المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التسلق في ساحة الدعوة : غش وخداع وكذب وفتنة



طريف السيد
02/11/2009, 09:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
التسلق في ساحة الدعوة
غش وخداع وكذب وفتنة
يعتبرالدين مرجعية الإنسان في حياته ، وهو الهداية والنور , به يكون الناس على بينة من أمرهم , وعلى هدى وبصيرة في شتى مناشط حياتهم ، إنه من عند الله تعالى العليم الخبير وهو محفوظ بحفظه ..
(قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الأنعام -162-163
و التدين حالة تنشأ عن قناعة وسلوك, قد تلازم الإنسان حياته كلها وقد ترافقه فترة من الزمن ثم تغيب أو تخفت أوتتوهج حسب همة المسلم في الإرتقاء وصقل النفس .
فالتدين قناعة وإلتزام وسلوك , وهو حالة إنسانية لها ما لها وعليها ما عليها ،وقد يكون التدين أحيانا نابع عن عادات وتقاليد , بحيث تترك تلك العادات بصماتها على التدين والإلتزام وطريقة التفكير والتعبير , لذلك لابد من التفريق بين الدين كنور وهداية ومصدر للتشريع , وبين التدين كنمط سلوكي قد تعتريه نواقص وقد تتخلله آفات تكبر وتصغر وفق شخصية الشخص المتدين.
ونصادف في الحياة أنماط من التدين منها على سبيل المثال : التدين المغشوش,والتدين المتشدد , والتدين السياسي،والتدين المنحرف , وكلها أصناف للتدين لا ينبغي بأي حال من الأحوال إسقاط تبعاتها السيئة على الدين كرسالة صافية نقية لا أخطاء ولا علل ولا غش فيها.
إذا فالدين هو التعاليم التي مصدرها رباني, وهي شرع الله الذي لايأتيه الباطل، أما التدين هو التشرع بتلك التعاليم ، وهوالفهم والتطبيق البشري لتلك التعاليم , وأي خلل في الفهم والتطبيق لاينسب للدين بأي حال من الأحوال .
عندما أتحدث عن أخطاء بعض المتدينين وعللهم التي تلتصق بهم التصاق الجِلْد باللحم،فإنني واثق أنني سأثير بذلك حفيظة بعض المتدينين وخاصة أولئك الذين يعانون من تناقض في تدينهم .
إن انتقاد الظواهر السلبية في سلوك المسلمين، منهج من صميم الفكر الإسلامي أشار إليه القرآن الكريم وأبرزته السنة المطهرة وعمل به أهل العلم والدعاة على طول الزمان، في أكثر من مناسبة وأكثر من مجال، ولعل أوضح الإشارات ما جاء في سياق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. ) آل عمران ـ 104
وقال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران ـ 110.
وقال تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور) الحج ـ 41 .
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم.
وقد تصدى العلماء منذ صدر الإسلام وحتى يومنا لكل ما يخالف الإسلام، سواء على مستوى المجتمع أو الأفراد أو الحكام، ولم يتخلفوا عن مواجهة الأباطيل والخرافات والشعوذات،والغش والخداع ,وفي العصر الحديث يعتبرالشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله ـ من رواد هذا المجال، سبق به أولئك الذين يحاولون الخلط والتشويه والتشهير، واتهام الإسلام بما ليس فيه.
فتصحيح المفاهيم الإسلامية قضية مستمرة في الزمان والمكان،ولا تتوقف تحت أي ظرف أو مبرر .
ما سيرد في تلك المقالة ، هو عملية إبرازلسلوكيات وتصرفات ومظاهر يمارسها بعض المتدينين , فنقد وتقييم تلك السلوكيات هدفه الإصلاح ووضع اليد على الجرح حتى لو كان ذلك مؤلما فصراخ ساعة خير من معاناة طويلة مستمرة .
وليس المقصود من وراء ذلك هو التشهير بأهل العلم والفكر والدعوة , بل التنبيه لسلوكيات البعض ممن يسئ للدعوة وللدعاة ولأهل العلم .
هذا ما عايشته ولامسته خلال سنوات خلت , من فترة إقامتي في السويد , في مدينة أوربرو وتكتب OREBROوهي إحدى المدن السويدية تقع في وسط السويد وتبعد عن العاصمة ستوكهولم Stockholm حوالي 200 كلم, مكتفيا بالإشارة لتلك السلوكيات والتصرفات لنرى حجم الكارثة التي تعاني منها الدعوة في تلك المدينة , وهي سلوكيات معايشة وليست نقلا عن فلان وقيل وقال .
وهي جرعة قاسية, لكن لنعتبرها دواء مرا لابد منه .
وقد ترد بعض العبارات القاسية , وقد نصحني بعض من أحبهم في الله , وقالوا لي ستصيبك كلمات طائشة وسيقدحون بسمعتك ويشوهونها , فكنت أقول لهم : لم يعد للصمت مكان , والأمر يحتاج لوضوح وصراحة ومكاشفة , وتسمية الأشياء بأسمائها , ونزع الألقاب عمن لايستحقها وخاصة أولئك الذين أهانوا تلك الألقاب بسبب الإساءات المتكررة .
ليس مهما أن يدينني فلان وعلان وهذا وذاك , أو أن يتهمني البعض أنني جاسوس وأكتب التقارير وأعمل لصالح جهة أو أخرى ... إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة أني كامل .
أعرض عن الجاهل السفيه ****** فكل ما قاله فهــــو فيه
فلا يضر نهر الفرات يوما ******* إذا خاض بعض الكلاب فيه.
أقولها بكل جرأة وشجاعة , أنني ضد كل غش وخداع وتدليس يمارس باسم الدين , ومهما كانت التبعات لهذا الموقف , فلا يهمني خصم غير شريف في خصومته , ولا يهمني جاهل لايرى أبعد من أرنبة أنفه , ولا يهمني حاقد حسود ملأ الحقد والحسد قلبه , ولا يهمني كاذب وفتان , فكلامي قول صادع أجهر به بملء فمي , لا كما يفعل رواد الفتن الذين يتكلمون همسا في الغرف المغلقة .
لابد لنا كل فترة من عملية تقييم لمن يتصدرون للدعوة , سواء على مستوى المؤسسات والجمعيات والمراكز , أو على مستوى الحركات والجماعات الإسلامية , وقد تتطلب عملية التقييم جرحا وتعديلا , تضعيفا أو توثيقا , وقد تتضمن الأمرين معا , فعملية التقييم هي أحد السبل لمعرفة الناس والتعرف على إمكانياتهم الحقيقية .
( يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ومعرفة أحوال الناس تارة تكون بشهادة الناس , وتارة تكون بالجرح والتعديل , وتارة تكون بالإختبار والإمتحان ) .
( سئل ابن المديني عن أبيه , فقال : سلوا غيري , فأعادوا المسالة , فأطرق ثم رفع رأسه فقال : هو الدين , إنه ضعيف ).
( وقال أبو داود صاحب السنن : بني عبد الله كذاب ) .
( وقال الذهبي في ولده أبي هريرة : أنه حفظ القرآن , ثم تشاغل عنه حتى نسيه ) .
سيصاب الناس بالعجب والإستغراب عندما يطلعون على هذه السلوكيات والتناقضات وخاصة عندما تصدر عن اشخاص يتصدرون للدعوة وإعطاء الدروس وإمامة الناس , ولا أستبعد أن يكون الناس على معرفة بهم وبسلوكياتهم , لكنهم يؤثرون الصمت .
إن الثبات في حياة الأشخاص غير دائم , فالإيمان يزيد وينقص ,كما أن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن , فالنفوس تتغير , والقلوب تتقلب , وهذا يتطلب عملية تقييم ونقد بين الحين والآخر لملاحظة هذه التغيرات وتلك الأمراض لتتم معالجتها .
( قال يحيى بن معين : إنا لنطعن في أقوام لعلهم حطوا رواحلهم في الجنة أكثر من مائتي سنة ) .
( قال بعض الصوفية لابن المبارك : تغتاب , قال : اسكت , إذا لم نبين , كيف تعرف الحق من الباطل ؟).
لن أتوقف عند الخلافات الفقهية أو الفكرية وجعلها محل نقد , فهذه مما لايحق لأحد أن يتدخل فيها ليلزم الناس بفقه معين , أو بمنهج فكري معين , والناس أحرار فيما يختارون .
هناك من يدعوا للصمت تجاه هذه المظاهر خشية الوقوع في الغيبة والنميمة , وينسى هؤلاء أن مصلحة الدين والدعوة هي مصلحة عامة وهي مقدمة على مصلحة الأفراد , فكم من مصيبة بسبب هؤلاء جرت علينا ويلات وتهم وشبهات , وبسببهم تجرأ علينا أعداء الإسلام .
( قال البعض للإمام أحمد بن حنبل : إنه يثقل على أن أقول فلان كذا , وفلان كذا , فقال : إذا سكت أنت , وسكت أنا , فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم ).
فلا يجوز أن تتوقف عملية النقد والتقييم خشية الغيبة والنميمة , أو بسبب مكانة الشخص , أو كونه إمام وخطيب , أو لكونه يعطي درسا في المسجد , أو لكونه عضوا في الإدارة أو في لجنة من اللجان , أو رئيسا لجمعية من الجمعيات.
كما أنني لاأقصد التأثيم , فهذه من إختصاص الله وحده , لكن القصد هو التوعية , ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب , حتى لايكون القدوات سبب في نفور الناس , ولينظر بعض الذين يعطون دروس في المسجد فكم شخص يجلس ويستمع لهم ؟!
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدح وأثنى على أبي ذر في مواطن عدة , ومع ذلك منع عنه الإمارة .
( قال أيوب السختياني : رب أخ من إخواني أرجوا دعاءه , ولا أقبل شهادته ).
فالصمت والسكوت عن المفاسد والسلوكيات السلبية التي يتصرف بها البعض , مردود مرفوض , لأنه يفتح الباب لتقدم وصعود المصابين بنفس الوباء , والضعفاء وغير الثقات , وأصحاب الكذب والفتن .
وكثيرا ما نسأل لماذا النتائج قليلة مقارنة مع الجهد المبذول , فلننظر كم درس يعطى في المسجد ولنقارن النتائج !!!
السبب هو وجود أشخاص ليسوا أهلا للموعظة والإمامة والفتوى , وبسبب التناقضات بين سلوكها وتصرفاتها وبين الكلام الذي يحدثون الناس به .
كيف سيتقبل الناس حديث من يقول لهم إن العمل بالأسود حرام , بينما هو جمع معظم ماله من العمل بالأسود !!!
كيف سيتقبل الناس حديث من يحدثهم عن مشاكل البيوت وإصلاحها , بينما بيته خرب من كثرة المشاكل !!!
كيف سيتقبل الناس الحديث عن الصدق والإخلاص وهم يعرفون أن محدثهم يريد أن يكون هو المؤذن وهو الإمام وهو الخطيب وهو المفتي , ولو أذن غيره لانتقده قائلا عندك مخالفات شرعية في الآذان , ولو خطب الجمعة غيره فيقول عنه إنه يلحن في الكلام , ولوتكلم في الفقه غيره لقال عنه رجل لايفهم في الفقه !!!
كيف سيتقبل الناس الحديث عن الصدق وهم يعلمون أن محدثهم كذاب ويحلف أيمانا كاذبة , ويختلق قصصا كاذبة !!!
كيف سيتقبل الناس الحديث عن الصدق والإخلاص ومحدثهم ينطلق بسرعة الصاروخ نحو حب الظهور والشهرة !!!
كيف سيتقبل الناس الحديث عن الإخوة والتعاون ومحدثهم لم يترك شيخا ولا إماما ولا خطيبا ولا مؤذنا إلا وطعن وشكك بهم جميعا , فقط ليبعدهم من طريقه وتبقى الساحة فارغة له وحده !!!
كيف سيتقبل الناس الحديث عن الأمانة بينما محدثهم يقدم نفسه للناس في مناسبات معينة على أنه موكل من قبل المسجد , بينما ليس للمسجد علم بذلك !!!
أو تجد أحدهم يذهب ليلقي محاضرة في إحدى المدن باعتباره هو إمام المسجد في المدينة التي جاء منها , بينما هو ليس بالإمام !!!
وقد قرأت دعاية لمحاضرة لشخص يدعي أنه إمام المسجد في المدينة التي يقيم فيها , بينما إمام المسجد حقيقة ليس هو بل شخص غيره , وذلك معروف , لكنه الكذب والتدليس وحب الشهرة , والبعض يعرف عن ذلك الأمر وفي أي مدينة حصل ولديهم رابط الأنترنت للموقع الموجود فيه الدعاية .
( قيل لأحمد بن حنبل : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف , أحب إليك , أو يتكلم في أهل البدع . فقال : إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه , وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين , وهذا أفضل ) .
التسلق هو سلوك يلجأ إليه البعض من أجل الوصول إلى هدف معين عالي المكانة أو أعلا مما هو فيه , عن طريق بعض اللافتات والشعارات والمصطلحات التي يعتمد عليها المتسلق .
إن هذا التدين المغشوش يعتني بالظاهروالمظاهر , مع إهمال الباطن بمعنى أنه يعتني في تدينه بتحسين الأعمال والصفات الظاهرة والمرئية والملموسة، ويحرص على الالتزام بأحكام الشرع وآدابه فيها، بينما لا يبالي بعكسها مما لا يراه الناس ولا يظهر للعيان .وقد تجد المتدين مهذبا رقيقا، عفيف اللسان ، لا يسب ولا يشتم...
ولكنه في مجالسه الخاصة الآمنة، يفعل كل ذلك وأكثر منه فيسترسل في الغيبة والنميمة والتجريح، والطعن والإتهام والتخوين والتفسيق والتبديع والتكفير , استرسال المستبيح المستريح .
وبعد ساعة تجده واعظا في المسجد يحدث وينهى عن كل ما كان يتحدث به في الجلسات الخاصة , فانظر يارعاك الله على هذا الغش والتناقض من قبل بعض المتمشيخين المتفيقهين !!!
عندما يتساهل أهل العلم , والدعاة والمفكرين ,والقائمين على شؤون المسجد , يكثر المتسلقين , وكثرتهم تدل على وجود خلل في ساحة الدعوة , وهذا يحتاج إلى تشخيص وعلاج، وكلما أبطأ العاملون في العلاج , وفي اكتشاف هؤلاء المتسلقين والتراخي في تعرية سلوكهم ونقد وتقييم الأخطاء التي يرتكبوها باسم الدين , كلما أغرى ذلك
ضعاف النفوس من الذين يحملون فيروساً مشابهاً لمثل هذا المرض من محاولة أداء أدوار مشابهة ومماثلة لتلك الأدوار التي ابتدعها وبرع فيها أولئك المتسلقون.
. يعتبر المتسلقون على مدى التاريخ الفئة الأكثر تخفياً وتستراً، وكثيراً ما برعوا في الانفلات من الكشف أو الظهور أمام الناس، وذلك لشدة تفننهم في التخفي والتستر والاحتماء وراء لافتات شتى منها على سبيل المثال لا الحصر,: الشيخ , الداعية , المفكر , ابن الحركة الإسلامية ....إلى غير ذلك من تلك الألقاب التي أهينت أيما إهانة على يد المتسلقين, أو يستقوون بأشخاص ممن يقومون على شؤون المسجد , حيث يقوم هؤلاء باستغلال تلك الشعارات وتلك اللافتات وشئ من علاقاتهم , أو الدعم الذي يجدوه من قبل بعض القائمين على أمور المسجد والجالية , أو الأوضاع التي أتاحتها الظروف لهم باستعمالها كأدوات لتنفيذ المزيد من الإنجازات التي يضيفونها لرصيدهم الشخصي، زاعمين أمام الملأ أن ذلك من جهدهم وجدهم . فليس كل ما يلمع ذهباً!! ولا كل ما يرتفع هو في حقيقته عالياً وسامياً!! فكم من أناس سهلت لهم الأقدار الوصول وإن كان غيرهم أجدر بالتقدم منهم!!.
ولكن عندما يكون القائمين على العمل ضعافا ولا يملكون الكفاءة , ولا يملكون الإرادة والحزم ,ولا يملكون البرامج والأنظمة واللوائح , فتجد المتسلقون يتوسعون ويفرضون أجندتهم ورؤيتهم .
إن التسلق آفة اخطيرة تعاني منها ساحة الدعوة , فكل من يسعى للحصول والوصول لما ليس له وبغض النظر عن الطرق التي يمكن أن توصله سواء ما يتفق مع المنطق و الواقع أو إلى ما يتعداهما من سلوكيات ترفضها الفطرة السليمة و الأخلاق المجتمعية السامية و الرسالة المحمدية , فهي طرق منحطة .
هناك تشابه وعلاقة بين النباتات المتسلقة وبين هؤلاء البشر المتسلقين، هذا التشابه الذي يجمع بينهما هو حاجة الاثنين معاً إلى سند وغطاء وحماية لكي يقف على قدميه وإلا بقي على الأرض!! فالنباتات المتسلقة لا تقوى بنفسها على الصعود دون أن تلتف على وتد أو جدار أو شجرة باسقة، وهكذا شأن المتسلقين إذ أنهم بدون أن يستندوا على جهود الآخرين, أو إلى لافتات , أو إلى مصطلحات , لن يستطيعوا أبداً أن يظهروا أمام الناس أو أن يعلوا فوقهم.
المتسلقون لا يرون إلا أنفسهم ويعتقدون أن ما يعرفونه هو الصحيح وكل ما ينطقون به مُنزل لا يمكن المساس به أو مناقشته وعلينا الإقتداء به , وإلا سيتهموننا بالفسق وفساد العقيدة وأصحاب منهج منحرف , وربما يصل الأمر لإصدار فتوى تعمم على قواعدهم بأن فلانا حلال الدم , وبعد هذه الفتوى ( يكتبون على المجني عليه : ذبح على الطريقة الإسلامية ) وكل ذلك باسم الجهاد .. مساكين هؤلاء .. يقضون أوقاتهم في قيل وقال , ويحسبون أنفسهم من الدعاة , إنهم متقلبوا الآراء .
لا يحبون من هو أفضل منهم فكراً ومعرفة ونجاحاً حتى لاتنكشف حقيقتهم ,ويعتبرون أي نقد لهم إشارة أو تلميحا هو عداء شخصياً ويتهمك بأنك تريد أن تسحب البساط من تحته أو تريد أن تشوه سمعته أو تريد أن تأخذ مكانه , أو أنك تفتش عن أخطائه , فكم سمعناها ممن تمشيخ دون علم .
لابد أن تتخلص مساجدنا ومراكزنا وجمعياتنا من هذا النوع من البشر ؟ إنهم يعانون من تضخم الأنا بل ويشكلوا مع بعضهم البعض مجموعة من الفاسدين يهدمون كل ما يبنيه الآخرون , وهذه طبيعة المتسلقون لا يستطيعون وضع أيديهم إلا بأيدي الفاشلين . فعلينا التحذير منهم ومن سلوكهم وعدم إفساح المجال لهم ليكونوا هم ممثلي الجالية , وهذا يتطلب تضافر الجهود والتعاون والتوعية والتثقيف .
ورب قائل يقول : كأنك تنفي وجود العاملين الصادقين المخلصين , فأقول التركيز على جماعة التسلق والتدين المغشوش لايعني عدم وجود الفريق الأول , بل هم موجودين ومعروفين من قبل الناس والجالية , لكنني أنبه لفئة تتعامل مع الدعوة كبزنس , فهي تبحث عن الأرباح الشخصية لتحقيق الذات والأنا , فكانوا وبالا على الدعوة .
وهل أفسد الدين إلا الملوك --------- وأحبار سوء ورهبانها
فباعوا النفوس ولم يربحوا ---------- ولم تغل في البيع أثمانها .
وقد يقول قائل وهل أنت منزه عن الخطأ حتى تنتقد غيرك ,أنا لست منزه عن الخطأ , ولست معصوم , لكنني لست إماما للناس في الصلاة , ولست ممن يعطي الدروس في المسجد , ولست ممن يتصدر للفتوى ,ولست ممن ينافس غيره على خطبة الجمعة , ولست عضوا في إدارة , ولست عضوا في لجنة ,كما أنني لست مسؤولا عن جمعية أو مؤسسة تقدم نفسها على أنها هي الأفضل وأن القائمين عليها هم أصحاب البرامج والمناهج ,ولست ممن يقدم نفسه على أنه المصلح الإجتماعي وبيته خرب , ورغم كل ذلك لي أخطائي التي لا أنفيها .
إن الصدع بالحق قدرُ الأنبياء والمصلحين والطلائع في كل عصر, أن يُجدِّفوا عكس التيار، وأن يقولوا ما يَصعُب أن يقال !
اللهم امنحني الشجاعة كي أقول ما يجب أن يقال! وامنحني نعمة الصمت عندما يجب أن أصمت! وامنحني الحكمة كي أميز بينهما!
السويد – أوربرو .
1/11/2009