محمود عباس مسعود
16/11/2009, 01:34 AM
تحية طيبة:
أود أن أقدم لكم اليوم شاعراً من كندا أكبر بلدان أميركا الشمالية، الممتدة من المحيط الأطلنطي شرقاً إلى المحيط الهادي غرباً، وصولاً إلى المحيط المتجمد شمالا.. بلد الجبال والسهول والجزر والأنهار والبحيرات العظمى والغابات الشاسعة والبراكين الهاجعة والثروات الطبيعية والقوميات الأثنية. متمنياً لكم وقفة ممتعة مع هذا الشاعر الرقيق الذي لعب دوراً حيوياً في وضع أسس الأدب الكندي.
وُلد الشاعر تشارلس جورج روبرتس دوغلاس سنة 1860 في مقاطعة نيو برنزويك الكندية المشهورة بغاباتها وسواقيها، وقد برز كألمع نجوم آل دوغلاس الذين تميزوا بالذكاء والأدب الرصين. والده كان رجل دين وشاعراً وأديباً كلاسيكياً ورياضياً بارعاً. أما والدته فكانت تربطها صلة نسب بالفيلسوف الأمريكي الأشهر رالف والدو أمرسون. وقد أصبح جميع إخوته وأخواته فيما بعد كتـّاباً وشعراء.
ذهب تشارلس إلى المدرسة في مدينة فردريكتون عاصمة المقاطعة، وكان أحد زملاء الدراسة قريبه بلِس كرمان الذي أصبح أيضاً فيما بعد شاعراً ذائع الصيت.
وقد أمضى الصبيان أياماً سعيدة من طفولتهما وسط الغابات والأنهار، واستمتعا بالسباحة وركوب قاربهما الصغير الذي كان يقلهما فوق صفحة النهر بالاستعانة بالمجاديف التقليدية.
فيما بعد التحقا معاً بجامعة فردريكتون الصغيرة. لقد كان الفتى تشارلس متألقاً بين زملائه الطلاب وحصل على ميداليات استحقاق لتفوقه في مادتيّ اللغة اللاتينية واليونانية القديمة. ونتيجة لمعرفته الوثيقة بتينك اللغتين فقد أحب كثيراً الأساطير اللاتينية والإغريقية، بل وكان أحياناً يبتكر حكاياتٍ وأساطير جديدة في ذهنه المتوقد.
لقد تعمق في دراسة الشعراء الإنكليز وجاشت في صدره رغبة ملحة لامتلاك الموهبة التي كان يتمتع بها الشاعر الشاب كيتس. وقد نشر أول ديوان له وهو في العشرين من عمره بعنوان "أوريون" (الصياد العملاق الذي تحول إلى كوكبة عند موته).
الحكايات التي تم تضمينها أوريون لم تكن قريبة الشبه بالحياة كما عرفها تشارلس، ولم تكن طريقته أصيلة في سرد تلك الحكايا. ومع ذلك فقد اكتسب الديوان أهمية خاصة لأنه كان بمثابة نقطة البداية للأدب الكندي.
لم يحتو ديوان أوريون على أفضل أشعار دوغلاس لأن ملكته الشعرية لم تكن قد نضجت بعد.
فيما بعد تحول في نظمه إلى غابات وسهول كندا محتفياً بتغريد البلابل وموسم جني البطاطا وهجرة الطيور لا سيما الإوز البري منها إلى مقاطعات الشمال.
لقد كتب معظم أشعاره أثناء تدريسه في مدرسة القرية. وفي عام 1885 أصبح أستاذاً في كلية كينغ بمقاطعة نوفا سكوشا حيث عاش مع أسرته المتنامية وعكف على كتابة تاريخ كندا.
في عام 1914 كان دوغلاس مقيماً في بريطانيا فتم استدعاؤه للإلتحاق بإحدى الفرق العسكرية إبان الحرب العالمية الأولى وكان قد جاوز آنذاك الخمسين من عمره.
في عام 1925 عاد إلى نيو برنزويك حيث أمضى السنين الأخيرة من عمره إلى أن وافته المنية في عام 1943.
لقد ترك مؤلفات عديدة لكن شهرته اقترنت بأشعاره الخالدة التي خلقت انطباعات حية وجسّدت مشاهد خلابة لطبيعة كندا ذات الجمال الأخاذ والتنوّع العجيب.
وفيما يلي نموذج من أشعار دوغلاس:
ها قد أطلَّ شهر نيسان
فاكتست الأغصان المتيقظة من سباتها
طبقة خضراء ناعمة رقيقة.
آه ما أروع تلك الأشياء العزيزة
التي تبزغ لتفعم بالبهجة والحبور قلبي المُتعب
حقاً لقد وصلتْ أخيراً بعد انتظار طويل.
وإنني لأبصر ألوان الحلم تتهادى كالطيف
فوق السحاب والأشجار.
إنها تبدو بعيدة عني كل البعد،
توحي بالسحر والأسرار
لكنها في غاية الجلاء والصفاء.
وتطلق أفراحاً تنعش النفس
وتستحثها لتصدح منتشية بروح الغناء.
أية مشاعر من اللهفة والحنين
تلك التي توقظها في نفسي أيها الربيع ؟!
والسلام عليكم
المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود مسعود
أود أن أقدم لكم اليوم شاعراً من كندا أكبر بلدان أميركا الشمالية، الممتدة من المحيط الأطلنطي شرقاً إلى المحيط الهادي غرباً، وصولاً إلى المحيط المتجمد شمالا.. بلد الجبال والسهول والجزر والأنهار والبحيرات العظمى والغابات الشاسعة والبراكين الهاجعة والثروات الطبيعية والقوميات الأثنية. متمنياً لكم وقفة ممتعة مع هذا الشاعر الرقيق الذي لعب دوراً حيوياً في وضع أسس الأدب الكندي.
وُلد الشاعر تشارلس جورج روبرتس دوغلاس سنة 1860 في مقاطعة نيو برنزويك الكندية المشهورة بغاباتها وسواقيها، وقد برز كألمع نجوم آل دوغلاس الذين تميزوا بالذكاء والأدب الرصين. والده كان رجل دين وشاعراً وأديباً كلاسيكياً ورياضياً بارعاً. أما والدته فكانت تربطها صلة نسب بالفيلسوف الأمريكي الأشهر رالف والدو أمرسون. وقد أصبح جميع إخوته وأخواته فيما بعد كتـّاباً وشعراء.
ذهب تشارلس إلى المدرسة في مدينة فردريكتون عاصمة المقاطعة، وكان أحد زملاء الدراسة قريبه بلِس كرمان الذي أصبح أيضاً فيما بعد شاعراً ذائع الصيت.
وقد أمضى الصبيان أياماً سعيدة من طفولتهما وسط الغابات والأنهار، واستمتعا بالسباحة وركوب قاربهما الصغير الذي كان يقلهما فوق صفحة النهر بالاستعانة بالمجاديف التقليدية.
فيما بعد التحقا معاً بجامعة فردريكتون الصغيرة. لقد كان الفتى تشارلس متألقاً بين زملائه الطلاب وحصل على ميداليات استحقاق لتفوقه في مادتيّ اللغة اللاتينية واليونانية القديمة. ونتيجة لمعرفته الوثيقة بتينك اللغتين فقد أحب كثيراً الأساطير اللاتينية والإغريقية، بل وكان أحياناً يبتكر حكاياتٍ وأساطير جديدة في ذهنه المتوقد.
لقد تعمق في دراسة الشعراء الإنكليز وجاشت في صدره رغبة ملحة لامتلاك الموهبة التي كان يتمتع بها الشاعر الشاب كيتس. وقد نشر أول ديوان له وهو في العشرين من عمره بعنوان "أوريون" (الصياد العملاق الذي تحول إلى كوكبة عند موته).
الحكايات التي تم تضمينها أوريون لم تكن قريبة الشبه بالحياة كما عرفها تشارلس، ولم تكن طريقته أصيلة في سرد تلك الحكايا. ومع ذلك فقد اكتسب الديوان أهمية خاصة لأنه كان بمثابة نقطة البداية للأدب الكندي.
لم يحتو ديوان أوريون على أفضل أشعار دوغلاس لأن ملكته الشعرية لم تكن قد نضجت بعد.
فيما بعد تحول في نظمه إلى غابات وسهول كندا محتفياً بتغريد البلابل وموسم جني البطاطا وهجرة الطيور لا سيما الإوز البري منها إلى مقاطعات الشمال.
لقد كتب معظم أشعاره أثناء تدريسه في مدرسة القرية. وفي عام 1885 أصبح أستاذاً في كلية كينغ بمقاطعة نوفا سكوشا حيث عاش مع أسرته المتنامية وعكف على كتابة تاريخ كندا.
في عام 1914 كان دوغلاس مقيماً في بريطانيا فتم استدعاؤه للإلتحاق بإحدى الفرق العسكرية إبان الحرب العالمية الأولى وكان قد جاوز آنذاك الخمسين من عمره.
في عام 1925 عاد إلى نيو برنزويك حيث أمضى السنين الأخيرة من عمره إلى أن وافته المنية في عام 1943.
لقد ترك مؤلفات عديدة لكن شهرته اقترنت بأشعاره الخالدة التي خلقت انطباعات حية وجسّدت مشاهد خلابة لطبيعة كندا ذات الجمال الأخاذ والتنوّع العجيب.
وفيما يلي نموذج من أشعار دوغلاس:
ها قد أطلَّ شهر نيسان
فاكتست الأغصان المتيقظة من سباتها
طبقة خضراء ناعمة رقيقة.
آه ما أروع تلك الأشياء العزيزة
التي تبزغ لتفعم بالبهجة والحبور قلبي المُتعب
حقاً لقد وصلتْ أخيراً بعد انتظار طويل.
وإنني لأبصر ألوان الحلم تتهادى كالطيف
فوق السحاب والأشجار.
إنها تبدو بعيدة عني كل البعد،
توحي بالسحر والأسرار
لكنها في غاية الجلاء والصفاء.
وتطلق أفراحاً تنعش النفس
وتستحثها لتصدح منتشية بروح الغناء.
أية مشاعر من اللهفة والحنين
تلك التي توقظها في نفسي أيها الربيع ؟!
والسلام عليكم
المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود مسعود