المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلسطين في العصر البرونزي المتوسط



هيثم المنسي
29/11/2009, 07:23 PM
العصر البرونزي المتوسط هو الذي عرف بداية توحيد الله تعالى، عندما دخل نبي الله إبراهيم عليه السلام إلى أرض فلسطين مهاجرا من ملجئه الأصلي في مدينة أور العراقية، حيث حصل هناك صراع له مع النمرود، فنجاه الله تعالى إلى أرض فلسطين: :{ونجيناه ولوطا إلى الأرض التيباركنا فيها للعالمين}(الأنبياء: 71).

وهكذا دخل نبي الله إبراهيم إلى أرض فلسطين في سنة 1900 ق. م، ودخل لقرية تسمى شكين بنابلس وعاش بها، لكنه تجول أرض فلسطين، فذهب إلى القدس وإلى بيت لحم وغيرها من المدن. وكان الهكسوس هم الذين يحكمون الأرض في ذلك الوقت، وكان لهذه الشعوب نوع من الحرية الدينية، مما أتاح المجال للدعوة الإسلامية، وأعطوا المجال لنبي الله إبراهيم أن يدعوا إلى الله عز وجل.

هاجر إبراهيم إلى مصر قبل أن يدخلها الهكسوس، وعاد بالسيدة هاجر، وهي تعتبر أميرة من الأميرات المصريات، تزوجها وأنجب إسماعيل عليه السلام في أرض فلسطين، ثم هاجر إبراهيم بهما إلى مكة في الجزيرة العربية، وحدثت هناك القصة المشهورة لإسماعيل بمكة المكرمة. ثم وُلد له بعد إسماعيل بثلاثة عشر سنة إسحاق عليه السلام من السيدة سارة، ووُلد لإسحاق يعقوب في حياة سيدنا إبراهيم: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (هود: 71)

إننا نحن المسلمون، والنصارى واليهود نتنازع سيدنا إبراهيم، فهم يقولون أنهم الأولى به، ونحن نقول نحن الأولى به، وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه حاسما هذه القضية: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُوَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (65) هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَلَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَاكَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّالْمُؤْمِنِينَ(68)} (آل عمران)
إن اتباع إبراهيم عليه السلام ليس بالنسب، ولكن باعتقاد ما جاء به.

لماذا هذا التشبت من قبل اليهود بإبراهيم عليه السلام؟
لأنهم لديهم في توراتهم أن الذين اعطوا أرض فلسطين هم نسل إبراهيم: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر الكبير إلى الفرات.

ونحن نرد على هذا ونقول:
1- التوراة محرفة، فالله أعلم بصحة هذا الكلام
2- إن كان هذا صحيحا، فنسل إبراهيم إسحاق ومن بعده يعقوب، وكذا إسماعيل عليه السلام، ونبينا صلى الله عليه وسلم هو من سلالة إسماعيل.
3- اليهود الذين يعيشون في زماننا الآن، معظمهم ليسوا من نسل يعقوب عليه السلام، ولا من نسل إبراهيم، إنما هم من يهود الخزر الذين دخلوا في اليهودية في القرن التاسع والعاشر الميلادي، وهم ليسوا من أصول إبراهيمية.
4- أعطى الله عز وجل الإمامة في نسل إبراهيم للصالحين فقط، ولم يعطها للظالمين : { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (البقرة: 124)

أمر الله تعالى نبيه إبراهيم بالهجرة إلى أرض الحجاز عدة مرات، مرة مع إسماعيل وهاجر كما سلف، وترعرع إسماعيل هناك، ثم أمره الله تعالى أن يعود لأرض فلسطين. وبعد فترة أمره الله تعالى ليعود إلى أرض مكة ليرفع قواعد البيت الحرام. قال تعالى: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} (البقرة:127)

من أسس المسجد الأقصى؟ ومتى؟ ولم سمي هكذا؟

سمي المسجد الأقصى بهذا الإسم، لأنه كان أبعد المساجد التي يعبد فيها الله عن جزيرة العرب.
وقد اختلف الرواة فيمن بناه، وأصح الأقوال أن آدم عليه السلام هو الذي بناه بعد 40 سنة من بناء المسجد الحرام، كما جاء في حديث عن أبي ذر رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِى الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ « الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ » . قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ « الْمَسْجِدُ الأَقْصَى » . قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ « أَرْبَعُونَ سَنَةً ، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ » . صحيح البخاري
فعاد إبراهيم لرفع القواعد وتجديد بناء الكعبة.

وإذا سحبنا الاحتمال الأول بكون آدم هو أول من بنى الكعبة، وافترضنا أن نبي الله إبراهيم هو أول من بناها، يكون سيدنا يعقوب حفيد إبراهيم هو أول من بنى المسجد الأقصى بعد مضي الأربعين سنة التي تفرق بناءهما
وهناك قول آخر بأن نبي الله سليمان عليه السلام هو من بنى المسجد الأقصى، كما جاء في الحديث: {بنى سليمان لله مسجدا في بيت المقدس}، وهناك بعض الروايات تقول بأن أول من بناه هو سيدنا داوود فأتمه بعد ذلك سليمان.

الشاهد من هذه الروايات أن الذي بنى المسجد الحرام نبي من أنبياء الله، والذي بنى المسجد الأقصى كذلك نبي من أنبياء الله، والفارق بينهما 40 سنة فقط، وهذه دلالة على شدة الصلة بين المسجدين.

يعقوب عليه السلام:

يعقوب عليه السلام هو نبي الله إسرائيل، وبنو إسرائيل هم أبناء يعقوب، وقد عاش في زمن إبراهيم، لكن يبدوا أنه هاجر إلى مكان بعيد يقال له "حرَّان" في جنوب تركيا، وهناك أنجب أولاده الإحدى عشر، ثم عاد إلى فلسطين وأنجب ودله الإثنا عشر بنيامين، فكان أن ألقى إخوة يوسف بأخيهم في غيابات الجب، ثم انتقل إلى مصر بعد أن بِيع هناك، وعاش بها، ووصل إلى الوزارة بعد رحلة طويلة جدا كما هو معروف من السجن والضنك والفتن، ثم استدعى يعقوب عليه السلام وأولاده إلى أرض مصر، ويقال أن عددهم كان حوالي 72 نفر، وعاش أبناء يعقوب بأرض مصر، وهؤلاء هم الأسباط الذين كانوا أصل قصة اليهود.
وكان ذلك حصل في زمن الهكسوس وليس شئفي زمن الفراعنة، لذلك سمي يوسف بعزيز مصر، والعزيز هو ملك الهكسوس، ولذا سُمِح ليوسف ويعقوب وأبناء يعقوب أن يدعوا الناس لدين التوحيد دون أي تدخل، وعاش سيدنا يوسف مع إخوته في مصر لفترة من الزمن، ومات سيدنا يوسف واستمر إخوته حوالي 150 سنة عاشوا فيها موحدين لله تعالى على ملة سيدنا إبراهيم، إلى أن هُزِم الهكسوس على يد أحمص الأول، فطُرد الهكسوس من أرض مصر، وتولى الفراعنة الحكم بداية من أحمص الأول، فحصل نوع من التآمر السياسي، واعتبر الفراعنة أن بني إسرائيل كانوا أعوانا للهكسوس، فبدأ الاضطهاد لبني إسرائيل في أرض مصر، واستمر ذلك لمدة 300 سنة غيرت كثيرا من طباع بني إسرائيل، وجعلتهم على الصورة التي نعرفها.

كيف غير الفراعنة بني إسرائيل؟ وما هو رد بني إسرائيل على ذلك؟ ومتى بُعث موسى عليه السلام؟ وكيف كانت قصته مع فرعون وأهل مصر وفلسطين؟ كل هذه الأسئلة سنجيب عنها في الحلقة القادمة بإذن الله.