المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية الجزار والصبى



ماهر طلبه
10/11/2009, 05:26 PM
حكاية الجزار والصبى
من زمان .. زمان قوى .. بيعيش إنسان شرير شغال جزار .. أول مرة يدخل حكايتنا واحد شرير .. لكن ليه شرير ؟ .. علشان ماسك فى إيده سكين بيدبح به من غير ما قلبه ينفطر ؟.. ولا علشان بيدبح من غير ما يحس بلسعة قلب الضحية ؟ .. ولا علشان لما الدم السخن بيجرى على إيده مابيعملش غير إنه يجرى المية الطاهرة –عليها- فيلوثها من غير ما يجمع ده فى قزازة ويدفنه زى ما أى حاجة محترمة تستحق الدفن لما تموت ..؟ ..
لا.. أنا بأعتقد إن كل دا عادى وطبيعى مادمنا حطينا فى إيده م الأول السكينة وسبناه يدبح ، لكن غير الطبيعى وإللى فعلا بيأكد إنه شرير إنه بعد كل ده لما يدخل الليل بيحط راسه على المخدة وينام من غير ما يحلم بأولاد الضحايا إللى دايما متعلقين فى رقبة أمهم وأبوهم المدبوحين ...
جزارنا ده كان عنده صبى صغير جدا .. كانت لسه جواه حتّة البراءة إللى علقها الجزار على مشنقته فى أول يوم فتح الدكان .. الصبى كان كل يوم لما الليل يدخل حيطة راسه يصرخ م الرعب والألم .. أمه إللى دايما كانت بتبقى سايبة حضنها معاه كانت بتصحى مفزوعة
..." مالك يا ابنى ..؟!!.. إيه إللى جرى ؟!!.."
..." الدم ياأمه...."
كان بيبكى زى أى عجل جاموس شايف أبوه مدبوح متعلق بيتباع مهما كان الثمن فهو بخس ...
الجزار إللى كان حلم عمره .. صبى له قلب ميت .. إيد حديد .. عقل ما يعرفش إلا الحسم وبق ما يحسش باللذة إلا لما يدوق الدم .. يحل محله لما يجى الأجل .. لما أم الصبى جت له وحكت الحكاية بكى .. بكى زى أى فحل جاموس فقد ابنه الحلم إللى متجسد قدام عينيه حزمة ضوء متعلق فى حبل طالع به للسما .. ياما صبيان اشتغلوا عنده .. إللى مات وإللى صابه الجنون وإللى الرحمة خدته فى حضنها فصار ملاك .. ياما هرب منه صبيان وافتكر لما جه زمان – قبل الزمان- عليه الدور علشان يخش محل الجزارة صبى .. معلمه قعده جانبه .. رسم حلمه حواليه .." نفسى فى الصبى إللى يشوف الدم فى حلمه ومايصحاش مفزوع ...".. يومها شفت نفسى فى حلم معلمى .. الصبح أمى جت تضحك فى وش معلمى وقالت له ..." الواد مبسوط قوى م الشغلة دى .. باين عليه حبها .. طول الليل نايم ينده باسمك تمسك من هنا وتربط هناك وتسن سكينك وتدبح ويضحك .. يضحك لدرجة إنى افتكرته هيجنن لكن لما خرج م الحلم سليم حمدت ربنا وجيت أشكرك ..."
يومها .. ضمنى المعلم لحضنه وبكى .. بكى زى أى فحل جاموس اتجسد قدام عينيه حلمه قنديل ضوء ينور سما وقاللى .. " حلمى انت – خلاصى – من ألف سنه وأنا بدور عليك .. دورك جه زى ما كان لىّ دور .. بس ياريت ماتعملش زيىّ .. وياريت تكون نهايتى –المكتوبة – غير نهاية معلمى .." وبكى وهو بيترحم على معلمه ..
ع الظهر .. بهرنى لون الدم إللى بيجرى على إيدى .. سحرنى الدفى إللى اتشرب منه كل جسمى .. مديت إيدى لبقى ودقته .. آه من طعم الدم .. لما جه الغدا مليت قزازة المية دم وشربتها .. مانساش الصورة إللى اترسمت على وش معلمى .. معلمى إللى عمر الخوف ما خطر على باله .. خاف لأول مرة فى حياته يخاف .. كأنه شاف مكتوب بيترسم
ع العشا .. رفضت أمثل دورى للآخر .. أكون كومبارس فى حكاية .. إيه المتعة فى إنك تمسك الضحية .. تكتف وتثبت وتشد الرقبة .. لكن السكين ... الله ..." عايز أدبح يا معلمى ..." ....
مانساش رعشة إيد المعلم .. السكينة الممدودة المرعوشة .. أول مرة إيده تترعش .. حتى لما خد السكين علشان يدبح أول رقبة ماارتعشتش إيده .. يومها طيرت أول رقبة .. جزتها ... قلب المعلم ضحك .. قلب المعلم خاف .. مد إيده علشان ياخد السكين .." مين يقدر يسيب سكين ماسكها ؟!!!!..
عارفين فى الساعه دى نسيت كل حاجة مابقاش بس غير إن حد هياخد منى السكين \ دنيتى.. رفعتها لرقبة معلمى إللى وقف قدامى جسم من غير راس .. من يومها وأنا بجرى ورا حلم الصبى ... كان الجزار حزين مش لإنه بيدبح لكن لإنه مش لاقى إللى ياخد من إيده السكين ويدبحه ...
عارفين أنا متهيألى إن الجزار دا طيب مش زى ما كنا فاكرين لإنه بيحاول يهرب من عذاب الضمير حتى لو اندبح .