المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثائر على الظلم Shelley



محمود عباس مسعود
17/11/2009, 04:21 AM
الشاعر الرومانسي الذي مات غرقاً

إنه الشاعر الإنكليزي شيلي – شاعر الرومانسية وأحد أركان الأدب الإنكليزي.

وُلد عام 1792 لأسرة حديثة الإرتقاء إلى منزلة البارونية. ومنذ سنيه المدرسية الباكرة أظهر كرهاً شديداً لكل أشكال الظلم وكان طموحه الأوحد تحرير العالم من كابوس الاستبداد، وقد رافقه ذلك الشعور حتى آخر أيام حياته.

التحق بجامعة أكسفورد في عام 1810 حيث ظهرت مواهبه ولمع نجمه في دنيا الأدب، لكن كتيباً أصدره بعنوان (ضرورة الإلحاد The Necessity of Atheism) أدى إلى طرده من الجامعة. وقد سببت تلك الحادثة إحباطاً شديداً وقلقا لأسرته فقطعت عنه المصروف الدراسي.

عاش شيلي في لندن لفترة من الزمن على مساعدات كانت شقيقاته يوفرنها من مصروفهن الشخصي. وقد رضي والده أخيراً بأن يقدم له إعالة سنوية مقدارها ألف دولار.

لكن أسرته ما لبثت أن قامت ضده بسبب هروبه مع فتاة جميلة كانت إحدى زميلات شقيقاته في المدرسة وكانت ابنة لنادل يعمل في إحدى الحانات، فاضطر شيلي للعمل وتدبير شؤونه بنفسه. وبعد سنتين من السفر والتنقل في بريطانيا وإرلندا حدث جفاء بينه وبين زوجته فتركها وسافر إلى دول أوروبية أخرى برفقة صديقته ماري غودوين، مما سبب آلاماً حادة لزوجته فانتحرت غرقاً، فحزن شيلي حزناً عميقاً عليها وعانى كثيراً من تأنيب الضمير.

أخيراً تزوج ماري غودوين وذهبا مع أولادهما إلى أيطاليا. وكان قد حُرم من أولاده من زواجه الأول عقاباً له على إلحاده. وفي إيطاليا اتصل بالشاعر الرومانسي الأشهر بايرون وهناك أنتج روائعه الشعرية.

وفي حزيران من عام 1922 ذهب مع صديق له في رحلة بحرية في البحر المتوسط لكن عاصفة قوية ضربت القارب فغرق شيلي ورفيقه في عرض البحر. وقد عُثر على جثمانيهما فيما بعد فأحرقا وتم دفن رمادهما في إحدى مقابر روما.

منذ بواكير عمره عانى شيلي الكثير من الاضطهاد نظرا لميوله الثورية وروحه التحررية. لقد كان يطمح لبناء مجتمع مثالي تسوده مبادئ الحرية والإخاء العالمي مع التشديد على تطوير كيان الإنسان بدلا من بناء المؤسسات. ولذلك عاش في ثورة دائمة وعصيان متواصل ضد الظروف المحيطة به. وقد وصفه الشاعر والناقد الأدبي ماثيو آرنولد على النحو التالي:

"كان شيلي ملاكاً جميلا لكن دون فاعلية، فهو لم يكفّ عن التصفيق بجناحيه اللامعين في الفراغ دون جدوى".

الفكرة الأساسية في أعمال شيلي الأدبية كانت تتمحور حول تحرير العالم بأسره، لكنه لم يفصح عن آرائه ولم يمتلك وسيلة عملية لتحقيق غايته. أما القصائد التي تنطوي على فلسفته وطموحاته المثالية فتبدو محاطة بغلالة من الغموض بالنسبة للقارئ العادي.

ومع ذلك فإن أشعاره من مستوى أدبي رفيع يستعذبها محبو الشعر والأدب الرومانسي. كما أن لأشعاره رقة وعذوبة وجمالاً أثيرياً غاية في الروعة. وهذا نلاحظه أكثر ما نلاحظه في قصيدته (إلى الريح الغربية) و (إلى سحابة) و (إلى طائر مغرد) و (سطور إلى هواء الهند). أما ذروة إبداعه فقد كانت قصيدته الطويلة والمؤثرة (أدونيس) التي رثى بها صديقه الشاعر جون كيتس.

أشعار شيلي تزخر بالصور المثالية والأصيلة وكأنه كان يبصرها في عالم أثيري ويجسدها بالكلمة دون تشويه أو تحريف. وكانت الطبيعة بالنسبة له رمزاً نابضاً وصادقاً لحالاته النفسية ونظراته البعيدة.

وبين هذا وذاك فقد احتل شيلي مكانه في عمق الأدب الإنكليزي ولم يتمكن أحد من منافسته أو التفوق عليه حتى يوم الناس هذا.

المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود مسعود