المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن قصيدة يا راحلين إلى منىً بقيادي /د.عثمان قدري مكانسي



نبيل الجلبي
15/11/2009, 01:49 AM
يا راحلين إلى منىً بقيادي
بقلم الدكتور عثمان قدري مكانسي
وصلتني اليوم قصيدة البرعي عبد الرحيم رحمه الله ، ودخلت أعماق قلبي ، فساءلتُه : أصوفيّ أنت يا عثمان؟ ليس هذا عهدي بك .
قال : اترى الصوفيّ وحده يشتاق المدينة وساكنها عليه الصلاة والسلام؟
قلت: ولكنّك رققت حتى كدتَ تذوب حين قرأت هذه القصيدة.
قال : أتراني قُدِدْتُ من حجر يا رجل ؟!.أعدْ قراءة ما يقول هذا المشوق.
وقرأتها مرة ومرة ، وذرفت عيناي الدموع ، وحننتُ إلى المدينة وصاحبها الحبيب ، وإلى البيت المحرّم وعرفات وأخويه ( منى والمشعر الحرام ) ...
تحرك لاعج الشوق ، كنت قبل أربعة أشهر هناك ، قضيت في مكة اثني عشر يوماً وفي المدينة مثلها، وكانت أياماً رائعة ولحظات حبيبة وقلت : إن اللقاء يقوّي رغبة الولهان المحب . ولن يشبع المسلم من هذه البقاع المقدسة ولو كرر زيارتها وقارب بينها ، إنها مهبط الوحي ونبع الإيمان ومثوى الحبيب المصطفى حشرنا الله تعالى تحت رايته ، وأنقذنا من النار ، وأدخلنا الفردوس الأعلى بشفاعته صلى الله عليه وسلم .
قيل : إن البرعي في حجه الأخير أخذ محمولا على جمل فلما قطع الصحراء مع الحج الشامي، وأصبح على بعد خمسين ميلاً من المدينة هب النسيم رطباً عليلاً معطرا برائحة الأماكن المقدسة فازداد شوقه للوصول لكن المنية أعاقته عن المأمول فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نفسه الأخير .. يقول فيها:

يا راحلين إلـى منـىً بقيـادي * * هيجتمو يوم الرحيـل فـؤادي

سرتم وسار دليلكم ، يا وحشتـي * * فالشوق أقلقني وصوت الحـادي

وحرمتمو جفني المنام ببعدكـم * * يا ساكنين المنحنـى والـوادي

ويلوح لي مابين زمزم والصفـا * * عند المقام سمعت صوت منادٍ

ويقول لي يانائما جُـدّ السُـرى * * عرفاتُ تجلو كل قلب صـادٍ

من نال من عرفات نظرة ساعة * * نال السـرور ونال كل مـرادٍ

تالله ما أحلى المبيت على منـى * * في ليل عيد أبـركِ الأعيـادِ

ضحّوا ضحاياهم وسال دماؤها * * وأنا المتيّم قد نحـرت فـؤادي

لبسوا ثياب البيض شاراتِ اللقاء * * وأنا الملوّع قد لبسـت سـوادي

يارب أنت وصلتهم صلني بهـم * * فبحقهـم يـا رب فُـك قيـادي

فإذا وصلتـمْ سالميـن فبلغـوا * * مني السلامَ أُهيـلَ ذاك الـوادي

قولوا لهم عبـد الرحيـم متيـّم * * ومفـارقُ الأحـبـاب والأولادِ

صلى عليك الله يا علـم الهـدى * * ما سـار ركب أو ترنـم حـادٍ