المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرصيف المقابل



محمد البوهي
09/02/2007, 09:38 PM
الرصيـف المقـابل
كان يقف أمامي في الجهة المقابلة من رصيف محطة القطار ، لم يشعر بالترقب أو الإهتمام ، حط بحقيبته على أرض الرصيف ، تراجع خطوات للوراء وجلس على المقعد الرخامي ، اندفع الهواء البارد غمر المكان ، استدعى شعورا ًبالارتياح وأخر لمواصلة التأمل ، تشابكت أصابعه ربتّ بكل أصبع على الأخر بإنتظام ، إنحنى بأطراف وجهه بإنفراج ،وإمتلأ المكان بالأنفاس وبخار الماء ، كانت أنفاسه تصلني مع دفعات الهواء ، لكنه حاصر مشاعره هناك بالجانب الأخر ، ألبسها ثوب الإنغلاق وغرق هو في التفكير – ربما يفكر فيما ينتظره من أعمال – تطلع في ساعته مع تنهدات الإنتظار ، ألقى بظهره للوراء ، زحزح عقدة رابطة العنق تجاه الحنجرة ، ربع يديه في خشوع ، وعاد يرقب القضبان . ازداد تتابع الأنفاس ، تقلصت برودة الهواء ، وارتفعت حرارة الكتب بين يدي . تذكرت موعد المحاضرة ، في نفس المكان التقينا عند باب المدرج و سط التدافع نحو الدخول ، قد كان ميلاد اللقاء ، مرر الإبتسامات بين تآلف الأرواح ، ألقى بفسيلة الخَضار وغاب مع الرؤوس ، رسم وجهه على جدار غرفتي ، كنت أراه كل يوم على نفس الجدار ، وبنفس المكان تعودنا اللقاء عند الدخول ، ألف الكلام بالإبتسام ، وزاد الشعور بالصفحات ، ما زال هناك عند الرصيف ، وقد أسند الحقيبة على ركبتيه ، مقلباً بعضاً من الأوراق ، وإمرأة عجوز تقاربت ، لا مكان للجلوس وسط الأجساد ، تمعن في العكاز القادم ببطء الإقتراب ،لملم الأوراق في الحقيبة ، قام وأمسك بيدها بإنسجام ،أجلسها مكانه وناولها العكاز . دعوات تنتشر هنا وهناك استعادت برودة الهواء ، وبعد شعورٍ بالإرتياح عاود التطلع في عقارب الساعات ، والصافرات تقترب . زاد الإهتمام مع زخات أنظارٍ بلاسحاب . استحلفت منه بعضاً من النظرات ، إقترب القطار من القطار تداخلت العربات بإنعكاس في صراع نحو السكون ، غاب الطيف مع الحضور ، تفتحت الأبواب وتجمع السواد للدخول ، مقعدي هناك اصطف مع مقاعد العربات جوار النوافذ ، وبدأ التحرك من السكونِ لملاحقة السكون ، انتحرت النظرات أمام القطار ، عاد الشعور بالصفحات ، وإتجه القطار للإبتسام هناك بنفس المكان عند باب المدرج وسط التدافع نحو الدخول .

محمد سامي البوهي

القصة من مجموعة : لوزات الجليد - مركز الحضارة العربية / القاهرة
نشرت القصة بجريدة القبس الكويتية بتاريخ : 10/6/2006
نشرت القصة بجريدة الحقائق الثقافية لندن بتاريخ : 14/6/2006

http://216.239.59.104/search?q=cache:t1RHEH7BUggJ:www.alhaqaeq.net/defaultch.asp%3Faction%3Dshowarticle%26secid%3D13% 26articleid%3D54076+%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF+%D8%B 3%D8%A7%D9%85%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%87 %D9%8A&hl=ar&ct=clnk&cd=97

زاهية بنت البحر
11/02/2007, 01:19 PM
قرأت القصة يوم أمس وآثرت ألا أكتب ردا لرغبتي في قراءتها مرة ثانية للتعلم ,ولكن على مايبدو تراكم أعمالي اليوم يجعلني أرد الآن, وأعود للقراءة في وقت لاحق ..ماألاحظه هنا هدوء التفاعل بين الكتاب بشكل عام ,وهناك من يضع نصه ويذهب ..أدعو الجميع للمشاركة الفعالة مع نصوص غيرهم كي يشاركوهم كتاباتهم ,وحتى المشرفين ..بارك الله بك أخي محمد
أختك
بنت البحر

زكي العيلة
13/02/2007, 08:48 PM
جميل هذا الحنين الإنساني الباحث عن لحظة لقاء إنسانية دافئة أضاعها الرصيف المقابل المسكون بالبعاد وزحمة الحياة.

أخي الجميل: محمد البوهي.
شدني شجن حروفك
دمت مبدعاً.
تحياتي
زكي

محمد البوهي
15/02/2007, 02:22 PM
أختي القديرة
الشاعرة القاصة / بنت البحر

للتعلم ؟
من يتعلم من من ؟ والله تعلمت منكم الكثير والكثير ، ومازلت أتعلم .

النص من النصوص التي كتبتها أثناء دراستي الجامعية ، وكتبته وأنا انتظر (مترو الأنفاق ) للذهاب للجامعة ، وهو من النصوص التى تذكرني بأجمل أيام حياتي .

ينقضي الزمن وتبقى حروفنا كي تذكرنا بم نطرب به .

دمت مبدعة .

الشاعرمحمدأسامةالبهائي
15/02/2007, 05:14 PM
اخى
المبدع
محمد البوهى
سعيد لمطالعة اعمالك القصصية
التى امتزجت بين التنوع والتوغل لأغوار المعانى الغير مستهلكة
ودائما لديك غموض الوهلة الأولى المتشح بجاذبية النص وتناوله
والرصيف المقابل لو لم تكتب غيرها من أبداعاتك لأسكنتك نفس المكانة
لدى المتلقى بأنك رائع فى حرفك وحرفيتك
وعلى فكرة كل أصدقائي القصاصين
(السيد زرد ، صلاح عساف ، ومجيد سكرانة ، وقاسم عليوة ، ومجدى رضوان ،
وسمير الفيل ، ومحمد زيتون ، ومحمد خضير ، أبراهيم أبو حجة ، ومحمد النادى
علاء فراج ، وهانى ياسين ، ومحمد حجازى ، والسيد العسيلى ، وأحمد زحام )
بالأجماع يعربون عن سعادتهم لأبداعاتك وتواجدك وحضورك
لتحتل مكانتك الحقيقية بعالم القصة القصيرة
فأنت إضافة حقيقية للأبداع
أخى محمد البوهى

ويشرفنا أستضافتك ببورسعيد
أخوك الشاعر
محمدأسامة

محمد البوهي
16/02/2007, 11:55 AM
جميل هذا الحنين الإنساني الباحث عن لحظة لقاء إنسانية دافئة أضاعها الرصيف المقابل المسكون بالبعاد وزحمة الحياة.

أخي الجميل: محمد البوهي.
شدني شجن حروفك
دمت مبدعاً.
تحياتي
زكي

الدكتور الرقيق / زكي العيلة

الجميل هي حروفك التي تمدني بالدفء ، ما أجمل الحب الانساني غير الملفع بالمصالح .

دمت رائعا