المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمد عاكف أرصوي "شاعر تركيا"/د.محمد موسى الشريف



نبيل الجلبي
05/11/2009, 10:41 PM
محمد عاكف أرصوي "شاعر تركيا"
بقلم : د. محمد موسى الشريف
قد بينت في ترجمة شيخ الإسلام مصطفى صبري التوقادي
(http://www.wata.cc/forums/showthread.php?p=478179&posted=1#post478179 )
حالة تركيا في أواخر الخلافة العثمانية وكيف تمالأ عليها الأعداء والشامتون والمتربصون، وكيف توالى عليها الماسونيون من جمعية الاتحاد والترقي ثم خلفهم الكماليون وكان لليهود يد طولى في كل ذلك، ثم ألغيت السلطنة سنة 1922 فالخلافة سنة 1924 وأعلنت تركيا جمهورية علمانية ملحدة، وقطعت صلتها بالإسلام وسائر المسلمين تماماً، فصار المسلمون في تركيا وخارجها كالشياه بلا راع في الليلة المطيرة المظلمة، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولم يكن في العالم الإسلامي آنذاك قوة تستطيع قيادة الجموع المسلمة ولا إرشادها.
وفي الوقت نفسه حورب علماء الإسلام ودعاته والمخلصون في تركيا حرباً شعواء لا تبقي ولا تذر، وعُلِّق الآلاف على أعواد المشانق، وكلح وجه تركيا، وأدارت ظهرها تماماً للإسلام والمسلمين، وفي ذلك الوقت فر جماعة من هذا البطش الكافر والهجوم السافر فروا إلى مصر، كان بينهم علماء مثل شيخ الإسلام مصطفى صبري التوقاي، ووكيل المشيخة الإسلامية محمد زاهد الكوثري، وفر فيمن فر الأديب الشاعر محمد عاكف أرصوي، فوجدوا في مصر ملاذاً وملجأً آمناً.
ولد الشاعر محمد عاكف في اسطنبول سنة 1873، من أب تركي يسمى محمد طاهر وأم بخارية تدعى أمينة هانم، وتعلم العربية على يد والده الذي كان مدرساً في مدرسة الفاتح، ودرس الابتدائية والمتوسطة، ثم لما مات والده درس في مدرسة البيطرة، وتخرج فيها سنة 1893 ليعمل مفتشاً في وزارة الزراعة، ولم ينس أن يغترف من مصادر الإسلام فحفظ القرآن وهو ما زال بعد في التاسعة من عمره، على يد إمام جامع الفاتح، ودرس الحديث، واللغة العربية، ودرس أيضاً الفارسية والفرنسية.
وبعد تخرجه في مدرسة البيطرة دار في الأناضول والبلقان وسوريا والجزيرة العربية، واقترب من الناس فعرف أحوالهم، وسير شؤونهم، ثم صار مدرساً في اسطنبول سنة 1906- 1907، وبعد إعلان الحكم الدستوري سنة 1908 شارك في إصدار مجلة "الصراط المستقيم" ونشر فيها أكثر أعماله الأدبية والفكرية، وفي السنة نفسها عُين مدرساً للأدب في دار الفنون "جامعة اسطنبول"، وأسند إليه تدريس الأدب العربي وأصول الترجمة بين العربية والتركية.
انتسب إلى جمعية الاتحاد والترقي التي خدعته بشعاراتها، فلما وقف على حقيقتها فترت علاقته بها فتوراً بيناً، وعارض أفكار ضياء آلب الذي كان بمثابة الأب الروحي لتلك الجمعية المشبوهة.
وفي سنة 1915 زار ألمانيا في مهمة من قبل الدولة فبقي في برلين ثلاثة أشهر، ورأى هنالك أسرى للمسلمين تابعين للدولة الروسية والإنجليزية فتفقد شؤونهم، ثم عاد إلى بلاده، ولما هزمت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ودخل الحلفاء تركيا شارك في تحرير بلاده بقصائد شعرية ملهبة، وانتخب بعد ذلك في مجلس النواب في دورته 1920-1923 ممثلاً عن محافظته، وفي تلك السنوات كتب نشيد الاستقلال الذي أقره البرلمان التركي ليكون نشيداً رسمياً لتركيا في 12 مارس سنة 1921، وكان هناك سبعمائة متسابق قدموا أناشيدهم قبله فلم يفز أي منهم، ومما جاء في هذا النشيد:
"أنت ابن شهيد حذار من أن تؤذي أباك، لا تتخل عن هذا الوطن الجنة وإن امتلكت العوالم، أيها الهلال الجميل لن تُمزَّق سأفديك بنفسي ... " إلى آخر ما جاء في النشيد الذي ردده ويردده مئات الملايين من الأتراك منذ قرابة تسعين سنة إلى يومنا هذا.
ثم لما انتهت مدته في مجلس النواب عاد إلى اسطنبول من أنقرة، ولم يُدع من الحزب الحاكم لخوض الانتخابات مرة أخرى؛ ويبدو أن هذا كان بسبب اتجاهه الإسلامي الظاهر.
ولما ألغى مصطفى كمال السلطنة فالخلافة، ونكّل بالشعب التركي كل التنكيل صُدم عاكف صدمة بالغة، وذلك لأنه كان يدعو إلى الوحدة الإسلامية في أشعاره وكتاباته، فرأى ذلك قد ذهب أدراج الرياح، ورأى أن التركي المسكين كان يُعدَم من أجل إصراره على الطربوش ورفضه القبعة، ورأى الإسلام يحارب حرباً شعواء، فلما وقف على ذلك كله آثر الخروج من تركيا فيمّم وجهه شطر مصر، التي زارها من قبل مرتين مدعواً من قبل صديقه الأمير عباس حليم باشا، سنتي 1914، 1924، ووصلها في المرة الثالثة سنة 1925.
وتوطدت صلته فيها بالأديب المصري عبد الوهاب عزام الذي مهد له الطريق إلى تدريس اللغة التركية في جامعة فؤاد: "القاهرة" ، وهيأ له الصلة بمثقفي مصر، لكنه عانى في مصر من زوجه التي أصبحت حادة المزاج، وعانى من الفقر والوحدة، وعانى كثيراً من غربته، وفي سنة 1935 - بعد عشر سنوات من إقامته بمصر - غادرها إلى لبنان للاستجمام، ومن ثم إلى اسطنبول ليموت بها في 27 ديسمبر سنة 1936.
وكان محرر مجلة "يدي كون" التركية الأستاذ قندمير قد اجتمع بالأستاذ في المستشفى، وإليكم أهم ما دار بينهما من الحديث الذي ترجمه إلى العربية الأستاذ محمد يلماز مدرس اللغة العربية بكلية الإلهيات بجامعة أولوداغ التركية:
ـ استغرق السفر من مصر إلى هنا ثلاث ليال غير أنها كانت بالنسبة لي ثلاثين قرناً، أمضيت هناك أحد عشر عاماً إلا أني شعرت في لحظة من اللحظات أني لو بقيت هناك أحد عشر يوماً أخرى لجُنّ جنوني.
ـ الشوق؟
ـ مؤلم جداً.
ـ طيب، ماذا عن فرحة اللقاء؟
ـ لا تسألني عن ذلك يا بني فأنا لا أجرؤ على طرح السؤال حتى على نفسي، لكني مع الأسف الشديد وجدت نفسي على هذا السرير بمجرد ما خرجت من الباخرة فلم أتمكن من مشاهدة أي شيء.
ـ ثم تحدث عن أيام الجهاد ضد الكفار الذين وطئوا أرض تركيا في الحرب العالمية الأولى فقال:
غادرت اسطنبول حيث أقلتنا سيارة من أُسكدار إلى قرية لا أتذكر اسمها في الوقت الحالي ... كنا نستقل في رحلتنا تارة عربة تجرها الثيران وأخرى تجرها الأحصنة حتى وصلنا إلى أنقرة ... كانت تلك الأيام ما أشد هياجها خصوصاً يوم سقطت بورصة ... لكننا لم نفقد ثقتنا ولو يوماً واحداً ولم نسمح لليأس أن يتسرب إلى قلوبنا أبداً، فهل كان هناك مناص أمامنا غير الجد؟
ـ لم نكن نمتلك مدافع ولا بنادق لكننا كنا نمتلك إيماننا الراسخ في قلوبنا والحمد لله.
ـ كيف قمتم بكتابة نشيد الاستقلال؟
ـ حقاً إنما يكتب هذا الكلام بالإيمان والأمة المؤمنة فقط، فكروا معي قليلاً: هل كان بإمكاني أن أكتب كل هذا لو لم أمتلك الإيمان الراسخ وقتذاك ... ولا بد لي أن ألفت الانتباه إلى أنه لا قيمة لنشيد الاستقلال على اعتبار أنه مجرد شعر وإنما تكمن قيمته في كونه أنه يعكس صفحة من صفحات تاريخنا بما فيها من آلام.
ـ وماذا عن النصر العظيم؟
ـ كنا في فرحة غامرة.
ـ ألم تقوموا بكتابة شيء ما عند ذلك ؟
ـ نفدت كل طاقاتي في تلك اللحظات فلم أعد أقدر على التفكير في أي شيء ولا على سماع أيّ شيء، ولا كتابة أي شيء...
ـ كيف قضيتم الوقت في مصر؟
ـ هناك مدينة اسمها حلوان تقع على بعد خمسة وعشرين كيلاً من القاهرة، وهي مدينة هادئة كنت أقطنها، فأنا بطبعي إنسان هادئ لا أحب الضجيج، وكذلك في اسطنبول كنت على الحال نفسها من قبل، ففضلت العيش في مدينة حلوان لغاية ما كلفت بمهمة في دار الفنون، وفي الأيام الأخيرة حللت بالقاهرة.
ـ فهل أحببتم مصر؟
ـ نعم فهناك جوانب جميلة بمصر خصوصاً في فصل الشتاء، وكذلك في فصل الصيف لم أكن أتضايق من الطقس الحار ... والبيوت بنيت على طراز يتناسب مع الطقس هناك فلا تتعدى الحرارة داخل الغرف في أشد الأيام حرارة ثمانياً وعشرين أو ثلاثين درجة ...
ـ هل تسهل عليك الكتابة؟
ـ لا، أبذل مجهوداً كبيراً وأُعمل ذهني حيث أدرس الموضوع بكل تفاصيله في ذهني وأخيراً عندما أنقله على الورق أتعب كثيراً.
من أعماله:
قد كتب عاكف كثيراً من المقالات السياسية والأدبية في مجلته "الصراط المستقيم" والتي صار اسمها بعد ذلك "سبيل الرشاد"، ومما كتبه:
"لم يكن أمام مسلمي الأناضول التركي بعد أن رأوا حجم مصيبة الاعتداء على حرمة أراضيهم غير العودة مجدداً لحمل السلاح والعمل على صد حملات أهل الصليب في حضارة القرن العشرين".
وكتب منتقداً القومية التي شاعت في تركيا آنذاك:
" يا جماعة المسلمين: أنتم لستم بعرب، ولا ترك، ولا بلقانيين، ولا أكراد، ولا قوقازيين، ولا شركس، أنتم فقط عبارة عن أفراد في أمة واحدة هي الأمة الإسلامية، وكلما حافظتم على الإسلامية لم تفقدوا قومياتكم".
وقد شغف في صدر شبابه بالشاعر الفارسي سعدي الشيرازي وترجم أكثر شعره إلى التركية، وأعجب بالشاعر المصري ابن الفارض؛ ولعله لم يتنبه لما في بعض شعره من ضلالات وذلك لأنه - أي عاكفاً- لم يكن متضلعاً من العلوم الشرعية، والله أعلم.
وأما شعره فمجموع في دواوين سبعة ما زالت تروج بين الأتراك، وقد أبصر ديوانه الأول النور سنة 1911 وسماه بـ"صفحات"، وفي سنة 1912 صدر ديوانه الثاني بعنوان "في منبر السليمانية" جمع فيه مقطوعات من شعره الديني والأخلاقي، وفي سنة 1913 صدر ديوانه الثالث "أصوات الحق" الذي حوى إشارات في تفسير القرآن العظيم وبيان بعض الأحاديث الشريفة، وفي سنة 1914 صدر ديوانه الرابع "في منبر الفاتح" الذي أورد فيه شعره عن ثورات البلقان ضد الأتراك ونتائجها السيئة، وفي سنة 1917 صدر ديوانه الخامس: "الخواطر" الذي حوى شعره عن رحلته إلى مصر وألمانيا، ثم صدر ديوانه السادس: "عاصم" سنة 1919 الذي حوى شعره عن حرب الاستقلال، ثم صدر ديوانه السابع: "الظلال" الذي حوى أعماله من سنة 1918-1933.
كتب قصيدة بعنوان "من صحراء نجد إلى المدينة المنورة" تحدث فيها عن زيارته للمدينة المنورة سنة 1914.
ومن شعره الذي ترجمه صديقه الدكتور عبد الوهاب عزام رحمهما الله تعالى:
ما كنت لأقف معقود اللسان أقلب الطرف فيما حولي، ولم يكن لي بد أن أنوح لأوقظ الإسلام، إنما أريد أن تفور القلوب المرهفة الحس، الراسخة الإيمان... إني أنوح ولكن لمن ؟ أين أهل الدار ؟ أقلب طرفي فلا أظفر إلا بأمم نائمة.
ومن شعره لما زار الأقصر فوجد فيه سياحاً أجانب فرنسيين وإنجليزيين وألمانيين يحتسون الخمر، ورأى أمامه آثار الفراعنة فقال:
"رأيت أمامي نحو ثلاثة عشر نفراً من السائحين ما بين فرنسيين وإنجليز وألمان، مجتمعين زرافات ووحداناً وللكؤوس بينهم رنين، فالفرنسيين يضحكون لأن كيسهم المملوء يهز الدنيا المدينة لهم هزاً عنيفاً، وليس في الدنيا ما يحزنهم إلا هزيمة "سيدان" ، ومع ذلك فإن الرغد والرفاهية ينسيان الإنسان أنكى الجروح.
والإنجليز يضحكون وما أجدرهم بالضحك لأن الدنيا كلها رهن إشارتهم ... يؤلبون شعوب الأرض بعضها على بعض وينظرون عن بُعد فرحين ...
والألمان يضحكون لأن قوة عضدهم كفيلة بأن يصدق العالم جميع ما يقولون، وما دام البشر لا يعطى الحق إلا للقوة، فما الحيلة في الوصول إلى الحق بغير القوة.
أضعيف أنت إذن ؟ فالنحيب أولى بك، نعم في هذه الساحة من الصخب: صخب الحبور، وجلبة السرور، أنا وحدي اليأس الذي لا يبتسم، قد أخذت أبكي وما أجدرني بالبكاء، فأنا كالقريب من ديار ديني ... هذه السهول لا ترجع حديثي، أيها الشرق العظيم، أيها العالم المترامي الأطراف: ليت شعري في أي بقعة من بقاعك نجد أبناءك السعداء، إن رأسك ترزح تحت الشدائد وعضدك واه، وذراعيك مغلولتان، ولما يهب نسيم الاستقلال على قلبك بعد، قد طفت في أرجائك كلها لأرى أمامي داراً للإسلام فكلّت قدماي.
وكلما تناهت إلي من سبيلي أصوات الأجانب لم تفض روحي الباكية إلا بخيبة الأمل فهل كان نصيبي أن أكون غريباً في قلب الإسلام، إن هذه العاقبة لأقصى انتقام للأيام، والآن وقد تقدمت بي السنون ووهت قدماي فعلى بنيّ أن يجاهدوا ويأخذوا بثأري".
وفي كلامه تشاؤم لكن أنى لمثله أن يتفاءل وهو يرى الأكثرية الساحقة من ديار الإسلام آنذاك محتلة ومسحوقة، وهو يرى أكثر المسلمين آنذاك في صدٍّ عن الإسلام وهجران لشريعته وشعائره.
ومن أعماله ترجمة معاني القرآن إلى التركية، صنع ذلك في مصر أيام منفاه فيها، لكنه – على حذره في الترجمة واهتمامه بها - لم يرض عن عمله هذا فطواه ولم ينشره حتى ذهب أدراج الرياح.
أشخاص تأثر بهم:
وكان قد تأثر كثيراً بالأستاذ جمال الدين الأفغاني – رحمه الله تعالى- ودعوته لنبذ الاستبداد ونيل الحريات ولو بالقوة، وكان يردد آراءه وآراء تلميذه الأستاذ محمد عبده – رحمه الله تعالى- ، وترجم كثيراً من تلك الآراء إلى اللغة التركية، وأفراد لمقالات الأستاذ محمد فريد وجدي رحمه الله تعالى حيزاً كبيراً من جريدته، وترجم كتاب الأستاذ فريد "المرأة المسلمة".
وتأثر بالشاعر الكبير محمد إقبال وصيحاته الثائرة، وقد أخبر عنه صديقه الأديب الدكتور عبد الوهاب عزام:
"كم تحدثناً وقرأنا في سيرنا وجلوسنا في الأداب الثلاثة: العربية والفارسية والتركية، وكنت أحب أن أقرأ عليه شعره، وكان يسره أن يستمع إليه، وكانت كل أحاديثنا وقراءاتنا متعة نجتمع فيها على الفكر والذوق والأمل والألم، وكان أطيب المجالس مجلساً نفرغ فيه إلى شعر محمد إقبال، فقد عرفني رحمه الله بإقبال يوم أعارني ديوانه "بيام مشرق" فإذا صفا الوقت عمدت إلى أحد كتب إقبال فقرأت، واستمع مقبلاً مستغرقاً، يقطع إنشادي في الحين بعد الحين بالاستعادة أو الاستحسان أو التعجب أو التأوه ، وأذكر أننا بدأنا كتاب إقبال "أسرار خودي" فوالينا الجلسات حتى أنهيناه إنشاداً ثم أتبعنا به أخاه "رموز بي خودي" فختمناه على شوق إلى الإعادة.
قال عنه: الأستاذ الألماني ريتشارد هرتمان:
"هو مع إحاطته –على العموم- بالحياة الثقافية والسياسية يتعمق من الوجهة الإصلاحية في الدين، وما يعنيه من الرجوع إلى الإسلام يعني به الرجوع إلى الإسلام القديم لا بإبعاد الأمور التي غيرت منه أثناء تطوره التاريخي فحسب، بل أيضاً وقبل كل شيء يريد الوقوف ضد هؤلاء العصريين المندفعيين في تيار الغرب، وضد دعاة المذهب القومي، فهي حركة دينية تريد أن يكون الدين قوة تخضع لها كل الحياة المدنية في غير إضرار بحركة الفرد".
ولم يكن له كبير ذكر في بلاده إلى أن قرر مجلس الأمة التركي في 4 مايو 2007 قراراً باعتبار يوم 12 مارس من كل عام يوماً وطنياً للاحتفال رسمياً بذكرى قبول النشيد الوطني التركي والاحتفاء بشاعره، ولعل في هذا شيئاً من التكريم له والوفاء.
تلك كانت سيرة عاكف الشاعر التركي الكبير بإيجاز، وقد عاش في مدة صعبة جداً، ولم يكن فيها للإسلام رجال يعملون له إلا القليل، فلذلك غلب على شعره التشاؤم والبكائيات، لكن حسبه أنه حاول أن ينصر الإسلام ويوقظ المسلمين من باب الشعر والأدب، ولعل ذلك كان أقصى ما يستطيع عمله وهو غريب نائي الدار عن وطنه وأهله، ولنسأل الله له الرحمة والغفران.
عن موقع التاريخ

Amerhannini
05/11/2009, 11:51 PM
السلام عليكم ورحمة الله..
أشكرك أستاذي الفاضل العزيز نبيل جلبي على نقلك لهذا المقال الطيب الراقي جزاك الله - تعالى- وكاتبهه الأستاذ محمد موسى الشريف خير الجزاء، فقد سلط الضوء على جانب لا بأس به من حياة هذا الشاعر المؤمن المعطاء - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-، فهو حقا ً شاعر أيما شاعر ليت الأجيال الإسلامية الناشئة تتعرف على شخصيات مخلصة صادقة كهذه وتسبر أغوار أدبها وتنهل من عذب قصائدها لكي تفهم تاريخها جيدا ً، ولكن مع الأسف أن الأغلبية الساحقة من المسلمين العرب لا تعرف محمد عاكف إلا من اطلع على الأدب التركي وتخصص في التاريخ المعاصر، وأما الأتراك فالقوميون منهم يعتبرونه " شاعرهم القومي" ناسين أو متناسين أنه لم يكن قوميا ً في يوم من الأيام بل كان مسلما ً إسلاميا ً صرفا ً حارب ظاهرة القوميات في شعره ودعى إلى استمساك الشعوب الإسلامية بحبل الله المتين وقال بأن التركي للعربي هو اليمين من عينيه ويديه، وحذر بشدة في إحدى قصائده من أن القومية هي الزلزال المدمر لوحدة المسلمين ومن ينس ذلك فقد باء بالخيبة مدى الدهر، ولذلك يطلق عليه البعض لقب" شاعر الإسلام" وكان الأولىأن يدرج الأستاذ د. محمد موسى الشريف هذا اللقب ضمن عنوانه بدلا ً من " شاعر تركيا". ولي أيضا ً بعض الملاحظات البسيطة على المقال بناء على قراءاتي عن هذه الشخصية السامقة:

1. محمد عاكف أرصوي - رحمه الله- كان من أب ألباني الجذور وأم بخارية.

2. بالنسبة لابن الفارض وأضرابه فأرى أن الرمزية الشعرية كانت تستهوي كثيرا ً من الشعراء وليس بالضرورة أن يكون اقتناعا ً كليا ً بأفكاره، فأشعاره وما شاكلها فيها الجيد والرديء، فيها الموافق للشرع وفيها ما هو محط خلاف كبير وجدل عظيم بين العلماء ولكن محمد عاكف في أدبياته كان معنيا ً بنهضة المسلمين وكان ممن يرفضون أن ينحصر الدين والتدين في طقوس ومظاهر صوفية جامدة أو أن يتخذ القرآن للتبرك فقط بل هو دستور حياة يحث على العمل والبناء.

3. يؤخذ على محمد عاكف - رحمه الله- أنه كان من معارضي أمير المؤمنين عبد الحميد الثاني - رحمه الله-، وكان متمسكا ً بالمشروطية ظنا ً منه بداية أنها إحدى السبل لنهضة المسلمين، وكان متأثرا ً كذلك بطيبة خاطر بأفكار الأفغاني الذي هو محط جدل كبير تاريخيا ً وهناك علامات استفهام كبيرة على شخصه ودوره وفكره،وفي الحقيقة فإن السلطان كان بعيد النظر لدرجة كبيرة لم يتمكن الكثيرون من فهمه بسهولة فهو كان يرى أن النظام الدستوري الغربي لا جدوى منه والجامعة الإسلامية وتطبيق الشريعة مع الاقتباس الحذر والمتأني لما يأتي من الغرب بما يوافق الدين ومصلحة الأمة كفيلة أن تحدث التغيير الإيجابي في حياة المسلمين، بل حتى بعض ألد خصومه كرضا توفيق الذي هو أحد الأقطاب الاتحاد والترقي نظم قصيدة يثني فيها على السلطان عبد الحميد بعد فترة من وفاته ويتندم على ما بدر منه ويقول أنه وخصومه افتروا عليه دون حياء واتهموه بالجنون بينما كانوا هم المجانين!

وفي الختام تحياتي العطرة لك أستاذي نبيل وأسأل الله أن يرحم شاعرنا الكبير ويجعل الجنة مأواه.
عامر

د.محمد فتحي الحريري
06/11/2009, 12:48 PM
شكرا لكما
بحث قيم جدا يعوزه التوثيق المرجعي العلمي
تقديري