المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من ذكريات الحرب على غزة:قصيدة:في يديَ السـّلاح بقلم مجدي يوسف



مجدي محمد يوسف
27/12/2009, 10:03 PM
في يديَ السّلاح
"كان السبت :السابع والعشرون من
كانون الأول لعام ألفين وثمانية ؛الشرارة
الأولى للمحرقة الجديدة التي أحرقت
غزة ،فصارت غزة أطلال أرضٍ
ودم ،وروح ،وجسد "...
سأبقى في الخراب على التّرابِ
وإن أَثْكَلْتَنـي خيـَر الصّحــابِ
ففي يـديَ السـلاح إليك أبغي
وفي صدري الحـرائقُ كالقبـابِ
* *
وفي عيني يلوح السُّخط منها
بروقاً راعشــاتٍ،أو رعــودا
هنيئاً باللّقـا صـبّرتُ نفسـي
سأجعلك الحجـارةَ ،والحــديدا
* *
هنيئاً باللقــاء،فقـد تخـلّى
عن الموجوع أسـيافُ اليمـاني
هنيئـاً قد ملأتَ الأفْـق شدواً
وذبّحـتَ الحمـائـمَ بالسّـنانِ
* *
وزلزلتَ المعــابدَ،والمباني
وأشعلتَ الجحيـم على رُبوعي
ففي الآفاق أشـرعةُ اللّهيـب
وفي الأنقاض أشــلاءُ المَروعِ
**
هنيئاً قد صَدعتَ الأرض عزماً
وأنت تحـرّق الأطفـال شـوقا
وقطّعتَ الجسـوم على صفيحٍ
وحطّمتَ الرؤوس ،فبان صِـدْقا
* *
وزيّنْتَ الوجـوه بكـلّ لـونٍ
فأبدعتَ الدِّمـا بدراً،ونجــما
قوافـلُ للفـدا حطّتْ رحــالاً
تصون اللهَ ،والوطـن الأشـمّ
* *
وفجّرتَ الميــاه بكلّ شِـبْرٍ
فَفَاضتْ من مجـاريها الشّعابُ
أَبحْتَ غـديرها غُرَفَ التّراب
وأشقى السائلَ الأعمى السّرابُ
* *
فهل كابدتَ عُـزْلاً غافليـن؟
على ضَنْكٍ لقـد باتوا سكارى
رَبَوا تحت المحازن والمآسي
حفـاةً بائسـينَ،وكالحيـارى
* *
أقاموا ليلهـم تحت الشّموعِ
ُيعانون القوارسَ ،والضّيـاعا
وَذُعْراً من غَدٍ قد بات وحشاً
يُطاردهم مَخالبُـــه التياعَا
* *
يُقضّون النهـار،وهم صفوفٌ
لخبـزٍ،أو وُقــودٍ،أو غـذاءِِ
كأنهـمُ على الطّـرقاتِ نحـلٌ
تسابقَ للزّهــور من الخَواءِ
* *
يلامســـها بأفواهٍ ظمـاء ٍ
يُوَشْوِشُها ،فتعذُب بالغــرامِ
يقبّـلها، فتمنحـه الحيــاة
فيلتحـمان في مَرح الإِكَــامِ
* *
تحاصرهم عدوّ الشمس، قهراً
بأسـوار العذاب المســتبِدِّ
وتأبى أن يبيع العُمْـرَ شِـبلٌ
رأى في الموت أعمـاراً لخُلْدِ
* *
رؤوسَ الصمت شافيزٌ قطفتَ
شفى شافيزُ غِلّي،وانكساري
فقد ذلّ اليهـــودُ بفنزويلا
فمرّوا كالكــلاب بلا ديـارِ
* *
ومغتصباً– يقول: وكيف أحيا
يقاسـمني غـذائي،أو هوائي؟
وهل يعلو بأجنحــتي بُغاثٌ
يطير بها، يُزاحمني سـمائي
* *
يعيش على اجتثاثٍ للضّحايا
وأنّـاتِ الثّكالـى ،والجيــاعِ
ووأْدٍ للطفولة ،وهي تحـبو
وأوجاعِ اليتامى ،والضّيــاعِ
* *
ألا ليت الممــالكَ يعتريها
حياءٌ ،أو خشــوعٌ ،أو إخاءُ
فتغدو مثـل شافــيزَ الأبيِّ
يُنفَّضُ عن كواهلها العـزاءُ
* *
وتنصُـب للفــدا راياتِ عزٍّ
تُعيدُ الأرض ،والمجد السّـليبا
فإنّي قد قطعـتُ بكم رجـائي
وربِّي ليس يستبقي الغريبـا
* *
هنا الناسُ تعيش على انتظارٍ
لموتٍ يرتضـيه لنـا الجـبانُ
فصارُ النّـاس أكفاناً بظـلّي
تجرّ الرّعبَ،يَجْلِــدُهَا الزمانُ
* *
تحنُّ إلى القبـور لعـلّ فيها
مراحَ الرّوح في العهد الرّغيدِ
فتلقى الربّ،قد رَضِيَ الرحيمُ
مُخضّبةَ الجنـاحِ كيومِ عيــدِ
* *
كأشـجار الخريف هنا وقوفاً
إلى أَنْ يَعصف الصِـرُّ القريبُ
وكالأحجار في النّهر الغضوبِ
وكالأطيـار أفزعـها المغيبُ
* *
إلهـي ،إننا نشـكو إليـك
عـدوّاً أُرجــوانيّ الشّـرابِ
له في صدرِ أرضٍ،أو سماءٍ
مضّرجـةٌ تـدكُّ بكـلِّ بـابِ
* *
فهل يرضى إلهي،عن ذئابٍ
لها في القتل تَذكارٌ،وسَـبْقُ؟
لَكَم قُطِعـتْ رقاب الأنبيـاء
بها ما أشـبع الأنهـامَ دَفْقُ
* *
فلو نزلتْ بوادينا السِّـباعُ
لَولّتْ في الفضا تطوي الحُزونا
لماذا لا يعيش الحـرُّ حرّاً
على أرضٍ ترضّـعه الحنينا؟
* *
بأيّ الحـقّ تُفْترش الحقوقُ
لها فُرْسَـانُ قدْ جُعلوا عبيدا؟
لماذا يحرقُ الوطـنَ دخيـلٌ
يُضيع معالماً شَـهِدتْ عُهودا؟
* *
بناهُ الأوّلـون من الجـدود
بعين الشّمس بالسّفح الخصيبِ
فإنّ الأُسْـدَ تفترسُ البراريْ
إذا مـا الجوع طوّف بالدّروبِ
* *
أما تصغي إلهـي، للدّمـوع
تبوحُ بهـا مآقـي المؤمنينا؟
أما يُشـجيك مرأىً للّحـوم
مُوَسَّـدةً تـُرابَ الخـالدينا؟
* *
خلقتَ الكـون من عدَمٍ ،فكنتَ
بديعَ الكــائناتِ بلا مثـالِ
وصوّرتَ الورى تصوير حُسْنٍ
تَقَدَّسَ في الجلالِ على الكمالِ
* *
إلهـي ،إنهم عَبِثـوا بخـلق ٍ
فشاهوا حُسْنَه الحَرمَ القويما
قدِ اجترؤوا بأعتـدة الدّمـارِ
عليك، ففيم تستبقي الجحيما؟
* *
شكاوى المعدمين كما علمتَ
متى سيظلّ في الآفاق بَرْقُ؟
جناحُ المــوت ممتـدٌّ طليقٌ
له في الأرض أقنــعةٌ ترِقُّ
* *
فكنْ عوناً لنــا في النائبات
وصبّاراً على الأخطـار قومي
وباركْ جُرْح من لَبِس السّلاح
وأشـعلَ في العدى نيرانَ أمِّ
* *
فإن الأرضَ اِزْدَاْنـَتْ دمـاءً
وقد كـادتْ تجفُّ من الدّماءِ
فما زالتْ تُخبّـئ كـلّ بَذْرٍ
وينشقّ التّـرابُ عن الفـداءِ
* *
فضُمّيني إلى الصّـدر الحنونِ
إذا سَقَطَتْ يدايَ على الطـريقِ
ولُفّينــي بعُشـبٍ خضّـرته
دمائي ،وارحميني في الشّقوقِ
* *
ستبقى غزّةُ أرض الصّــمادِ
وذكرى للحَــديدِ على المُهـودِ
وتحيا غزّةُ وجـهُ الوجــودِ
برغمِ اللَّيـل،والقيــد الجـديدِ
مجدي يوسف
دير البلح_قطاع غزة_فلسطين
الثلاثاء 13 كانون الثاني 2009 م
magde_1990@hotmail.com

خالد أبو حمدية
28/12/2009, 01:20 AM
الأخ الشاعر
مجدي محمد

مقطّعات شعرية مؤثّرة
حسّها جميل
ودفقها موجع
وجملتها صادقة
بعيداً عن بعض الهنات الإيقاعية والنحوية البسيطة
التي شفعت لها هذه المشاعر الصادقة

شكراً لك على هذا التأريخ الحسّي الجميل لصور لن تغيب عن مخيلتنا في غزة الإباء.

شكراً لك

مجدي محمد يوسف
28/12/2009, 11:49 PM
الأخ الشاعر : خالد أبو حمدية:تحية طيبة عزيزة
مازالت الأوجاع تجمع عشّاقها
أشكرك على كلماتك الطيبة التي خططتها عن هذا النص، وأرجو أن أكون لها أهلا ً، وإن كان ما عددته من الهنات البسيطة ليست كذلك عند بعضهم.
شكرا ً
لك بصدق
صديقك
مجدي يوسف