المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في المجموعة القصصية( لائحة الاتهام تطول)



صبيحة شبر
08/02/2007, 01:17 AM
القاصة العراقية صبيحة شبر
صوت أنثوي جريح

جواد وادي

إن الكتابة الإبداعية تتطلب تقنيات وقدرة على مسك الحالات التي يريد المبدع ان يمسك بتلابيبها ليحيلها الى مختبره اللغوي ويضفي عليها اللمسات الفنية الخاضعة لشروط صارمة قد تتفاوت بين مبدع وآخر، آخذا بنظر الإعتبار المخاطب او المتلقي من حيث قدرته على التعامل مع النص ومرجعياته والتوحد في ابهى توهجه حين يلج المبدع حالة النص كمحراب فائق النقاء والمؤانسة ولكن ببصمات الوجع والفرح والتجيّيش الأسمى لأحاسيس فطنة قد تحيل العلاقة بين المبدع والمتلقي الى نشيج من المكابدات حتى تعود اللحظة مشتركة في تفاصيل الوجد الإبداعي، وهذا الأمر يعتبر سمة لصيقة بجل إبداعات القاصة المتألقة صبيحة شبر من خلال المتابعات الجادة لما تنشره من قصص قريبة الى عذابات القارئ العراقي تحديدا والعربي بشكل عام.
إن المتابع لهذه المبدعة العراقية التي خرجت من ركام القهر العراقي بكل اوجاعه ومكابداته والحاحها الجميل في تناول شتى مناحات المرأة العراقية وعذاباتها التي ما عرفت هدأة يوما وظلت حبيسة القهر والمرارة والنشيج المتواصل دون ان ترى ولو في المدى القريب طريقا للخلاص من هكذا متاهات لا قرار لها، وهذا الوفاء لبنات جنسها من المعذبات في عراق الكوارث والمنافي القصية عاد ديدن همها الإبداعي في جل قصص المبدعة صبيحة شبر، فمنذ مجموعتها الموسومة ( إمرأة سيئة السمعة) والتي ضمت قصصا لا تحيد عن هذا الهم وإن بمرحلة مغايرة لمجموعتها الثانية والتي نحن بصددها تناولها وهي:
(لائحة الإتهام تطول) حيث نرى الإنحياز الجلي لبنات جنسها ومشاركتها اياهن همهن وعذابهن واتراحهن التي باتت زادا يوميا لا فكاك منه ولا مناص من الخضوع لقدرهن اللعين، والكاتبة هنا وبهذا الإنتماء الإخلاقي والإنساني للمعذبات العراقيات ومن خلالهن لكل معذبات الأرض انما هو وفاء لشريحة من المخلوقات الصابرات على شتى صنوف الالم حين لا يجدن من يخفف عنهن اوجاعهن سوى هكذا مشاركة وجدانية لها دلالاتها ومعانيها والقاصة تحيلنا نحن الرافدين لهذه الاوجاع ومن يضمد جراحاتها الى موضوعة الكتابة النسوية واختلافها عن العمل الذكوري حيث ان الكتابة والمرأة صنوان لهم مشترك قد لا يتوفق الرجل المبدع في ان يلامس ادق تفاصيل الهم الانثوي فيه مثلما المرأة الكاتبة وهذا ليس نزوعا لفرز الأدب النسوي عن سواه الّذكوري رغم ان الفوارق موجودة اصلا ،بقدر ما هو تشابك الهم لينصهر في بوتقة قد يكون احساس المبدع الذكوري اقل قربا ليفك شفرة العلاقة النسائية التي تختلف كثيرا عن هموم الرجل في التناول والإحساس ومن ثم التعاطف الواجب تحقيقه في اي عمل ابداعي يتناول هكذا حالات. ولا بد ان نستحضر اسماء لمبدعات تناولن ذات الهم الأنثوي وبجدارة ابداعية كبيرة مثل لطفية الدليمي، احلام مستغانمي، سحر خليفة، ربيعة ريحان، وغيرهن الكثير . إنها ليست لعنة النساء على جنس الرجال الناكر لرقة المرأة بحنوها وحبها دون ان ننسى تلك المعارك الحامية الوطيس حول الإهتمام بالجسد كعلامة على كينونتنا لنقترب من وجودنا اكثر كما يقول جوناثان ميلر لتظل علاقة تصادمية قد تتصالح بشروط معرفية لتفتح الكوة على مصراعيها دون قيود او متاهات بعيدا عن المزالق التي تبرر لرفض البهاء الذي يضفيه هذا الجسد على مكنونات الوجود الإنساني بإسفاف ذكوري ضارب في الحسية الفجة، الجسد لا بمعناه المجرد بل بفهمه الفلسفي الصرف.
اننا هنا امام حالة قديمة وليست هما راهنا وحين يرتكن المبدع الى ادواته في الكتابة الابداعية يضع امام عينيه سطوة الجسد كترمومتر يقوده الى ان يوظف قدرته الإبداعية في تجسيد الرؤيا الغائصة في تفاصيل لعبة الكتابة ليخرج منتشيا ومتحررا من تابوهات قاتلة ليصنع له مجدا انسانيا حتى ولو كان مقتصرا عليه وحده وهذا لعمري انجاز قد ينفرد به المبدع ليمتلك شروط ديمومته وعمق علاقته مع محيطه ارضا وبشرا وانتاجا انسانيا متالقا.
في مجموعنها ( لائحة الإتهام تطول) تغوص القاصة صبيحة شبر عميقا في تناول حالات المرأة في إنكساراتها المتلاحقة في تنوع وانتقالات متعددة من حيث الشخوص وتقاربها وجدانيا او تنافرها ، ذلك التنافر الذي يعد في حالات كثيرة ضمن رحلة قراءة المجموعة،هي لوائح إتهام لشرائح مجتمعية عديدة.
تفتتح القاصة مجموعتها الى ملاذها الاول والاخير وطنها العراق فتقول: الى وطني الذي أدين له بكل شئ جميل. وهي تعرف ان ذات الوطن يحفل الآن بالكثير من القبح لكنها اختارت الأجمل والأبقى. تتعدد شخوص القصص من إمرأة الى أخرى ففيها ربة البيت والعاملة والمعلمة والممرضة والموظفة والثكلى والمقتولة بالبطش البعثي المجرم والمدرّسة وعينات أخرى كلها تتوحد في هم وعذاب ووجع واحد ولمسات الدفء تكاد تكون نادرة فالطاغي في المجموعة هو النواح والإلتياع والحسرة والحرمان وغيرها من المفردات التي باتت قاموس النساء البائسات.
في قصتها الاولى، أرق ونحيب مكتوم نقرأ: تصمت رجاء، وتنهي النحيب الغريب المنبعث من قلبها المكلوم، يعاودك التساؤل من جديد، أيكرر صباحك البائس الغريب، اذ يمنحونك ربع ساعة، لتغسل جميعهن وجهها........
نادرا ما نجد لمسة دفء لهذه الشريحة المعذبة ففي قصة الخطافة تقول: لا رجل لك... قصص الحب عندك مبتورة منذ البداية .. أنظري الى الرسوم هنا.. الرجل الذي تحبينه طوال عمرك ذهب عنك ونسيك..... هنا التسليع لجسد الأنثى فهي لا تملك غير الجسد وما ان تنطفئ شهوة الرجل يتركها محزونة دون ان يشعر باي أسى لما سيحدث لها. ونقرأ في قصة استغاثة: سأكون صريحة معكن واتحث بلا أكاذيب أو اختلاقات ... لا مساواة ولا بطيخ في مجتمعاتنا العربية لا تجعلن صوت المكر يكون عاليا..
اننا مع القاصة نؤكد الى ما تريد الذهاب اليه بان هذا هو التسويف الحقيقي لكل ادعاء بالمساواة فنحن نعيش في مجتمع ذكوري بامتياز ولا حق للمرأة ان تعترض على اي شئ، عليها ان تلعق قدرها بامتعاض وتصمت.
المجموعة القصصية كلها تتكلم بلسان أنثوي مسحوق، غير ان القاصة في قصتها (شعور عارض) سيّدت الصوت الذكوري للبحث عن الدفء المفقود ولكن حتى هذه العطفة الجميلة قابلها الرجل بجفاء ودون اهتمام .
تضم المجموعة تسعة عشر قصة نقتطف هذه المقاطع من القصة التي تحمل المجموعة عنوانها وهي : لائحة الإتهام تطول لنقرأ: أنا تعبت يا إمرأة ، تتحدثين وتتحدثين، ساجعل نهارك سرابا، واحوال أمنياتك ضلالا، وشعورك الطاغي بالحياة اجعله فراغا قاهرا مميتا ..... أنت نقمة سلطها الشيطان على هذه الأمة المنكودة، فسلب منها اليقين المفرح وسرق رضا الله ، حين عصت ولي أمره.
نسي هذا الصوت الذكوري الفج انه يتحول الى طفل غض هشيش حين يحتاج جسد المرأة للمعاشرة ونسي كذلك انه مولود من إمرأة ونسي ان الأمة منكوبة برجالها ولا ذنب لنسائها في نكباتها المريرة.

*القاصة صبية شبر من العراق
*لها ثلاثة مجاميع قصصية : * التمثال 1976
* إمرأة سيئة السمعة 2006
*لائحة الإتهام تطول 2007
*إضافة الى العديد من الدراسات والبحوث المنشورة في الصحف العراقية منذ العام 1960
* تعمل الآن أستاذة اللغة العربية في المدرسة العراقية - الرباط

معتصم الحارث الضوّي
08/02/2007, 02:02 AM
طوبى لمن يحتضن بين جوانحه عشق وطنه ..
دمتِ يا سيدتي مبدعة عاشقة لتراب الوطن .. أعادك الله إليه و حمام السلام يرفرف بين ربوعه الوارفة .

أسمى تقديري و تبجيلي

معتصم الحارث الضوّي
08/02/2007, 02:13 AM
الجانب الآخر من العملة للغياب القهري عن الوطن .. هي تلك الأحاسيس الجارفة المتضاربة التي تغمرنا عند العودة .. أرجو منك يا سيدتي الإطلاع على هذه الخاطرة التي سطرتُها أثناء أول زيارة لأرض الوطن بعد غيبة سنوات طويلة ..

http://arabswata.org/forums/showthread.php?t=3556

عاطر التقدير و التبجيل

زاهية بنت البحر
08/02/2007, 02:38 AM
حماك الله ورعاك أختي الغالية أستاذة صبيحة شبر ,ونفع بك الأمة وداوى جراح قلبك الطيب بعودة الوطن معافى وعودتك إليه, ومن تقدم إلى تقدم بإذن الله ..
أختك
بنت البحر

صبيحة شبر
08/02/2007, 09:36 PM
طوبى لمن يحتضن بين جوانحه عشق وطنه ..
دمتِ يا سيدتي مبدعة عاشقة لتراب الوطن .. أعادك الله إليه و حمام السلام يرفرف بين ربوعه الوارفة .

أسمى تقديري و تبجيلي
الاخ العزيز معتصم الحارث الضوي
الشكر الجزيل على التقييم الجميل
وعلى الثناء العاطر
دمت بخير

صبيحة شبر
08/02/2007, 09:39 PM
الجانب الآخر من العملة للغياب القهري عن الوطن .. هي تلك الأحاسيس الجارفة المتضاربة التي تغمرنا عند العودة .. أرجو منك يا سيدتي الإطلاع على هذه الخاطرة التي سطرتُها أثناء أول زيارة لأرض الوطن بعد غيبة سنوات طويلة ..

http://arabswata.org/forums/showthread.php?t=3556

عاطر التقدير و التبجيل
الاخ العزيز معتصم الحارث الضوي
خاطرة جميلة استمتعت بها
لاابعدنا الله عن دفء الاوطان

صبيحة شبر
08/02/2007, 09:42 PM
حماك الله ورعاك أختي الغالية أستاذة صبيحة شبر ,ونفع بك الأمة وداوى جراح قلبك الطيب بعودة الوطن معافى وعودتك إليه, ومن تقدم إلى تقدم بإذن الله ..
أختك
بنت البحر
الاخت العزيزة والمبدعة المميزة زاهية بنت البحر
الشكر الجزيل للدفء الجميل المنبعث من كلماتك
حقق الله لك الامنيات