د. حسين علي محمد
21/11/2009, 04:29 PM
حفلات التوقيع علي المؤلفات..حقيقية أم دعاية؟
د. حسين علي محمد: محاولة لإخفاء أزمة الكتاب
د. عاطف العراقي: التعريف الموجز في الصحف.. أفضل
د. مصطفي الضبع: حفلات تُساير ما يحدث في الغرب
حوار: د. زينب العسال
..........................
حفلات التوقيع.. هي أحدث الصيحات في عالم النشر بالقاهرة.. تلجأ إليها الآن معظم دور النشر بالقطاع الخاص. تأكيداً لرواج كتبها. من خلال حفلات في أماكن عامة. يوقع فيها المؤلفون كتبهم لجمهورهم من القراء. فهل هي حفلات حقيقية. أم أنها مجرد مسايرة لما يحدث في الغرب. حيث يباع الكتاب الواحد بعشرات الألوف من النسخ. بينما كتبنا لا تجاوز الأرقام الثلاثة رغم السخف الذي تمثله عبارات مثل أعلي المبيعات. والطبعة الجديدة. وغيرها من الحيل الإعلانية.
يقول د.حسين علي محمد إن هذه الحفلات وغيرها من المظاهر التي نراها في حياتنا الثقافية. تعكس تصرف وضع الرأس في الرمال. نحن نحاول إخفاء أزمة الكتاب بهذه الوسائل التي لا تعكس واقعاً حقيقياً. فالكاتب الذي كانت مبيعات كتبه تبلغ الآلاف الكثيرة. اقتصرت المبيعات علي بضع مئات. وهناك مخازن تمتلئ بالكثير من إصدارات الهيئات العامة. ومخازن القطاع الخاص تكتفي بمئات قليلة من النسخ هي كل ما تصدره دار النشر. رغم الآلاف المعلنة. والأديب في الأغلب يدفع تكاليف طبع كتابه. وهي أيضا تكاليف غير حقيقية. نكتة غير مقبولة وتسئ إلي عملية النشر. وإلي الكتاب بعامة. حين يهدي المؤلف نسخ كتابه لبعض أصدقائه أو يعيرها لهم فيوقع عليها في الحفل المزعوم. وتلتقط الصور للأصدقاء الذين يقدمهم الكاتب علي أنهم قراء!
أماكن
والأفضل في تقدير د.عاطف العراقي بدلاً من حفلات التوقيع. والتي تفتقر في العادة علي دار نشر أو داري نشر.. من الأفضل أن توجد أماكن محددة في كل جريدة أو مجلة لعرض موجز لأي كتاب يصدر في مصر. كما يحدث في الدول الأوروبية "وهو ما أري أنه يحدث بالفعل في صفحة المساء "قضايا أدبية"".
لقد كان هذا النظام موجودا بصورة واسعة في مجلات ثقافية كانت تصدر في مصر. منها الرسالة والثقافة والكاتب المصري. حفلات التوقيع لا تأخذ شكلاً نقدياً. بعكس التعريف الموجز بمحتويات الكتاب إذا لجأنا إلي الجرائد اليومية والمجلات الثقافية. بينما حفلات التوقيع تتم بشكل تغلب عليه الدعاية الإعلامية. وليس من الضروري أن يكون الهدف هو التعريف النقدي الموجز بمحتويات الكتاب. ووجهة نظر المؤلف. يمكن أن تكون حفلات التوقيع مجدية إن أتيحت الفرصة لكل ما يصدر عن دور النشر. بتنظيم هذه الحفلات الخاصة بالتوقيع. ويلاحظ في بلادنا وجود كتب كثيرة تصدر عن دور نشر مصرية. ولا تجد أية فرصة للتعريف بها. وبيان مدي أهميتها. حفلات التوقيع تهدف في الأغلب إلي الدعاية للكتاب. وزيادة التوزيع. وما يؤدي إليه من زيادة نسبة أرباح دار النشر. فالهدف منها تجاري في الدرجة الأولي. وليس هدفاً ثقافياً أو تعليمياً.
ويجد د.حامد أبو أحمد في هذه الحفلات مسايرة لما يحدث في الغرب. لكن متابعتي لهذا الموضوع أثبتت أنه بلا أي مردود فعلي فيما يتعلق بترويج الكتاب. ليس هناك قارئ في الوطن العربي يشتري الكتاب. إلا عدد محدود للغاية. أما في الغرب فهناك مردود واسع لهذه الاحتفاليات. لأن الكتاب يباع بالآلاف. وأحياناً بالملايين. ثمة مؤلف في الغرب يعيش بكتاب واحد عيشة كريمة. أما في الوطن العربي فلا يحتشد الناس إلا في الكرة. وما عدا ذلك لا يوجد ثقافة ولا تعليم ولا تنمية. حياتنا صارت كورة. أكرر هذه الحفلات مجرد مسايرة لما يحدث في الغرب. مجرد موضة. وستنتهي دون نتيجة بالنسبة لنا ككتاب وقراء. وأعرف كثيرين وقعوا كتبهم. وظلت كتبهم في المخازن إلي جانب الكتاب الآخرين. حتي أكبر اسم!
مسايرة
ويري د.مصطفي الضبع أن هذه الحفلات هي إلي الآن مسايرة لما يحدث في الغرب لأنها لم تفرض خصوصية لمساحة يمكن تقبلها علي أنها بين الأدباء. فلم تستطع أن تفرض خصوصيتها. المفترض أن يكون هناك تطوير للفكرة نفسها. وفي أحيان كثيرة لا مردود لها. سواء للكاتب أو الكتاب.
ولعلي أقترح أن حول لتصبح نوعاً من طرح قضية معينة. أثارها كتاب سياسي. أو ديوان شعري. أو رواية. أو مجموعة قصصية. إلخ. ومن الأصوب أن يتكفل الناشر بإقامة هذه الندوة. بالاشتراك مع بعض الجمعيات الثقافية مثل اتحاد الكتاب ونادي القصة وجمعية الأدباء ورابطة الأدب الحديث وغيرها. ليساعد علي ترويج مطبوعاته. وليسهم في إحداث تحريك مطلوب في الساحة الثقافية المصرية.
وبالنسبة لما يمكن أن تكون قد حققته هذه الحفلات من نتائج إيجابية. فلا أعتقد أنها حققت نسبة من التوزيع مقاربة لما يحدث في النشر الغربي. بون شاسع ولا يحتمل المقارنة بين أرقام المبيعات عندنا وعندهم.
البديل في تصوري أن ينشأ في بلادنا وكيل واحد. دارس إدارة. فينظم مثل هذه اللقاءات بشكل أفضل. لا داعي لتنظيم ندوة ترعاها دار معينة. وتتبني الفكرة. فتجمع كل ما صدر خلال شهر. وتعد لقاء لإحياء صداقات. القضية ليست استعراضا إعلاميا. فلابد أن يقام حفل عشاء. كل عشرة أصدقاء يجلسون إلي مائدة واحدة. ويتناولون الكتاب أثناء ذلك. وتكون هناك فرصة أكبر للتعريف بالكتاب وانتشاره. إن الشكل الجماعي لحفلات التوقيع هو البديل الأفضل.
صور تذكارية
ويروي القاص والروائي وائل وجدي واقعة طريفة. فقد أهداه أحد الأدباء الأصدقاء مجموعة قصصية من تأليفه. لكنه اشترط أن يأتي عويس معوض في موعد حدده إلي مكتبة معينة في وسط العاصمة. ويدفع بالكتاب إلي القاص الذي يجلس وراء مكتب. فيوقع له علي النسخة. وتلتقط الصور التذكارية بهذه المناسبة. يقول وائل وجدي: عندما وقفت في الطابور داخل المكتبة. فوجئت أن كل الواقفين من الأصدقاء المشتركين بيني وبين صديقي المؤلف. وعرفت منهم أنه وزع عليهم نسخة كتابه. وطلب منهم أن يأتوا بها إلي المكتبة ليوقع أمام القراء الآخرين. وأمام مصوري الصحف. يضيف: في الواقع أني لم أجد قراء لا أعرفهم. فجميعهم كانوا من الأصدقاء. وأدركت أن ما شاهدته لم يكن سوي لعبة ساذجة عن رواج كاذب. والطريف والمؤسف أني قرأت في بعض الصفحات التي أدمنت الإشارة إلي الأعلي مبيعاً أن كتاب صديقي هو كذلك. هو الأعلي مبيعاً. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
أما د. رمضان بسطاويسي فيجد في هذه الحفلات تجربة مفيدة للكتاب. فهي توسع دائرة القراء. وتؤكد استمرارية العلاقة المفروضة بين الكاتب وقرائه. والحق أني لم أحضر تلك الحفلات في مصر. إنما حضرتها في الخارج. بالإضافة إلي التوقيع. ينشأ هناك جوار بين الكاتب والقراء. وتسلط بعض الإضاءات النقدية من الأصدقاء.
................................
*المساء ـ في 21/11/2009م.
د. حسين علي محمد: محاولة لإخفاء أزمة الكتاب
د. عاطف العراقي: التعريف الموجز في الصحف.. أفضل
د. مصطفي الضبع: حفلات تُساير ما يحدث في الغرب
حوار: د. زينب العسال
..........................
حفلات التوقيع.. هي أحدث الصيحات في عالم النشر بالقاهرة.. تلجأ إليها الآن معظم دور النشر بالقطاع الخاص. تأكيداً لرواج كتبها. من خلال حفلات في أماكن عامة. يوقع فيها المؤلفون كتبهم لجمهورهم من القراء. فهل هي حفلات حقيقية. أم أنها مجرد مسايرة لما يحدث في الغرب. حيث يباع الكتاب الواحد بعشرات الألوف من النسخ. بينما كتبنا لا تجاوز الأرقام الثلاثة رغم السخف الذي تمثله عبارات مثل أعلي المبيعات. والطبعة الجديدة. وغيرها من الحيل الإعلانية.
يقول د.حسين علي محمد إن هذه الحفلات وغيرها من المظاهر التي نراها في حياتنا الثقافية. تعكس تصرف وضع الرأس في الرمال. نحن نحاول إخفاء أزمة الكتاب بهذه الوسائل التي لا تعكس واقعاً حقيقياً. فالكاتب الذي كانت مبيعات كتبه تبلغ الآلاف الكثيرة. اقتصرت المبيعات علي بضع مئات. وهناك مخازن تمتلئ بالكثير من إصدارات الهيئات العامة. ومخازن القطاع الخاص تكتفي بمئات قليلة من النسخ هي كل ما تصدره دار النشر. رغم الآلاف المعلنة. والأديب في الأغلب يدفع تكاليف طبع كتابه. وهي أيضا تكاليف غير حقيقية. نكتة غير مقبولة وتسئ إلي عملية النشر. وإلي الكتاب بعامة. حين يهدي المؤلف نسخ كتابه لبعض أصدقائه أو يعيرها لهم فيوقع عليها في الحفل المزعوم. وتلتقط الصور للأصدقاء الذين يقدمهم الكاتب علي أنهم قراء!
أماكن
والأفضل في تقدير د.عاطف العراقي بدلاً من حفلات التوقيع. والتي تفتقر في العادة علي دار نشر أو داري نشر.. من الأفضل أن توجد أماكن محددة في كل جريدة أو مجلة لعرض موجز لأي كتاب يصدر في مصر. كما يحدث في الدول الأوروبية "وهو ما أري أنه يحدث بالفعل في صفحة المساء "قضايا أدبية"".
لقد كان هذا النظام موجودا بصورة واسعة في مجلات ثقافية كانت تصدر في مصر. منها الرسالة والثقافة والكاتب المصري. حفلات التوقيع لا تأخذ شكلاً نقدياً. بعكس التعريف الموجز بمحتويات الكتاب إذا لجأنا إلي الجرائد اليومية والمجلات الثقافية. بينما حفلات التوقيع تتم بشكل تغلب عليه الدعاية الإعلامية. وليس من الضروري أن يكون الهدف هو التعريف النقدي الموجز بمحتويات الكتاب. ووجهة نظر المؤلف. يمكن أن تكون حفلات التوقيع مجدية إن أتيحت الفرصة لكل ما يصدر عن دور النشر. بتنظيم هذه الحفلات الخاصة بالتوقيع. ويلاحظ في بلادنا وجود كتب كثيرة تصدر عن دور نشر مصرية. ولا تجد أية فرصة للتعريف بها. وبيان مدي أهميتها. حفلات التوقيع تهدف في الأغلب إلي الدعاية للكتاب. وزيادة التوزيع. وما يؤدي إليه من زيادة نسبة أرباح دار النشر. فالهدف منها تجاري في الدرجة الأولي. وليس هدفاً ثقافياً أو تعليمياً.
ويجد د.حامد أبو أحمد في هذه الحفلات مسايرة لما يحدث في الغرب. لكن متابعتي لهذا الموضوع أثبتت أنه بلا أي مردود فعلي فيما يتعلق بترويج الكتاب. ليس هناك قارئ في الوطن العربي يشتري الكتاب. إلا عدد محدود للغاية. أما في الغرب فهناك مردود واسع لهذه الاحتفاليات. لأن الكتاب يباع بالآلاف. وأحياناً بالملايين. ثمة مؤلف في الغرب يعيش بكتاب واحد عيشة كريمة. أما في الوطن العربي فلا يحتشد الناس إلا في الكرة. وما عدا ذلك لا يوجد ثقافة ولا تعليم ولا تنمية. حياتنا صارت كورة. أكرر هذه الحفلات مجرد مسايرة لما يحدث في الغرب. مجرد موضة. وستنتهي دون نتيجة بالنسبة لنا ككتاب وقراء. وأعرف كثيرين وقعوا كتبهم. وظلت كتبهم في المخازن إلي جانب الكتاب الآخرين. حتي أكبر اسم!
مسايرة
ويري د.مصطفي الضبع أن هذه الحفلات هي إلي الآن مسايرة لما يحدث في الغرب لأنها لم تفرض خصوصية لمساحة يمكن تقبلها علي أنها بين الأدباء. فلم تستطع أن تفرض خصوصيتها. المفترض أن يكون هناك تطوير للفكرة نفسها. وفي أحيان كثيرة لا مردود لها. سواء للكاتب أو الكتاب.
ولعلي أقترح أن حول لتصبح نوعاً من طرح قضية معينة. أثارها كتاب سياسي. أو ديوان شعري. أو رواية. أو مجموعة قصصية. إلخ. ومن الأصوب أن يتكفل الناشر بإقامة هذه الندوة. بالاشتراك مع بعض الجمعيات الثقافية مثل اتحاد الكتاب ونادي القصة وجمعية الأدباء ورابطة الأدب الحديث وغيرها. ليساعد علي ترويج مطبوعاته. وليسهم في إحداث تحريك مطلوب في الساحة الثقافية المصرية.
وبالنسبة لما يمكن أن تكون قد حققته هذه الحفلات من نتائج إيجابية. فلا أعتقد أنها حققت نسبة من التوزيع مقاربة لما يحدث في النشر الغربي. بون شاسع ولا يحتمل المقارنة بين أرقام المبيعات عندنا وعندهم.
البديل في تصوري أن ينشأ في بلادنا وكيل واحد. دارس إدارة. فينظم مثل هذه اللقاءات بشكل أفضل. لا داعي لتنظيم ندوة ترعاها دار معينة. وتتبني الفكرة. فتجمع كل ما صدر خلال شهر. وتعد لقاء لإحياء صداقات. القضية ليست استعراضا إعلاميا. فلابد أن يقام حفل عشاء. كل عشرة أصدقاء يجلسون إلي مائدة واحدة. ويتناولون الكتاب أثناء ذلك. وتكون هناك فرصة أكبر للتعريف بالكتاب وانتشاره. إن الشكل الجماعي لحفلات التوقيع هو البديل الأفضل.
صور تذكارية
ويروي القاص والروائي وائل وجدي واقعة طريفة. فقد أهداه أحد الأدباء الأصدقاء مجموعة قصصية من تأليفه. لكنه اشترط أن يأتي عويس معوض في موعد حدده إلي مكتبة معينة في وسط العاصمة. ويدفع بالكتاب إلي القاص الذي يجلس وراء مكتب. فيوقع له علي النسخة. وتلتقط الصور التذكارية بهذه المناسبة. يقول وائل وجدي: عندما وقفت في الطابور داخل المكتبة. فوجئت أن كل الواقفين من الأصدقاء المشتركين بيني وبين صديقي المؤلف. وعرفت منهم أنه وزع عليهم نسخة كتابه. وطلب منهم أن يأتوا بها إلي المكتبة ليوقع أمام القراء الآخرين. وأمام مصوري الصحف. يضيف: في الواقع أني لم أجد قراء لا أعرفهم. فجميعهم كانوا من الأصدقاء. وأدركت أن ما شاهدته لم يكن سوي لعبة ساذجة عن رواج كاذب. والطريف والمؤسف أني قرأت في بعض الصفحات التي أدمنت الإشارة إلي الأعلي مبيعاً أن كتاب صديقي هو كذلك. هو الأعلي مبيعاً. ولا حول ولا قوة إلا بالله!
أما د. رمضان بسطاويسي فيجد في هذه الحفلات تجربة مفيدة للكتاب. فهي توسع دائرة القراء. وتؤكد استمرارية العلاقة المفروضة بين الكاتب وقرائه. والحق أني لم أحضر تلك الحفلات في مصر. إنما حضرتها في الخارج. بالإضافة إلي التوقيع. ينشأ هناك جوار بين الكاتب والقراء. وتسلط بعض الإضاءات النقدية من الأصدقاء.
................................
*المساء ـ في 21/11/2009م.