المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مع الأساطين والعمالقة: دافينشي



محمود عباس مسعود
19/11/2009, 02:35 AM
ليوناردو دافينشي

وُلد ليوناردو دافينشي سنة 1452 للميلاد وكان واحداً من بين أربعة أعظم فنانين إيطاليين عرفهم عصر النهضة. أما الفنانون الثلاثة الآخرون فكانوا مايكل آنجيلو ورافائيل وكوريجيو.

كان ليوناردو عبقرياً عالمياً بكل المعايير والمقاييس. ففي الفنون الجميلة لم يتميّز في الرسم وحسب بل أيضا في النحت والهندسة المعمارية والموسيقى والنقد الأدبي. وكان أيضاً ميكانيكاً ومهندساً مدنياً وعسكرياً، وعالم تشريح وعالم نبات وعالم فلك وعالم جيولوجيا. وباختصار فقد كان متمرساً في كل العلوم الطبيعية والحسابية.

وُلد ليوناردو في مدينة فينشي بالقرب من فلورنسا وقد برهن عن براعة نادرة وعبقرية متعددة المواهب في سن مبكرة مما جعله متميزاً حتى ضِمن فئة نوابغ عصره. ولم تمر فترة طويلة حتى تفوق على معلمه الرسام الذائع الصيت فيروكشيو.

في سن الثلاثين التحق بخدمة دوق ميلانو لودوفيكو إلمورو الذي طلب منه القيام برسم لوحة العشاء الأخير أو العشاء الرباني لدير سانتا ماريا في ميلانو. ومع أن هذه اللوحة النادرة قد بَهُت لونها وتضررت بفعل الدخان والرطوبة والإهمال، لكنها ما زالت إحدى أعاجيب الجمال الروحي وتحتل مكانة متميزة بين اللوحات الزيتية على مر العصور.

في ميلانو تمكن ليوناردو من تخليد آثاره وتأثيره بإنشائه أكاديمية ميلانو للفنون. وبعد احتلال الفرنسيين لتلك المدينة انتقل إلى فلورنسا حيث رسم أشهر صورة في تاريخ الفن وهي الصورة المعروفة بالمونا ليسا أو الجوكوندة لإحدى سيدات فلورنسا الشهيرات.

أما الإبتسامة الملغزة لتلك السيدة فقد شغلت الناس على مدى قرون، ودارت حولها حوارات وتحليلات لم تنته بعد. بعض النقاد يرى لا شيء وراء تلك الابتسامة المحيّرة، في حين يرى آخرون أن عالماً من المعاني والأسرار يكتنف تلك البسمة الغامضة التي تعصى على الوصف.

المونا ليسا هي إحدى تحف اللوفر التي لا تقدّر بثمن. في عام 1911 اختفت من إطارها فأثارت ضجة عالمية كبرى. وبعد سنتين من فقدانها تم استعادتها من لص إيطالي سرقها لدوافع وطنية.

في العام 1502 تم تعيين دافينشي رئيساً لمهندسي ومعماريي جيش البابا مما أعطاه الفرصة لزيارة المعاقل البابوية المحصنة . أما السنوات الأخيرة من حياته فقد أمضاها في خدمة فرنسا، إذ اهتم الملك فرانسوا الأول بعبقرية دافينشي المتعددة الجوانب.

في عام 1516 دعاه الملك إلى مدينة أمبوا وخصص له قصر كلوس لوسيه للعيش والسكن فحضر ليوناردو ومعه ثلاثة نماذج من عمله هي المونا ليسا وسانتا آنا والقديس يوحنا المعمدان. وقد أمضى ليوناردو الثلاث سنوات الأخيرة من حياته في قصر كلوس لوسيه حتى وافته المنية في عام 1519. و قد شيِّد نصب تذكاري تخليدا له بالقرب من إحدى كاتدرائيات ميلانو.

تميزت لوحات ليوناردو بالواقعية وقد كان سابقاً لعصره لا سيما من حيث تفكيره ذي الصبغة العلمية - الصناعية. ففكرة طائرة الهليوكوبتر تعود له في الأساس، ومثلها الدبابة واستعمال الطاقة الشمسية والآلة الحاسبة. لم يتم وضع أفكاره قيد التنفيذ إبان حياته لأن فنون وأساليب التصنيع العصرية كانت في مرحلة الطفولة المبكرة آنذاك ولم تكن الوسائل والأساليب المتوفرة قادرة على تجسيد عبقريته مثلما تصورها ورآها.

كما ساهم ليوناردو في وضع الأسس المنهجية لعلم التشريح وعلم الفلك والهندسة المعمارية وعلم البصريات وكذلك دراسة ديناميك الموائع (الهيدروديناميك).

لم يبق من أعماله سوى بضع لوحات مع بعض الدفاتر الخاصة التي تحتوي صفحاتها على رسومات وملاحظات وصور علمية. ومن بين أعماله المتأخرة عذراء الصخور وصورة يوحنا المعمدان في متحف اللوفر.

المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود عباس مسعود