرأة ..وقبل أن يسير الباص صرخت اطلب المساعدة لجمع الأوراق التي تبعثرت لحظة الفوضى التي أحدثها المراهق فساعدني البعض على لمها ..
4
صاحب المطبعة، الناشر، خال زميلي بهاء المتحمس لقصصي كتحمسي لشعره، كنا نفكر بتكوين شلة مثقفة تضم جيلا جديدا يمكنه أن يقضي على الجهل والعصبية..وان كنا نتنافس على حب (سحر) زميلتنا .. إلا أن كلانا لم يفاتحها بالموضوع كانت ثرية جدا ومن عائلة راقية جدا. لذا اكتفينا بالرمز المشترك بيننا كانت القلعة رمزا لها. وهو سر تحدثي عن القلعة كثيرا، وسر تغزل زميلي بالقلعة.كانت المطبعة قريبة من القلعة .سينتظرني بهاء عند بابها مع أشعاره.. سيكون كتابا مشتركا ..كنا متحمسين لأنها ستكون جديدة الأسلوب .. فصول في الشعر وفصول في النثر سنسميها( شعراوية) خطر لنا ذلك بعدما قرأنا( بنك القلق) لتوفيق الحكيم كان كتابه عبارة عن فصول مسرحية ونثرية سميت"مسراوية" لم نهتم بها كمضمون جذبنا اسلوبها .. تتحدث"الشعراوية" عن حقبة تاريخية وهمية تكون قلعة حلب حاكمة الدنيا والذي يدخلها يصبح من فرسان القلعة الأقوياء ..ونتحدث فيها عن اديب (شاعر وروائي) يحاول الدخول إلى القلعة المحمية فكتبتُ سيرتهُ نثرا وكتب بهاء أشعاره التي كتبها الشاعر في مغامرته خلال رحلته للدخول إلى القلعة ...
-5-
كأني رأيتُ سحر لما استقبلني بهاء رمق المصنف تحت أبطي ورمقت دفتره الصغير.. تبادلنا الابتسامة إلا أنني لمحت في عينيه ألما وقبل أن اسأله تطلع بالقلعة وهمس:
- هل أنهيت الرواية؟
- إنها هنا وأشرت إلى إبطي. لم يلتفت ..نكّس رأسه وقال بصوت خُيّل إليّ انه يبكي:
- هربت الكلمات...وقبل أن أساله اعطاني الدفتر فوجدته ابيضا خاليا من الحروف ...
كزجاج نافذة كسرها حجر طائش تصدعت احلامي وتناثرت ..امسك بي بهاء وقادني إلى القلعة ...
دخلنا القلعة ..عبرنا المسرح الروماني الذي رمم حديثا.. تجاوزنا معبد الشمس ..صعدنا أعلى قمة في القلعة ... نتفرج على حلب وكانت الريح قوية خرّبت تسريحة بهاء الأنيقة وبان صلع خفيف من الوسط كان يستره بشعره الطويل ..مرّ بنا بعض السياح يلتقطون الصور التذكارية وكان الهواء يداعب ثوب إحداهن فارتفع إلى الأعلى رأينا سروالها الداخلي ، كان احمر اللون .
ضحك من كان يصورها ودمعت عيني .لا ادري سبب الدمعة أهي رؤية صلعة بهاء أم الهواء القوي الذي صدمني؟!...


&

عبد الحميد الغرباوي
04/02/2007, 10:13 PM
نص عاد بي إلى حلم قديم عمره الآن قرابة ثلاثين سنة، حين كنت أمني النفس بأن أكون ذات يوم كاتبا له اسمه و الحضور الذي يجعله يستحق مكانة أدبية بين زمرة الأدباء.
كانت فترة رائعة، رغم الصراع الذي كنت أعانيه داخليا، من أجل أن أكتب نصا يحتل عمودا أو عمودين داخل ملحق ثقافي من الملاحق الثقافية التابعة لبعض الصحف المغربية، لم أكن أفكر في الصحف و لا في المجلات العربية،كان يبدو لي ذلك بعيدا بعد السماء عن الأرض..
سرد سلس، و لوحات غنية بالمواقف الظريفة.
توظيف" القلعة" لتخدم أكثر من دلالة، أربكني لحظة، لكني استطعت في النهاية التمييز بين القلعتين، الحبيبة من جهة، و القلعة الحلبية من جهة أخرى.
أثارني أخي في عملك، خطآن أرجو أن تعود إليهما:
فوجدته ابيضا خاليا
ودمعت عيني ( إلا إذا كان الأمر يتعلق بعين واحدة)
و في خاتمة النص:
ألا ترى معي أن الجملة ستكون أقوى لو كتبت:
لا أدري سبب الدمعة أهي رؤية صلعة بهاء، أم صدمة الهواء؟!...
محبتي، أخي حسو.

ابراهيم درغوثي
05/02/2007, 12:40 AM
سنترقب هذه الرواية الشعرية
وهذا الشعر الروائي يا علاء

في كل مرة تستحضر القلعة أحس بحنيل جارف إلى ذلك المكان الرائع

دمت مبدعا يا صاحبي

علاء الدين حسو
05/02/2007, 11:31 AM
نص عاد بي إلى حلم قديم عمره الآن قرابة ثلاثين سنة، حين كنت أمني النفس بأن أكون ذات يوم كاتبا له اسمه و الحضور الذي يجعله يستحق مكانة أدبية بين زمرة الأدباء.
كانت فترة رائعة، رغم الصراع الذي كنت أعانيه داخليا، من أجل أن أكتب نصا يحتل عمودا أو عمودين داخل ملحق ثقافي من الملاحق الثقافية التابعة لبعض الصحف المغربية، لم أكن أفكر في الصحف و لا في المجلات العربية،كان يبدو لي ذلك بعيدا بعد السماء عن الأرض..
سرد سلس، و لوحات غنية بالمواقف الظريفة.
توظيف" القلعة" لتخدم أكثر من دلالة، أربكني لحظة، لكني استطعت في النهاية التمييز بين القلعتين، الحبيبة من جهة، و القلعة الحلبية من جهة أخرى.
أثارني أخي في عملك، خطآن أرجو أن تعود إليهما:
فوجدته ابيضا خاليا
ودمعت عيني ( إلا إذا كان الأمر يتعلق بعين واحدة)
و في خاتمة النص:
ألا ترى معي أن الجملة ستكون أقوى لو كتبت:
لا أدري سبب الدمعة أهي رؤية صلعة بهاء، أم صدمة الهواء؟!...
محبتي، أخي حسو.
وتعليقك اعادني الى زمن الطفولة والمراحل الدارسية الاولى عندما كانوا ينادوني بحسو
اشكرك استاذ عبد الحميد المحترم على تعمقك في النص واشكرك لانك ذكرتني بان ابيض ممنوع من الصرف واشكرك على تصويب الخاتمة وما بالنسبة للعين فالله احترت وعدت افكر بالعين هل كلا العينان او عين واحدة فلم اهتدي .. تحياتي وتقديري علاء .

علاء الدين حسو
05/02/2007, 11:32 AM
سنترقب هذه الرواية الشعرية
وهذا الشعر الروائي يا علاء

في كل مرة تستحضر القلعة أحس بحنيل جارف إلى ذلك المكان الرائع

دمت مبدعا يا صاحبي

اخي ابراهيم المحترم كلما اشذّ عن طريق الادب اجدك تشدني اليه اشكرك ويسعدنا ان نراك بيننا في الايام القادمة تحياتي. علاء اخوك الصغير.

الحاج بونيف
23/09/2007, 08:10 PM
أخي علاء الدين حسو
تحية
خمس محطات في هذه القصة الجميلة، انتقلنا معك من محطة إلى أخرى تتأبط روايتك الشعراوية .. جلت بنا في القلعة المطلة على المدينة.. أسلوب متين ولغة رصينة .. سننتظر صدور الرواية الشعرية يا علاء.. تحيتي الخالصة

علاء الدين حسو
24/09/2007, 11:26 AM
الغالي بونيف الرواية الشعرية نكتبها جميعا فمنا من كتب واخر يكتب واخر سيكتب ..تحياتي الغالية لك ..