المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامبراطورية المختطفة ( عملاق في قبضة قزم )‏



محمد بن سعيد الفطيسي
13/11/2009, 09:25 PM
‏" ان ذريعة عدم المعرفة ولو عن حسن نية , لا تقبل في محكمة التاريخ , فالذين يريدون ان ‏يعرفوا يمكنهم أن يعرفوا الحقيقة , أو على أي حال , أن يعرفوا ما يكفي منها ليقوموا ‏بالاستنتاجات الصحيحة " – نورمان فينكلشتاين , مؤرخ وأكاديمى أمريكي يهودي مرموق , ‏وأحد ابرز المنتقدين لإسرائيل - 0 ‏
‏ لقد أسفرت الحرب الصهيونية الإجرامية الأخيرة على قطاع غزة الفلسطينية مع نهاية ‏شهر ديسمبر من العام 2008م , وبداية شهر يناير 2009م , الى أعادة تأكيد العديد من ‏الحقائق والمفاهيم التاريخية المؤكدة , وتحديدا السياسية منها , - وبالطبع – كان اغلب تلك ‏الحقائق واضح للجميع بلا استثناء منذ زرع هذه المستعمرة في ارض الطهر والرسالات ‏فلسطين بقرار ظالم من هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 29 نوفمبر 1947م 0‏
‏ ومن ابرز تلك الحقائق التي يمكن الإشارة إليها " كحقائق تاريخية لا شك فيها " على ‏الإطلاق : أن هذا الكيان السرطاني لم ولن يكون يوما شريكا للسلام مع العرب , وان الولايات ‏المتحدة الاميريكة لن تقف يوما مع حلفاءها العرب ضد حليفها الإسرائيلي , كونها ومن جهة لا ‏تملك الخيرة من أمرها في ذلك , فهي دولة وقع العالم في قبضتها , ووقعت هي في قبضة ‏اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الاميركية , أما من جهة أخرى , فان الولايات المتحدة ‏الاميركية لم تثبت يوما باختلاف توجهاتها الديموقراطية والجمهورية , أنها يمكن ان تكون ‏قاض أو حكما منصفا في الصراع العربي – الإسرائيلي 0 ‏
‏ ولكن – وللأسف الشديد – وبالرغم من كل ذلك فان هناك بعض السياسيين والمثقفين ‏العرب الذين لا زالوا الى يومنا هذا ومنذ أكثر من 60 سنة يراهنون على إمكانية الشراكة ‏الاستراتيجية وتقاسم السلام مع أمثالهم في الحكومات الإسرائيلية المتوالية , وعلى أن تلك ‏العقول السياسية الصهيونية الرسمية المتعاقبة على إسرائيل يمكن لها ان تنسلخ عن نزعتها ‏التاريخية القومية المعروفة بتعطشها للتوسع والاستعمار والدمار والقتل , واستغلالها لأساطير ‏وخرافات العهد القديم والروايات التوراتية في السياسة الإسرائيلية الحديثة , كخرافة الوعد و ‏الشعب المختار 000الخ , لتتبنى منهج السلام والتقارب مع الحكومات والشعب العربي0‏
‏ وأن الولايات المتحدة الاميركية بتحولها الى " الديموقراطية الحزبية " التي تحل عليهم ‏بين جيل وآخر كليلة من ألف ليلة وليلة , كما حدث بصعود الرئيس الاميركي الديموقراطي " ‏أوباما " , صاحب الأصول القريبة من إخوته في الجغرافيا – ونقصد – العرب , الذين ‏يتشاركون القارتين الإفريقية والأسيوية , والذين استبشروا به خيرا لنصرة قضاياهم المتوقفة في ‏الطريق الشائك بين البيت الأبيض وتل أبيب , ان تنتصر لهم على طفلها المدلل – إسرائيل - , ‏‏, وان تقف معهم حتى من باب المجاملة 0 ‏
‏ ولكن ها هي الولايات المتحدة الاميركية اليوم , تثبت من جديد بأنها لا زالت مختطفة ‏من قبل طيور الظلام الصهيونية , أو - اللوبي المتمثل بمنظمات الضغط الصهيوني بالولايات ‏المتحدة الاميركية , كمنظمة " ايباك " على سبيل المثال لا الحصر - , وإنها مهما اختلفت على ‏إدارتها السياسية الصقور والحمائم , أو الجمهوريين والديمقراطيين , ستظل الثوابت ثوابت ‏والمتغيرات متغيرات , وستظل الولايات المتحدة الاميركية دائما وأبدا القفاز الذي طالما حمى ‏القبضة الصهيونية الإرهابية من جرائمها ومذابحها التاريخية ضد الفلسطينيين 0 ‏
‏ وليس أفضل دليل على ما قيل سابقا من استنكار مجلس النواب الاميركي " صاحب ‏الغالبية الديموقراطية " لتقرير غولدستون الذي يتهم الجزار إسرائيل ولا يستثني الضحية حركة ‏حماس من ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة الشتاء الماضي ، ‏وتبنّى قراراً يطالب الإدارة الأميركية‎ ‎بالحيلولة دون مناقشة التقرير في أيّ من المحافل الدولية ‏ووصفه بأنه متحيز ويؤثر سلبا على عملية السلام في الشرق الأوسط , وقد اقر البرلمانيون ‏الأميركيون بأغلبية 344 صوتا مقابل 36 قرارا يدعو الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية ‏هيلاري كلينتون الى رفض التقرير وبدون أي لبس تقديم أي دعم او أي درس في المستقبل" ‏للتقرير الذي وضعته اللجنة التي كان يترأسها القاضي الجنوب أفريقي " اليهودي الأصل " ‏ريتشارد غولدستون 0‏
‏ ووصف زعيم الغالبية " الديموقراطية المزعومة " في مجلس النواب الاميركي ستيني ‏هوير، تقرير الأمم المتحدة بأنه ( غير متساو وغير‎ ‎عادل وغير صحيح ) وقال : ( من المؤسف ‏أن الأمم المتحدة تتعامل مع إسرائيل ، في رأيي ، بطريقة منحازة كلياً وغير متوازنة ) وأضاف ‏‏( إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم‎ ‎التي لديها اهتمام خاص من قبل الأمم المتحدة ) , ‏وستيني هوير يؤكد هنا ما سقناه سابقا من استحالة التفريق في النظرة الاميركية الرسمية ‏باختلاف اتجاهاتها السياسية , أكانت جمهورية أم ديمقراطية تجاه إسرائيل وقضاياها من جهة , ‏والعرب وقضاياهم من جهة أخرى , وبالتالي تأكيد " الخطأ التاريخي العربي المتكرر " , والذي ‏يتصور أن الولايات المتحدة الاميركية ستقف مع القضايا العربية في حال نجح الديمقراطيين في ‏الوصول الى البيت الأبيض , كما كان حالهم مع نجاح الرئيس الديموقراطي اوباما0 ‏
‏ وبعد مصادقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة على التقرير ‏سالف الذكر وبأغلبية ساحقة , وبالرغم من اعتراض الولايات المتحدة الاميركية – حامية حمى ‏الديموقراطية في العالم – ومستعمرة الكيان الصهيوني الكبرى عليه , إلا ان هذا التقرير ‏سيستقر أخيرا في مجلس الأمن الدولي , وهنا نطرح الأسئلة التالية : هل ستستخدم الولايات ‏المتحدة الاميركية حق النقض " الفيتو " في صالح عدم تفعيل إجراءات هذا التقرير على ارض ‏الواقع ؟ وفي حال لم تستخدم ذلك , ونجح الجانب الرسمي العربي في إقرار هذا التقرير في ‏مجلس الأمن الدولي , هل ستتخذ كل من إسرائيل وحماس أي إجراء عملي تجاه ما جاء في ‏توصيات التقرير ؟ أم سيكون مجرد حبر على ورق !!؟ , أم ان المجلس الأمن يستخذ إجراءات ‏فورية ملزمة للطرفين لتحقيق ذلك على ارض الواقع ؟ , وهل سيؤثر ذلك في الدفع بعملية ‏السلام المتعثرة أصلا بين الطرفين الرئيسيين – أي – إسرائيل والفلسطينيين ؟0 ‏
‏ المهم في الأمر , أن ما أردنا توضيحه من خلال هذا الطرح , هو التأكيد على قصور ‏رؤية تلك الشريحة من السياسيين العرب الذين راهنوا , ولا زالوا – وللأسف الشديد - على ‏ديمقراطية الولايات المتحدة الاميركية الديموقراطية خلال وبعد انتخاب أوباما , وحكومة ‏الأغلبية الديموقراطية الاميركية الداعية الى حقوق الإنسان والعدالة والمساواة , وإنها لن تختلف ‏كثيرا عن سواها من الحكومات الاميركية المتعاقبة والحليفة لمستعمرة الخوف الإسرائيلية , ‏سوى في مستوى الخداع وطرق الالتواء على الشرعية الدولية , وهنا نذكر بما جاء في سياق ‏حديث احد مرشحي الحزب الديموقراطي لمنصب نائب الرئيس الاميركي في العام 1992م , ‏وهو السيناتور البت غور , والذي أكد في حملته بان ( إسرائيل ستبقى أفضل أصدقائنا وأقوى ‏حلفائنا لا في الشرق الأوسط وحده , وإنما في أي مكان آخر من العالم )0 ‏
‏ وبما أننا هنا لسنا في صدد سوق ملايين البراهين على ذلك , وخصوصا عدد المرات ‏التي لا تحصى , والتي استخدمت فيها الولايات المتحدة الاميركية حق النقض في مجلس الأمن ‏الدولي على أي قرار يدين جرائم الاحتلال , أو ذكر الدعم المالي والعسكري والسياسي ‏لإسرائيل منذ وجودها والى الساعة , فإننا سنكتفي لتذكير الجانب الرسمي العربي بان الدولة ‏التي يعتمدون عليها لحمايتهم أو رعاية قضاياهم او مصالحهم هي دولة مختطفة منذ أمد بعيد , ‏لا يمكن الوثوق بها , أو الاعتماد عليها , لذا فأنهم مطالبون بالتحول الى الوحدة ولم الصف ‏العربي في مواجهة التحديات في مختلف المحافل الدولية , وانه بات من الملزم عليهم الاعتماد ‏على أنفسهم وقدراتهم الذاتية والجماعية العربية من اجل صالح دولهم وشعوبهم 0‏
‏ وباختصار شديد كما يرى ذلك الأستاذ جون جي 0ميرشايمر من قسم العلوم السياسية ‏بجامعة شيكاغو الاميركية , بان الولايات المتحدة الاميركية ستبقى مجرد أداة عملية لحكومة ‏أجنبية فعلية , تتحرك بعصا الايباك في الداخل الاميركي , وأن ( أي نقاش حر لسياسة ‏الولايات المتحدة الاميركية تجاه إسرائيل لا يتم هناك 000 وهكذا فان واحدا من فوع الحكم ‏الرئيسية الثلاثة في الولايات المتحدة الاميركية يكون ثابت الالتزام بدعم إسرائيل) 0‏
‏ ‏
‏ ‏