المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إمامنا الأكبر : اتق الله فينا !!



د/جمال القرمة
11/11/2009, 07:30 PM
بقلم: جلاء جاب الله
إمامنا الأكبر : اتق الله فينا !!
إمامنا الأكبر شيخ الأزهر عالم جليل.. ومفسر متميز وعقل متفتح.. وصاحب رأي ورؤية.. وهو إمام أهل السنة المعتدلين في عالمنا الإسلامي باعتبار انه إمام الأزهر منارة الوسطية والاعتدال.. وشيخنا شيخ الأزهر يثير الجدل كثيراً.. وله أسلوب مميز في اقتحام المشاكل والقضايا الساخنة.. وبرغم علمه الغزير إلا ان مفتاح شخصيته فيما يبدو هو الانفعال السريع وردة الفعل الغاضبة التي تسيطر عليه لذلك يستغل البعض هذه العصبية وردة الفعل الغاضبة في انتقاد تصرفاته مع كل موقف مثير وهو ما لا نرضاه ولا نرضي به لشيخنا وإمامنا وعالم جليل بحجم ومكانة وقامة وقيمة شيخ الأزهر.. من هذا المنطلق أراني أناشد شيخنا الجليل بأن يتقي الله فينا وفي نفسه وأن يستقيل من منصبه الجليل ليترك لنفسه العنان في الغضب والكلام الجارح والهجوم علي من يريد بعيداً عن قدسية المكان والمكانة.. وبعيداً عن المنصب الجليل.
أناشد - وأعتقد أن كثيرين يؤيدون هذه المناشدة - شيخنا بأن يتقي الله فينا ويهدأ من انفاعالاته حتي ولو من أجل الصواب أو يستقيل من منصبه فيريح ويستريح لأن الواقعة الأخيرة - بعيدا عن مزايدات البعض وتزيد آخرين - لا يمكن ان تتفق مع مكانة الشيخ ولا يمكن ان تحدث من عالم بحجمه ومكانته فما بالك وهو الإمام.. شيخ الشيوخ.. وصاحب الفضيلة إمامنا الأكبر..
أقول ذلك بعد ما نشر عن انفعال الشيخ علي تلميذة في معهد أزهري واجباره إياها علي خلع "النقاب" الذي ترتديه.. وبالطبع لم يصدر عن مشيخة الأزهر ما ينفي الواقعة بتفاصيلها وكيف ان الشيخ الجليل أمر الفتاة ذات الاثني عشر ربيعاً بخلع النقاب.. بل انتقد الفتاة بحدة بالغة وأهانها بشكل لا يمكن أن يصدر عن أب أو جد خاصة عندما خلعت الفتاة نقابها فقال لها: "امال لو كنتي جميلة كنتي عملتي ايه".. فهل يمكن ان يصدق أحد ان شيخنا الجليل يقول هذه الجملة لفتاة عمرها 12 عاماً فقط..؟ وبعدها قال لها "أنا أكتر ايمان منك ومن أبوكي".. هل هذا كلام يصدر عن شيخ بحجم شيخ الأزهر يا سيدي؟
** أنا لا أناقش معك قضية النقاب وشرعيتها فأنت أكثر علما.. وأكثر فهما للدين.. ولكن يا سيدي الجليل: هل هذا هو أسلوب الدعوة الذي تريده؟
أين الموعظة الحسنة؟ أين الاقناع الإسلامي..؟ أنت أعلم منا جميعا بقول الله سبحانه وتعالي: ".. ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك".. فهل نسيت يا مولانا كلام الله وأنت أستاذ المفسرين؟ ولوصدقت الرواية التي نشرت.
كيف يطاوعك قلبك في إيذاء فتاة غضة وذبح مشاعرها والإساءة إليها بلا ذنب اقترفته سوي انها فهمت ان النقاب شرع الله فأطاعته.. وأفهموها انه طاعة فأطاعت.. وانه حلال فأخذت به فهل تكون تلك هي المعاملة التي يجب أن ننصحها بها يا سيدي الإمام الأكبر؟
** عندما قرأت هذه القصة دعوت الله أن تكون القصة كاذبة وأن يكون هناك تحريف منسوب إليك يا شيخنا وأسرعت إلي الصحف والمواقع الالكترونية التماسا لتكذيب أو نفي يصدر عن مشيخة الأزهر لكن ذلك لم يحدث.. بل ان إمامنا الأكبر أصدر بعد الواقعة بيوم واحد أمراً بحظر ارتداء النقاب في المعاهد الأزهرية..!!
يا إمامنا الأكبر شيخ الأزهر: نعلم ان الأزهر هو منبر الوسطية والاعتدال ويرفض الغلو والتشدد لكنه أيضا يرفض الفوضي والابتعاد عن الدين.. فهل من الوسطية والاعتدال هذه المعاملة الفجة لطالبة غضة لم تعرف الحياة بعد؟ هل من الوسطية والاعتدال ان تهاجم فتاة وتهاجم أباها..؟
** لقد اهتمت وسائل الإعلام الأجنبية يا سيدي بتلك القصة.. ونشرت الصحف الأجنبية قصصاً وحكايات واهتمت وتوسعت في الاهتمام بما حدث فهل هذا لصالح الإسلام والمسلمين؟
هل تصدق ان وكالة اسوشيتدبرس نقلت في اليوم التالي لنشر هذه القصة - في العالم كله - خبراً منسوبا لمصدر أمني لم تحدد اسمه بأن الشرطة المصرية تلقت أوامر بمنع الفتيات المنقبات من دخول المؤسسات التعليمية الأزهرية بما فيها الإعدادية والثانوية إلي جانب المدن الجامعية الخاصة بالفتيات لدواع أمنية؟؟!!
وقالت الوكالة: ان هذه الإجراءات تأتي في اطار الحملة الحكومية لقمع تزايد الإسلام المتطرف المتزايد بمصر حسب تعبير الوكالة الشهيرة؟.. هل رأيت كيف ان تصرفاً بسيطاً صدر عنك يا سيدي أثار الإعلام العالمي بهذا الشكل..؟
** إذا كنت وأنت شيخ الأزهر تقرر ذلك فماذا يمكن أن تقول عن الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي عندما منع الطالبات المنقبات من دخول المدينة الجامعية لجامعة القاهرة؟ الوزير لم يقل ما قلته عن النقاب بأنه عادة وليس عبادة وانه ليس شرعية بل قال انه أداة يتستر خلفها الرجال لدخول المدينة الجامعية.. وهو مبرر لا يمكن تصوره أو الاقتناع به.. لأننا - مثلاً - نقرأ كل يوم عن حوادث سير يموت فيها العشرات بل والمئات فهل يعني ذلك اننا لا نركب السيارات لأنها تسبب حوادث يسفر عنها قتلي ومصابون؟
فهل إذا سقطت طائرة أو غرقت باخرة لا نستعمل الطائرات والسفن بعدها أم نبحث عن وسائل وضوابط لعدم تكرار ذلك؟
إذا كان هناك من يستغل النقاب للتستر فيمكن أن تقوم شرطة نسائية بالكشف عن المنقبات وفضح المتسترين.. وهذا أبسط صور الضوابط.. لا أن يلجأ الوزير ولا يلجأ شيخ الأزهر لمعاقبة من ترتدي النقاب حتي لو لم يكن فرضا.. لانه حتي بالشكل القانوني فان هذه القرارات تعد مخالفة قانونية ومخالفة للحقوق الدستورية ومخالفة لحقوق الإنسان.
لقد صدر عن دائرة توحيد المباديء بالمحكمة الإدارية العليا في 9 يونيو 2007 حكم تاريخي يقضي بعدم جواز فرض حظر مطلق علي ارتداء النقاب في الأماكن العامة لأن هذا الحظر يخالف الحرية الشخصية والحق في المساواة المكفولين بموجب الدستور.
أنا لا أتحدث الآن عن رأي شرعي أو ديني فالمؤكد ان شيخ الأزهر أعلم مني ومن أبَّ الفتاة التي أجبرها علي خلع النقاب ولكن قرار الشيخ الجليل وقرار الوزير يخالفان الدستور والقانون وحقوق الإنسان وحكم صادر عن الإدارية العليا فماذا بعد؟
.. يا سيدي شيخ الأزهر: هل تعلم ان أحدهم - ولن أذكر اسمه لانه لا يستحق ذلك - اتهم المساجد مؤخراً بأنها "كوارث حقيقية وأن الخطاب الديني لا يقل كارثية عن ذلك"؟
هل تعلم يا سيدي الجليل ان هذا الشخص قال ذلك خلال مؤتمر "نحن والآخر الذي نظمته الهيئة القبطية الانجيلية في معرض هجومه الشرس أيضا علي النقاب والذي وصفه هو الآخر بأنه كارثة اجتماعية "وخطر كبير"..!؟؟ فهل بنفس المنطق يا سيدي نغلق المساجد لأنها كارثة..؟
شيخنا الجليل.. الأمر يحتاج تدخلك مرة أخري لأنك الإمام الأكبر.. قل كلمتك في كيف نتعامل مع هذه المواقف وكيف يكون التعامل في دعوة الصغار والشباب للعمل الإسلامي الصحيح؟ وكيف نواجه من يستغل الدين ويستغل الحرب ضد الدين؟
سيدي الإمام الأكبر.. لقد سمعت الإمام الشيخ الغزالي رحمه الله يقول: ان النقاب فضل وليس فرضا لكنه لم يهاجم النقاب ولم يهاجم المنتقبات.. وقال: ان الفضل فضيلة وشيء مستحب..!!
ولقد قرأت للدكتور يوسف القرضاوي رأياً حاسماً في عدم وجوب النقاب لكنه دافع عن النقاب بشكل رائع ورفض القول بإن النقاب بدعة دخيلة علي المجتمع الإسلامي وانه ليس من الإسلام في شيء بل بين القرضاوي وبالحجة ان القول بوجوب لبس المرأة النقاب رأي موجود داخل الفقه الإسلامي فأنصف النقاب والمنتقبات.. بل انه وبأسلوب راق بين ان التدين و الاخلاص أحيانا يكونان من أسباب حدة الخلاف بين مؤيد ومعارض حيث يتحمس كل طرف لرأيه الذي يعتقد انه الحق وانه الدين الذي سيحاسب عليه ثوابا أو عقابا وان الاختلاف سيظل قائما مادامت النصوص نفسها التي نستنبط منها الاحكام قابلة للاختلاف في ثبوتها ودلالتها ومادامت افهام البشر متفاوتة في القدرة علي الاستنباط ومدي الأخذ بظاهر النص أو بفحواه.. بالرخصة أو بالعزيمة بالأحوط أم بالأيسر.. وقال القرضاوي انه سيظل الاختلاف قائما مادام في الناس من يأخذ بشدائد ابن عمر.. ومن يأخذ برخص ابن عباس.. أو "مادام فيهم من يصلي العصر في الطريق ومن لا يصليها إلا في بني قريظة" ويواصل القرضاوي يا شيخنا الأمام الأكبر "ومن رحمة الله بنا ان هذا النوع من الاختلاف لا حرج فيه ولا إثم والمخطيء فيه معذور بل مأجور أجراً واحداً بل هناك من يقول: لا مخطيء في هذه الاجتهادات الفرعية بل كل مصيب.. وقد اختلف الصحابة ومن تبعهم بإحسان في فروع الدين فما ضرهم ذلك ووسع بعضهم بعضا دون نكير".
أرأيت يا شيخنا فقه الاختلاف في الرأي في فروع الدين وكيف يعالجه الشيخ القرضاوي.. وبرغم ان الشيخ يؤيد رأيك ورأي جمهور الفقهاء بإن النقاب ليس فرضا وبجواز كشف الوجه والكفين وهو قول جمهور الفقهاء.. ومع ذلك فقد حرص الشيخ القرضاوي يا شيخنا الكبير علي أن يؤكد ان كشف الوجه لا يعني ان تملأه المرأة بالاصباغ والمساحيق وكشف اليدين لا يعني أن تطيل أظافرها وتصبغها بما يسمونه "المانوكير" وانما تخرج محتشمة غير متزينة ولا متبرجة وكل ما أبيح لها هنا هو الزينة الخفيفة كما جاء عن ابن عباس وغيره: "الكحل في عينيها والخاتم في يديها".. وان القول بعدم وجوب النقاب لا يعني عدم جوازه فمن أرادت ان تنتقب فلا حرج عليها بل قد يستحب لها ذلك في رأي البعض الذين يميلون دائماً إلي تغليب جانب الاحتياط.. بل ذهب كثيرون إلي وجوب ذلك إذا كانت جميلة يخشي الافتتان بها وخصوصا إذا كان النقاب لا يعوقها ولا يجلب عليها القيل والقال ولكن - يواصل القرضاوي - لاأجد في الأدلة ما يوجب عليها تغطية الوجه عند خوف الفتنة لأن هذا أمر لا ينضبط والجمال نفسه أمر ذاتي ورب امرأة يعدها إنسان جميلة وآخر رأها عادية أو دون العادية.
وقد ذكر بعض المؤلفين ان علي المرأة ان تستر وجهها إذا قصد الرجل اللذة بالرؤية أو وجدها!!
ومن أين للمرأة أن تعرف قصده للذة أو وجدانها؟؟
وأولي من ستر الوجه ان تنسحب من مجال الفتنة وتبتعد عنه إذا لاحظت ذلك.
وأكد انه لا تلازم بين كشف الوجه واباحة النظر إليه فمن العلماء من جوز الكشف ولم يجز النظر إلا النظرة الأولي العابرة ومنهم من أباح النظر إلي ما يباح كشفه لكن بغير شهوة فإذا وجد شهوة أو قصدها حرم النظر عليه وهو الذي اختار.
سيدي شيخ الأزهر.. ما رأيك في قول القرضاوي وما رأيك فيما فعلت أو قيل انك فعلته؟ وما رأيك في أن تعود إلي الصواب فأنت لست أفضل من عمر بن الخطاب عندما ردته امرأة.. وقال أخطأ عمر وأصابت امرأة ولست أفضل من الفقهاء العظماء الذين عادوا إلي الصواب وما رأيك في أن تدعو الفتاة لمكتبك وتصالحها لأنك بذلك تصالحنا جميعا وتعطي القدوة لأنك أنت القدوة فإذا لم تفعل.. فلن نقول لك إلا كلمة لا خير فينا ان لم نقلها ولا خير فيك إذا لم تسمعها وهي: اتق الله يا شيخنا.