المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في ديوان ( أغنيات الصبا والرماد ) للدكتور / عزت سراج بقلم أ.د/ محمد بسيو



الدكتور/عزت سراج
14/12/2009, 08:19 PM
نزهة روحية في الرياض السراجية
قراءة في ديوان ( أغنيات الصبا والرماد ) للدكتور / عزت سراج
بقلم الأستاذ الدكتور / محمد بسيوني
أغنيات الصبا والرماد

************

إذا قيل إن الشعر هو رأس الأدب عند العرب ، فليس في هذا القول شطط و تزيد ، وإذا قيل إنه متحف فنون العرب ، فليس في هذا القول تكلف أو مبالغة، وإذا قيل إن الشعر ديوان العرب، فليس في القول تجن، وإنما هي الحقيقة بعينها.
وإذا كانت تلك مكانة الشعر في النفوس ، ومنزلته في القلوب، فلا غرابة إذاً أن يكون هو حادي الأرواح ، ومسرة أمتنا عند السراح ، وموطن فخرها عند التقاء الجمع ، وأنه لابد أن يخلد مع الزمن ، وأن يظل غض الإهاب ، يستروحون فيه أعراف الجنة وأنسام الخلود.
هذا وقد أهدى إليَّ شاعرنا المجيد ،وزميلنا الفاضل الدكتـور /عـزت سـراج ،أستاذ الأدب والنقد المساعد بكليتنا نسخة مخطوطة من قصائد ديوانه الجديد: (أغنيات الصبا والرماد )، فتناولته بالقلب لا بالبنان ، وتصفحت ما فيه من سحر البيان ، فوجدته فريدا في بابه، بليغا في آدابه ، ووجدتني وأنا أتنقـل في ريـاض قصائده أتمثل قول القائل :

هذا قريـض أم زهور حديقة
وتود لو شرت العيون بياضه
تتـنـزه الأحـداق في أورادهـــا
وسـواده ببيـاضـها وسوادهـــا

ووجدتني أرد على نفسي قائلاً :

فقلت لنفسي لا تعجبي
فمنذ نعــــومـة أظفاره
وشمـر سـاعـده في العلوم
فيا صاحبي قد أجدت وجدت
فشكرا على تحفة قـد حوت
ودمت لتـحيـا أعز صديق
فـكـاتـبه من رجــال الأدبْ
وهـــمـتــه للـعــلا في دأبْ
وصـابـر حـقـا فنــال الأربْ
بشـعـر يـخـط بـمـاء الذهـبْ
شـوارد ضمـت معيـن الحقـــبْ
عـزيـز الجنـاب رفـيـع الـرتبْ

والشاعر الصديق الدكتور/ عزت سراج شاعر موهوب، ملك رقة الحديث والإنشاء، وتصرف في فنون الإبداع كيف شاء، يحيك المعاني على حسب الأماني ، ويصوغ الألفاظ على قدر المعاني ، ويجتني من الألفاظ أنوارها ، ومن المعاني ثمارها ، ويعبث بالكلام ، ويقوده بألين زمام ، حتى كأني بالألفاظ تتحاسد في التسابق إلى خواطره ، وبالمعاني تتغـاير في الانـثيـال على أنامله000 شاعر إذا أوجز أعجز ، وإذا شاء أطـال ، وأطلق من البلاغة العقال ، هو في شعره كما يتفتـح الـزهـر، وفي نظمه كما يتنفس السحر، وأراني في الحديث عنه كالمخبر عن ضوء النهار الزاهر، وقمر الليل الباهر.
0000000000000
ومن يقرأ شعر الدكتور /عزت سراج في ديوانه : (أغنيات الصبا والرماد)، ومن يبحر في خضم بحره المتلاطم الأمواج ، يصل دون ما عناء إلى أن فارسنا شاعر مبدع بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، من حيث تقيده المطلق بالشكل الرصين للقصيدة العربية القديمة في جميع أغراضه الشعرية0
وبإمعان النظر يقف القارئ للديوان مشدوداً إزاء قوة الجرس، وجزالة اللفظ ، وبراعة الحبك في أسلوب يغلب عليه استلهام التراث والنهل من معينه ، مع اتكاء على معاني الآيات القرآنية والسنة النبوية المطهرة ، هذا وقد انعكست ثقافة شاعرنا الجميل على شعره، فلا غرابة إذاً أن نجد قصائده زاخرة بعظماء الرجال والشعراء والفرسان والأنبياء "صلوات الله وسلامه عليهم ، فجاءت قصائده غاية في الروعة ، حيث جاءت لغتها رصينة منتقاة ، وانعكس ذلك على شعره ، حيث اتسم بقوة الصياغة ، ويتجلى ذلك من اعتناء شاعرنا باللغة ومفرداتها ، ومشتقاتها ، ومترادفاتها ، مما يذكرنا بشعراء العربية الأفذاذ وغوصهم في غريب اللغة ، ولا نكاد نجانب الصواب إذا قلنا إن كل ذلك ينسحب على كل قصائده .
كما أضفت الصور البيانية والمحسنات البديعة على قصائد شاعرنا المجيد صورا جمالية رائعة ، وجملتها بحلل تروق للناظر والقارئ والمتذوق ، يساعده في ذلك حسه اللغوي الذواق ، ودرايته بفنون البلاغة المختلفة ، مما أضفى على أبياته رونقا من الموسيقى العذبة وجمالا من الإيقاع الرائق في غير تكلف .
وأما عن بناء القصيدة السراجية، فنجد شاعرنا في كثير من قصائده يتكئ في معاني كثير من أبياته على قاموس التراث العربي والإسلامي ، ويبدو ذلك جليـا في استقائه من معين المعقول والمنقول من تراثنا الثر الفياض ، حيث نلحظ في قصائده إشارات دينية عديدة استلهمها شاعرنا من مفردات ألفاظ القرآن والحديث النبوي الشريف ، تتمثل في استدعائه الصور القرآنية إلى الذهن ، فتعمل في النفس عملها ، وتضفي على المعنى المقصود روعة وجلالاً لا يستطيع أي وصف آخر أن يبلغه بهذا الإيجاز والتعبير القرآني المعجز .
هذا قليل من كثير ، أو غيض من فيض مما أتاحته لنا كلمات الشاعر الرقيق، التي تحتاج من الباحثين والدارسين الغوص في أعماق بحارها ، والتنقيب عن لآلئها وأصدافها لاستكناه أسرارها ، وسبر أغوارها لإضاءة جوانبها،والتعرف على ما تحتويه من درر بلاغية ولغوية .
وأود في نهاية هذا التقريظ الموجز، أن أنوه بأن ما أوردته فيه من كليمات ، هي لا تعدو أن تكون جزءا هينا من حقوق الشاعر علينا،،،
،،، "وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين"،،،



د/ محمد عبد العزيز بسيوني.
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد
كلية التربية للبنات ـ جامعة الملك خالد