المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضفدعان في خطر Two Frogs in Trouble



محمود عباس مسعود
15/11/2009, 11:21 PM
قصة ذات مغزى حسبما رواها برمهنسا يوغانندا P. Yogananda

ذات مرة كان ضفدع كبير مترهل وضفدع صغير مليء بالنشاط والحيوية يسعيان في مناكبها عندما قادهما حظهما العاثر للسقوط – بنطة غير موفقة – في سطل من الحليب الطازج.

سبحا لساعات طويلة في ذلك السائل الأبيض على أمل الخلاص من تلك المحنة القاسية، لكن حواف السطل كانت عميقة وزلقة، وقد تراءى لهما شبح الموت فانتابتهما مشاعر الرهبة وواصلا السباحة.

وما أن شعر الضفدع الكبير بالإنهاك حتى فقد شجاعته وخارت عزيمته. ولم يبدُ له من بارقة أمل في النجاة. فقال لصديقه الصغير:
"لماذا نحاول معاكسة القدر وبذل المجهود دون طائل؟ لا يمكنني يا صاحبي مواصلة السباحة."

لكن الضفدع الصغير الذي كان يسبح بهمة مستميتة وسط الحليب قال لرفيقه: "تابع المجهود وإياك أن توقف المحاولة، فمن يساعد نفسه يأتيه العون من حيث يدري ولا يدري."

واصلا السباحة لبعض الوقت لكن الضفدع الكبير قرر أخيراً أن لا فائدة ترجى من كل تلك الجهود، فقال بشهقة أخيرة: "يا أخي الصغير، فلنستسلم لقدرنا وها أنا قد قررت بالفعل التوقف عن السباحة، فالوداع."

وما أن كف عن المحاولة حتى غاص إلى أرض السطل وتلك كانت النهاية بالنسبة له.

بقي الضفدع الصغير يصارع الحليب والقدر الرهيب بمفرده. وفكر بينه وبين نفسه:
"إن التوقف عن بذل المجهود يعني الموت، ولذلك سأواصل السباحة حتى ييسر لي الله مخرجاً."
مرت ساعتان وكاد الإعياء المضني يشل ساقيّ صديقنا الصغير وبدا له أنه قد فقد القدرة على الحركة ولو لدقيقة أخرى.
ولكن عندما فكر بصديقه قال لنفسه:

"الكف عن المحاولة يعني أن أكون وجبة طعام على مائدة أحدهم، وهذا ما لا أرضاه لنفسي. ولذلك سأواصل الخوض في هذا السائل اللبني حتى تأتي ساعتي فيما إذا كانت تلك الساعة آتية لا محالة. لكنني لن أوقف المحاولة إطلاقاً. فما دامت الحياة دام الأمل ولذلك لن أستسلم."

كان منتشياً بالتصميم القاطع فواصل السباحة بعزم لا يعرف الخذلان، وراح يجوب السطل المرة تلو الأخرى ضارباً الحليب بأطرافه النحيلة ومكوّنا منه أمواجاً تعلوها رغوة شديدة البياض.

بعد فترة شعر بأن جسمه قد تخدّر تماماً وأنه على وشك الغرق. لكن في تلك اللحظة بالذات شعر بشيء صلب تحته. ولفرط دهشته وجد نفسه يقف على كتلة من الزبدة خضّها ومخضها بفعل حركته الدائبة ومجهوده المتواصل!

وبقفزة واحدة تمكن الضفدع المثابر ذو الهمة الوثابة من الخروج من سطل الحليب إلى الفضاء الرحيب.

والسلام عليكم

ت: محمود مسعود

أديب القصراوي
15/11/2009, 11:32 PM
راااااااااااااااااااااااااااااااااائع يا محمود ..

رسمت المعنى المراد رسما أنيقا وأتيت بالحكمة من كل اطرافها ، هكذا مخاض الحياة يأتي بالثمر في النهاية.
تماما كذاك الشيخ والبحر. نص في غاية الروعة وسرد أنيق.

محمود عباس مسعود
15/11/2009, 11:49 PM
أخي أديب
أبهجني مرورك وسعدت لاستمتاعك بالقصة. أثمّن رأيك وأعتز به.
تحياتي الحارة

عاصم الحميدي
16/11/2009, 09:05 AM
أخي وأستاذي محمود عباس

قصة مليئة بالحكم والفوائد ولو تأمل أحدنا إلى القصة ونظر إلى ماوراء النص لوجد عالماص فسيحاً من الصمود وبريق الأمل الذي هو كل شي...

من ضمن الدروس الأخلاقية المستفادة من هذه القصة: أن الإنسان يجب ألا ييأس أبداً وليعلم أن هناك مخرجاً لكل أزمة يمر بها وما وجود المحن والمصائب إلا لنكون حكماء...

دمتم أخي

محمود عباس مسعود
16/11/2009, 09:52 AM
أجل أخي العزيز عاصم، الصمود في وجه التحديات والإيمان القاطع والساطع بأن نهاية النفق وشيكة هما عنصران أساسيان للنجاح في أي مجال. قد تبدو الصعوبات كبيرة وعسيرة، لكنها تتضاءل وتزول من وجه المثابرين على بلوغ هدفهم في الحياة.
صحيح.. المصائب والمحن تعلمنا الحكمة مثلما تساعدنا أيضاً على تحدي أنفسنا وتفعيل طاقاتنا.
تحياتي لك

عامر العظم
16/11/2009, 10:02 AM
الأستاذ محمود عباس
نحن سعداء بانضمام كاتب ومترجم وشاعر مخضرم مثلك، كنت أتمنى أن تضع النص الإنجليزي لتعم الفائدة، خاصة أن واتا تتابع من كليات وطلبة الترجمة والمترجمين الذين ينسخون ويقارنون ويتعلمون مما ينشر هنا.
بحثت عن النص في محرك "غوغل" ووجدت هذا النص وآمل أن يكون هو المصدر...


Two Frogs In Trouble
(from: Tarek Marroushi)
Once a big fat frog and a lively little frog were hopping along together when they had the misfortune to jump straight into a pail of fresh milk. They swam for hours and hours, hoping to get out somehow; but the sides of the pail were steep and slippery, and death seemed certain. When the big frog was exhausted he lost courage. There seemed no hope of rescue. "Why keep struggling against the inevitable? I can't swim any longer," he moaned. "Keep on! Keep on!" urged the little frog, who was still circling the pail. 80 they went on for awhile. But the big frog decided it was no use. "Little brother, we may as well give up," he gasped, "I'm going to quit struggling."
Now only the little frog was left. He thought to himself, "Well, to give up is to be dead, so I will keep on swimming." Two more hours passed and the tiny legs of the determined little frog were almost paralyzed with exhaustion. It seemed as if he could not keep moving for another minute.
But then he thought of his dead friend, and repeated, "To give up is to be meat for someone's table, so I'll keep on paddling until I die--if death is to come--but I will not cease trying--'whi1e there is life, there's hope! '"
Intoxicated with determination, the little frog kept on, around and t around and around the pail, chopping the milk into white waves. After a while, just as he felt completely numb and thought he was about to drown, he suddenly felt something solid under him. To his astonishment, he saw that he was resting on a lump of butter which he had churned by r his incessant paddling! And so the successful little frog leaped out of the milk pail to freedom.

محمود عباس مسعود
16/11/2009, 11:02 AM
الأستاذ المقدّر عامر العظم المحترم

نعم هذا هو النص الأصلي للقصة التي وردت أصلا في محاضرات برمهنسا يوغانندا المعروفة بـ Self-Realization Fellowship Lessons وقد تم إخراج القصة فيما بعد على هيئة كتيب صغير.

لديّ مجموعة ضخمة من الترجمات الجاهزة أنوي نشر ما يناسب نشره منها هنا، إنما ليس بالإمكان دوماً الرجوع إلى النصوص الأصلية لعدة اعتبارات، منها كثرة المصادر وعدم توفر تلك النصوص على الإنترنت. ومع ذلك سآخذ رغبتكم في الإعتبار وسأحاول - قدر الإمكان - في الترجمات القادمة إضافة الأصل إلى الترجمة ، ما دامت طباعة الأصل الإنكليزي لا تستغرق وقتاً طويلاً. المصادر المتوفرة لديّ هي ورقية ولا أظن أن الوقت سيسعفني لطباعة النص الإنكليزي وإضافته إلى كل ترجمة أقوم بها.

هذا من ناحية، من ناحية ثانية أترجم أحياناً بتصرف لاعتبارات وحساسيات ثقافية.. أحاول الغربلة واستخراج ما يناسب القارئ العربي ولا يتعارض مع توجهاته الفكرية والمعتقدية، لأن جملة هنا أو كلمة هناك لو ترجمت كما هي لتحسس منها القارئ ولربما فقد رغبته في مواصلة قراءة الموضوع. أشعر بمسؤولية مضاعفة من حيث الأمانة للأصل والمسؤولية أمام القارئ، ولذلك أستخدم الحرص والإجتهاد في التوفيق بين المسؤوليتين.

شرفني مرورك أستاذنا الكبير عامر وأنا سعيد لوجودي بينكم. شكراً على كلماتك التي أعتبرها وسام شرف أعتز به.
تحياتي وتقديري

عبد الرحيم لبوزيدي
16/11/2009, 10:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله مساءك استاذنا مسعود،اختيار موفق ان شاء الله يعكس وجود ارادتين في هذه الدنيا الدنية ،احداهما ارادة صلبة تتحطم على صخرتها كل العقبات وهذا ما يحتاجه الشباب العربي والمسلم في الوقت الحالي ،وارادة خائرة تتهاوي لاول اختبار وهذا ما يحاول الاستكبار العالمي غرسه في انفسنا ،وما تريد الدوائر الصهيونية ان تنشره بيننا عبر مجموعة من الوسائل المباشرة وغير المباشرة،اردو تيئسنا استاذي الجليل عبر افراغ قلوبنا من عقيدتنا التي هي راس مالنا ،وقبلتنا في الملمات والمصائب ،اردوا افراغها من كل شيئ يعيق تمرير اطروحاتهم واهدافهم،غير ان واقع الحال يقول :لن تفلحوا في استيعابي ،لن تفلحوا في استحماري ،لن تفلحوا في تغيير اتجاه الريح الذي يمشي به مركبي ،لن تفلحوا في تصوير الابيض اسودا او الاسود ابيضا لن تفلحوا....
اكرمك الله استاذنا الجليل والهمنا واياكم سداد الراي ونفاذ الكلمة الى القلوب المشرابة الى الحقيقة...

محمود عباس مسعود
16/11/2009, 11:02 PM
الأستاذ العزيز عبد الرحيم لبوزيدي
وعليكم السلام وطيب الله أوقاتكم بكل خير.
استنتاج صائب لمغزى القصة. تلك الإرادة الصلبة موجودة - كهبة إلهية - في كل منا. فالذي وضعنا على هذه الأرض أعطانا كل ما نحتاجه للتعامل مع ظروف الحياة على اختلافها. وقد كرّمنا بالإرادة والعقل والضمير لنتلمس مواقع أقدامنا ونتفادى السقوط في مطبات وخيمة.
مهما كان الإستكبار العالمي جباراً لن يقوى على كسر إرادة صلبة ومؤمنة بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.. الآن وإلى الأبد.
أعزكم الله وهدانا وإياكم إلى نور الحق واليقين.
ودمت بمودة وتقدير

خالد مرزوق العنبري
17/11/2009, 02:51 PM
بارك الله فيك يأخ محمود


تقبل تحياتي ومروري

محمود عباس مسعود
17/11/2009, 03:01 PM
وبارك الله بك أخي خالد
شكراً على المرور وعليك مني أطيب السلام

نصر بدوان
18/11/2009, 08:21 AM
لا حياة مع اليأس

ولا يأس مع الحياة.

شكرا لك أستاذ محمود, على الإختيار والترجمة,

أتمنى أخي أن تستبدل كلمة جدع في آخر النص بكلمة أخرى, فجدع لست أدري إن كانت فصيحة أم لا,

وعلى كل حال هي لست دارجة الإستعمال إلا في المحادثات اليومية وخصوصا في مصر الشقيقة,

وربما تضع مكانها المثابر, أو الفائز

تحياتي

محمود عباس مسعود
18/11/2009, 12:03 PM
لا حياة مع اليأس
ولا يأس مع الحياة.
شكرا لك أستاذ محمود, على الإختيار والترجمة,
أتمنى أخي أن تستبدل كلمة جدع في آخر النص بكلمة أخرى, فجدع لست أدري إن كانت فصيحة أم لا,
وعلى كل حال هي لست دارجة الإستعمال إلا في المحادثات اليومية وخصوصا في مصر الشقيقة,
وربما تضع مكانها المثابر, أو الفائز
تحياتي

أخي الأستاذ بدر
شكراً على المرور وعلى اقتراحك المشكور بخصوص استبدال كلمة الجدع بأخرى أدق معنى وأكثر شيوعاً. أحياناً أقحم كلمة عامية هنا وهناك لإضفاء بعض المتعة على الموضوع. هذه الكلمة مصنفة على أنها عامية في معجم اللغة العربية المعاصرة عربي - إنكليزي. ومع ذلك فقد عملت بنصيحتك واستعضت عنها بغيرها.
تحياتي وتقديري

أديب القصراوي
18/11/2009, 01:36 PM
الأستاذ محمود
تحية طيبة ،،

عودة للموضوع فلدي تعليق أو نقد إن شئت للقصة المعبرة عن الكفاح المضني الذي سطره ذاك الضفدع الصغير ونحج في نهاية المطاف في الفوز بالحياة الرحبة من جديدة بعد طول عناء.

بداية.. ألم يخطر ببال كاتب هذه القصة أن ذاك الشيء الصلب الذي ظهر فجأة تحت الضفدع الصغير ربما كانت هي نفسها "جثته" ذلك الضفدع الكبير الذي مات كمدا وتعبا بعد أن انعدمت أمامه السبل ومن ثم طفت جثته على السطح بعد انتفاخها كي يتخذ منها الضفدع الصغير "المكافح" منصة للقفر خارجا؟؟ سؤال مشروع والجواب في عهدة الكاتب.

ثم هل يمكن لقطعة الزبدة التي تشكلت بفعل الخض أن تكون صلبة بما فيه الكفاية لتمكن الضفدع من القفز من عليها دون مشكلة؟

أعلم أن قصد الكاتب المحترم هو أن الكفاح المستمر يفضي للفوز في محصلته النهائية ،، لكنه نسي أن الكفاح لا بد أن يستند إلى قاعدة صلبة لا إلى قطعة زبدة رخوة؟؟؟

تحياتي يا محمود .

محمود عباس مسعود
18/11/2009, 02:50 PM
الأستاذ محمود
تحية طيبة ،،
عودة للموضوع فلدي تعليق أو نقد إن شئت للقصة المعبرة عن الكفاح المضني الذي سطره ذاك الضفدع الصغير ونحج في نهاية المطاف في الفوز بالحياة الرحبة من جديدة بعد طول عناء.
بداية.. ألم يخطر ببال كاتب هذه القصة أن ذاك الشيء الصلب الذي ظهر فجأة تحت الضفدع الصغير ربما كانت هي نفسها "جثته" ذلك الضفدع الكبير الذي مات كمدا وتعبا بعد أن انعدمت أمامه السبل ومن ثم طفت جثته على السطح بعد انتفاخها كي يتخذ منها الضفدع الصغير "المكافح" منصة للقفر خارجا؟؟ سؤال مشروع والجواب في عهدة الكاتب.
ثم هل يمكن لقطعة الزبدة التي تشكلت بفعل الخض أن تكون صلبة بما فيه الكفاية لتمكن الضفدع من القفز من عليها دون مشكلة؟
أعلم أن قصد الكاتب المحترم هو أن الكفاح المستمر يفضي للفوز في محصلته النهائية ،، لكنه نسي أن الكفاح لا بد أن يستند إلى قاعدة صلبة لا إلى قطعة زبدة رخوة؟؟؟
تحياتي يا محمود .

الأستاذ العزيز أديب
ملاحظة ذكية لم تخطر ببالي من قبل، وهي في محلها. احتمال وارد لأنه مبني على أساس منطقي، إنما لا يمكن القطع به.

أما بخصوص كتلة الزبدة فأظن أن فيها ما يكفي من صلابة لتوفير سند معقول لضفدع صغير ونشيط يمكـّنه من الخروج من السطل.

أيام زمان كنت أشهد عملية خض اللبن في ممخضة هي عبارة عن زق كبير مصنوع من جلد واحد أو من جلود موصولة ببعضها بقطـَب، يتم النفخ في الزق المعرف آنذاك بالجُف بعد وضع اللبن الرائب فيه ويعالج بالخض دفعاً وجذباً حتى تتشكل الزبدة.

كنت أرى بأم عيني كتلاً من الزبدة بحجم لا بأس به وبكثافة تسمح بوضعها على راحة اليد مع احتفاظها بشكلها وبتماسكها.

لقد استعمل الحكيم هذه المكوّنات أو العناصر مجتمعة لغاية الوصول إلى الإستنتاج الأخير.

وعليه يمكننا القول أن الضفدع الكبير يمثل عدم الطموح وبالتالي الخور والخذلان..
والضفدع الصغير هو كناية عن الإرادة الديناميكية التي لا تعترف بالفشل مهما كانت الظروف مغايرة.
السطل هو العالم.
والحليب هو تحديات الحياة.
أما الزبدة فهي الظروف المواتية بفعل بذل المجهود الصحيح والمتواصل لبلوغ الغاية المتمثلة في الوثبة الأخيرة نحو الحرية.

أسعدني مرورك أديبنا الطيب.
تحياتي القلبية

نبيل حميد طه الخفاجي
29/11/2009, 11:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستاذ محمود عباس مسعود :كل عام وأنت بألف خير

كتاباتك أستاذي الفاضل عنوان للأبداع في الترجمة .وفقك الله وحفظك نبعا من الأبداع في واتــــــــــــــا

تلميذكم نبيل الخفاجي

محمود عباس مسعود
29/11/2009, 11:17 PM
لأخ العزيز نبيل حميد طه الخفاجي
أهلا بك وكل عام وأنت بخير
شكراً على كلماتك الطيبة ومشاعرك النبيلة.
تحياتي القلبية ومودتي لك
دمت بخير وعليك السلام