المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النداء السابع ولا مجيب



كاظم فنجان الحمامي
01/11/2009, 06:13 PM
النداء السابع ولا مجيب



كاظم فنجان الحمامي

من عجائب الأمور وغرائب الدهور إننا في العراق نكتب ونقترح ونسهر الليالي الطوال في البحث والدراسة والمراجعة والتحليل, ونفني أعمارنا ونضحي بأوقاتنا, ثم ننشر نتاجاتنا في الصحف والمنتديات والفضائيات عسى أن تهتم بها التشكيلات الحكومية المعنية, ونحرص اشد الحرص على طرح المواضيع التي تعود على أهلنا بالخير والنفع والفائدة, وتسهم إسهاما مباشرا في تحسين الأوضاع المعيشية المتردية, فلم نلق الإذن الصاغية وكأننا نؤذن في صحراء الربع الخالي, ثم نعاود الكرة مرة أخرى ونغير أسلوبنا في الكتابة ونحمل كتاباتنا الجديدة, التي نستعرض فيها أفكارنا ذاتها بأسلوب مختلف, ونذهب بها هذه المرة إلى المقرات الحكومية ونضعها على طاولات المسئولين ونتوسل إليهم بقراءة الموضوع ونستعطفهم من اجل الاستفادة من الأفكار الطيبة الكفيلة برفع مستوانا المعيشي نحو الأفضل. ونقضي النهار كله في شرح الموضوع لهذا المسئول من دون أن نحس بأنه فهم شيئا مما نقول. كان في كل مرة يتثاءب ويتمدد على طنافس مكتبه الفاخر, فنتركه يغط في نومه العميق ونخرج بخفي حنين, لكننا لم نيأس ولم نتراجع, وهكذا نواصل البحث والكتابة ثم يأتي من يهمس بآذاننا, وينقل لنا رسالة مشفرة من بلاط الحكومة تحذرنا من سوء عاقبة الكتابة في المواضيع الإصلاحية والتطويرية, فنركب رأسنا وتأخذنا العزة بالإثم, ونمتطي العناد بعيرا هائجا نصول ونجول فوق ظهره, ونرفع عقيرتنا بالصياح والمطالبة بمواكبة مسيرة الأقطار التي كانت وراءنا فقفزت فوقنا وصارت أمامنا.
لا أريد أن أطيل عليكم فقد كتبت وكتبت في كل الصحف والمجلات العراقية منذ القرن الماضي, ومازلت أطالب الحكومة العراقية برفع القيود عن المواطن العراقي, ومنحه الجواز البحري الذي يتيح له العمل في عرض البحر أسوة ببقية أبناء شعوب كوكب الأرض, فالعراق يا جماعة هو البلد الوحيد في هذا الكون الفسيح الذي يصر على عدم منح الجوازات البحرية إلا للعاملين في مؤسسات الدولة للعمل على سفنها القليلة التي تمتلكها.
وتعمدت أن استخدام العناوين الاستفزازية في نداءاتي المتكررة, لعلها تلفت انتباه أولياء الأمر, فبدأت بمقالة عنوانها (نحن نعمل ضدنا), وأخرى عنوانها (ذات الصواري الثانية), ثم (سيمنز بوك), وبعدها (من يرمي طوق النجاة ؟ ), وبعدها (تقاعد سفن الصيد العراقية), واختتمتها بمقالة جريئة بعنوان (فرصة لتشغيل مليون عراقي) نشرتها الصحف العراقية, وعلى الرغم من جرأة العنوان وقوته, لم أتلق أية استجابة أو ردود أفعال من أي جهة, وتطرقت في الموضوع إلى إمكانية توفير فرص العمل لآلاف العاطلين عن العمل من أبنائنا ومن دون أن تخسر الحكومة العراقية فلسا واحدا, بل إنها ستحقق من خلال تطبيق هذه الفكرة مكاسب هائلة لا حدود لها.
وهذا هو النداء السابع الذي أطلقه من هنا عسى أن يقرأه أولياء الأمر, فيبادروا باستدعاء هذا الذي يمتلك القدرة على تشغيل مليون عاطل. ربما يكون عبقريا أو مجنونا, فمن غير المعقول أن نستمر بإطلاق هذه النداءات المتكررة من دون ان نحس بارتداد الصدى على اقل تقدير ؟.
ومع ذلك فإننا سنمضي في نشر كتاباتنا الجادة برأس مرفوع وصدر مفتوح وقلب متفائل بالخير, فكم هو جميل أن نبتسم ودموعنا على وشك الانهيار. .