المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسكوت عنه في الرواية



سمير الشريف
24/12/2009, 09:34 AM
ثلاثة أعمال فيما وقعنا عليه في الساحة الأدبية الأردنية لامست حالة الوضع الجامعي وناقشت الكثير من إرهاصاته وإن اختلفت الطرائق والأساليب، فبعد رواية (وهن العظم) لمحمد العمري ونص ( الحمراوي) لرمضان الرواشدة، تأتي رواية (الرواية) للشاعر علي هصيص وكان بفضاء مكاني ( جامعة اليرموك )وزماني فصل دراسي جامعي واحد، لتكشف الكثير من التناقضات والأحداث المتشابكة والمتداخلة والأمراض وكواليس الحياة الجامعية طلابا وأساتذة .
لن نقف على عتبة حرق المراحل الأدبية التي يتذرع بها البعض من أن الشاعر لا يجب أن يتعاطى الإبداع الروائي قبل أن يمر بمحطة القصة القصيرة والتدرب عليها كأنها جسر عبور وحشية تدريب للهواة وليس لها قواعدها ومدارسها وأعلامها عربيا وعالميا ، فهذا تقزيم للإبداع والمبدعين ويخالف شرط الموهبة التي لا تعترف بالمراحل و مدارسها، إذ المبدع هو المبدع أينما حل وارتحل، والشواهد كثيرة على شعراء نجحوا في الرواية بنفس مستوى نجاحهم في الشعر إن لم يتفوقوا عليه.
ولئن كانت مادة الرواية في الأدب الحديث المحور الذي انطلق منه النص ، والدكتور الجامعي المدرس لها، كان الشخصية المحورية التي وضعت على طاولة التشريح رواية (السفينة) للكاتب الفلسطيني ( جبرا إبراهيم جبرا) مثالا نقديا وتشريحي لرؤية الأستاذ ومفاهيمه وآراءه في الواقع والأدب والحياة ، فإنها بحق تسجيل واقعي للجانب الأكاديمي في الجامعات حسبما يعكسه أبطالها وعلاقاتهم. تظهر الرواية ثقافة الكاتب العامة، الدينية والأدبية بشكل خاص وتشتمل على الكثيرً من النقد الموزع على لسان الأبطال، كنقد رئاسة الجامعة والنظام الأكاديمي و الظواهر السلبية في المجتمع والجامعة والحالة الأدبية البائسة والشلل والخواء الحزبي، ليصل إلى نقد الحكومة وسياساتها والأحزاب وبعض الشخصيات العامة .
بعض المسكوت عنه مما أورده النص( التخلف الموجود في الجامعة لا يوجد في مكان آخر...لم يكن هذا الكلام بحاجة إلى ذكاء كي يفهم ما وراءه..
-: مشاجرة جديدة في الجامعة...وأخبار عن مقتل طالب....هذه المرة من أجل فتاة أم من اجل القبيلة؟).... راح يفكر في هذا النظام التربوي الذي يأوي إليه الطالب اثني عشر عاما قبل الجامعة ثم أربع سنوات جامعية ولا ينجح هذا النظام فغي استئصال أورام العصبية المنتشرة في صدور طلابه، ولم ينجح في تعليم الطالب ألف باء المحافظة على الأثاث المدرسي والجامعي،لم ينجح في تعليمه التعبير عن رأيه صراحة بدلا من اللجوء للحمامات ليبث فيها الطالب شكواه ويكيل اللعنات على الأساتذة ومن هم أعلى منصبا....أي نظام تربوي هذا الذي يبدأ الكذب فيه من أول يوم دراسي حين يظهر الوزير في مؤتمره الصحفي ليقول :الدراسة الفعلية تبدأ منذ اليوم الأول وكل شيء جاهز ل نقص للكتب والمعلمين ...ليس عجيبا أن يصل المدرس الجامعي لرتبة أستاذ بأبحاث مسروقة ويقدمها لنيل الدكتوراه أو الحصول على رتبة علمية...ليس عجيبا أن يمضي الطالب في المدرسة والجامعة عشرات السنين ولا يستطيع تعداد أسماء خمس روايات...هناك حكومات تقتل بيد من حديد وحكومات تقتل بيد من حرير ... إذا أردت أن تصبح وزيرا فاشتم وجعجع لتجد نفسك في نعيمها....حكومتنا لا تلجأ للحديد إلا وقت الضرورة لأننا شعب من السهل ترويضه واشغاله ستة أشهر بموضوع سيادة خمسة دنانير على راتبه.....كان يعرف أن هناك أسبابا كثير تمنع من إعلان أسماء الطلاب المتورطين وإعلان الإجراءات المتخذة بحقهم، منها على أقل تقدير أن يأتي أحد المتورطين البارزين بمسؤول رفيع المستوى ليعيده للحرم الجامعي ويرفع عنه العقوبة ويغسل سجله بالماء والثلج والبرد ويضلل الناس بأسماء المتورطين ويعطي لإدارة الجامعة حرية الرفض والقبول...تغيب احمد عن هذه المحاضرة،كان على موعد مع خطيبته التي ما فتئ الدكتور جواد يراودها عن نفسها ويحاول استدراجها إلى مكتبه ...القائمون على قبول الأعضاء ‘يقبلون أعضاء مقابل حفلة عشاء في مطعم فاخر، وأحدهم قدم لرئيس لجنة العضوية هاتفا نقالا...عندما تكون الشعارات الحزبية هي شعارات الرابطة على حساب الشعارات الأدبية والإبداعية ثم لا يكون هنالك تطبيقا لأي شعار للحزب...الطالب الجامعي ليس مثقفا ولا يعرف كيف يتعامل مع ثورة المعلومات...الأستاذ الجامعي لا يعمل على تثقيف نفسه والتنظير سيد الموقف والتطبيق في ذمة الله) .
بلغة متوترة مكثفة ناقدة معرية، أطلق النص صرخة في المجهول عسى أن تجد آذانا صاغية وتعيد النظر في كثير من المغالطات التي تكتنف الحالة التعليمية والأكاديمية والثقافية التي لم تعد كما قال المبدع "موسى حوامدة" شأنا وطنيا.

هيام ضمره
18/01/2010, 01:01 PM
عرض نقدي مجزي، ذكي ورصين، جرئ وواضح، كثيف وغني
قلم ثر يخوض التشريح بمقدرة بارعة.. ينبش في الأرضية دون أن يغفل البحث في الأركان والسقف
الحياة ضوضاء لا تفتأ أن تثير كثيراً من الغبش
ويراع الناقد أداة تحفر في جسد النصوص دون أن تدميها
تكشف المستتر فيها وتحيل رموزها إلى صورة نابضة تتمادى في التفصيل
فبورك هذا اليراع المجيد