الدكتورمروان الجاسمي الظفيري
27/09/2006, 01:41 PM
إلى من يرمون الشعر العربي القديم والحديث بالقصور والتقصير
وأنه شعر بعيد عن أحداث المجتمع
ولا يستطيع هذا الشعر أن يواكب الأحداث
ويصور مشاعر الناس
وعندنا في الشعر العربي قصائد متناثرة
لشعراء مغمورين ، بالكاد يعرفهم العامة
بل الخاصة ..........
فهذا شاعر جاهلي قديم ، لأنه من أهل القرن السادس الميلادي ،
وهو مغمور ، من الأغفال والمجاهيل
هو الشاعر جران العود النمري
ويبدو أنه قد تزوج مرارا
وأنه قد جمع بين امرأتين .
ولكنه لم يكن سعيدا في زواجه قط
فقال هذه القصيدة الحائية ، التي تصور خلجات النفس
وتتحدث عما لقيه في زواجه من المتاعب
فقصيدة جران العود هذه قصيدة رائعة
وهو يصور فيها ما لقيه في زواجه من المتاعب
بعد أن كان قد أغرم بامرأة لجمالها ، وحسن سمتها ، وجمال مخبرها
ودفع لأهلها مهرا كبيرا ، ثم تزوجها على امرأة كانت عنده.
وموضوع القصيدة من الموضوعات النادرة في شعرنا العربي .
كما أن فيها شيئا من المرح ، وكثيرا من حسن التصوير ، وصحة التعبير
وهذه القصيدة هي أول قصيدة في ديوانه المطبوع
باسم :
ديوان جران العود النمري ، القاهرة – دار الكتب المصرية / 1350هـ = 1931م :
أَلا يَغُرَّنَ اِمرَأً نَوفَلِيَّةٌ=عَلى الرَأسِ بَعدي أَو تَرائِبُ وُضَّحُ
وَلا فاحِمٌ يُسقى الدِهانَ كَأَنَّهُ=أَساوِدُ يَزهاها لِعَينَيكَ أَبطَحُ
وَأَذنابُ خَيلٍ عُلِّقَت في عَقيصَةٍ=تَرى قُرطَها مِن تَحتِها يَتَطَوَّحُ
فَإِنَّ الفَتى المَغرورَ يُعطي تِلادَهُ=وَيُعطى الثَنا مِن مالِهِ ثُمَّ يُفضَحُ
وَيَغدو بِمِسحاحٍ كَأَنَّ عِظامَها=مَحاجِنُ أَعراها اللِحاءَ المُشَبِّحُ
إِذا اِبتُزَّ عَنها الدِرعُ قيلَ مُطَرَّدٌ=أَحَصُّ الذُنابى وَالذِراعَينِ أَرسَحُ
فَتِلكَ الَّتي حَكَّمتُ في المالِ أَهلَها=وَما كُلُّ مُبتاعٍ مِنَ الناسِ يَربَحُ
تَكونُ بِلَوذِ القِرنِ ثُمَّ شِمالُها=أَحُثُّ كَثيراً مِن يَميني وَأَسرَحُ
جَرَت يَومَ رُحنا بِالرِكابِ نَزُفُّها=عُقابٌ وَشَحّاجٌ مِنَ الطَيرِ مِتيَحُ
فَأَمّا العُقابُ فَهيَ مِنها عُقوبَةٌ=وَأَمّا الغُرابُ فَالغَريبُ المُطَوَّحُ
عُقابٌ عَقَنباةٌ تَرى مِن حِذارِها=ثَعالِبٌ أَهوى أَو أَشاقِرَ تَضبَحُ
عُقابٌ عَقَنباةٌ كَأَنَّ وَظيفَها=وَخُرطومَها الأَعلى بِنارٍ مُلَوَّحُ
لَقَد كانَ لي عَن ضَرَّتَينِ عَدِمتُني=وَعَمّا أُلاقي مِنهُما مُتَزَحزَحُ
هُما الغُولُ وَالسِعلاةُ حَلقي مِنهُما=مُخَدَّشُ ما بَينَ التَراقي مُجَرَّحُ
لَقَد عاجَلَتني بِالنِصاءِ وَبَيتُها=جَديدٌ وَمِن أَثوابِها المِسكُ يَنفَحُ
إِذا ما اِنتَصَينا فَاِنتَزَعتُ خِمارَها=بَدا كاهِلٌ مِنها وَرَأسٌ صَمَحمَحُ
تُداوِرُني في البَيتِ حَتّى تَكُبَّني=وَعَينِيَ مِن نَحوِ الهِراوَةِ تَلمَحُ
وَقَد عَلَّمَتني الوَقذَ ثُمَّ تَجُرُّني=إِلى الماءِ مَغشِيّاً عَلَيَّ أُرَنَّحُ
وَلَم أَرَ كَالمَوقوذِ تُرجى حَياتُهُ=إِذا لَم يَرُعهُ الماءُ ساعَةَ يَنضَحُ
أَقولُ لِنَفسي أَينَ كُنتِ وَقَد أَرى=رِجالاً قِياماً وَالنِساءُ تُسَبِّحُ
أَبِالغَورِ أَم بِالجَلسِ أَم حَيثُ تَلتَقي=أَماعِزُ مِن وادي بُرَيكٍ وَأَبطَحُ
خُذا نِصفَ مالي وَاِترُكا ليَ نِصفَهُ=وَبينا بِذَمٍّ فَالتَعَزُّبُ أَروَحُ
فَيا رَبِّ قَد صانَعتُ عاماً مُجَرَّما=وَخادَعتُ حَتّى كادَتِ العَينُ تُمصَحُ
وَراشَيتُ حَتّى لَو تَكَلَّفَ رِشوَتي=خَليجٌ مِن المُرّانِ قَد كادَ يُنزَحُ
أَقولُ لِأَصحابي أُسِرُّ إِلَيهِمُ=لِيَ الوَيلُ إِن لَم تَجمَحا كَيفَ أَجمَحُ
أَأَترُكُ صِبياني وَأَهلي وَأَبتَغي=مَعاشاً سَواهِمُ أَم أَقِرُّ فَأُذبَحُ
أُلاقي الخَنا وَالبَرحَ مِن أَمِّ حازِم ٍ=وَما كُنتُ أَلقى مِن رُزَينَةَ أَبرَحُ
تُصَبِّرُ عَينَيها وَتَعصِبُ رَأسَها=وَتَغدو غُدُوَّ الذِئبِ وَالبومُ يَضبَحُ
تَرى رَأسَها في كُلِّ مَبدىً وَمَحضَر ٍ=شَعاليلَ لَم يُمشَط وَلا هُوَ يُسرَحُ
وَإِن سَرَّحَتهُ كانَ مِثلَ عَقارِبٍ=تَشولُ بِأَذنابٍ قِصارٍ وَتَرمَحُ
تَخَطّى إِلَيَّ الحاجِزينَ مُدِلَّةً=يِكادُ الحَصى مِن وَطئِها يَتَرَضَّحُ
كِنازٌ عِفِرناةٌ إِذا لَحِقَت بِهِ=هَوى حَيثُ تُهويهِ العَصا يَتَطَوَّحُ
لَها مِثلُ أَظفارِالعُقابِ وَمَنسِمٌ=أَزُجُّ كَظُنوبِ النَعامَةِ أَروَحُ
إِذا اِنفَلَتَت مِن حاجِزٍ لَحِقَت بِهِ=وَجَبهَتُها مِن شِدَّةِ الغَيظِ تَرشَحُ
وَقالَت تَبَصَّر بِالعَصا أَصلَ أُذنِهِ=لَقَد كُنتُ أَعفو عَن جِرانٍ وَأَصفَحُ
فَخَرَّ وَقيذاً مُسلَحِبّاً كَأَنَّهُ=عَلى الكِسرِ ضِبعانٌ تَقَعَّرَ أَملَحُ
وَلَمّا اِلتَقَينا غُدوَةً طالَ بَينَنا=سِبابٌ وَقَذفٌ بِالحِجارَةِ مِطرَحُ
أَجَلّي إِلَيها مِن بَعيدٍ وَأَتَّقي=حِجارَتَها حَقّاً وَلا أَتَمَزَّحُ
تَشُجُّ ظَنابيبي إِذا ما اِتَّقيتُها=بِهِنَّ وَأُخرى في الذُؤابَةِ تَنفَحُ
أَتانا اِبنُ رَوقٍ يَبتَغي اللَهوَ عِندَنا=فَكادَ اِبنُ رَوقٍ بَينَ ثَوبَيهِ يَسلَحُ
وَأَنقَذَني مِنها اِبنُ رَوقٍ وَصَوتُها=كَصَوتِ عَلاةِ القَينِ صُلبٌ صَمَيدَحُ
وَوَلّى بِهِ رادُ اليَدَينِ عِظامُهُ=عَلى دَفَقٍ مِنها مَوائِرُ جُنَّحُ
وَلَسنَ بِأَسواءٍ فَمِنهُنَّ رَوضَةٌ=تَهيجُ الرِياضُ غَيرَها لا تَصَوَّحُ
جُمادِيَّةٌ أَحمى حَدائِقَها النَدى=وَمُزنٌ تُدَلّيهِ الجَنائِبُ دُلَّحُ
وَمِنهُنَّ غُلٌّ مٌقمِلٌ لا يَفُكُّهُ=مِنَ القَومِ إِلّا الشَحشَحانُ الصَرَنقَحُ
عَمَدتُ لِعَودٍ فَاِلتَحَيتُ جِرانَهُ=وَلَلكَيسُ أَمضى في الأُمورِ وَأَنجَحُ
وَصَلتُ بِهِ مِن خَشيَةٍ أَن تَذَكَّلا=يَميني سَريعاً كَرُّها حينَ تَمرَحُ
خَذا حَذَراً يا خُلَّتَيَّ فَإِنَّني=رَأَيتُ جِرانَ العَودِ قَد كانَ يَصلُحُ
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/borders/www.mowjeldoha.com-borders-53.gif
دراسة في حياة الشاعر ، وأخباره ، وشعره :
1- هو جران العود الحارث بن عامر (1) ، لقب عامر جران العود (2)
لأنه كان قد اتخذ جلدا من جران (عنق) العود ( الجمل المسن)
ليضرب به امرأتيه (3) .
كان جران العود خِدنا(4) وتِبعا لعروة بن عتبة
المعروف بعروة الرحال ، فعلى هذا يكون جران العود
من أهل النص الثاني من القرن السادس الميلادي
ولعله أدرك السنوات الأولى من القرن السابع .
وإذا نحن اعتبرنا أسماء الأماكن ، التي وردت في
أشعار جران العود ، وجدنا أنه كان من أهل العالية
في الشمال الغربي من نجد ، قريبا من الحجاز .
يبدو أن جران العود قد تزوج مرارا ، وأنه قد جمع بين امرأتين .
ولكنه لم يكن سعيدا في زواجه قط
ومع ذلك فقد جرب حظه مرة أخرى ، وكانت قد تقدمت به السن
إذ قال (ديوانه 48) :
لَولا حُمَيدَةُ ما هـامَ الفُـؤادُ ، وَلارَجَّيتُ وَصَلَ الغَواني آخِرَ العُمُر ِ !
وفي خزانة الأدب ، ولب لباب لسان العرب ، لعبد القادر البغدادي
ولأهميته أنقله لكم :
وجران العود لقب شاعر من بني ضنة بن نمير بن عامر بن صعصعة.
والجران، بكسر الجيم.
والعود بفتح العين المهملة ، وسكون الواو ، وآخره دال مهملة :
هو المسن من الإبل.
كتب ياقوت بن عبد الله الحموي في :
حاشية مختصر جمهرة ابن الكلبي :
ومن بني ضنة بن نمير:
جران العود الشاعر ، واسمه عامر بن الحارث بن كلفة ، وقيل: كلدة.
وإنما سمي جران العود لقوله يخاطب امرأتيه:
عـمــدت لـعــود فالتـحـيـت جـرانــه=وللكيـس أمـضـى فــي الأمــور وأنـجـح
خــذ حـــذراً يـــا ضـرتــي فـإنـنـي=رأيت جران العود قد كاد يصلح
والجران: باطن العنق الذي يضعه البعير على الأرض
إذا مد عنقه لينام ، وكان يعمل منه الأسواط .
فهو يهددهما. انتهى.
وكتب أيضاً في الهامش الداخل:
ومن بني ضنة بن نمير جران العود ، صاحب
الضرتين اللتين ضربتاه ، وخنقتاه ، فعمد إلى جمل
فنحره ، وسلخ جرانه ، وهو جلد ما بين اللبة إلى اللحيين من باطن
ثم مرنه وجعل منه سوطاً ، وهو يقول:
عمدت لعود فالتحيت جرانه .............البيتين
فسمي جران العود ، وذهب اسمه فلا يعرف.
وضنة بكسر المعجمة ، وتشديد النون.
قال ابن قتيبة في كتاب الشعراء :
كان جران العود ، والرحال خدنين ، فتزوج كل واحد منهما امرأتين
فلقيا منهما مكروهاً ، فقال جران العود قصيدةً يذمهما
ويشكو منهما ، تقدم منها بيتان.
وأنه شعر بعيد عن أحداث المجتمع
ولا يستطيع هذا الشعر أن يواكب الأحداث
ويصور مشاعر الناس
وعندنا في الشعر العربي قصائد متناثرة
لشعراء مغمورين ، بالكاد يعرفهم العامة
بل الخاصة ..........
فهذا شاعر جاهلي قديم ، لأنه من أهل القرن السادس الميلادي ،
وهو مغمور ، من الأغفال والمجاهيل
هو الشاعر جران العود النمري
ويبدو أنه قد تزوج مرارا
وأنه قد جمع بين امرأتين .
ولكنه لم يكن سعيدا في زواجه قط
فقال هذه القصيدة الحائية ، التي تصور خلجات النفس
وتتحدث عما لقيه في زواجه من المتاعب
فقصيدة جران العود هذه قصيدة رائعة
وهو يصور فيها ما لقيه في زواجه من المتاعب
بعد أن كان قد أغرم بامرأة لجمالها ، وحسن سمتها ، وجمال مخبرها
ودفع لأهلها مهرا كبيرا ، ثم تزوجها على امرأة كانت عنده.
وموضوع القصيدة من الموضوعات النادرة في شعرنا العربي .
كما أن فيها شيئا من المرح ، وكثيرا من حسن التصوير ، وصحة التعبير
وهذه القصيدة هي أول قصيدة في ديوانه المطبوع
باسم :
ديوان جران العود النمري ، القاهرة – دار الكتب المصرية / 1350هـ = 1931م :
أَلا يَغُرَّنَ اِمرَأً نَوفَلِيَّةٌ=عَلى الرَأسِ بَعدي أَو تَرائِبُ وُضَّحُ
وَلا فاحِمٌ يُسقى الدِهانَ كَأَنَّهُ=أَساوِدُ يَزهاها لِعَينَيكَ أَبطَحُ
وَأَذنابُ خَيلٍ عُلِّقَت في عَقيصَةٍ=تَرى قُرطَها مِن تَحتِها يَتَطَوَّحُ
فَإِنَّ الفَتى المَغرورَ يُعطي تِلادَهُ=وَيُعطى الثَنا مِن مالِهِ ثُمَّ يُفضَحُ
وَيَغدو بِمِسحاحٍ كَأَنَّ عِظامَها=مَحاجِنُ أَعراها اللِحاءَ المُشَبِّحُ
إِذا اِبتُزَّ عَنها الدِرعُ قيلَ مُطَرَّدٌ=أَحَصُّ الذُنابى وَالذِراعَينِ أَرسَحُ
فَتِلكَ الَّتي حَكَّمتُ في المالِ أَهلَها=وَما كُلُّ مُبتاعٍ مِنَ الناسِ يَربَحُ
تَكونُ بِلَوذِ القِرنِ ثُمَّ شِمالُها=أَحُثُّ كَثيراً مِن يَميني وَأَسرَحُ
جَرَت يَومَ رُحنا بِالرِكابِ نَزُفُّها=عُقابٌ وَشَحّاجٌ مِنَ الطَيرِ مِتيَحُ
فَأَمّا العُقابُ فَهيَ مِنها عُقوبَةٌ=وَأَمّا الغُرابُ فَالغَريبُ المُطَوَّحُ
عُقابٌ عَقَنباةٌ تَرى مِن حِذارِها=ثَعالِبٌ أَهوى أَو أَشاقِرَ تَضبَحُ
عُقابٌ عَقَنباةٌ كَأَنَّ وَظيفَها=وَخُرطومَها الأَعلى بِنارٍ مُلَوَّحُ
لَقَد كانَ لي عَن ضَرَّتَينِ عَدِمتُني=وَعَمّا أُلاقي مِنهُما مُتَزَحزَحُ
هُما الغُولُ وَالسِعلاةُ حَلقي مِنهُما=مُخَدَّشُ ما بَينَ التَراقي مُجَرَّحُ
لَقَد عاجَلَتني بِالنِصاءِ وَبَيتُها=جَديدٌ وَمِن أَثوابِها المِسكُ يَنفَحُ
إِذا ما اِنتَصَينا فَاِنتَزَعتُ خِمارَها=بَدا كاهِلٌ مِنها وَرَأسٌ صَمَحمَحُ
تُداوِرُني في البَيتِ حَتّى تَكُبَّني=وَعَينِيَ مِن نَحوِ الهِراوَةِ تَلمَحُ
وَقَد عَلَّمَتني الوَقذَ ثُمَّ تَجُرُّني=إِلى الماءِ مَغشِيّاً عَلَيَّ أُرَنَّحُ
وَلَم أَرَ كَالمَوقوذِ تُرجى حَياتُهُ=إِذا لَم يَرُعهُ الماءُ ساعَةَ يَنضَحُ
أَقولُ لِنَفسي أَينَ كُنتِ وَقَد أَرى=رِجالاً قِياماً وَالنِساءُ تُسَبِّحُ
أَبِالغَورِ أَم بِالجَلسِ أَم حَيثُ تَلتَقي=أَماعِزُ مِن وادي بُرَيكٍ وَأَبطَحُ
خُذا نِصفَ مالي وَاِترُكا ليَ نِصفَهُ=وَبينا بِذَمٍّ فَالتَعَزُّبُ أَروَحُ
فَيا رَبِّ قَد صانَعتُ عاماً مُجَرَّما=وَخادَعتُ حَتّى كادَتِ العَينُ تُمصَحُ
وَراشَيتُ حَتّى لَو تَكَلَّفَ رِشوَتي=خَليجٌ مِن المُرّانِ قَد كادَ يُنزَحُ
أَقولُ لِأَصحابي أُسِرُّ إِلَيهِمُ=لِيَ الوَيلُ إِن لَم تَجمَحا كَيفَ أَجمَحُ
أَأَترُكُ صِبياني وَأَهلي وَأَبتَغي=مَعاشاً سَواهِمُ أَم أَقِرُّ فَأُذبَحُ
أُلاقي الخَنا وَالبَرحَ مِن أَمِّ حازِم ٍ=وَما كُنتُ أَلقى مِن رُزَينَةَ أَبرَحُ
تُصَبِّرُ عَينَيها وَتَعصِبُ رَأسَها=وَتَغدو غُدُوَّ الذِئبِ وَالبومُ يَضبَحُ
تَرى رَأسَها في كُلِّ مَبدىً وَمَحضَر ٍ=شَعاليلَ لَم يُمشَط وَلا هُوَ يُسرَحُ
وَإِن سَرَّحَتهُ كانَ مِثلَ عَقارِبٍ=تَشولُ بِأَذنابٍ قِصارٍ وَتَرمَحُ
تَخَطّى إِلَيَّ الحاجِزينَ مُدِلَّةً=يِكادُ الحَصى مِن وَطئِها يَتَرَضَّحُ
كِنازٌ عِفِرناةٌ إِذا لَحِقَت بِهِ=هَوى حَيثُ تُهويهِ العَصا يَتَطَوَّحُ
لَها مِثلُ أَظفارِالعُقابِ وَمَنسِمٌ=أَزُجُّ كَظُنوبِ النَعامَةِ أَروَحُ
إِذا اِنفَلَتَت مِن حاجِزٍ لَحِقَت بِهِ=وَجَبهَتُها مِن شِدَّةِ الغَيظِ تَرشَحُ
وَقالَت تَبَصَّر بِالعَصا أَصلَ أُذنِهِ=لَقَد كُنتُ أَعفو عَن جِرانٍ وَأَصفَحُ
فَخَرَّ وَقيذاً مُسلَحِبّاً كَأَنَّهُ=عَلى الكِسرِ ضِبعانٌ تَقَعَّرَ أَملَحُ
وَلَمّا اِلتَقَينا غُدوَةً طالَ بَينَنا=سِبابٌ وَقَذفٌ بِالحِجارَةِ مِطرَحُ
أَجَلّي إِلَيها مِن بَعيدٍ وَأَتَّقي=حِجارَتَها حَقّاً وَلا أَتَمَزَّحُ
تَشُجُّ ظَنابيبي إِذا ما اِتَّقيتُها=بِهِنَّ وَأُخرى في الذُؤابَةِ تَنفَحُ
أَتانا اِبنُ رَوقٍ يَبتَغي اللَهوَ عِندَنا=فَكادَ اِبنُ رَوقٍ بَينَ ثَوبَيهِ يَسلَحُ
وَأَنقَذَني مِنها اِبنُ رَوقٍ وَصَوتُها=كَصَوتِ عَلاةِ القَينِ صُلبٌ صَمَيدَحُ
وَوَلّى بِهِ رادُ اليَدَينِ عِظامُهُ=عَلى دَفَقٍ مِنها مَوائِرُ جُنَّحُ
وَلَسنَ بِأَسواءٍ فَمِنهُنَّ رَوضَةٌ=تَهيجُ الرِياضُ غَيرَها لا تَصَوَّحُ
جُمادِيَّةٌ أَحمى حَدائِقَها النَدى=وَمُزنٌ تُدَلّيهِ الجَنائِبُ دُلَّحُ
وَمِنهُنَّ غُلٌّ مٌقمِلٌ لا يَفُكُّهُ=مِنَ القَومِ إِلّا الشَحشَحانُ الصَرَنقَحُ
عَمَدتُ لِعَودٍ فَاِلتَحَيتُ جِرانَهُ=وَلَلكَيسُ أَمضى في الأُمورِ وَأَنجَحُ
وَصَلتُ بِهِ مِن خَشيَةٍ أَن تَذَكَّلا=يَميني سَريعاً كَرُّها حينَ تَمرَحُ
خَذا حَذَراً يا خُلَّتَيَّ فَإِنَّني=رَأَيتُ جِرانَ العَودِ قَد كانَ يَصلُحُ
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/borders/www.mowjeldoha.com-borders-53.gif
دراسة في حياة الشاعر ، وأخباره ، وشعره :
1- هو جران العود الحارث بن عامر (1) ، لقب عامر جران العود (2)
لأنه كان قد اتخذ جلدا من جران (عنق) العود ( الجمل المسن)
ليضرب به امرأتيه (3) .
كان جران العود خِدنا(4) وتِبعا لعروة بن عتبة
المعروف بعروة الرحال ، فعلى هذا يكون جران العود
من أهل النص الثاني من القرن السادس الميلادي
ولعله أدرك السنوات الأولى من القرن السابع .
وإذا نحن اعتبرنا أسماء الأماكن ، التي وردت في
أشعار جران العود ، وجدنا أنه كان من أهل العالية
في الشمال الغربي من نجد ، قريبا من الحجاز .
يبدو أن جران العود قد تزوج مرارا ، وأنه قد جمع بين امرأتين .
ولكنه لم يكن سعيدا في زواجه قط
ومع ذلك فقد جرب حظه مرة أخرى ، وكانت قد تقدمت به السن
إذ قال (ديوانه 48) :
لَولا حُمَيدَةُ ما هـامَ الفُـؤادُ ، وَلارَجَّيتُ وَصَلَ الغَواني آخِرَ العُمُر ِ !
وفي خزانة الأدب ، ولب لباب لسان العرب ، لعبد القادر البغدادي
ولأهميته أنقله لكم :
وجران العود لقب شاعر من بني ضنة بن نمير بن عامر بن صعصعة.
والجران، بكسر الجيم.
والعود بفتح العين المهملة ، وسكون الواو ، وآخره دال مهملة :
هو المسن من الإبل.
كتب ياقوت بن عبد الله الحموي في :
حاشية مختصر جمهرة ابن الكلبي :
ومن بني ضنة بن نمير:
جران العود الشاعر ، واسمه عامر بن الحارث بن كلفة ، وقيل: كلدة.
وإنما سمي جران العود لقوله يخاطب امرأتيه:
عـمــدت لـعــود فالتـحـيـت جـرانــه=وللكيـس أمـضـى فــي الأمــور وأنـجـح
خــذ حـــذراً يـــا ضـرتــي فـإنـنـي=رأيت جران العود قد كاد يصلح
والجران: باطن العنق الذي يضعه البعير على الأرض
إذا مد عنقه لينام ، وكان يعمل منه الأسواط .
فهو يهددهما. انتهى.
وكتب أيضاً في الهامش الداخل:
ومن بني ضنة بن نمير جران العود ، صاحب
الضرتين اللتين ضربتاه ، وخنقتاه ، فعمد إلى جمل
فنحره ، وسلخ جرانه ، وهو جلد ما بين اللبة إلى اللحيين من باطن
ثم مرنه وجعل منه سوطاً ، وهو يقول:
عمدت لعود فالتحيت جرانه .............البيتين
فسمي جران العود ، وذهب اسمه فلا يعرف.
وضنة بكسر المعجمة ، وتشديد النون.
قال ابن قتيبة في كتاب الشعراء :
كان جران العود ، والرحال خدنين ، فتزوج كل واحد منهما امرأتين
فلقيا منهما مكروهاً ، فقال جران العود قصيدةً يذمهما
ويشكو منهما ، تقدم منها بيتان.