النظرة العوجاء - مرض في شبكية الفكر -

[جعفر الوردي]

النظرة العوجاء
-مرض في شبكية الفكر -

بقلم: جعفر عبد الله الوردي

يكثر في زماننا هذا المرض الخطير، الذي يبدل المفاهيم ويقلب الحقائق، وهذا المرض ناتج عن تقاليد وعصبية جاهلية سوداء، وخاب وخسر من ينسبه إلى الإسلام أو يجعل له صلة به.
هذا المرض هو التفريق بين خطأ المرأة وخطأ الرجل، فإذا أخطأت المرأة أو فعلت أمرا مشينا تقوم الدنيا على رأسها ولا تجد توبة ولا عذر، وتنهال عليها سيوف الجلادين بلا أية شفة أو رحمة.
أما إذا أخطأ الرجل، فربما لاقى نظرة توبخه، أو كلمة قاسية توجه إليه ومن ثم ينتهي الأمر !!.
من الذي يفرق بين المرأة والرجل إلا جاهلية جاء النبي الكريم لمحقها ودرسها، من الذي يفرق بينهما إلا صاحب فكر مقلوب ونظرة عوجاء خاطئة. ؟!
الخطأ واحد، والذنب واحد، والعيب واحد، فأيّ منهما ارتكبه فهو مخطئ ويحاسب عليه.
أما إذا جعلنا خطأ المرأة غير مغفور، وذنبها ليس له عذر، وفعلها ينتهي بقتلها، فهذا ما كان يفعله أبو جهل وأبو لهب وزبانية قريش {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}.
فكيف نرى أن هذه العصبية تُنسب إلى الإسلام ؟!
وكيف نعتقد أن مِن التمسك بالإسلام فعل هذا التفريق، واقتراف الإجرام بحق المرأة ؟!
بل ما هذا التفريق بين خطأ المرأة والرجل إلا مما يمقته الإسلام ويحاربه.
فالقران والإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في كل شيء، ولم يأمر بقتل النساء ولا إزهاق أرواحهن، ولم يقل إن خطأ الرجل هين وسهل وخطأ المرأة جريمة وعار، بل كل من الخطأين عار بالدرجة نفسها، وليس ثمة أي تفريق بينهما في دين الله وشرع الإسلام.
ومن يأتِ بهذه الدعاوى وينسبها إلى الإسلام فهي مردودة عليه، والإسلام منها براء.
بل الإسلام لم يأمر إلا بالحكمة والعدل، لا بالهمجية والظلم.
إنما هذه كلمات لمن يريد أن يعرف نظرة الإسلام الصحيحة، ويريد الحق والفصل في القول.
واجتهاد الأشخاص خاص بهم وليس لأحد دخل به. فكلٌّ من الناس يحمل وزره بنفسه، ولا يُلقي بأوزاره وينسبها إلى الدين والشريعة . . .