المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللغة الأردية في الصحافة الباكستانية ( صحيفة صوت العصر نموذجاً ) - المبحث السابع



إبراهيم محمد إبراهيم
06/11/2009, 06:34 AM
المبحث السابع : " نوائـ وقت " والحفاظ على اللغة الأردية
والحقيقة أن صحيفة " نوائـ وقت : صوت العصر " بالرغم من كل شيء تتبنى دائماً الدعوة إلى النهوض باللغة الأردية واتخاذها لغة رسمية للبلاد ، والحفاظ على الهوية الثقافية الإسلامية لباكستان ، ولهذا تحرص الصحيفة على نشر المقالات التي تسهم في تحقيق هذا الغرض وتدعو إليه ، وتنبه دائماً إلى المخاطر التي تواجه الأردية داخلياً وخارجياً . ومن الأمور التي تؤثر على اللغة الأردية في باكستان وأشارت إليها الصحيفة وسائل الإعلام الهندية وخاصة القنوات الفضائية التي تبث إرسالها باللغة الهندية ( الأردية في الهند ) للأطفال مثل قناة " كارتون نيت وركـ : Cartoon network " ، وهي وإن كانت قناة أمريكية إلا أن أفلام الكرتون التي تعرضها تكون مترجمة " مدبلجة " باللغة الهندية ، حيث تكون مشبعة بالألفاظ الهندية الخالصة ، فيلتقطها الأطفال سريعاً ، وتجري الألفاظ الهندية على ألسنتهم ، وبالتالي ينسون مترادفاتها الأردية ، وهو أمر واقع فعلاً ، وقد اشتكت منه وسائل الإعلام الباكستانية ممثلة في جريدة " نوائـ وقت : صوت العصر " ، فقد كتب عطاء الرحمن في مقال بعنوان " خبر ليجيئـ كه دهن بكرا : اسأل : هل اعوجّ الفم " (37) يقول :
" ...فيجلس أطفالنا بعد عودتهم من مدارسهم أمام هذه القناة ( قناة الكرتون ) التي تكون غاية في الجاذبية ، فلا يفكرون في تغييرها ، وهي قناة أمريكية مصاغة في ترجمة هندية تصل إليهم عبر الأثير ، وتبثها إليهم أسلاك الكابلات ليراها كل الباكستانيين بشغف ، ويدمن مشاهدتها أطفالنا ، ويتأثرون بها ، وهكذا تأخذ الثقافة الأمريكية في لباس الألفاظ الهندية طريقها إلى عقول أطفالنا وقلوبهم ، فتجري ألفاظ مثل ( شانتي : السلام ) ، ( بريوار : الأسرة ) ، ( جنتا : فكر ) ، ( ارتهي : محرقة ) ، ( وشواس : ثقة ) ( بريم : حب ) وغيرها على ألسنتهم بلا تكلف ، ويغتربون عن مترادفاتها الأردية ، وهذه الألفاظ تحمل في طياتها تصورات هندوسية دينية " (38) .
والحكومة الباكستانية – في نظر صحيفة نوائـ وقت - مسئولة مسئولية مباشرة عن عدم اتخاذ اللغة الأردية لغة رسمية لباكستان حتى الآن ، وللسياسة التعليمية التي تتبناها الجكومة دخل كبير في تراجع اللغة الأردية وتشويه صورتها ، فأحياناً تصدر توصيات رسمية بتشجيع اللغة الأردية ، وفي الوقت نفسه تصدر توصيات رسمية أيضاً تخلق مزيداً من العقبات في طريق الأردية ، ولمزيد من التوضيح جاء في تعليق صحيفة " نوائـ وقت : صوت العصر " في افتتاحية العدد رقم 311 من المجلد رقم 66 والصادر بتاريخ 4 فبراير عام 2007م بعنوان ( قومى زبان ... اردو كى ترويج : نشر اللغة القومية ... اللغة الأردية ) ما يلي :
" اوصت اللجنة النيابية التي شكلها رئيس الوزراء بغرض جعل اللغة الأردية لغة رسمية في جلستها على أن تكون الأسئلة الموجهة للمتقدمين لشغل الوظائف على المستوى الفيدرالي والإقليمي باللغتين الأردية والإنجليزية كنوع من التسهيل عليهم ، كما أوصت بإدراج أسئلة باللغة الأردية من خمسين درجة ضمن امتحانات المقابلات الشخصية ، وأن تكون لغة الاحتفالات على مستوى البلاد كلها هي اللغة الأردية ، وأن تترجم فعاليات هذه الاحتفالات للضيوف الرسميين الأجانب باللغة الإنجليزية ، ويجب على السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء وكبار المسئولين بالدولة أن يلقوا خطاباتهم في المناسبات الهامة باللغة الأردية ، وأن تكون كل إجراءات أداء اليمين الدستورية باللغة الأردية ، وأن تلتزم مدارس اللغات التي تكون وسيلة التعليم فيها اللغة الإنجليزية بتدريس مادة اللغة الأردية إجبارياً " .
وتعلق الصحيفة على هذه التوصيات قائلة :
" سيستقبل الشعب كله هذه التوصيات بترحيب بالغ، فلقد تساهلت الحكومة الحالية وما سبقتها من حكومات في إعطاء اللغة الأردية حقها الواجب لها بدرجة لا يمكن معها تعويض هذا التساهل أو تداركه ، حيث أصاب بعض الزعماء باستخدامهم للغة الإنجليزية الشعب كله بالإحساس بالنقص إلى درجة مؤسفة ، إذ لماذا ينظر إلى من لا يعرف اللغة الإنجليزية نظرة دونية !. لماذا لا تكون هذه النظرة أيضاً لمن لا يعرف اللغة العربية أو الفارسية أو الأردية . لقد بدأ العمل على نشر وتطوير اللغات المحليـة جنباً إلى جنب مع اللغة القومية ، ونحن نأمل أن لا يكون هناك تردد في تنفيذ التوصيات التي توصلت إليها اللجنة المذكورة " (39) .
وبعد هذه التوصيات المشجعة تصدر توصيات رسمية أخرى عن اللجنة المختصة بتطوير التعليم ، والتي تعلق عليها سعديه إلهي في مقال لها بعنوان " وائت بيبر يا كالي سكيم : الورقة البيضاء أم المشروع الأسود " (40) فتقول :
" أوصت اللجنة بأن يكون التعليم الإبتدائي باللغة الأم ( الإقليمية ) ، وأن يكون التعليم العالي باللغة الإنجليزية ، وبهذا الاعتبار فإن اللغة الأم للبنجابيين هي اللغة البنجابية ، وللبنجابية ست لهجات كبيرة رائجة في أنحاء البنجاب كلها،وتختلف الثروة اللفظية لكل لهجة من هذه اللهجات في كثير عن الثروة اللفظية للأخرى ، وبالتالي ستزداد المشاكل ، ومن المعلوم أن المحاولة المستمرة لتعلم أية لغة من البداية تجعل الإنسان يجيدها ، لكن الواقع هنا هو أنه بعد أن يحصل الأطفال على تعليمهم الابتدائي بلغتهم الأم ( الإقليمية ) سيتحولون فجأة إلى دراساتهم الأعلى باللغة الإنجليزية ، وهو ما سوف يؤدي إلى كثير من الارتباك في أذهانهم ، ومن الممكن أن يؤدي هذا الوضع إلى أن يترك الكثير من الطلاب دراساتهم ومدارسهم والتسرب منها ، أما بالنسبة للغة الأردية التي هي لغتنا القومية فقد أصبحت تقريباً بمثابة اللغة الأم لكل منطقة من مناطق باكستان ، وحتى الأميين الذين تبلغ نسبتهم 60 % من عدد السكان يستطيعون فهم الأردية والحديث بها برغم جهلهم القراءة والكتابة ، ولكن المحاولات تجري الآن للقضاء على اللغة الأردية في الخفاء ، وإذا كان زعماء بلادنا يخجلون من الحديث باللغة الأردية فماذا تتوقع من الباقين " (41) .
إلاّ أننا يجب أن نقرر أن جزءاً من هذه المسئولية يقع على عاتق رجال التعليم والمفكرين والكتّاب في البلاد ، والذين قد تؤدي كتاباتهم ومؤلفاتهم ومقالاتهم إلى تشجيع الجانب المناهض للغة الأردية والثقافة والهوية الإسلامية عموماً ولو عن غير قصد ، وهذ كتاب بعنوان " فلسفه ، تعليم سياست اور باكستان كا مستقبل " لإقبال خان أحد المتخصصين في فلسفة التعليم يتناول قضية اللغة الأردية في باكستان ، وضرورة اتخاذ الإنجليزية لغة للتعليم في البلاد . يقول إقبال خان :
" دعك من العالم ، فإذا كنا حقيقة نريد أن نحصّل علما يستحق التقدير علينا الرجوع إلى الكتب المؤلفة باللغة الإنجليزية ، وهذا هو السبب في أننا إن أردنا أن يتعلم أبناؤنا تعليماً محترماً من الناحية العلمية ، فعلينا الاستعانة باللغة الإنجليزية ، ولهذا ينبغي أن تكون أولى الأولويات في مدارسنا هي تعليم أطفالنا وشبابنا اللغة الإنجليزية بطريقة جيدة وعلى مستوى رفيع ..... علينا أن نكرس كل إمكانياتنا لتعلم اللغة الإنجليزية ، ومع هذا فإن علينا مضاعفة الجهد أضعافاً كثيرة لنجعل لغاتنا المحلية قادرة على أن تحل محل اللغة الإنجليزية في التعليم وفي حياتنا العامة " (42) .
ويواصل إقبال خان حديثه قائلاً :
" أريد أن أقول شيئاً عن اللغة التي استخدمتها في هذا الكتاب ، فقد استعملت فيه كثيراً من ألفاظ اللغة الإنجليزية ، ومن المؤكد أن هذا لن تستسيغه تلك الأذن التي اعتادت على سماع الألفاظ العربية والفارسية ، ولكني أعتقد أنه لا يوجد منطق يقول إننا إذا أردنا أن ندخل فكرة ، أو تصوراً جديداً من الإنجليزية إلى لغتنا فإن علينا أن نستعين بلغة ثالثة ، فلماذا إذاً لا ندخل اللفظ الإنجليزي نفسه إلى لغتنا مثلما أدخلنا إليها عشرات الألفاظ من قبل دون تكلف ، واستوعبتها أحاديثنا اليومية " (43) .
ونحن في غنى عن أن نقول إنه يجب علينا حين الحديث عن اللغة الأردية وأثر اللغة الإنجليزية عليها أن نلتزم الاعتدال والموضوعية في التفكير وطرح الحلول ، وألا نشتط لحساب طرف على حساب طرف آخر . وهنا نواجه نقطتين أساسيتين في هذا التفكير ، النقطة الأولى هو أن إقبال خان استخدم الألفاظ الإنجليزية بكثرة – على حد قوله - وهو على يقين من أنها لن تعجب كثيرين من المثقفين الذين اعتادوا على استخدام الألفاظ العربية والفارسية ، ومعنى هذا أنه رغم وجود الألفاظ الفارسية والعربية كبديل ، بل وأصل مستخدم في الأردية مسبقاً وبشكل مستقر ، إلا أنه يريد استبدالها بألفاظ إنجليزية !!أليست هذه هي العبودية الفكرية ! ، فما الذي يدعوني إلى ترك الموجود لديّ والقريب مني إلى ما ليس عندي أو قريب مني ، وهل هذا يجعلني أكثر تقدماً ! بمعنى أنه هل من الضروري لكي أتقدم علمياً أن أصبغ شعري باللون الأصفر ، وأضع على عيني عدسات باللون الأخضر والأزرق ! ألا يمكن أن أتقدم وأنا ألبس الشلوار والقميص ، وشعري أسود ، وعيوني سوداء كما خلقني الله بها !.
والنقطة الأخرى هي أنه يريد أن يدخل الألفاظ الإنجليزية مثلما دخلت عشرات ومئات الألفاظ من قبل بلا جهد أو تكلف ، وهذا يعني عدم وجود جهود منظمة – لا من قبل ولا الآن - تتولى الأمر وتتعامل مع الضرورة بقدرها ، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية ، فالأبواب مفتوحة دون حارس يراقب الداخل والخارج ، ومن يدري فقد يكون الداخل لص ، والخارج صاحب حق مطرود .
ويواصل إقبال خان تصوره بشكل أوضح قائلاً :
" هذا الأمر من وجهة نظري ليس أمراً بسيطاً ، فإنه يتعلق بشكل عميق بموضوع الهوية التي نريدها للغتنا وثقافتنا ، والأمر بوضوح تام هو : هل نريد أن نبني ثقافة حديثة فعلاً أم لا ؟ ، إذ أننا تأكيداً سنصيب نشر العلم والفكر في مقتل إذا أصررنا هذا الإصرار غير الضروري على أن نفهم تصورات وأفكار اللغة الإنجليزية واللغات المتطورة الأخرى عن طريق مصطلحات اللغة الفارسية والعربية ، فلماذا لا نلجأ مباشرة إلى المعاجم الإنجليزية الأردية أو الإنجليزية الإنجليزية ، ونضطر إلى الرجوع إلى المعاجم الفارسية والعربية " (44) .
ونحن لا ندري لماذا لا تكون هوية لغتنا وحضارتنا إسلامية وهي هكذا بالفعل ! لماذا نريد أن تكون هوية لغتنا وحضارتنا غربية إنجليزية ! أليست هذه إنهزامية فكرية ! هل تعني الحداثة أن تكون غربياً ! ثم من قال إننا عندما نحتاج مصطلحاً علمياً علينا أن نأخذه من العربية أو الفارسية على وجه التحديد ، رغم أن هذا لا يعد سوءاً نتجنبه ! . إن لوضع المصطلحات أصولاً ومبادئ معروفة ، ولنا أن نزيد عليها ونضيف إليها ، وهذا لا يكون إلا على يد متخصصين ، ولا يترك للعامة أو لغير المتخصصين أو للظروف كما هو الحال في اللغة الأردية الآن ، ولا حتى للجهود الفردية أيضاً ، لأنها في الغالب غير مثمرة وغير مؤثرة .
ونعجب في النهاية حين يعود إقبال خان إلى التوازن فيقول :
" إننا نتحدث عن إدخال ألفاظ جديدة إلى اللغة الأردية ليس إلاّ ، ولا نتحدث عن تبديل قواعد اللغة الأردية ، فاللغات ترتقي وتتطور بالاستفادة من أفكار وتصورات اللغات الأخرى بطرق مختلفة ، وهي بهذا لا تفقد هويتها ، ولهذا فإننا إذا جعلنا لغتنا تستوعب الألفاظ الإنجليزية أو صببنا هذه الألفاظ في قالب الأردية لا يجب أن نخشى على اللغة الأردية من أن تفقد هويتها " (45) .
ليته قال هذا قبل كل شيء ، وتبنى أسلوباً متوازناً ، ولكننا نجده في مكان آخر من الكتاب لا يكتفي بالإساءة إلى نظرية باكستان فحسب ، وإنما يغمز الإسلام ويلمزه أيضاً فيقول :
" إن هناك قتلاً فكرياً للأجيال ، وقد قدمت أجيال كثيرة ضحايا لنظرية باكستان وليس جيلاً واحداً فقط ، وهذا القتل الفكري نلمسه كل يوم وكل ساعة داخل مدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا وخارجها ، ليس هذا فقط ، بل إنه على المستوى الحكومي وبضغط من الجماعات الدينية تجري المحاولات المستمرة لجعل التعليم والمناهج أكثر " إسلامية " ، وتقريبها من " نظرية باكستان " أكثر وأكثر ، وبألفاظ أخرى يتم إخراج البقية الباقية من العلم من الكتب والرمي بها بعيداً ، وملء عقول الباكستانيين بالخرافات إلى أقصى درجة " (46) .
وبعد فإن المرء يعجب حين يراقب حال اللغة الأردية في باكستان ، البلد الذي أنشيء ليكون مملكة لها ، فلقد شاركت اللغة الأردية المسلمين نضالهم السياسي من أجل تأسيس دولة يعبدون الله عليها بحرية ، ويتحدثون فيما بينهم بلغة لا يعترض عليها أحد ، بعد أن كانوا لا يستطيعون هذا ولا ذاك . والمتمعن في تاريخ النضال السياسي لمسلمي شبه القارة الهندو باكستانية يرى بوضوح أن اللغة الأردية كانت من الأسباب الرئيسة في التعصب الذي لقيه المسلمون على أيدي الإنجليز وغلاة الهندوس ، وكانت نقطة الانطلاق لهذا النضال ، وبالتالي ظلت مشكلة طافية على سطح الصراع طالما استمر وتواصل .
وما أن تحقق حلم المسلمين بقيام دولتهم حتى نشب الصراع السياسي في هذا البلد الوليد من جديد ، وكانت نطقة الانطلاق لهذا الصراع أيضاً هي اللغة الأردية ، ونتج عن هذا الصراع فقدان باكستان لجناحها الشرقي البنغال والذي أصبح يسمى بنجلاديش (47) عام 1974م .
وقد أدى هذا الصراع اللغوي في باكستان ، وخاصة بين الأردية والبنغالية ( قبل انفصال البنغال تحت اسم بنجلاديش ) إلى أن طالب البعض (48) – ولا يزال حتى يومنا هذا - باتخاذ اللغة العربية لغة رسمية لباكستان " من أجل سد باب الاختلافات والقضاء على العصبية الإقليمية واللغوية في البلاد ، وحتى لا تكون النتيجة الحتمية لهذا كله بقاء اللغة الإنجليزية سائدة في باكستان ، وسيطرة شرذمة قليلة من الحاذقين لها على مقاليد الأمور ، واستمرار مشكلة اللغة في باكستان دون حل " (49) ، وربما كانت مطالبة رائعة في وقتها ، ولكن على الجانب النظري فقط،أما على الجانب العملي فإني أظنه أمراً صعب التحقيق وإن لم يكن مستحيلاً ، وعلينا أن نكون موضوعيين في تفكيرنا ومطالبنا ، فإذا كنا لا نستطيع إلى اليوم أن نجعل من اللغة الأردية لغة رسمية للبلاد ، وهي اللغة التي يعرفها أهل باكستان جميعاً ويتحدثون بها ويكتبون بها ، فكيف نطالب بأن تكون اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة ، ولا تعرفها الأغلبية العظمى في البلاد ، اللهم إلا في حدود قراءة القرآن الكريم دون فهم معناه في غالب الأحوال طبعاً ، وهذا أمر يصعب تحقيقه في ضوء الواقع الذي نعيشه ، فالتحول من لغة إلى لغة وإن كان أمراً وارداً ، وقد حدث في الماضي بالفعل ، مثلما حدث مع مصر التي غيرت لغتها بعد الفتح الإسلامي ، ولكن إيران عادت عن العربية إلى لغتها الفارسية ، وتركيا غيرت الحروف العربية للغتها بالحروف اللاتينية ، وباكستان لم تستطع إلى اليوم أن تتخلص من الإنجليزية كلغة رسمية لها . فبدلاً من أن نركز أحلامنا على أمور لا يؤيدها الواقع ، يجب أن نعمل بدلاً من ذلك مبدئياً على توطيد الصلات والروابط بين اللغة العربية واللغات المحلية واللغة الأردية على وجه الخصوص عن طريق الدراسات المقارنة والترجمة وإدخال المصطلحات والألفاظ الجديدة كلما أمكن ، بشرط أن تكون مصطلحات وألفاظ تتماشى مع صوتيات اللغة الأردية أو اللغات الباكستانية ، وسهلة في النطق ، لكي تجري على ألسنة الناس بسهولة ويسر ، ( وهذا من صميم تخصص المجمع القومي للغة الأردية ) ، وهنا نكسب تعاطف الناس في استبدال المصطلحات والألفاظ الإنجليزية التي نجد لها بديلاً بالأردية أو اللغات المحلية أو اللغة العربية ، أما المطالبة باتخاذ اللغة العربية لغة رسمية للبلاد فهذا أمر وإن كنا نتمناه إلا أن صعب المنال في المدى القريب على الأقل .
ويتساءل البعض في بساطة : ما هي اللغة الأردية أصلاً ؟ أليست عبارة عن مجموعة من المفردات اللغوية من لغات مختلفة ! بمعنى أنه إذا كانت الأردية هي : لغات هندية + عربي + فارسي + تركي ، فما الضرر في أن تكون المعادلة كالتالي : لغات هندية + عربي + فارسي + تركي + إنجليزي ؟!.
هوامش :
37 - نوائـ وقت – مجلد 66 - عدد 327 – بتاريخ الثلاثاء 20 فبراير 2007م – ص 15 .
38 - " بجـ سكول سـ كهر آنـ كـ بعد تيلي وزن بر " كارتون نيت وركـ " كا جينيل لكا كر بيتهـ جاتـ هين – وه اتا دلجسب هوتا هـ كه هتنـ كا نام نهين ليتـ - يه امريكي جينيل هـ جسـ بهارت مين هندي ترجمـ مين دهال كر هوائي لهرون كـ سبرد كر ديا جاتا هـ - هماريـ تمام كيبل آبريترز بلا تكلف اسـ باكستاني ناظرين تكـ بهنجا ديتـ هين – بجـ بريـ شوق اور انهماكـ كـ ساتهـ ديكهتـ هين – اثرات قبول كرتـ هين – يون امريكي كلجر هندي الفاظ مين دهل كر ان كـ دل ودماغ اتر رها هـ - شانتي ، بريوار – جنتا ، ارتهي ، وشواس ، بريم اور اس طرح كـ كئي دوسريـ الفاظ ان كي زبان بر روان هو جكـ هين – ان كـ اردو مترادفات سـ وه بيكانه هوتـ جا رهـ هين – يه الفاظ ابنـ اندر هندو مذهبي تصورات كو سموئـ هوئـ هين " ، والمترادفات الأردية للكلمات التي وردت في المقال هي " امن – خاندان – فكر – اعتماد ، بهروسه – محبت " ، باستثناء لفظ " ارتهي " الذي يعني المحرقة ، حيث يحرق الهندوس موتاهم . ونلاحظ أن معظم هذه الكلمات عربية ( إسلامية ) الأصل ، وتتجنبها وسائل الإعلام الهندية .
39 - نوائـ وقت : صوت العصر – مجلد رقم 66 – عدد رقم 311 – صفحة رقم 14 بتاريخ 4 فبراير 2007م .
40 - نوائـ وقت – مجلد 66 – عدد 327 – بتاريخ الثلاثاء 20 فبراير 2007م – ص 16 .
41 - موجوده تعليمي باليسي مين برائمري تعليم مادري زبان مين اور اعلى تعليم انكريزي زبان مين دي جانـ كي سفارش كي كئي هـ - اس لحاظ سـ بنجاب كي مادري زبان بنجابي هـ - بنجابي زبان كـ جهـ بريـ لهجـ هين – جو اس وقت بوريـ بنجاب مين رائج هين – اور ان كـ ذخيره الفاظ كا ايكـ برا حصه بهي مختلف هـ اس سـ مشكلات برهين كي – كسي بهي زبان كو سيكهنـ كـ لئـ ابتدا هي سـ كوشش اس مين ماهر بناتي هـ - برائمري تعليم مادري زبان مين حاصل كرنـ كـ بعد بجون كو اعلى تعليم كـ لئـ ايكـ دم سـ انكريزي كي طرف آنا بريـ كا – جس سـ طالب علم الجهاؤ كا شكار هون كـ - هو سكتا هـ كه اس صورت حال سـ بريشان هو كر بجون كي ايكـ بري تعداد سكول كو خير باد كهه ديـ - اردو جو هماري قومي زبان بهي هـ اب بهت حد تكـ هر علاقـ كي مادري زبان بهي بن جكي هـ - ملكـ مين 60 % ان برهـ هونـ كـ با وجود اردو آساني سـ بولي اور سمجهي جاتي هـ - در برده اردو كـ وجود كو متانـ كي كوشش كي جا رهي هين – جب هماريـ ملكـ كـ ليدر حضرات اردو بولنـ مين شرم محسوس كرتـ هين تو دوسرون كو كيا كهنا – "
42 - إقبال خان – فلسفه ، تعليم ، سياست اور باكستان كا مستقبل – لاهور – باكستان 1996م - ص 61 .
43 - المرجع السابق - ص 6 .
44 - المرجع السابق – ص 7 .
45 - إلمرجع السابق – 8 .
46 - المرجع السابق – ص 41 ، 42 .
47 - لم يكد يمضي على قيام باكستان عام واحد حتى هب أهل البنغال ( باكستان الشرقية يطالبون باتخاذ اللغة البنغالية لغة رسمية للدولة باعتبار أنها لغة الأكثرية ، ونتج عن ذلك مصادمات عنيفة دامية بين الثائرين البغاليين والبوليس مما اضطر معه القائد المؤسس " محمد علي جناح " إلى تحمل مشقة السفر الطويل إلى " دكا " رغم اعتلال صحته ، وحاول بكل الطرق أن يفهم البنغاليين أن اللغة الرسمية لباكستان ستكون اللغة الأردية فقط وليس لغة أخرى غيرها نظراً لأنها اللغة الوحيدة التي يفهمها أهل باكستان جميعاً ، ولكونها تحمل في طياتها تاريخ النضال السياسي للمسلمين في شبه القارة من أجل تأسيس دولتهم باكستان ، ثم بدأ الصراع السياسي الدامي عندما فاز شيخ مجيب الرحمن مؤسس حزب الشعب البنغالي في الانتخابات التي أجريت عام 1971م ، وكان بالتالي يتوقع أن يتولى رئاسة الوزراء طبقاً للدستور الباكستاني ، ولكن الحكومة الموجودة آنذاك رفضت تسليمه السلطة ، وتدخلت الهند عسكرياً ودخلت في حرب مع الجيش الباكستاني الذي كان موجوداً على أرض البنغال ( باكستان الشرقية ) بمساعدة الثوار البنغاليين ، ومني الجيش الباكستاني بهزيمة نتج عنها إعلان باكستان الشرقية انفصالها عن باكستان الغربية وتأسيس دولة جديدة مستقلة هي بنجلاديش .
48 - كانت هناك مطالبات شبة رسمية لجعل اللغة العربية لغة رسمية لباكستان عندما احتدم الصراع بين البنغالية والأردية على تولي عرش اللغة الرسمية في البلاد ، وكانت أول خطوة في هذا الأمر توصية من مجلس شورى حزب الرابطة الإسلامية بباكستان الشرقية في 21 يناير 1951م ، وأيد هذه التوصية خمسة وستون نائباً من نواب المجلس التشريعي الإقليمي ووقعوا عليها ورفعوها إلى المجلس التشريعي المركزي . لمزيد من التفصيل انظر : حسين يسن الكاتب و محمد حسن الأعظمي – أمة واحدة ولغة واحدة – القاهرة – مصر 1956م – ص 46 .
49 - حسين يسن الكاتب و محمد حسن الأعظمي – أمة واحدة ولغة واحدة – ص 10 .