المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور العواطف في حياة الإنسان



محمود عباس مسعود
18/11/2009, 01:10 PM
كل يوم من أيام عمرنا، بل وكل ساعة من ساعات حياتنا نتأثر بالعواطف والإنفعالات النفسية. وبما أن القدر الأكبر من سعادتنا ونجاحنا في الحياة يتوقف على قدرتنا على التحكم بعواطفنا، فينبغي لنا التعرف على الكيفية التي تعمل بها تلك العواطف والتعريف بها.

الصدمة العاطفية يمكن تعريفها على أنها حالة من الحراك أو الهيجان الشعوري أو الواعي الناجم عن حالات طارئة خارجة عن سيطرة المرء. لهذا السبب فإننا نغضب عندما نصاب بالحيرة أو الدهشة من تصرف لا يروق لنا ونبدي خوفاً وتوجساً في تلك المواقف التي تهدد أمننا وسلامتنا.

في بعض الحالات يستعمل علماء النفس تعبير "العاطفة" إشارة إلى مشاعر الإرتياح أو الإستياء التي تكمن خلف تجاربنا اليومية.

لقد أجرى علماء النفس دراسة دقيقة على طبيعة الإنفعالات، بدءاً من الحيوانات الدنيا، فلاحظوا أن الهر الذي يطارده كلب يبصق ويقبب ظهره وينفش ذيله وينفخ ويكشر ويكشف عن مخالبه و(يفنجر) عينيه بعدوّه ليرهبه.

لكن العواطف أو الإنفعالات في الإنسان هي أكثر تعقيدا مع أنها لا تختلف كثيرا عن مثيلتها في الحيوانات. فالرضيع الجائع الذي يتقلب في سريره، والطفل في المدرسة الذي يتأتئ ويحمَّر خجلا، ولاعب الكرة الذي يضم أصابع يده بقوة إلى بعضها ويسدد ضربة محكمة إلى الحكم.. كل هذه تندرج تحت تأثير الحالات العاطفية التي تنطوي على انفعالات غير عادية تؤدي إلى تصرف تلقائي، قد يكون أحياناً غير منطقي، وغير محسوب العواقب.

كلنا نعرف العلامات الجسدية للعواطف. فالشخص الذي يعاني من القلق النفسي الشديد يتصبب عرقاً. والغاضب يحمر وجهه ثم يشحب. الطفل الخائف يرتعد، مما يؤكد حدوث اضطرابات محددة داخل الجسد. فضغط الدم يرتفع والنبض يتسارع والتنفس تزداد وتيرته ويصبح غير منتظم وعملية الهضم تتوقف لأن الدم يتم تحويله من المعدة إلى عضلات اليدين والرجلين. أما الغدة الكظرية فتضخ كمية أكبر من هرمون الأدرينالين في الدم. وهذه الكمية الفائضة من الأدرينالين من شأنها المساعدة على تسريع ضربات القلب وتغيير التركيب الكيماوي للدم والتقليل من كمية السموم التي يحدثها الإرهاق والزيادة من سرعة تخثر الدم لدى تعرضه للهواء.

هذه التغيرات تساعد الشخص في الحالات الطارئة فتهيئه إما للدفاع عن نفسه أو لتفادي الخطر بالهرب. الغدة الكظرية التي تعمل بكامل طاقاتها في تلك الحالات تساعد على الحيلولة دون التعب أو الإرهاق. وإن أصيب الشخص بجرح فإن التخثر السريع للدم يساعد على التئام الجرح بسرعة.

ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلى الإنفعالات على أنها طريقة جهزتنا بها الطبيعة لمواجهة الحالات الطارئة.
كما أن العواطف تلعب أيضاً دوراً هاماً في إثراء حياتنا. فالصداقة والإستمتاع بالموسيقى أو الشعر أو بالأشجار والزهور هي نوع من العواطف التي نحسّ بتأثيرها في نفوسنا وننفعل بها ونتفاعل معها في وعينا. وكذلك حبنا للوطن ووفاؤنا لرفاق الدرب والتزامنا بمبادئ نؤمن بها... كلها لها تأثير عاطفي علينا بطريقة أو بأخرى.

في بعض الحالات النادرة نحس بأننا نمتلك قوة خارقة فنشعر عندئذٍ أن بإمكاننا القيام بأشياء تتطلب مجهوداً استثنائياً، لم نكن لنصدّق أو حتى لنفكر بأننا نمتلكه. وحتى إنجازات العباقرة يمكن تصنيفها على أنها مزاوجة بين ذكاء استثنائي وتيارات عاطفية شديدة الزخم.

وهكذا نرى أن العواطف تلعب دوراً نافعاً في حياتنا بالرغم من وجود جوانب ضارة لها أيضا. لقد لاحظنا كيف أن العواطف تساعد الإنسان على القتال أو الهروب، لكن في وقتنا الحاضر لا يمكن مواجهة المشاكل بالقتال أو الهرب بل بالمنطق والعقلانية. الضغوط العاطفية تعكر صفاء الفكر مثلما لا يمكن التفكير بصفاء عندما نقع تحت تأثير الخوف.

العواطف القوية قد تنقلب إلى عقد نفسية ضارة تسبب للشخص صعوبات كبيرة ومضاعفات خطيرة (وقانا الله وإياكم منها ومن تبعاتها.)
والسلام عليكم

موضوع آخر عن التعامل مع القلق تجدونه تحت عنوان (قتلهم الخوف) على الرابط التالي
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=61360

المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود عباس مسعود

نزار بن عيسى
19/11/2009, 04:00 AM
العاطفة محرّك أساسيّ لنموّ الطّفل و النّموّ العاطفيّ مسهم و دافع للنّموّ الذهني لدى الأطفال.فأيّ صدمة عاطفيّة قد تؤدّي إلى تعطّل النّموّ . ومثال ذلك ،الفطام الفجئيّ الّذي يمكن ان ينجرّ عنه توقّف النموّ لدى الطّفل.
و أشكر واتا على هذا المنتدى الّذي من شأنه أن ينبّه الآباء إلى بعض المشاكل الّتي يواجهونها في حياتهم اليوميّة مع أطفالهم.لذا أدعو ذوي الاختصاص إلى تقديم إسهامات خاصّة في مجال علم نفس الطّفل.
و شكرا.

محمود عباس مسعود
19/11/2009, 04:57 AM
هذا صحيح، فتصرف الأطفال بكيفية معينة هو نتيجة مباشرة لحالات عاطفية متباينة الزخم تترجم ذاتها إلى شجار أو بكاء أو رهبة أو حاجة ملحة إلى التطمين بأنهم في مأمن من أي أذى.
شكراً للأستاذ نزار بن عيسى على ما تفضل به من رأي.

سوسن عامر
19/11/2009, 05:31 AM
السلام عليكم

بداية يشرفني جدا استاذ محمود ان تكون اول مشاركاتي في هذا المقال

فشكرا جزيلا على اختيارك المميز



فتصرف الأطفال بكيفية معينة هو نتيجة مباشرة لحالات عاطفية متباينة الزخم تترجم ذاتها إلى شجار أو بكاء أو رهبة أو حاجة ملحة إلى التطمين بأنهم في مأمن

لا ادري إن كنت استاذي من ذوي التخصص في هذا الشأن... ولكن اسمح لي بهذا السؤال:

هل يمكن التحكم بتلك الانفعالات، او بعبارة اخرى، هل يمكن تعليم الطفل توجيه تلك الانفعالات لشيء نافع او لنقل استثمارها في الانتاج بدلا من ان تستهلك طاقة الجسد سدى؟

محمود عباس مسعود
19/11/2009, 06:02 AM
الأخت الكريمة سوسن عامر
لست متخصصاً في هذا المجال ولا أريد أن تؤخذ آرائي على أنها حلول لمشكلات الطفولة. هناك أخصائيون بإمكانهم تقديم المساعدة بهذا الخصوص. ومع ذلك ليس من الصعب أن نعرف الحالات النفسية التي يمر بها الطفل. فالطبيعة البشرية متشابهة وكل واحد منا اختبر تلك الحالات في مرحلة ما من حياته.

في اعتقادي أنه بالملاحظة الدقيقة لسلوك الطفل والإهتمام الجدي باحتياجاته، لا سيما النفسية منها، يمكن معرفة ما يعتمل في نفسه وما يعاني منه. الطفل أولا وقبل كل شيء بحاجة إلى التطمين بأن بإمكانه أن يتحدث إلى والديه عن أي شيء دون أن يخشى عقاباً، بل يجب تشجيعه على ذلك دون تسفيهه أو صرفه بعدم اكتراث. إن شعر الطفل أن أبويه هم صديقاه وأن بإمكانه أن يثق بهم عندئذ يفتح قلبه لهم ويكون بذلك قد ساعدهم على مساعدته.

لا أعتقد أن بالإمكان تعليم الطفل كيفية توجيه انفعالاته ما لم يكن متقبلا للإرشاد. وهذا التقبل يقتضي هدم الحاجز النفسي بينه وبين أهله وشعوره بأنه ذو شأن وأن اهتماماته وأفكاره ورغباته تؤخذ مأخذ الجد وتحظى بالإهتمام من قبل أبيه وأمه. المسألة يلزمها دربة ودراية وذكاء من الأهل ومعاملة الطفل بمحبة واحترام. في تقديري يجب أن يكون الإحترام متبادلا بين الصغار والكبار، ومتى تحرر الصغار من الخوف من الكبار ستحل كثير من المشكلات مما يساعد على نمو الطفل نمواً سوياً متوازناً بعونه تعالى.
شكراً على المرور وتحياتي لك

سوسن عامر
19/11/2009, 05:39 PM
شكرا جزيلا

حقيقة لفتني لنقطة مهمة غابت عني حتى في تعاملي مع الكبار

بارك الله فيك