المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشدياق يمتدح الأمير عبد القادر الجزائري



محمود عباس مسعود
06/12/2009, 07:05 AM
هذه القصيدة أنقلها عن كتاب (الساق على الساق فيما هو الفارياق) لنابغة القرن التاسع عشر أحمد فارس الشدياق وهي بعنوان:

القصيدة التي امتدح بها الجناب المكرم الأمير عبد القادر بن محي الدين المشهور بالعِلم والجهاد.

يتضح من أبيات هذه القصيدة الوجدانية المؤثرة مدى الحب الطاغي الذي أحسه الشاعرُ نحو الأمير البطل، كما تعطينا فكرة عن شخصية الأمير الإستثنائية.

رحم الله الأمير الكبير عبد القادر والشاعر الفذ الشدياق، وحيا الله الشعب الجزائري العظيم، أبا المآثر ومسطر البطولات.

محمود عباس مسعود


الشــدياق للأميــــــــــــــــر

ما دامَ شخصُكَ غائباً عن ناظري
ليسَ السرورُ بخاطرٍ في خاطري

يا مَنْ على قرب المزارِ وبُعدهِ
حبّي لهُ والشوقُ ملءُ سرائري

إن كنتَ لي يوماً فديتكَ وافياً
ما ضرّني إن كانَ غيرُكَ غادري

فإذا رضيتَ فكلُّ سخطٍ هيّنٌ
وإذا وصلتَ فلم أبالي بهاجرِ

وإذا بقربكَ كنتُ يوماً نافعي
لم أخشَ شيئاَ بعدَ ذلكَ ضائري

يا فاتني بدلالهِ وشمالهِ
وكمالهِ وجمالهِ ذا الزاهرِ

عقلي سلبتَ ومهجتي فارددهما
لأجيد مدحَ شمائلٍ لكَ باهري

وليعلمْ العُذالُ أني صادقٌ
في وصفِ حسنِ حلاكَ وصف شاعرِ

يا مُحرقي شوقاً بفاترِ جَفنهِ
أرأيتَ قبلي مُحرقاً بالفاترِ؟

يا بدرَ تمَّ لاعَ قلبي حبـُّهُ
يا شمسَ حسنٍ قد تملـّكَ سائري

يا ظبيّ أنسٍ شاقَ عيني شكلـُهُ
لكنْ لهُ طبعَ الغزالِ النافرِ

هلاّ رثيتَ لحالتي ورفقتَ بي
ووعدتني عِدةً ولو في الظاهرِ

كَلـُمَ الحشا مني وعيدكَ قسوةٌ
قبل الفراقَ بأن تكونَ معاسري

وفطرتَ قلبي بالجفا عمداً فلا
تعجب إذا ما قلتُ أنكَ فاطري

أفهكذا فعلُ الحبيبِ بحبّهِ
أم صرتَ بعدي عاذلي لا عاذري؟!

لو كنتَ تدري ما لقيتُ من النوى
لرحمتني وودتَ أنكَ زائري

مُذ غبتُ عنكَ ارتدَّ عن طرفي الكرى
من بعد ما هدئَ، ارتدادَ الكافرِ

وازدادَ سقمي واستثيرتْ لوعتي
وبدا بحبّكَ ما تكنّ ضمائري

أني وحق هواكَ غاية مطلبي
وسنا محيّاكَ الصبيح الناضرِ

من يوم لحتَ لناظري ما راقني
شيءٌ ولم يملأ جمالٌ ناظري

ما كان حسنُ سواكَ يوماً شائقي
كلا ولا لحظٌ لغيركَ ساحري

أهوى لأجلكَ من حَكاكَ بشكلهِ
لا شكلهُ إذ ذاكَ دون النادرِ

كيف اصطباري اليوم والأجلُ انقضى
وأبيتَ إرضائي بطيفٍ زائري

وبمهجتي إني أراهُ ساعةً
قبلَ المماتِ معانقي ومسامري

هبهُ أتى فلقدْ يراني ساهراً
والطيفُ ليسَ براقدٍ مع ساهرِ

أنسيتَ عهدي حيثُ مِلتُ مع الهوى
ولقد عهدتكَ ما ذكرتكَ ذاكري!

أما أنا فكما علمتَ على النوى
والقرب صبٌّ فيكَ غير مغايرِ

شيئانِ لستُ أطيق صبراً عنهما
ذكري هواكَ ومدحُ عبد القادرِ

هو ذلكَ الشهمُ الذي شهدتْ لهُ
كل البريّةِ بالفعال الفاخرِ

ومناقبٍ محمودةٍ وشمائلٍ
مرضيةٍ ومحامدٍ ومآثرِ

هو ذلكَ المولى المُمَدّح سعيهُ
عند الإلهِ وعندَ كل مُفاخرِ

هو ذلك الفردُ الذي أفعالهُ
أمدوحةُ البادي وفخر الحاضرِ

وهو المهيبُ لدى الملوكِ نزاهةً
والنازح الصيتِ الكريمِ الطاهري

من معشر العُرب العريق نجارهم
أهل المكارمِ كابراً عن كابرِ

العاملينَ بمحكم التنزيلِ في
التحريم والتحليل حزب الحاشرِ

الناحرينَ إذا دَعوا وإذ دُعوا
يا للبرازِ فنحرهم للناحرِ

المؤثرينَ على خصاصتهم وقدْ
نظروا إلى الدنيا كشيءٍ غابرِ

ولرُبَّ قومٍ يحسبون خلاقهم
فيها وغابرَ لهوها كالغابرِ

ولديهمُ ردّ التحيةِ منّّةٌ
كبرى بها إحياءُ عظمٍٍ ناخرِ

يُحيي الليالي بالدعاء تهجداً
فيميتُ في الأعداءِ أيَ جماهرِ

ويرُوع أفئدة الرجالِ لقاؤهُ
حتى يخوروا عن نداء الناصرِ

في قلبِ كلّ محنـّكٍ من رُعبهِ
ما عنه يحجمُ كلُّ ليثٍ زائرِ

وبكلِ حرفٍ من بليغِ كلامهِ
حرفٌ يفلـّهمُ كحرف الباترِ

الفضلُ شيمته وسيمته التقى
للهِ واسترباح أجر الصابرِ

يولي الندى قبل السؤالِ وبِشْرهُ
للزائريهِ مؤذِنٌ ببشائرِ

يغينهمُ عن أن يمتـّوا عندهُ
بضرورةٍ وخَّتهمُ وأواصرِ

جَهِدَ الزمانَ غلاؤُهُ فكبا ولم
يبرح لديهِ وفيهِ سورةُ آفرِ

ولقد يكون النسرُ يوماً واقعاً
ويعودُ بعدُ إلى مَطير الطائرِ

فاللهُ ينصر من يغارُ لدينهِ
والله يخذلْ كلَّ عاتٍ فاجرِ

والله عزّ يداولُ الأيامَ ما
بينَ العبادِ لسابقٍ ولقاصرِ

سكنَ الأميرُ وطارَ في الدنيا اسمهُ
وروى المعالي عنهُ كلُّ معاصرِ

فالعجمُ بينَ موقـّرٍ ومبجّلٍ
والعُربُ بينَ مُفاخرٍ ومنافرِ

يا ناصرَ الدين العزيزِ وحزبهِ
يا خيرَ صبّارٍ وأعظمَ شاكرِ

يا خيرَ ناهٍٍ عن تعاطي مُنكـَرٍ
وبخطـّة المعروفِ أفضل آمرِ

لا تخشَ من بأسٍ فرَبُكَ قاهرٌ
بدعائكَ الميمون جيشَ الجائرِ

كنْ كيفَ شئتَ فإنَ أجركَ ثابتٌ
في اللوح وهْوَ أجلّ ذخر الذاخرِ

لكَ حيث شئتَ عنايةٌ صمديةٌ
ترعى حماكَ ونصرُ ربٍ قادر

فإذا مَدُنتَ فأنتَ أعظمُ خادرٍ
وإذا ظعنتَ فأنتَ أكرمُ سافرِ

والسلام عليكم

عبدالقادربوميدونة
06/12/2009, 11:18 AM
الاٍستاذ محمود عباس مسعود الباحث المنقب المحترم :
أحييك وبارك الله فيك على ما تتفرد به من طرح لمواضيع ذات صلة بالتاريخ وما طوته الأيام ولم يعد يعني الأنام في شيء..
وذلك نتيجة طغيان أموركثيرة على حياتهم ..
إن القصيدة قصيدة ذات روعة متميزة أيضا وتستحق الدراسة وإعادة الدراسة لمعرفة علاقة الشاعربالأميرودواعي نظم هذه الرائعة الوجدانية ذات النس الطويل ..
هؤلاء رجال كانوا للرجال رجالا ...رحمهم الله جميعا ..
جزاك الله خيرالجزاء على هذاالاختيار والانتقاءالموفق..

محمود عباس مسعود
06/12/2009, 01:08 PM
الاٍستاذ محمود عباس مسعود الباحث المنقب المحترم :
أحييك وبارك الله فيك على ما تتفرد به من طرح لمواضيع ذات صلة بالتاريخ وما طوته الأيام ولم يعد يعني الأنام في شيء..
وذلك نتيجة طغيان أموركثيرة على حياتهم ..
إن القصيدة قصيدة ذات روعة متميزة أيضا وتستحق الدراسة وإعادة الدراسة لمعرفة علاقة الشاعربالأميرودواعي نظم هذه الرائعة الوجدانية ذات النس الطويل ..
هؤلاء رجال كانوا للرجال رجالا ...رحمهم الله جميعا ..
جزاك الله خيرالجزاء على هذاالاختيار والانتقاءالموفق..

الأستاذ الكبير عبد القادر بوميدونة المحترم
أحمد الله وأشكره الذي يسر لي الموارد والمراجع التي أستعين بها للكشف عن مخبئات لا ينبغي أن تبقى دفينة تحت تراب الأيام.

ما دفعني لنشر هذه القصيدة الفريدة المجيدة هو صدق الشاعر وعمق أحاسيسه وتقديره البالغ للأمير عبد القادر. وقد استفدت كثيراً من هذه القصيدة لأنها عرفتني من جديد على ذلك الأمير الذي ليس كباقي الأمراء همةً وإباءً.

يسرني أن أخبرك أن في الجعبة مزيد عن الأمير عبد القادر، وقد تكون هناك معلومات جديدة تضاف إلى تاريخه المشرق والمشرّف. الإعداد سيستغرق مني بعض الوقت، إنما على الطريق بعونه تعالى.

مثل هذه الشخصية الفائقة تستحق الإهتمام والإحتفاء لأنه لم يظهر شخص بهذا السمو وهذه العظمة لغاية الآن منذ رحيله.

سرني وشرفني مرورك أستاذنا العزيز.
دمت بخير وعليك السلام

مرزاقة عمراني
06/12/2009, 02:33 PM
الله الله يا استاذ حمود مسعود...
تبهرنا في كل مرة ..
نسجل الخروج و نحن متعلقون بنفائس بحثك و ترجماتك و إبداعك.

ماذا عسانا نقول في النص الذي يمد طرفافي المساحة الأدبية
العربية الخالدة، الشعر الجاهلي أو ما يصر البعض على تسميته
عصر ما قبل الإسلام، و الكتابة على طريقة القدماء
و تلك المقدمة الغزلية المنسابة سحرا و بساطة و عفة.
و في إبداع الشدياق في التخلص منها للدخول في الغرض
المرجوّ، و هو مدح الأمير عبد القادر، الفارس، الشاعر،
القائد الذي بويع و هو شاب في الرابعة و العشرين من العمر.

هو التاريخ العظيم الذي جمع العظماء وألف بين قلبين
كبيرين و عقد الصلة بين اسمين مخلدين.

و أولا و أخيرا، شاكرون لك أستاذنا على هذا العطاء الواسع.

بارك الله بكم و بجهودكم.

محمود عباس مسعود
06/12/2009, 03:30 PM
الله الله يا استاذ محمود مسعود...
تبهرنا في كل مرة ..
نسجل الخروج و نحن متعلقون بنفائس بحثك و ترجماتك و إبداعك.

ماذا عسانا نقول في النص الذي يمد طرفافي المساحة الأدبية
العربية الخالدة، الشعر الجاهلي أو ما يصر البعض على تسميته
عصر ما قبل الإسلام، و الكتابة على طريقة القدماء
و تلك المقدمة الغزلية المنسابة سحرا و بساطة و عفة.
و في إبداع الشدياق في التخلص منها للدخول في الغرض
المرجوّ، و هو مدح الأمير عبد القادر، الفارس، الشاعر،
القائد الذي بويع و هو شاب في الرابعة و العشرين من العمر.
هو التاريخ العظيم الذي جمع العظماء وألف بين قلبين
كبيرين و عقد الصلة بين اسمين مخلدين.
و أولا و أخيرا، شاكرون لك أستاذنا على هذا العطاء الواسع.
بارك الله بكم و بجهودكم.


يا أهلا ومرحباً بالأستاذة العزيزة مرزاقة
عندما يشعر المرء أن له أسرة كبيرة موزعة على امتداد أرض الله الواسعة
يطيب له الإجتهاد لتقديم الأفضل لأفراد أسرته الأثيرة.
هذا ما نحس به هنا تجاه بعضنا، وهذا ما يوحد ما بيننا.
شكراً على النفحات العاطرة كشذى الياسمين
المتضوع من أنفاس الربيع.
تحياتي وتقديري