المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما وراء الترجمة (1)



أحمد الفهد
17/11/2009, 08:51 PM
ما وراء الترجمة (1)
التقيت مراراً بأشخاص يعتقدون أن الترجمة عبارة عن معادلة خطية مباشرة وأن المترجم امرؤ محظوظ كل ما عليه القيام به هو قراءة الجملة الأصلية ثم كتابتها باللغة الأخرى. وقد يعشش هذا الاعتقاد الخاطئ في عقل بعض المترجمين أيضاً، وهنا تكون المصيبة أعظم.

كان أحد أساتذتي في الجامعة يردد دائماً عبارة: "المترجم شخص مبصر يقود اثنين من العميان". إن غاية المترجم النهائية هي أن يلتقي الأعميان بسلام عند نقطة الفهم والإبصار، وإلا فمصير الثلاثة الوقوع في الحُفر.

دعونا نحاول في هذه المسار -ومن خلال استعراض ترجمات معينة ومعرفة مقتضيات الترجمة السليمة فيها- الولوج إلى عالم ما وراء الترجمة بصفتها عملية فكرية وحضارية على مستوى المفهوم وكونها ممارسة ذهنية تتعلق بالنقل الأمين من لغة إلى أخرى على المستوى الفني البحت. الهدف هو إظهار الأساليب والفعاليات التي تتم في خلفية مسرح الترجمة كي تظهر الترجمة بوجهها اللائق والمشرق.
سنقوم في كل مرة بمناقشة ترجمة مصطلح أو مفهوم أو فكرة أو موقف أو مشكلة ترجمية ومناقشة الأبعاد التي تحيط بتلك الترجمة.

وأود أن أنوه إلى أن هذا اجتهاد شخصي من واقع الخبرة والممارسة وليس رؤية مكتملة الأركان لعملية الترجمة، وسأحاول من خلال طرح نماذج منفصلة من الترجمة تباعاً ومناقشتها بمساعدة الزملاء إلى الخروج بتصور أفضل وأوضح عما أعتقد أنه صحيح وعملي في هذا المضمار. وبناءً عليه أدعو كافة الزملاء من مختلف المستويات والخبرات والتخصصات إلى التداخل والجدال لإثراء الموضوع وتحقيق الفائدة للجميع في هذه الجمعية المتميزة.

ولكن لا بد من مقدمة سريعة نستعرض فيها بعضاً من أهم العناصر الجوهرية التي تستند إليها رؤية "ما وراء الترجمة"، وهي:

(1) دور وموقف المترجم – الإيجابية الفعالة
قد تكون بداية المترجم الناشئ عبارة عن نقل "مجمَّد" للمعاني من هناك إلى هنا. لكن مع المراس يرتقي المترجم بمستواه ومهاراته وبالتالي يقترب من ممارسة دوره الحقيقي كأحد آليات انتقال التقنية والعلوم والآداب.
يجب أن يعتَّد المترجم بدوره الثقافي والعلمي والأخلاقي في تكريس قيم المهنية العالية والأمانة والدقة وبلوغ أقصى درجات الجودة. إن الحرص على تقديم ترجمة بأعلى جودة – والذي ستعود فوائد بالدرجة الأولى على المترجم نفسه- هو من صميم دور المترجم الحضاري: قيادة العميان إلى بر الأمان. وهو بكل تأكيد الأساس المتين لرفع بنيان المهنة والمكانة المهنية.

(2) القراءة النقدية
بعد الانتهاء من الترجمة، يجب قراءة النص المترجم دون الرجوع إلى النص الأصلي.
- هل تفهم كل شيء تقرؤه؟
- هل الفكرة مرتبطة بما قبلها وما بعدها من أفكار؟ أم أن كل جملة تغني على ليلاها؟
- يجب ألا ننسى أن اللغة العربية تعتمد كثيراً على أدوات وحروف الربط وهو أمر تستعيض عنه اللغة الإنجليزية بتسلسل الجمل والأفكار.
- هل روح النص عربية أم أجنبية؟
- تذكر أن القارئ لن يعود إلى النص الأصلي بأي من الأحوال.
كي نختصر هنا حيث إغراء الإسهاب عالٍ جداً، إليك هذا النموذج من ترجمة تقنية لدليل خاص بأحد أنواع المصاعد الشهيرة عالمياً:

"في الحقيقة يجب توقع التراوحات الواضحة في تصور زحمة الصالات، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف أهداف الركاب، باختيارهم أو رغم عنهم، في دخولهم/ خروجهم من العربة/ العربات عند معدلات متغيرة – وفقاً لأعمارهم وقواهم. وهذا الشيء له تأثير جلي على الأداء الحاصل، وذلك بغض النظر عن حالة التوافق ما بين أعمال الصيانة."
سؤال للمناقشة: علماً بأن مترجم النص أعلاه يتمتع بخبرة جيدة، ما هي المشكلة في الترجمة أعلاه؟ وما هي أسبابها؟

(3) عبور الحد الفاصل
هناك حد فاصل منطقي – ومشروع - يمكن لأغلب المترجمين أن يقفوا عنده وخاصة في مواضيع التخصصات العلمية حيث يجب أن يتدخل الخبراء وأهل الاختصاص. مع ذلك أقول: إن من أبهى جوانب الترجمة تلك الإطلالة الساحرة على الضفة الأخرى من مهمة النقل بين اللغات والثقافات. ولكن الأجمل من التجول فيها بنظرك من على الشاطئ الآخر هو أن تعبر بعقلك ذلك الحد الفاصل بين العالميّن مفتشاً عن كنوز المعرفة ومكنون الثقافة الأخرى؛ متعة تزدادا كلما أوغل البحث في إسرار اللغة والفكر الذي يتحدث تلك اللغة، هذا إلى جانب أنها عملية تؤتي أُكلها في مواقع وأحيان أخرى. إن كثيراً من المصطلحات أو المواقف الترجمية التي سنتعرض إليها بإذن الله ستبرز هذه الناحية المهمة كي نتبين أهمية البحث والتقصي في الترجمة.

(4) الإحاطة المعرفية/ الثقافية
العلاقة بين الثقافة والترجمة علاقة عضوية وتبادلية؛ كلما ترجمت أكثر بمستوى أفضل ازددت ثقافة وعلماً، وكلما ازددت علماً وثقافة ارتقيت ترجمتك وصقلت لغتك. وتنطوي الإحاطة على بعدين: (1) العام: الإحاطة بثقافة اللغة و(2) الإحاطة الموضوعية، أي على مستوى موضوع النص؛ فعند التعرض لترجمة مفهوم جديد، عليك أن تحيط بكل جوانب المفهوم قدر المستطاع: المعنى القاموسي والاستخدامات المختلفة في السياقات والمجالات المعرفية المختلفة وأصل المفهوم وتعريفه وما إلى ذلك. وعندما تقف عند صعوبات في ترجمة نص لا بد من البحث والسؤال عن معلومات تفيد في فهم أعمق للنص وتفكيك أفكاره وتحليل أجزائه.

قبل بضعة أيام كان هناك طلب للمساعدة من إحدى الأخوات يتعلق بترجمة عبارة (Mission Actually Accomplished) في سياق يتعلق بالرئيس الأمريكي الحالي أوباما والعراق. رغم بساطة العبارة والمعنى المباشر لكلماتها سيشعر المترجم بقلق أو تشكك في صحة ترجمته لها ما لم يتوفر بين يديه ما يلي:
(1) فهم السياق وجو النص –وقد تبين لنا أن الموقف تخيلي من بنات أفكار الصحفي الذي وظّفه في سبيل النفاذ إلى فكرته الأصلية من المقالة (تحليلي ناقد للسياسة الخارجية الأمريكية ومحاولة توجيه مسارها نحو العراق).
(2) أصل العبارة – حكاية يافطة جورج بوش (Mission Accomplished) بخصوص غزو العراق.
(3) المعلومات المساعدة – سبب النقد والسخرية اللذين أثارتهما يافطة بوش: الحرب مستمرة دون أي حسم أمريكي.
عندئذٍ سيدرك المترجم سبب إضافة كلمة (Actually) على العبارة الخاصة بأوباما وسيعرف أن هناك عدة ترجمات صحيحة ودقيقة لغوياً لنفس العبارة، ولكن هناك فقط صياغة واحدة تطابق المغزى والمقصد كما يتطابق المفتاح الصحيح مع القفل.

(5) التحسين المستمر
هناك تحسُّن تلقائي ناتج عن الممارسة ولكنه غير كافٍ وقد يكون بطيئاً للغاية، وهناك تحسين ينبثق عن البحث والتدقيق والدراسة. ومن أهم الجوانب التي يجب أن نعمل على تحسينها:
- تعزيز قدرات الكتابة باللغة الأم (يلاحظ الجميع إن غالبية المشاكل ونقاط الضعف في الترجمة ترتبط بضعف اللغة العربية عند المترجمين العرب).
- اكتساب مهارات القراءة النقدية للترجمة (وعدم ترك الأمور كلها للمدققين).
- مراعاة الفروقات الثقافية والانتباه إلى الأنماط اللغوية السائدة في التعبير.
من أهم المفاهيم التي تخدم عمليات التحسين المستمر التفكير القائم على مفهوم "الباردايم" (Paradigm) – أو التفكير "خارج الصندوق" كما يُطلق عليه أحياناً- وهو أول مفهوم/ مصطلح سنتناوله في الحلقة (2) من هذا المسار.

فإلى اللقاء القريب،
أحمد الفهد

أديب القصراوي
17/11/2009, 11:02 PM
أخي أحمد الفهد المحترم ،،،
تحية طيبة ..

ممتاز ،، وجهد مشهود أشكرك بشدة عليه.

ليس لدي أي تعليق سوى الإشادة بما تفضلت به لكني اود التنويه والإشارة إلى بعض النقاط من واقع التجربة الشخصية لعلها تصب في نفس الموضوع.

أولا: اعترف أن لدي سلبية طالما حاولت التخلص منها ولعلي أسردها هنا للفائدة ايضا .. وهي التسرع أحيانا في الحكم على المعنى المباشر للجملة أو الفقرة التي أنا بصددها، فأكتشف بعد قراءة متأينة لاحقة كأجراء حتمي أن هناك "شيئا" ما ليس بالمميت fatal ولكنه لا ينبغي للمترجم أن يقع فيه مهما كان بسيطا. لا أدري سبب التسرع تحديدا لكن ربما يعود إلى ثقة مفرطة غير مجدية على الإطلاق في مجال حساس أصلا.

أمر آخر، أحيانا كثيرة أستحضر الخلفية الثقافية لمتلقي الترجمة ، ولا أدري إن كان هذا خطأ أم فكرة واعية؟
وفي السياق ، قبل عدة أشهر طلبت مترجمة هنا عن طريق الأخ عامر نصائح للمترجمين المبتدئين ، تطوعت وسردت لها حوالي عشرة "نصائح" في بضع دقائق، ويا لحسن الحظ أن تلك النصائح تلتقي برمتها تقريبا مع ما تفضلت به من نصائح. ولعلي سأعود لها في المسار الذي طرحت فيه وأسوقها لك لاحقا.

نصيحة أخرى، عند ترجمة موضوع مكثف/مطول "أحيانا" ما أجد صعوبة في مستهل موضوع جديد كليا لكن سرعان ما اكتشف أني منسجم مع النص بأكثر مما أتوقع بل وانتقل إلى ، مرحلة ما أسميه بالاختراق ، حيث تصبح الترجمة أكثر سلاسلة وقوة بل ويتهيأ العقل الباطن لإضفاء الفن اللغوي على الترجمة والإصرار على اخراج الموضوع بمنتهى التميز إلى حد تقمص شخصية المحرر الأصلي للموضوع لكن بلغة أخرى.

أخيرا لا انسى موضوع السيد بوش وأوباما وترجمة ما تحت اليافطة الشهيرة التي طلبتها مترجمة هنا. فكما تفضلت أخي أحمد أحيانا يعصر المترجم مخيلته لإرضاء المتلقي فيأتي بعبارة صحيحة أخرى لا تليق بالسياق مع أنها صحيحة بالكامل. أما ترجمة عبارة took credit for فهذه لا تحتاج لكثير من الذكاء فهي تعني دون كثير عناء - نال شرف الوصول بنهاية مشرفة للحرب - وهذا ما فكرت به أصلا ، لكن اجتهادي - وفر لنفسه مصداقية لمساعدة ... - انصب على المضمون الشامل للعبارة والسياق.

لك مني كامل التحية والاحترام ولعلنا نلتقي في اربد ذات صيف بإذن الله.

في أمان الله وحفظه .
أديب القصراوي

محمود الحيمي
18/11/2009, 10:42 AM
الأخ الأستاذ أحمد،
أشكرك على هذا الطرح العلمي الهادف وأتمنى الفائدة للجميع ان شاء الله.
تناولت عدة مسائل مهمة من صميم سبل ضمان جودة الترجمة ومنها مسألة القراءة النقدية (النقطة 2). فالإبتعاد عن النص الأصل هو أنجع وسيلة لتقويم الترجمة وتحسينها. لكنه يعتبر مشكلة كبيرة للمترجم الذي لا يعطي نفسه الوقت الكافي بعيداً عن الترجمة قبل أن يعود إلى قراءتها بعين ناقدة، أو المترجم الذي يعجز عن طرد شبح النص الأصل من ذهنه. وهناك مشكلة المشاكل ألا وهي الضغط النفسي على المترجم في حال طلب الترجمة بصفة عاجلة. هذه كلها مسائل ينبغي الوقوف عليها ومحاولة معالجتها.
أمر آخر يلجأ إليه المترجم الناشيء كإجراء تلقائي ألا وهو الإعتماد على طريقة الإحلال أي إحلال المعنى القاموسي فينقل المفردة أو العبارة من القاموس دون أن يجري ما يلزم للتأكد من سلاسة الترجمة وسلامة اللغة. وخير مثال للتدليل على ما نقول نص ترجمة دليل المصاعد الذي تفضلت بإيراده. فإذا كان الغرض من "الدليل" هو إرشاد المستخدم ومساعدته بالتعريف بالمنتج وطرق استخدامه، نجد أن الترجمة المذكورة تناقض ذلك المفهوم وتنسفه نسفاً. بل يمكنني ان أقول إنها "قتلت" معنى كلمة "دليل" وقيمته "التوضيحية والإرشادية" بأن ألقت بالقاريء في غيابت الإبهام وغموض المعنى وركاكة الأسلوب. وهنا تسقط فكرة الترجمة وتفشل فشلاً مريعاً ويتكون لدى القاريء إنطباع سيء عن المنتج والشركة المنتجة.
أما فيما يتعلق بعملية التحسين المستمر (النقطة 5) فهي فعلاً عملية مهمة ومطلوبة كأسبقية يومية في جدول أعمال المترجم. أنني أشعر بالأسى حقاً عندما أقرأ نصاً مترجماً الى العربية فأكتشف أن قدرات المترجم (يفترض أن يجيد العربية بالضرورة) في اللغة الإنجليزية مثلاً، تفوق قدراته في اللغة العربية. وهنا يختل ميزان تعريف المترجم (إجادة اللغتين). وهذه كارثة أخي احمد ينبغي معالجتها على مستوى مناهج ومقررات الترجمة وبحث السبل الكفيلة بمعالجتها.
أحسنت أخي أحمد الإختيار وأوضحت وشرحت بكل اقتدار.
في انتظار "البارادايم".
كل الود

محمود عبد الرؤوف
18/11/2009, 11:21 AM
شكرا أستاذي العزيز أحمد الفهد على هذا الجهد الرائع، وأتفق معك تماما في مشكلة عدم إجادة المترجم للعربية، لأنها تتسبب في أخطاء في النقل بسبب افتقار الإحساس العالي باللغة سواء كان ينقل من العربية أم إليها
ومرة أخرى أكرر شكري وتقديري لجهدك الكبير وزادك الله علما
محمود عبد الرؤوف ـ صحفي ومترجم مصري

أحمد الفهد
18/11/2009, 05:18 PM
أخي العزيز أديب قصراوي،
أنت شخص شجاع. وبشجاعتك الأدبية تضفي على جمود هذا الموضوع وأكاديميته "المتخشبة" جزءاً من إنسانية المترجم وتذكيراً بحقيقة تعذر الاكتمال المطلق للتفكير والإنتاج البشرييين. إذا كان المثل القائل "في العجلة الندامة" حكمة أزلية فإنها تتجلى بقوة خاصة في مجال الترجمة. وقد تكون الثقة الزائدة مصدراً للمتاعب كما تفضلت. كذلك، الضغوطات النفسية وغيرها من الضغوطات – كما نقرأ في كلام الأستاذ محمود الحيمي- لها تأثير مدمر على نوعية الترجمة والعملية برمتها.
لكني لا أتفق معك في قولك: " ... ليس بالمميت fatal ولكن لا ينبغي للمترجم أن يقع فيه مهما كان بسيطا". ذلك أن الكل معرض للوقع في الزلل: نحن نتحدث عن عملية ذهنية لا يمكن أن تتم في بيئة مثالية على الإطلاق، بل تتجاذبها عوامل ثقافية ونفسية وعاطفية وتتداخل فيها مؤثرات موضوعية وذاتية. ألم أقل لك أنك أضأت الجانب الأهم في العملية، فالفكرة الأساس التي أطلقت هذا الموضوع هو عدم ظهور هذا الجانب المضني الخفي من عملية الترجمة لغير المترجمين.
أود أن أشير إلى إنني أعمل على هذا الموضوع وأمثلة الترجمة منذ أسابيع وأعددت له عدة حلقات، أما موضوع مقالة أوباما – وليست مشاركتك واجتهادك فيه في الواقع- فقد جاء نموذجاً ومثالاً في موعده المناسب، وقد أخذت قراري بذلك قبل مشاهدة مشاركتك فيه. الحقيقة أن المقال بحد ذاته نص غني بالجوانب التي تصلح لأن تكون ورشة في الترجمة السياسية والصحفية. ومن يدري ربما نعود إليه ونفعلها إن شاء الله.
هناك قاعدة ذهبية في العمل المهني أحاول شخصياً تطبيقها ما استطعت لأنها تعزز روح الفريق والتناصح، هي التركيز على:
(what went wrong not who did wrong)
وأما عن استحضارك "للخلفية الثقافية للمتلقي"، فلم أفكر جيداً بعد في هذه النقطة، سوى أنه إذا كان يترتب على هذا الاستحضار "هبوط متعمد" في مستوى النص المترجم فلا شك أني سأعارضها.
شكراً لمشاركتك القيمة وأرجو أن تبقى معنا على هذا المسار.
وعلى المستوى الشخصي، أتشرف بلقائك والتعرف عليك ودعوتك الصيف القادم بعون الله،،
أحمد

هاني السعيد
18/11/2009, 09:52 PM
شكراً جزيلاً أستاذنا القدير على هذا الموضوع القيم.

شعرت عند قراءتي لعبارات مختلفة هنا كأن سيادتكم تعبر عن كثير مما جال بخاطري أثناء قيامي بترجماتي المتواضعة، وبالفعل لا يعي غير المترجمين والكثير من المترجمين للأسف مدى خطورة وحساسية الترجمة، هذه المهنة الفنية التي تتطلب قدرات خاصة ومراس طويل ورهافة حس وما إلى ذلك من عوامل لا تتيسر إلا لمن حاباه الله باستعداد فطري وعشق لهذه المهنة وصبر على كل ما يحيطها من متاعب.

أحييكم لأنكم هنا ولأنكم تنيرون الطريق لمن هو في أوله مثلي ما يزال يقاوم ظلماته.

أحمد الفهد
19/11/2009, 12:03 AM
أخي الأستاذ محمود الحيمي،
شكراً لإضافاتك وتعليقاتك التي ألقت الضوء على جوانب وثيقة الصلة بالعملية الترجمية. إن الرؤية التي تحدثت عن محاولة صياغتها في موضوعي تتنفس في ظروف مثالية إلى حد كبير. العوامل الضاغطة بالاتجاه الآخر ومنها الضغط النفسي الناجم شبح التسليم واقتراب وضيق وقت المترجم العربي عموماً بحيث لا يستطيع تخصيص مساحة كبيرة للبحث والتحسين وضبط الجودة، وعوامل موضوعية أخرى، كلها عوامل حقيقية تفعل فعلها السلبي وإعاقة تطبيق ما نتصوره ضرورياً للارتقاء بدرجة المهنية.
أعتقد –وقد أكون مخطئاً- أن مترجم النص المأخوذ من دليل المصاعد كان تحت ضغط التعقيد الفني للموضوع. ما يحصل هو أن المترجم لا يفهم ما يقرأه وبالتالي يبدأ برصف الكلمات بطريقة الإحلال –كما تفضلت- فنخرج بنص أجنبي مكتوب برموز عربية. لكن يظل السؤال إلى أي مدى يؤثر الفهم على اللغة من الناحية الإنشائية؟
يذكرني هذا بأستاذة بريطانية درست عندها مادتي الشعر والقصة القصيرة الأمريكية. كانت في الامتحانات تخصص نصف العلامة للجواب الصحيح ونصفها الآخر لسلامة اللغة الإنجليزية. فإذا كانت كل إجابات الطالب خاطئة ولغته صحيحة كان يحصل على نصف العلامة. استهجنت موقفها آنذاك، لكني أدركت فيما بعد أنها عبقرية ...
من ناحيتي أرتاح أكثر بكثير لتدقيق ترجمة تخطئ في المعنى لكنها تبقي اللغة سليمة، من العكس: أي معنى صحيح ولغة مليئة بالأخطاء.
هي النصيحة الغالية نقدمها لزملائنا في البدايات ... نصيحة حاسمة: اللغة ... اللغة!
مع تمنياتي الصادقة،
أحمد

أحمد الفهد
19/11/2009, 06:46 PM
الأخ الكريم هاني السعيد،
يسعدني أن يكون لأفكاري صدى في الواقع عند غيري من زملاء المهنة. الحقيقة أن المترجم في بدايات المزاولة يكون بين مطرقة الزبون أو صاحب العمل (يعني موعد التسليم والجودة) وسندان الخبرة والمراس اللذين يشترطان عامل الزمن وهو البعد الرابع لأي مشروع ناجح.
في إحدى الوقائع ناقشني مدير مشروع لشركة يابانية محتجاً على رفضي لترجماتها الأمر الذي أخر صرف الأموال لهم عن الأعمال المنجزة لتلك الفترة. وكانت حجته [وهي حجة ساقطة سلفاً] أن العقد ينص على "ترجمة" المواد الإنجليزية الموافق عليها من إدارة المشروع، وليس على "ترجمة صحيحة" أو "دقيقة". طبعاً هذا تحايل رخيص من غير المفهوم أن يصدر عن ياباني تحديداً.
أن أشتري منك ترجمة يعني أني أريد ترجمة عالية الجودة ... سواء أنص العقد الذي بيني وبينك صراحة ولفظاً على ذلك أم لا. الأمر مطابق تماماً لشرائي خدمة اتصالات من مزود حيث يكون مفهوم ضمناً أني سأحصل على خدمات اتصال فعالة وليس على رقم هاتف وخط بتغطية ضعيفة ومتقطعة. مبدأ حسن النية في العقود، والمنطق والحق، والشرع والأعراف كلها تؤيد ذلك.
أتمنى لك التوفيق على دروب وعرة المسالك ... سخية المكافآت.

أحمد

أحمد الفهد
20/11/2009, 03:42 PM
تجربة صغيرة وتعليق
دعنا نطرح سؤالاً بسيطاً هنا قبل أن نفتح مساراً جديداً نناقش ترجمة أحد المفاهيم تحت مظلة "ما وراء الترجمة".
السياق: الترجمة القانونية
لنفترض أنك تترجم وثائق تتعلق بقضية أو محاكمة ووجدت على الوثيقة الخاتم التالي:
(Attorney-Client Privileged)
أنت بالتأكيد تعرف معنى كل كلمة من الكلمات الثلاث المكونة للعبارة (أو تستطيع العثور على معانيها في أي قاموس) لكن:

- لو قررت ترجمتها دون الرجوع إلى مصادر فكيف تصيغها بدقة تؤدي المعنى؟
- ما هي ترجمتها الصحيحة يا ترى؟
- هل من تعليق أو توضيح أو إضافة؟
وشكراً ،
أحمد

محمود الحيمي
22/11/2009, 10:16 AM
الأخ الأستاذ أحمد
قرأت العبارة Attorney-Client privileged وكما تفضلت أستطيع أن أقول أنني أعرف معنى كل كلمة منفرداً ولكن استعصى علي فهم المعنى المراد. تأملت العبارة مرات ومرات وركزت على "الشرطة" أو العلامة القاطعة التي بين كلمتي Attorney و Client وهي تعني وجود صلة أو رابطة بين الكلمتين وأن المراد من كلمة privileged ينحصر بين المحامي وموكله. بعد ذلك حاولت أن أبحث عن معنى privileged وكيف ينتظم ذلك المعنى مع الكلمتين الأخريين حتى أخرج بنتيجة تجيب على تساؤلك. وصدقني وجدت بعض المشقة حيث استشرت صديقي ورفيق رحلتي "المعجم القانوني لحارث سليمان الفاروقي" فوجدت عشرات المعاني لهذه الكلمة فأيها يناسب الجملة هنا؟. تيقنت ساعتها أن هذه الكلمة من النوع الذي "يعكر المزاج" وقلت في نفسي لابد من حل لهذه المعضلة. بحثت في الإنترنت وسرعان ما قرأت أن العبارة تعني الأساس او المبدأ الذي تقوم عليه المسائل السرية بين المحامي وموكله في القضايا القانونية. أي أن من حق الموكل ان تبقى المعلومات سرية بينه وبين محاميه وأن تلك المعلومات "ملك" للموكل ولا يحق لأي جهة سوى الموكل التنازل عن ذلك الحق بغرض إفشاء المعلومات التي تلقاها المحامي من موكله. كما لايحق لأي شخص إجبار الموكل/الزبون على إفشاء تلك المعلومات طالما أن الموكل يرفض ذلك.
ولمزيد من التأكد استخدمت سلاحي السري في الترجمة وهو "الإستعانة بصديق" فاتصلت بصديقي المحامي (لدي أصدقاء من التخصصات كافة ألجأ إليهم وقت الملمات الترجمية واللغوية وهم مصادر موثوقة ويهرعون الى نجدتك متى ما طلبتهم) فأكد لي المعنى.
وهكذا أخي أحمد فقد شغلتني ترجمتك لعدة ساعات وسأوافيك بالفاتورة.
أرجو أن أكون قد وفقت إلى المعنى. والرأي الأخير لكم.
دمتم سيدي مع كل ودي

أديب القصراوي
22/11/2009, 03:20 PM
دعوني أتدخل لو تكرمتم

مع الاعتبار وجود العبارة خارج أي نص ..

Attorney-Client Privileged

تعني للوهلة الأولى دون الاطلاع بتركيز على رأي الأخ الحيمي ..

"يتمتع الوكيل بامتياز الصلاحية الكاملة من العميل "

وهذا اجتهاد شخصي محض دون الإطلاع "صدقا" على أي مصدر أو حتى القاموس , وأرجو أن ينال اجتهادي ولو بشيء من الدقة. ولو ضاقت على الترجمة بما رحبت لترجمتها هكذا.

ثانيا بالتأكيد لو استخدمت المصادر المتاحة سوف أصل الى الحل لكني بطبعي شخص مشاكس احب الرأي الآخر باستمرار. والأهم احب اختبار حدسي وقراءة ما خلف الكلمات على رأي أخينا أحمد.

مع خالص التحية للجميع.

أحمد الفهد
23/11/2009, 01:03 AM
أخي العزيز الأستاذ محمود الحيمي،
أسعد الله مساءك.
عن الفاتورة، ما رأيك أن نحولها على الأخ أديب القصراوي؟ ولكن هذا "سر" بيني وبينك فقط ولا تقل لأحد أني من أشار عليك بذلك.
وأما عن مداخلتك فإني أتمنى أن يقرءها سكان عالم الترجمة كلهم. لقد مررت بنفس تجربتك مع هذا المصطلح قبل نحو سنة ونصف وفعلت نفس فعلك. ما جاء في مداخلتك القيمة هو غايتي الأساسية من السؤال: ما هو المجهود العقلي المبذول وراء أعمال الترجمة؟ وكيف يتصرف المترجم الحقيقي؟
ينبغي على المترجم ألا يلجأ فوراً إلى التنصل من ترجمة شيء ملقياً به على عاتق المدقق أو الخبير.
إذا لم يقم المترجم بالعمل ... فمن يفعل إذن؟
ودعني ألخص طريقتك السديدة في قواعد بسيطة مع قليل من التصرف كما يلي:

- عندما تشعر أن هناك عبارة مركزية تترجمها لا تستقيم بين معاني مفرداتها رابطة متوافقة من حيث الاتجاه والدلالة فعليك أن تخضع العبارة لاحتمال أن تكون مصطلحاً خاصاً وتبدأ بالتحقق من صحة هذا الاحتمال من عدمه.
- استشر القواميس والكتب والمراجع على رف مكتبتك أو في الإنترنت ... هذه أدوات وأسلحة المترجم مهما كان مخضرماً.
- بعد العثور على نتيجة ولكن غير مؤكدة تماماً، تأكد من مصادر زملاء تثق بهم (الاستعانة بصديق).
- اطلب من المدقق/ شركة الترجمة التي تعاقدت معك (إن وجد) أن تؤكد لك صحة ترجمتك للعبارة المعنية و/أو أن تزودك بالترجمة الصحيحة.
- أضف ذلك إلى مسرد مصطلحاتك الخاص، (ولا تفعل مثلي وتعتمد على الذاكرة فأنا الآن أجاهد في لملمة تجاربي كجمع الدقيق من بين الأشواك).
أما ترجمتك أخي الفاضل فهي صحيحة وأصلها هو (Attorney-Client Privilege) بدون حرف (d) -- "مبدأ سرية المعلومات بين المحامي وموكله" أو في الحقيقة "حق المحامي في رفض الإفشاء عن معلومات سرية حصل عليها من موكله".
وعندما نرى وثيقة موسومة بهذه العبارة (Attorney-Client Privileged) بوجود حرف (d) يمكننا ترجمتها:

"محمية بموجب مبدأ سرية المعلومات بين المحامي وموكله"
أقدر جهودك الرائعة معنا أستاذنا محمود ودمت بخير وصحة،
أحمد

أحمد الفهد
23/11/2009, 01:44 AM
أخي العزيز الأستاذ أديب قصراوي،
أشكرك لاستجابتك لطلبي بمحاولة الترجمة دون الرجوع إلى المصادر. وكما ترى يا سيدي فالاجتهاد مطلوب في الترجمة بشدة بعد انقطاع الأمل من المصادر أو مما تحويه المصادر. والاجتهاد يحتمل نهايتين، وتخمينك هنا لمعنى العبارة رغم أنه صياغة موفقة من حيث المبنى إلا أنه لا يؤدي معنى نهائياً أو محدداً فهو يرخى العنان لتقدير القارئ لما تقصده من عبارة "الصلاحية الكاملة".
الشعور "بالارتياب" الذي يتملك المترجم من بعض المصطلحات التي تقف في الهواء مثل هذا، وهو ما أطلق عليه الأستاذ الحيمي "تعكير المزاج"، ينبغي أن يظل فاتحاً على الأقل إحدى عينيه في ذهن المترجم برأيي. وعندما يتعاظم الشعور لا بد من القواميس والمراجع والبحث.
تعجبني لغتك ويعجبني موقفك الأدبي الذي يضيف قيمة للنقاش هنا فشكراً ثانية.
ملاحظة: قد تكون هناك فاتورة في طريقها إليك من البحرين؛ سددها. ولا علاقة لي بالأمر فهذا ما قد تجنيه "من وراء المشاكسة".
أصدق تمنياتي،
أحمد الفهد

أديب القصراوي
23/11/2009, 09:23 AM
الأخوة الأعزاء محمود الحيمي / أحمد الفهد

تحية لكم من الأعماق على ثقتكم ومعلوماتكم القيمة التي استنير بها. وأشكر الأخ أحمد الفهد على دماثة خلقه ومرحه وتجييره شيكا معنويا لا يقدر بثمن لحسابي.

بدوري اقترح تحويل الفاتورة إلى حساب السيدة/ واتا العامرية ... لأن بذمتها كما علمت فاتورة مطلوبات كبيرة.

أشكركم مرة أخرى ولكم مني جل الاحترام وأخلصه..

دمتم في سعادة

محمود الحيمي
23/11/2009, 10:00 AM
شكراً جزيلاً للأخوين أحمد وأديب على هذا الحوار الرائع المفيد.
قررت إرجاء إرسال الفاتورة أخي أديب وسوف أنظر في أمر إرسالها بعد أن نطلع على ما سيقوله الأخ أحمد عن "البارادايم".
كل الود

محمد محمود التوبة
07/03/2010, 02:00 PM
سعدت بقراءة موضوع ما وراء الترجمة والتعليقات التي جاءت معقبة عليه. والموضوع مهم والتعليقات لماحة وجاءت من عقول عانت الترجمة ووعت المتاعب الفكرية واللغوية والاجتماعية التي يواجهها المترجم. وأود هنا أن أطرح أمام هذا الحشد الكريم من العلماء ضرورة مناقشة نفس فعل الترجمة : امام الترجمة ، وفي أثناء الترجمة ، وبعد الترجمة . ومن تجربتي المتواضعة فإني أزعم أن ما يجرى أمام الترجمة هو المدماك الأساس الذي لا يقوم من دونه بناء الترجمة، وأقصد بذلك عدة أمور منها ثقافة المترجم العامة في لغته الأم، وهي ثقافة تبدأ بالحصول على الشهادة أو الشهادات اللازمة للعمل ، وبرغم أن كل صاحب أي اختصاص لا يعمل بالشهادات وحدها ولكنها لازمة من حيث المبدأ لأنها معيار أولي لا غنى عنه ، فنحن لا نقبل من غير المؤهل بشهادة الطبيب أن يمارس المهنة، ولا نقبل من غير المؤهل بشهادة القانون أن يعمل في المحاماة والقضاء ، وكذلك لا يصح ممن لم يؤهل علمياً أن يمارس الترجمة إلا بعد الحصول على التأهيل الضروري ، وأظن أن أقله ان ينال مؤهلاً جامعياً مناسباً.وهنا تثور تساؤلات مشروعة عن مترجمين أفذاذ أثرواالترجمة والثقافة وكانوا قادة فكر، ومن ذا الذي لا يعرف عباس محمود العقاد ولم يتتلمذ على كتبه؟ ولكن كم عقاد لدينا؟ ثم إن على مؤسساتنا الفكرية وعلى جامعاتنا أن تبحث عن هؤلاء وتستفيد من علمهم وأن تعدل القوانين المهترئة لاستيعابهم . ولكننا هنا لا نتحدث عن العباقرة بل عن آلاف المترجمين المنتشرين في كل مؤسساتنا الإعلامية والتجارية والشركات والجامعات والجيوش وهم الذي يقفون في الخط الأول في مواجهة طوفان المفاهيم الجديدة والمصطلحات المبتكرة والصرعات الاجتماعية والثقافية والآداب العالمية وشلالات المفردات الجديدة وهؤلاء المترجمون لا يجدون عونا كبيرا في المعاجم العربية العربية التي مضى على تأليفها قرون، ولا يجدون العون من المعاجم الانجليزية العربية على أهميتها لأنها لا تتجدد باستمرار وعلى فترات متقاربة تسمح بإدراج المفاهيم والمفردات المستجدة.وبعد الشهادات تبدأ عملية التثقيف الذاتي المتواصلة التي لا تنتهي فإذا انتهت انتهى المترجم. المترجم مسؤول أن يستوعب ثقافة أمته وليس مجرد اللغة من حيث هي نحو وصرف واملاء ومفردات بل هي تاريخ أمته وعقائدها وسياساتها واقتصادها وآدابها وإعلامها وعليه أن ينغمس في همومها اليومية بكل ما تعنيه الكلمة وهنا تكمن ضخامة المهمة الملقاة على عاتق المترجم فهو ما لم يقرأ ويقرأ ويقرأ لن يفهم ما يجري حوله وهو ما لم ينغمس بالنشاطات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإعلامية لن يدرك الطوفان المعلوماتي الذي يغرق الواقع الذي يعيشه . المترجم نحلة تدور طويلا طويلا لتحصل على الرحيق ثم تجعل منه عسلا. والتثقيف الذاتي المستمر له عنوان كبير هو مكتبة ا لمترجم، فهي خير عون له وهي الفانوس في كل عتمات الترجمة.ولكن ما هي أدوات هذه المهنة أو أهم هذه الادوات؟ نحن نعرف الطبيب من هيئته ومن جهاز قياس ضعط الدم والسماعة الطبية ونعرف المهندس من خودة الأمان على رأسه فكيف نعرف المترجم؟أتمنى إذا دخلت إلى مكتب مترجم أن أجد على منضدته آخر كتاب صدر في اختصاصه وهو على استعداد لمناقشة مضمونه ثم أتمنى أن أجد كل المعاجم والموسوعات والمنشورات التي تخص عمله جاهزة ثم أجد أنه بارع في استخراج كل عصير ممكن من التقانة التي يقدمها الحاسوب والشبكة الدولية للمعلومات وأن يكون مستعداً للإبحار في لججها وخوض غمارها، وأن يكون قبل كل شيء عاشقا للغة العربية الفصيحة حديتا وكتابة وعاشقا لعمله وعلى دفتر هاتفه شبكة من الأصدقاء والزملاء والعاملين في الترجمة في كل ميادينها. حين يبدأ المترجم حياته العملية يجد في نفسه بعض نقاط الضعف ، وهذا ليس عيباً بل العيب ألا يعمل على تلافيه . على مقاعد الدراسة نصحنا أستاذ كريم بأن نضع على طاولات العمل أمامنا أي معجم عربي مناسب وأن نقرأ في أوقات فراغنا مادة لغوية واحدة ، بعد سنوات يكون المرء قد قرأ معجما كاملا واطلع على جماليات لغوية كثيرة واستمتع بها ومثل ذلك ينطبق على اللغات الأخرى ، فالجهد اليومي المتواصل المنظم البعيد المدى يصحح كل ضعف. وإلى لقاء.

أحمد المدهون
27/10/2010, 09:02 PM
الأستاذ أحمد الفهد رعاه الله
تحية لك ولكل من سبقني في قراءة هذا الطرح المتقدم، والمناقشة الحضارية الهادئة لما وراء الترجمة.
بالنسبة لي لقد أفدت منكم ومن مشاركات الزملاء ومداخلاتهم، ووقفت على جملة من النقاط الهامة في عملية الترجمة، وأحسست كم هي عملية شاقة هذه المهنة الحضارية، في نقل المعرفة، وعمليات التبادل الحضاري بين شعوب الأرض بألسنتها المتنوعة.
وقد وقع الكثير في أخطاء "مهلكة" أو "مضحكة" في عمليات الترجمة نتيجة لعدم فهم اللغة الأصلية للنص، وثقافة أصحابها، ودلالاتها اللغوية، وأبرز ما تجلى ذلك في محاولات الترجمة للقرآن الكريم من قبل بعض المستشرقين. هذا فضلاً عن جهل بعض المترجمين بأسرار لغتهم، وثقافة أمتهم.
أشكركم جميعاً على عطائكم، وأتمنى إحياء الحوارات الجادة -كهذه- واستمرارها.
لكم جميعاً عظيم التحايا