المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص قصيرة جدا:الموت.



مصطفى لغتيري
10/10/2006, 04:51 PM
المطهر
هنالك في البحر الأبيض المتوسط ، وبتواطؤ مكشوف مع هبات النسيم ،القادمة من القارة العجوز ،كنت أغوص بجسدي المتعب في المياه الهادئة..وبوحي من عرافة إفريقية ،حرصت على أن يكون عدد الغوصات سبعا ..وكأنني بذلك أتطهر من خطايا المحيط الأطلسي.

حذر
حاملا سلته، كان الصبي يتعثر على بساط الرمال المتراكمة..بين لحظة وأخرى يدنو من أحد المصطافبن، فيعرض عليه بضاعته .
من بعيد، لمح الصبي امرأة تتراقص أشعة الشمس على جلدها المدهون..حين دنا منها رفع صوته ،علها تشتري منه شيئا.. ببطء رفعت المرأة رأسها، لمحت الصبي متباطئا يدب نحوها..انسلت يدها نحو حقيبتها الجلدية ..بحذر سحبتها نحوها..ثم عادت إلى غفوتها.

تفوكت
في بلاد الأمازيغ ،كان تلميذ يجلس في الصف الأمامي ،يتتبع باهتمام محاولات المدرس تعليم التلاميذ اللسان العربي.
فجأة التفت المدرس ،فلمح الشمس بازغة تطل من النافذه ..نبه التلاميذ إلى وجودها ،ثم سألهم “ماهذه؟” .. رفع تلميذ أصبعه ،فأجاب “تفوكت” ..غضب المدرس ،فعقب قائلا ” إنها الشمس” ..ثم طلب من التلاميذ أن يرددوا وراءه لفظة “الشمس” مرات عدة..
تعلم التلاميذ اللفظة ،فعاد المدرس إلى درسه..حين انتهى منه ،قصد التلميذ الجالس في الصف الأمامي ..سحبه من يده ..أوقفه أمام الباب..أشار بأصبعه نحو الشمس ،ثم سأله..”ماهذه؟”
دون تردد أجابالطفل :
“في المدرسة اسمها الشمس ،وفي البيت اسمها “تفوكت”.

الموت
على هيئة رجل ،تقدم الموت نحو شاب ،يقتعد كرسيا على قارعة الطريق..جلس بجانبه،ثم ما لبث أن سأله:
-هل تخاف الموت؟
واثقا من نفسه ،أجاب الشاب:
-لا ،أبدا ،إن لم يمت المرء اليوم،قطعا سيموت غدا.
بهدوء أردف الموت:
-أنا الموت ..جئت لآخذك.
ارتعب الشاب ..انتفض هاربا..لم ينتبه إلى سيارة قادمة بسرعة مجنونة،فدهسته..

حسام الدين نوالي
15/07/2007, 03:46 PM
الموت
على هيئة رجل ،تقدم الموت نحو شاب ،يقتعد كرسيا على قارعة الطريق..جلس بجانبه،ثم ما لبث أن سأله:
-هل تخاف الموت؟
واثقا من نفسه ،أجاب الشاب:
-لا ،أبدا ،إن لم يمت المرء اليوم،قطعا سيموت غدا.
بهدوء أردف الموت:
-أنا الموت ..جئت لآخذك.
ارتعب الشاب ..انتفض هاربا..لم ينتبه إلى سيارة قادمة بسرعة مجنونة،فدهسته..

العزيز مصطفى..
نص الموت هو نص عن سيرة الفكر، حكاية عن الجذر الذي يمتد في الداخل.. عن موت يشبه الرجل من حيث الوعد ، و"الراجل هو الكلمة" -كما نقول في المغرب-، .. الموت جاء واقفا-مثل رجل- في اتجاه الشاب الجالس، يتبادلان الحديث مثلما يتبادلان الحالات، الموت غدا جالسا والشاب غدا واقفا،.. فيما الوت ظل مصرا على موقفه دون الشاب طبعا.
أعتقد أن جمل الحوار تحمل الكثير، وعلى الأقل مهيأة لذلك، فمن جهة تكلم الموت مرتين مقابل مرة واحدة للشاب، ومن جهة أخرى جاءت كلمات الموت مقتضبة، واثقة، أكثر من الوثوق الذي أراد السارد أن يوهمنا به في وصف الشاب أمام مقطع أشبه باللهاث، منشطر إلى أربع فواصل متسارعة..
الحكاية هنا حكاية فكر وممارسة، هناك فجوة ما بين ما يتلقاه الفرد حياتيا وقرائيا وتربية.. وبين ما يمارسه فعليا. وهي أزمة صارت تضع الأفكار والنظرية في جهة تقابل الفعل.. في مقال لإدوار سعيد متحدثا عن التخلف العربي يقول إن إحدى الأسباب هي عدم الإيمان ب"النظري"، ما تزال علاقتنا بكل تنظير يطبعها الجفاء، يعني أن علاقتنا بالفكر لم تتأسس إلا على أساس مدرسي مرتبط بواجهات الامتحان، فصرنا أقرب إلى نسخ تحمل فكرا نمطيا سطحيا وغير متجذر فينا يتكرر إنتاجه وتداوله فيما تظل ممارساتنا المتجذرة فينا هي ما تبقى من مرحلة ما قبل الفكر.
عدد الأفعال في النص المسندة للشاب هو نفس عدد الأفعال المسندة للموت(سبعة)، وفيما يبدو توزيعها على الصفحة مختلفا فإنما اسطاع السارد عبر هذا التوزيع منح فكرة الثبات والارتباك حقا. ذلك أن الأفعال المسندة للموت تسير بشكل متناغم، وبالمقابل فإن الأخرى تتجمع في جمل وتتسارع فيما يشبه ارتباكا ما (السطر الأخير مثلا)
وعلى أن الموت الذي جاء في هيأة رجل كان ما يزال مرتاحا ومصمما واستطاع أن يثبت على الموقف (موت الشاب) فإن هذا الأخير الذي لم يثبت على موقف أو أرض ثابتة تمنح تناغم الفكر والممارسة -صار في اتجاه الهاوية.. لينتهي. ونهايته لم تكن إلا شيئا قادما بسرعو "مجنونة".
مودتي

شوقي بن حاج
17/01/2008, 06:00 PM
الأستاذ لغيتري...

-لا ،أبدا ،إن لم يمت المرء اليوم،قطعا سيموت غدا.
لم ينتبه إلى سيارة قادمة بسرعة مجنونة،فدهسته...

كأنه عجل بموته ...


لك محبتي...