المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة هادئة في عروبة القدس



فريد المقداد
14/12/2009, 04:09 AM
قراءة هادئة في عروبة القدس
بقلم: فريد محمد سليمان المقداد

في جميع أروقة الماضي القريب تنزوي نكسة حزيران (1967)م كجرح نازف في بنائنا الفكري المعاصر،ذاك أنها أشد الأحداث إيلاماًفي حياة الأمة العربية،بعد نكبة(1948)م، والشتات الفلسطيني ،وأمام جيل تعمد في ذل الهزيمة كانت تلوح في الأفق فرصة تعديل الخطأ الفادح،ولكن كيف؟يقول أحد المفكرين : (الحرب هي امتحان لقدرة الأمة على التنظيم)ونحن العرب لانزال عاجزين إلى اللحظة الراهنة عن ضبط الحركة المرورية في شوارعنا،مايذكرنا بقول أحد قادة دولة العدو: (عندما يستطيع العرب الصعود إلى حافلة النقل بانتظام وقتها يفكرون بالانتصار علينا) إذن فما يزال جرح حزيران غائرا وهو وإن كان أول الجروح الكبيرة فقد صار اليوم قروحاً تنخر بصمت تضاف إليها حشود من الجراح، إن المفارقة الكبرى التي تصدمنا في هذه اللحظة التاريخية بالذات إنما تكمن في أننا إذ نحتفل بالذكرى الحادية والستين للنكبة أي لضياع فلسطين وبكل ما ارتبط بهذه النكبة من مآسي ،تحتفل إسرائيل بالمقابل بانتصارها علينا في ذلك التاريخ وباستمرار ذلك الانتصار مقابل استمرار هزائمنا الواحدة تلو الأخرى ،إذن لابد من رؤية واقعنا كما هو ،لاكما نريد أن نراه ولابد من قول الحقيقة حتى ولو كانت شديدة المرارة ،إن علينا أن نقرأ تاريخنا بعقل بارد،ووعي كامل ،وبمسؤولية عالية، والحاجة إلى مثل هذه القراءة تمليها علينا حاجتنا إلى النهضة لنسير في الطريق الذي ينقلنا من واقعنا المأساوي إلى العصر الجديد،عصر الوحدة القومية والحرية والتقدم الاجتماعي ،وإذا كانت الصهيونية العالمية قد اعتمدت في اختيار فلسطين وطنا قوميا لليهود(أرض الميعاد) على أساس من الوعود التوراتية المزعومة -التي سنقوم بتفنيدها في هذا البحث - مدعين أحقية تاريخية لهم في أرض فلسطين،فمن الجدير بالذكر أن فلسطين كانت تعرف كما تحدثنا التوراة بأرض كنعان حيث نقرأ في سفر التكوين الإصحاح التاسع:(وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساماً وحاماً ويافثاً،وحام هو أبو كنعان،هؤلاء الثلاثة هم بنو نوح ومن هؤلاء تشعبت كل الأرض،وابتدأ نوح يكون فلاحاً وغرس كرماًوشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه ،فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجاً فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء، فلم يبصرا عورة أبيهما،فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعله به ابنه الصغير، فقال ملعون كنعان ، عبد العبيد لأخويه ،وقال مبارك الرب إنه سام ، وليكن كنعان عبداً لهم ، ليفتح يهوه ،ليافث في مساكن سام ، وليكن كنعان عبداً لهم)ولابد من الإيضاح أن غايتنا من هذا النقل المطول عن التوراة هي بيان مدى التعالي عندهم على البشر واعتبارهم عبيداً لهم ،ومن ثم التنبه إلى كيفية إشاعتهم للقيم المنحرفة والفاسدة فالسكر والتعرية حسب ادعائهم هما السلوك الذي اتبعه نبي الله نوح عليه السلام وفي ذلك دلالة قطعية على الانحلال الأخلاقي والانحطاط القيمي الذي يتنافى مع كل الأديان والشرائع والعادات والتقاليد السليمة التي لم تهدف إلا إلى بناء مجتمع إنساني تسوده الأخلاق والفضيلة دون أي تمييز أو فوارق بين أبناءه ،بقي القول أن كنعان الذي وردت اللعنة عليه وأكدت عبوديته ثلاثاً هو جد العرب قبل إسماعيل عليه السلام،أما وصف أرض إبراهيم كما ورد ذكرها في التوراة فهي على ما نقرأ في الإصحاح العاشر :( كانت تخوم الكنعاني من صيدون -صيدا اليوم - حينما تجيء نحو الجرار إلى غزة وحينما تجيء نحو السدوم وعمورة إلى لاشع) وفي الإصحاح، الثاني عشر نقرأ :( قال الرب لإبرام اذهب من أرضك ، ومن عشيرتك ، ومن بيت أبيك ، إلى الأرض التي أريك ، فأجعلك أمة عظيمة وأباركك ، وأعظم اسمك ، وتكون بركة ، وأبارك مباركيك ، ولاعنك ألعنه ، وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض ، واجتاز إبراهيم في الأرض إلى مكان شكيمى إلى بلوطة مورة ، وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض وظهر الرب لإبرام وقال : لنسلك أعطي هذه الأرض )و في الإصحاح السابع عشر نقرأ :(أقيم عهدي بيني وبينك وبين نفسك من بعدك في أجيالهم عهدًا أبديًا ؛ لأكون إلهًا لك ولنسلك من بعدك وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك ، كل أرض كنعان ملكًا أبديًا ) وفي الإصحاح الخامس عشر تحدد التوراة الأرض التي هي ملك وحق أبدي لليهود فتقول : ( لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات) ثم بعد ذلك يقول في الإصحاح 27 : ( يستعبد لك شعوب ، وتسجد لك قبائل ، كن سيدًا لإخوتك ، وليسجد لك بنو أمك ، ليكن لاعنوك ملعونين ، ومباركوك مباركين ) هذا ليعقوب ، وبعد ذلك يذكرون أن يعقوب نام بين بئر سبع وحران في أرض فلسطين فرأى الله فقال له : ( أنا الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحق ، الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك ، ويكون نسلك كتراب الأرض وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبًا ، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض ) الإصحاح 28...هذه هي الأدلة التوراتية التي يستند إليها اليهود في محاولة لاهثةلاثبات ادعائهم بوعد إلهي يعطيهم فلسطين (أرض كنعان)وهم في ذلك يحاولون إنطاق النصوص التوراتية بغير منطوقهاالصريح الواضح الدلالة،ولا أدل على ذلك من أن الملك الذي سوف يرث هذه الأرض كما ورد ذكره في التوراة هو ملك الختان وكلنا يعلم من هو ملك الختان إذ أن اليهود ليسوا وحدهم من يختتنون، وكلنا يعلم من هو النسل الذي يمتدغرباًشرقاًوشمالاً وجنوباًويباركه الرب، بل إن السؤال المنطقي الذي من حق أي عاقل أن يطرحه في هذا الصدد:كم هو عدد اليهود الباقين إلى يومنا هذامن ذرية يعقوب عليه السلام؟وخلاصة القول أن هذه الوعود لم تكن في يوم من الأيام لبني إسرائيل بل هي لإسماعيل وبنيه بل إننا لانعلم شعباً على وجه الأرض تنكر لرسالات السماء وقتل أنبيائه كما فعل اليهود،فهم أول شعب يعبد المادة في التاريخ {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ }طه85إذ صنع لهم عجلاً من ذهب يخرج منه صوت كالصفير إذا دخلت فيه الرياح مستغلاً غياب سيدنا موسى عليه السلام ، فالوعد الذي يزعمه هؤلاء منسوخ وباطل ومفترى ، و إذا كان إبراهيم عليه السلام قد أعطى وعدًا فإن هذا الوعد هو وعد الله تعالى لهذه الأمة. . الأمـة التي باركـها الله عز وجل كثـيرًا وأكثر عددها لتدخل فيها جميع الشعوب والقبائل كما ذكـرت التوراة وهي ليست إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، نعم إنهم العرب من ذرية إسماعيل صلى الله عليه وسلم وقد دخلوا في جميع الشعوب ،لأننا نجد العرب اليوم بين الهنود ، والأفغان ، والأوروبيين ،والبربر، في الحبشة وفي كل مكان .. وهذا هو الشعب الذي دخل في جميع الشعوب ، وهذا هو الشعب الذي كثره الله وباركه وله هو أعطيت هذه الأرض كما في التوراة نفسها وقد روى الإمام أحمد والترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسـماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى قريشًا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم "، ويدخل في ذلك كل الآيات والأحاديث المبشرة بظهور الإسلام وتمكينه في الأرض أما اليهود فوعد الله تعالى فيهم واضح جلي , قال تعالى : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) } [ الأعراف ]، هذا وعد الله والله لن يخلف وعده أبدًا ... فوعد الله تبارك وتعالى ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ؛ هتلر جزء من هذا الوعد ! منظمات التحرير جزء منه ! الجهاد القائم الآن في الأرض المحتلة جزء منه ! وسوف تنتهي هذه كلها بتدمير اليهود ، كما قال الله تعالى : { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ } [ آل عمران : 112 ] ، إن الذلة والمسكنة مضروبة عليهم إلا في حالات عارضة بحبل من الله وحبل من الناس ، حالات استثنائية يعطون فيها، فإذا أعطوا وتمكنوا ترجع سنة الله . { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7)عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا } [ الإسراء : 7 ، 8 ] فإن عدتم عدنا : في أي مرحلة يعودون سيعود عقاب اللّه تعالى ، ولهذا بشر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله "،ألا قاتل الله الإستطرادفالحديث ذو شؤون وشجون،فلسطين كانت قبل أن تطلق عليها هذه التسمية تعرف بأرض كنعان وقد بينا أن كنعان هو جد العرب وفي ذلك دلالة قطعية على عروبتها التي كانت سمتها المميزة عبر التاريخ كجزء لايتجزأ من بلاد الشام حيث أن الكنعانيين وهم قبيلة عربية استوطنت فلسطين عام (2500)ق.م مهاجرة من شبه الجزيرة العربية ،وبعد فترة تعرضت أرض كنعان لغزو قبيلة العبرانيين الذين ربما تعود تسميتهم بهذا الاسم لعبورهم نهر الأردن من الشرق ومن ثم سموا بالإسرائيليين لادعائهم أنهم من ذرية يعقوب عليه السلام (المعروف بإسرائيل) وتؤكد التوراة قدومهم إلى فلسطين من مصر ثم غادروها بقيادة النبي موسى عليه السلام، وهناك من يؤكد أن أصل العبرانيين من قبيلة كانت تقطن جنوب العراق في مدينة تدعى( أور ) ومنهم إبراهيم عليه السلام الذي اشترى أحد أبنائه قطعة من الأرض بجوار نابلس لتكون مدفناً له بعد وفاته الأمر الذي يؤكد بشكل حتمي أن العبرانيين ما كانوا يملكون شيئاً من الأرض في فلسطين فليسوا سوى جماعة من البدو الرعاة يعيشون حياة التنقل ثم غزوا مرتفعات فلسطين ومارسوا ضروباً من الهمجية والوحشية والإبادة للسكان و خلال تاريخ فلسطين المديد بقيت مسرحاً للحرب والفوضى من أجل السيطرة عليها حيث تعرضت لغزو(الآشوريين -البابليين –الإغريق-الرومان)فقد قضى الآشوريون على مملكة إسرائيل عام (722)ق.م ،و قضى البابليون على مملكة يهودا ولم يبق في القدس سوى عدد قليل من اليهود ،ولكن بعد ستين عاماً عاد اليهود إليها بأمر من ملك الفرس قورش، وبعد الحكم الفارسي لبلاد الشام جاء الفتح اليوناني ثم الروماني ،وما لبث العرب أن أعادوا فلسطين إلى حكمهم (637)م وحكموها لمدة (880)سنة متواصلة،وبعد ذلك كانت الحملات الصليبية التي احتلت القدس تحت شعار الدين ،ومن بعد الغزو الصليبي كان الاحتلال العثماني الذي حكم فلسطين زهاء(400)عام ،ومن ثم كان الاحتلال البريطاني عام(1918)م ،وتؤكد الدراسات التاريخية أن سكان فلسطين خلال هذه الفترات كانوا عرباً ،ومن خلال هذا العرض التاريخي يتبين لنا مدى زيف وكذب ادعاءات اليهود بحقهم في أرض فلسطين ،إذ أن أول من استوطنها هم العرب ، وقضية أخرى أرى أنها من الأهمية بمكان ألا وهي إدعاء اليهود أنهم من سلالة واحدة هي سلالة إسرائيل عليه السلام ومما يبين زيف هذا الإدعاء وبطلانه عدم تشابه اليهود فيما بينهم من حيث الشكل والملامح واللون فمن الواضح أنهم يرجعون إلى سلالات مختلفة ،كما أن لغاتهم متعددة وكذلك عاداتهم ولا تاريخ مشترك يجمع بينهم ،إلى أن جاءت اتفاقية سايكس بيكو عام(1916)م لتقتطع فلسطين من الوطن الأم،تؤكد الكشوف التاريخية الحديثة يساندها علم الآثار بالأدلة التي لاتقبل شكاً أن القدس مدينة عربية بناها اليبوسيون العرب عام(3000)ق.م وقد عرفت في تلك الفترة باسمين(يبوس-أور سالم)أما الاسم الأول فهو واضح الدلالة نسبة إلى العرب اليبوسيين، والاسم الثاني أور سالم فهو مركب من مقطعين أور وتعني مدينة وكلمة سالم نسبة للملك العربي اليبوسي سالم،وقد أخذ من هذا الاسم العربي فيما بعد اسمها الآرامي (أورشليم)مما يؤكد أن هذا الاسم عربي ولبس عبرياً،وقد ورد اسم المدينة في عدد من المكتشفات الأثرية الحديثة فنصوص الطهارة المصرية التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد تذكرها باسم (يوروشاليم)،أما لوحات مدينة تل العمارنة المصرية التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد فتذكرها باسم (يورو سالم) ،وبعد ذلك فإن النقوش الآشورية تذكرها باسم (أورشليمو)،كما أن المكتشفات الأثرية في مدينة إيبلا السورية التي يعود تاريخها إلى (4500)سنة تقريبا تحوي لوحة في القصر الملكي كتب عليها اسم المدينة (أورساليما) ،ومن المؤكد حسب الدراسات الإسلامية أن الإمبراطور الروماني هو من أطلق عليها أسم (إيلياء) ،وقد فتح العرب المسلمون القدس لأسباب سياسية وإستراتيجية ودينية ،فهي مدينة مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ومنها عرج إلى السماء،كما أنها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يقول الحق جل وعلا في محكم تنزيله : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء (1)، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)،وفي الحديث أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل (يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولا قال المسجد الحرام فقلت يا رسول الله ثم أي قال ثم المسجد الأقصى قلت كم كان بينهما قال أربعون سنة ثم حيثما أدركتك الصلاة فصل فهو لك مسجد)،وفي الأثر أيضاً عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت( يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس فقال أرض المنشر والمحشر إيتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة قالت أرأيت أن لم نطق أن نتحمل إليه أو نأتيه قال فاهدين إليه زيتا يسرج فيه فإن من أهدى له كان كمن صلى فيه )،لذلك فبعد انتصار المسلمين على الرومان في موقعة اليرموك ، طلب أهل بيت المقدس من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الصلح والأمان مشترطين أن يتولى هو بنفسه أمر هذا الصلح ،وما كان من الفاروق رحمه الله إلا أن ذهب بنفسه إلى بيت المقدس وأعطى بطريرك القدس صفروينوس ما أصطلح على تسميته بالعهدة العمرية وتثبت المصادر التاريخية أنه في الفترة التي استلم فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه مفاتيح القدس من البطريرك لم يكن يوجد على أرض القدس يهودي واحد ، وكان الشرط الأساسي للبطريرك والذي تذكره العهدة العمرية(ولايسكن معهم بإيلياءأحد من اليهود)،كيف لا وهم يعلمون ما يحمل اليهود معهم من شر وخراب ومكائد حيثما حلوا وأينما ارتحلوا، اليهود ملعونون في الإنجيل ، وقد لعنهم الله تعالى من قبل : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) } [ المائدة ]، ولكن كونهم ملعونين وإخوان القردة والخنازير وعبدة العجل ومصاصي دماء الشعوب ليست هذه وحدها هي سبب عداوة النصارى لهم بل المسألة عند النصارى أكبر من ذلك بزعمهم . فجريمتهم ليست الكفر بالله وقتل الأنبياء ، ولكنها قتل الرب " المسيح " ! ومما يذكر في هذا العداء أن وباءً خطيرا انتشر في الغرب يسـميـه الغربيون " الطاعون الأسود " أودى بحياة الملايين من الأوروبيين حـتى أن الخراب لحق بكثير من المدن والقرى , فأعلن البابا في منشور رسمي وزع في كافة أنحاء أوروبا أن هذا الطاعون سببه اليهود ! فكان أي شر و خبث في الدنيا أو دمار حتى ينسب إلى اليهود ، وقامت حملات ضخمة تزعمها البابا لتنظيف المجتمعات الأوروبية من اليهود ، وفي القرن الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر استمرت حملات التنظيف ، فنظفت بريطانيا وألمانيا وفرنسا وكثير من دول أوروبا من اليهود لأنهم يرونهم أخطر خلق الله وأكثرهم شرًّا ،إن الحديث في عروبة القدس هو حديث يشارك فيه البشر والشجر والحجر بل إن كل ذرة من ذرات تراب هذه المدينة المقدسة الطاهرة تأبى إلا أن تبادل العرب الذين أحبتهم وأحبوها العشق بالعشق والوفاء بالوفاء ولله دره ذلك الشاعر الذي قال:
مررت بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى أو المحراب مروان
تغير المسجد المحزون واختلفت على المنابر أحـــــرار و عبــــدان
فـلا الأذان أذان في منــــــــائره من حيــث يتلـــى ولا الآذان آذان
(قضية حائط البراق): يعتبر حائط البراق أو ما يسميه اليهود حائط المبكى جزءً لا يتجزأ من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف وهو وقف إسلامي ويحتل مكانة وقداسة كبيرتين في مشاعر العرب المسلمين ومعتقدهم وليس أدل على ذلك من أن الأفضل بن صلاح الدين الأيوبي قد جعل الأرض الواقعة أمام حائط البراق وقفاً إسلامياً لأعمال البر والخير ،كما أن أبا مدين التلمساني قد وقف الحي الواقع أمام حائط البراق على الحجاج المغاربة وهو ما يعرف باسم حي المغاربة،وبدافع من التسامح الديني والإيمان العميق بالإخاء يبن الأديان فقد سمح المسلمون لليهود بزيارة حائط البراق، لكنهم تمادوا ورفعوا العلم الصهيوني وشتم خطباؤهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم لكن وإزاء تزايد الأطماع الصهيونية في المقدسات الإسلامية وسعيهم الحثيث لإزالتها عن حيز الوجود ،مطالبين في كل مرة بأكثر مما حصلوا عليه في المرة السابقة ،فقد نظم حزب جابوتنسكي الصهيوني الإرهابي استعراضاً عسكرياً مسلحاً أمام الحائط،مما أدى إلى اندلاع انتفاضة البراق في شهرآب عام (1929)م هذه الثورة التي استشهد فيها من العرب(133)على أيدي الصهاينة والبريطانيين وقتل من اليهود(116)وقد اقتادت بريطانيا أكثر من ألف شخص للمحكمة وصدر قرار بإعدام (26)شخصاً بينهم يهودي واحد وكان من بين الذين سيقوا إلى حبل المشنقة (عطا الزير،محمد جمجوم، فؤاد حجازي)في يوم الثلاثاء 17/6/1930م وكانوا ينشدون:
يـا ظــلام السجن خيم إننا نهوى الظـلامـا
ليس بـعـد الـليل إلـا فـجر مـجد يتسامى
ومع تصاعد الغضب الشعبي العارم قامت حكومة الانتداب البريطاني بعرض القضية على عصبة الأمم المتحدة لتبحث في إدعاءات كل من العرب واليهود في قضية حائط البراق،حيث شكلت لجنة تحقيق ثلاثية تضم رئيس محكمة العدل السويسرية وعضو برلمان هندي ووزيراً سابقاً،ونتيجة لإدراك مفتي القدس الحاج أمين الحسيني للبعد العربي والإسلامي الكبير للمسألة فقد جهز للمثول أمام اللجنة الدولية عدداً من كبار السياسيين والعلماء العرب والمسلمين الذين أكدوا للجنة عند مثولهم أمامها أن الهيئات الإسلامية الشرعية هي وحدها صاحبة المرجعية في الإدعاءات والحقوق في الأماكن المقدسة ولا يحق لأي أطراف غيرها أن تنظر أو تبت،وقد أقر اليهود الذين مثلوا أمام اللجنة أن حائط البراق وقف إسلامي ،ولكنهم طالبوا بالاعتراف بأهميته الدينية بالنسبة لهم وأن يكون خاضعاً إدارياً لرئاستهم الحاخامية ليتسنى لهم ممارسة طقوسهم التعبدية دون أي قيد أو شرط ، وقد جاء قرار لجنة التحقيق الدولية في 30/12/1930م على النحو التالي :
1- للمسلمين وحدهم حق ملكية حائط البراق دون منازع كجزء لايتجزأ من منطقة الحرم الشريف.
2- تعود ملكية الساحة الواقعة أمام الحائط الغربي للحرم إلى المسلمين ،وكذلك حي المغاربة المجاور والمقابل يعتبر وقفاً إسلامياً يعود ريعه للأعمال الخيرية.
3- يحق لليهود زيارة حائط البراق للأغراض التعبدية في كل الأوقات على أن يخضع ذلك لشروط معينة.وبذلك نرى أن المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن قد أقر بعروبة حائط البراق وأنه وقف إسلامي لاعلاقة له بهيكل اليهود الذي يزعمون زوراً وبهتاناً أنه جزء منه ويخطط اليهود منذ مدة طويلة لبناء الهيكل المزعوم الذي يقولون إن الرومان دمروه عام (70)م،.وكتطبيق لقرار اللجنة الدولية سمح المسلمون لليهود بالبكاء أمام الحائط والصلاة الفردية أمامه دون الاعتراف لهم بأي حق عيني في هذا الحائط أو السماح لهم بالتظاهر أمام هذا الحائط .
(قضية المسجد الأقصى):إن أطماع الصهيونية العالمية لاتقف عند حد معين،لذلك لاتستغرب عزيزي القارئ إن قلت لك أنهم يعتبرون الأرض والأملاك والثروات العربية كلأًًًً مباحاً، ولرجال الدين عندهم الحظ الأوفر في ترسيخ هذه المزاعم والأطماع التي لايوجد أي مبرر خلقي أو قانوني لها،فمن المعلوم أن الأرض المحتلة خالية من أي أثر ديني أو دنيوي لليهود الذين جعلوا إقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى في أسمى مراتب القداسة الدينية عندهم ليبرروا سيطرتهم على المنطقة والعالم بأسره،يقول تيودور هرتزل صاحب كتاب دولة اليهود ومؤسس حركة الصهيونية العالمية: (إذا ما حصلنا في يوم من الأيام على القدس وكنت لاأزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون من الزمن)،وهنا لابد من التنويه إلى أن اليهود يعتقدون بأن ملكهم ومجد دولتهم وحكمهم للعالم لايكون إلا بظهور الهيكل وإقامة الشعائر التعبدية فيه علماً بأن مكان الهيكل هذا هو المسجد الأقصى وقبة الصخرة حسب زعمهم،وهم من أجل ذلك يبذلون وسعهم ووجدهم حيث تسخر الصهيونية العالمية من أجل ذلك الكثير من الحركات التي تدعمها وترعاها كالماسونية العالمية وشهود يهوه والمسيحية المتصهينة والكثير جداً من الكنائس البروتستانتية التي تعمل على أرض الولايات المتحدة الأمريكية كل ذلك لإعادة بناء الهيكل المزعوم رمز عز الدولة الإسرائيلية مهما كلف الثمن،وبناء على هذا المعتقد اليهودي الذي يعتبر ركناً ركيناً وأصلاً أصيلاً في الفكر الصهيوني كانت النشاط اليهودي لايفتر سعياً إلى السيطرة على مدينة القدس تمهيداً لتهويدها وذلك بتهجير اليهود من جميع أنحاء العالم إلى مدينة القدس والمناطق المحيطة بها،وذلك بعد الاقتراح البريطاني عام(1936)م بتقسيم القدس إلى بلدتين عربية ويهودية وكانت مجزرة دير ياسين الوحشية9/4/1948م هي نقطة البداية لاحتلال القدس الغربية ونقطة ارتكاز للهجوم عليها وقد ذهب ضحية هذه المجزرة الهمجية جميع سكان القربة وعددهم(276)نسمة،وقد تمكنت العصابات اليهودية المسلحة من الاستيلاء على القدس الغربية في شهر أيار عام (1948)م مشردةً ما يزيد عدده على ستين ألفاً من العرب المقدسيين ومسيطرة على جميع الأراضي بما فيها أراضي الوقف الإسلامي والكثير من المساجد والكنائس الأمر الذي يعد انتهاكا صارخاً وتعدياً فاضحاً على الحقوق المسيحية والإسلاميةخلافاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني،وقد اقترحت الأمم المتحدة أن تكون القدس منطقة منزوعة السلاح وقد وافقت الحكومة الأردنية على ذلك في آب(1948)م وفي عام (1949)م وقع العرب اتفاق الهدنة مع إسرائيل لكن ذلك لم يمنع الإسرائيليين من الاستمرار في مصادرة واحتلال الأراضي العربية حتى المنطقة المجردة من السلاح بين القدس القديمة والقدس الغربية احتلوها وهنا برزت رغبة الأمم المتحدة بوضع منطقة القدس بأكملها تحت إدارة دولية وأيدها بذلك الفاتيكان والدول الكاثوليكية والكنائس العالمية والدول العربية حيث اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة وقتها القرار رقم (303-4)بتاريخ9/12/1949م أكدت فيه عزمها على وضع منطقة القدس تحت نظام دولي دائم يضمن حماية الأماكن المقدسة داخل المنطقة وخارجها، وعهدت إلى مجلس الوصاية تحقيق ذلك، أعلنت إسرائيل رسمياً نقل عاصمتها من تل أبيب إلى القدس ورفضت إسرائيل التدويل معلنة أن القدس جزء لايتجزأ من إسرائيل إذ لا معنى لإسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل وكان ذلك رسمياً بتاريخ 11/9/1949م وقد تمكن الكيان الغاصب معتمداً على الضعف العربي وغفلة أعين الرقباء من توطيد أركان حكمه في القدس الغربية حيث نقل إليها العديد من السفارات والوزارات والدوائر الحكومية وفي عام (1961)م بدأت عمليات بناء الكنيست على أرض القدس العربية،وفي الخامس من حزيران عام (1967)م أشعلت إسرائيل حرباً عدوانية جديدة كان من ثمارها احتلال مدينة القدس الشرقية في السابع من حزيران ناهيك عما لحق بالبنى التحتية من تخريب ودمار وكانت النتيجة نزوح أكثر من ثلاثين ألفا من سكان القدس العرب ومن ثم ضم الضفة الغربية بما فيها القدس إلى أراضي الكيان الصهيوني الغاشم ليبدأ عمل الجرافات الإسرائيلية في محو معالم القدس العربية لاستبدالها بالأحياء اليهودية وبناء سلسلة من المستوطنات تحيط بالقدس العربية ليصبح سكان المدينة وأصحابها الحقيقيون أقلية لاتكاد تذكر،ومرة أخرى تضرب إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط، حتى أن أبا أيبان وزير خارجية الكيان الصهيوني المصطنع صرح بشجاعة منقطعة النظير أمام الأمم المتحدة:( لو صوتت جميع الدول الأعضاء ضد إجراءات ضم القدس العربية والقرى المحيطة بها إلى إسرائيل، فإن إسرائيل لن تتزحزح عن قراراتها أو تلغي هذه الإجراءات)مدعين أن الغاية من ضم القدس العربية والقرى المحيطة بها إلى إسرائيل هي تحقيق العدالة والمساواة والرفاهية للفلسطينيين لكن ماذا نقول واليهود أسياد فن الكذب في العالم؟ اتخذ مجلس الأمن الدولي في/ 21/ أيار /1968/ القرار رقم ( 253 ) أكد فيه أن الاستيلاء على الأراضي بالغزو العسكري أمر غير مقبول،وأن جميع ما قامت به إسرائيل من انتهاكات وانتزاع للملكيات أعمال باطلة مطالباً مجلس الأمن بإلغائها واتخاذ إجراءات عاجلة تهدف إلى تغيير الوضع في القدس ،وكان الرد الإسرائيلي أن قاموا بنقل قيادة الجيش الإقليمي وقيادة الشرطة الإقليمية ومكاتب البريد إلى القدس العربية،وازداد الأمر سوءاً بمحاولتهم إحراق المسجد الأقصى21/8/1969م وقطع المياه عنه ومنع سيارات الإطفاء العربية القادمة من الضفة الغربية من إخماد النيران مدعين بأن الذي أقدم على هذه العملية ليس أكثر من مجرد يهودي مجنون وكان من نتيجة ردود الفعل في العالم الإسلامي أن عقد مؤتمر القمة الإسلامي الأول في الرباط في كانون أول / /1969 لإنقاذ المسجد الأقصى ومدينة القدس من أخطار اليهود وأطماعهم.وجاء قرار مجلس الأمن الدولي(271) بتاريخ 15/9/1969م ليؤكد القرارات السابقة ويعبر عن الحزن العميق لما حل بالمسجد الأقصى ، واتخذ مجلس الأمن القرار رقم (298)بتاريخ 25/9/1971م أكد فيه على أن جميع الأعمال والإجراءات التي اتخذتها إسرائيل لتغيير وضع القدس لاغيه ولا تستند إلى شرعية قانونية ودعا إسرائيل إلى إلغائها وعدم اتخاذ خطوات أخرى في القدس المحتلة، لكن الإسرائيليين لم يقيموا وزناً لكل هذه القرارات ونداءات المجتمع الدولي حيث كان يدخل حاخاماتهم وعدد من قادتهم المسجد الأقصى ويصلون فيه في محاولة ظاهرة لإستفزاز مشاعر العرب والمسلمين ،وكانت تتوالى تصريحاتهم بأنهم سيقومون بإزالة المسجد الأقصى عن حيز الوجود لبناء هيكلهم المزعوم مكانه، وبالفعل فقد بدأت أعمال الحفر داخل سور المدينة للتنقيب عن بقايا هيكل سيدنا سليمان ووصلت الحفريات إلى أسفل الحائط الجنوبي للحرم الشريف والأروقة السفلية للمسجد الأقصى وأسفل مسجد عمر،علماً بأن أبناء القدس يبذلون جهدهم في الذود عن حياض الأقصى لكن المحاولات الصهيونية قائمة على قدم وساق ويكفي أن نعلم أن وراء الدعوة إلى هدم الأقصى وبناء الهيكل مكانه أكثر من خمسة وعشرين منظمة يهودية متطرفة ،ويجتمع المسلمون بالآلاف أمام المسجد الأقصى جاعلين من أجسادهم دروعاً بشرية في وجه الغاصب المحتل سلاحهم الوحيد الحجارة ،وفي الثامن من تشرين الأول عام (1990)م وإثر محاولة جماعة تعرف باسم أبناء الهيكل وضع حجر الأساس لبناء الهيكل في ساحة الأقصى تصدت لهم الجماهير الملمة وكان ضحية هذه الأزمة (35)شهيداً وجرح أكثر من (115) آخرين،وعندما أراد رئيس وزراء الكيان الصهيوني المصطنع تصعيد الموقف مع العرب زود المجرم أرييل شارون زعيم حزب الليكود بثلاثة آلاف جندي يحرسونه في زيارته الاستفزازية للمسجد الأقصى 28/9/2000ممما أدى إلى انفجار انتفاضة الأقصى المباركة حيث أقسم المسلمون أن يدافعوا عن الأقصى حتى الموت وقد استشهد في هذه المواجهات خمسة من المسلمين وجرح أكثر من مئة،وقد لقيت هذه الانتفاضة دعماً وتأييداً عالمياً منقطع النظير إذ ساندها جميع أحرار العالم ،كما أنها أثبتت مقدرة شعبنا الفلسطيني الباسل على استرداد حقوقه وصيانة كرامته ومقدساته وظهر إلى حيز الوجود سلاح نوعي فريد قصم ظهر العدو وجعل كرامته في الحضيض ألا وهو العمليات الاستشهادية التي هزت عروش الكيان الصهيوني وجعلته يفر إلى أربابه في الخارج يدعوهم إلى عقد المؤتمرات الدولية لمكافحة ما أسماه الإرهاب العربي ومتى كان من يدافع عن حقه السليب إرهابياً رحم الله من قال:
قتل امرئ في غابة جـريمة لاتـغتـفـر
وقـتل شعـب آمـن مسـألة فيها نظـر.
(قضية تهويد القدس ):كجزء من إستراتيجية العدو الغاشم لطمس عروبة القدس ومحو كل ما يربطها بعروبتها وانتمائها العربي الأصيل بدء العمل على تهويد القدس ليشمل جميع المؤسسات العربية في القدس متخذين إجراءات متعددة منها إلحاق جميع المدارس العربية في القس بوزارة المعارف اليهودية وكان على جميع العاملين في هذه المدارس من مدرسين وإداريين التوجه لوزارة المعارف اليهودية لتقديم طلبات عمل جديدة ،و إلغاء المناهج العربية في الدراسة واستبدالها بالمناهج العبرية، كذلك كان تهويد النظام القضائي في القدس ،والاستيلاء على المتاحف الفلسطينية ونقل محتوياتها إلى المتحف اليهودي ، ناهيك عما يتعرض له التراث الديني العربي مسيحياً كان أو إسلاميا من محاولات تهويد كالحفريات حول الأقصى وتحته ومحاولة إحراقه ، والاعتداء على كنيسة القيامة ومصادرة الأراضي العربية والمسيحية،وإطلاق الأسماء العبرية بدلأً من الأسماء العربية ،وفرض القوانين الصهيونية على العرب بدلا من القوانين العربية،إضافة إلى الكثير من الإجراءات التي يتعذر سردها الآن...
(خاتمة):مما سبق يتضح للقارئ الكريم أن للعرب حقاً تاريخياً وسياسياً ودينياً وقانونياً في القدس العربية وأن كل ما يجري على أرضها من اعتداء وتهويد واغتصاب للأرض هو عمل غير شرعي وباطل على العرب مقاومته بكل الوسائل ومهما كلف الثمن ،وأن جميع الأعمال التي يقوم بها اليهود من بناء للمستوطنات وتغيير لمعالم المدينة العربية لاتكسب وجودهم فيها أي شرعية قانونية وذلك عملاً بالمبدأ القانوني القائل :(لايسمح للمعتدي قطف ثمار عدوانه)،كما أن ديباجة ميثاق الأمم المتحدة تنص على أنه :( لايجوز ضم منطقة محتلة إلى دولة الاحتلال حتى و لوكانت في حالة الدفاع عن النفس،فالدفاع عن النفس يعطي الطرف المعتدى عليه الحق في الرد على الاعتداء ودرء خطر العدوان، ولكنه عند رد الاعتداء وزوال الخطر تنتهي حالة الدفاع عن النفس، ولا يجوز إطلاقاً التمسك بالأراضي المحتلة. فحق الدفاع عن النفس لا يسفر عن الاستعمار الاستيطاني. ولا يولد حقاً في ملكية الأراضي المحتلة وبناء المستعمرات فيها)،وجميع ما يتذرع به غاصبوا اليوم من وعود دينية مزعومة وحقوق تاريخية مكذوبة لاتساوي خردلة من وجهة نظر القانون الدولي، كما أن جميع اتفاقيات الإذعان والاستسلام من كامب ديفيد إلى أوسلو ثم وادي عربة لن تجدي فتيلاً أمام يقظة الوجدان العربي المعاصر،فالصراع مع العدو الصهيوني ليس صراع حدود إنها معركة وجود أو لا وجود وعلى الأمة العربية أن تعبأ طاقاتها لهذه المعركة في سبيل تصعيد النضال ضد العدو الصهيوني الامبريالي لتأمين حقوق الشعب العربي الفلسطيني في أرضه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بما في ذلك حق العودة وحق تقرير المصير،وصولاً إلى تحقيق السلام العادل والشامل وبذلك فقط نكون أهلاً لمسؤوليتنا التاريخية.
ملاحظات :
1-في التوراة أن سيدنا إبراهيم عليه السلام كان اسمه أبرام ثم غيره الله تعالى فجعله إبراهيم
2-هناك خلاف كبير بين الباحثين في علم الأجناس هل العرب من أهل اليمن هم من نسل إسماعيل عليه السلام، ومع أن الراجح من الأقوال أنهم من ذريته فإننا نقول أن مابين عرب الشمال والجنوب من التقارب والمودة والرحم هو أقوى بكثير من ذلك الموجود بين اليهود الشرقيين والغربيين.
3-الصهيونية نسبة إلى جبل صهيون بفلسطين ومعنى الكلمة الحرفي أرض الميعاد وهي حركة سياسية استعمارية استيطانية تهدف إلى إنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين0
ثبت المصادر والمراجع:
1- د.أحمد طريين: فلسطين في خطط الصهيونية والاستعمار1922-1933معهد الدراسات العربية القاهرة1972 .
2- أحمد صادق سعد :فلسطين بمخالب الاستعمار-القاهرة1947.
3- الحكم دروزة-ملف القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بيروت1973.
4- أكرم وعمر زعيتر-القضية الفلسطينية-بيروت 1959.
5- عبد الوهاب الكيال-تاريخ فلسطين الحديث-بيروت1970.
6- يو آ شوليستر –الصهيونية في خدمة الرجعية-وزارة الثقافة1977.
7- ايلين بيتي –أزيلوا إسرائيل هذا هو الحل-دار العلم للملايين1975.
8- حبيب قهوجي-إستراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
9- محمد بن عبد الواحد المقدسي –فضائل بيت المقدس-دارا لفكر 1405هـ.