المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لأنني مسلم!...



محمد معمري
22/11/2009, 06:31 PM
لأنني مسلم!...
الطريق مليء بالحفر، والشوك نذير، ضفتاه جرف هاري، الأماني فيه سراب، الليل والإعصار، البرق يكاد يخطف الأبصار، والرعد يكاد أن يصم الأسماع، يداي مشلولتان! أحتل وحدي هذا الطريق لأنني مسلم!... الآذان صماء خلف الأسوار.. الفشل والضعف هما الهيئة العالية التي توشحني.. وأسميها في هذه الآونة "أمل"!
مسلم أنا... لأنني مسلم!... أمشي في هذا الطريق وأنا أحمل كفني! قد تأتي رصاصة من وراء ظهري، وقد تهوي قنبلة فوق رأسي، أبي في سجون من يصوّبون السلاح في وجه مُعاق!.. يسومونه أسوء عذاب.. لأنه مسلم ابن مسلم ابن مسلم ومسلمة... ولا خبر عن أخي بعد اعتقاله!.. أمي قتلوها.. ولدي وابنتي.. هوت عليهم القنابل فاخترقت سقف قسم المدرسة.. وزوجتي خرّت عليها قنبلة بعد أن دمرت بيتي وهي حامل... فقط لأنني مسلم!...
لأنني مسلم! أطالب بأرضي، أطالب بحريتي، وأنت مسلم ترى حالتي المزرية، ترى أرضي، ترى بيتي، ترى أبنائي، ترى إخواني... لا! أنت لا تبصر شيئا! هل كنت تراني عندما كنت أتمرغ في دمي الممزوج بتراب أرضي؟ قد تقول لي أن عينك كانت تدمع، وقلبك كان يتوجع، والكف مرفوع، والفم يدعو... إنها طحالب بحرية يمخر عبابها ماء البحر، ماء البحر، ماء البحر؛ وا ربتاه!...
لأنني مسلم! همتي عالية، شخصيتي عظيمة، عقيدتي صحيحة... اقتحموا أرضي، بيتي... وُلد أبي في الخراب والدمار وإراقة دماء الأبرياء... كبُر تحت وطأة التعذيب والقهر، جسده مهد للرصاص والجلد، كسر العدو ذراعيه بالحجر... وهذا ابنه من بين أبنائه السبعة، وُلدت في يوم القصف، والاعتقالات، في يوم القتل والاغتصاب... ولي عشرة أبناء.. وُلدوا ولم يُولدوا! يكابدون لسع العدو بحرارة قوية.. لا يرضخون.. يستشهد كل يوم شهداء، ويُولد كل يوم أضعاف أضعاف الشهداء أبطال الغد...
لأنني مسلم! العالم لا يُحرك ساكنا!.. سنوات من الإيديولوجيات المصطنعة! هل لازلتم تصدقونها!؟ كفى! برب الكعبة كفى! وبرب محمد كفى!
يهتفون بحقوق الإنسان وهم أعداء الإنسانية.. ألا تبصرون!؟ يغتصبوننا في بيوتنا وفي سجونهم.. يعذبوننا أسوء عذاب.. ألا تسمعون!؟ في كل مرة يجدون إيديولوجية جديدة ليخترقوا بها كل الحقوق.. ويأخذوننا من بين ذوينا للمجزرة الكبرى.. ألا تعقلون!؟
لأنني مسلم! أفر إلى الله، سبحانه وتعالى، هو وحده من يتولى أمر أعداء الدين، أعداء الإنسانية، وحده القادر... لأنكم أعلنتم ضعفكم.. لأنكم رضيتم بالذل والهزيمة لأنكم بعتم أنفسكم بأبخس الأثمان من أجل العمالة... لأنكم لن تستطيعوا أن تتوحدوا!...
لأنني مسلم! أبقى في هذا الطريق لوحدي حانيا ظهري للقوافي، برأس عالية، وقلب شجاع، وقوة مؤمن مخلص.. وكلي رجاء وأمل أن يأتي يوم النصر... وأنا حريص على أن أموت شهيدا كما العدو حريص على أن لا يموت أبدا.

بقلم: محمد معمري