المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هي تلك النجمة الغراءْ...بسوادها



عبد المؤمن منصور
29/12/2009, 10:05 AM
كلما أردت أن أتناسى ذلك الشيء، وكلما استنَّت الريح آتية وسحابة النسيان، اخترق ذلك الشبيه بذبذبات الصوت دقات قلبي، واخترق جدار النسيان بقبضة يده التي ليس لي بها حول ولا قوة، ولا سبيل لردعها، إنها يد الجنون، وأي جنون هذا الذي له قبضة يد كقبضة المتسلط المستبد الذي يفرض وجوده أو فلنقلْ محبته على رعيته أو باللفظ الأصح على ماشيته التي تعيش من فضلات قططه المدللة، إنه الجنون الذي ينتظر الصمت ليخترق بفوضى صمته حركات سكونه. إنه جنون وله جنون ويظهر كالجنون وكل ما فيه جنون، غير أن له لسانا مبتورا لطالما أصابني به فعرقل تنفسي وأسكن حركيته، وحرَّك سكون قلبي ليُذهبَ الطمأنينة من أذينه الأيسر والسكينة من بطينه الأيمن وودع لي وساوسه في الآخرين إلا أنه أماط الأذي عن قلمي ليكدر به نفحات روحي.
يا أيها الذي أعرفه ولا أعرفه كأنك تعرفني وتعرفني، لماذا أضأتَ قلبي بظلامك؟ ولماذا أشرقت شمس جنونك؟ ألِتحرقَ بها أجفان قلبي؟ لا أدري إذا كنت معنى لتلك النقاط التي طالما تزدحم وتلتمُّ في سويداء قلبي. فبأي كلمة سأعبر بها عن وجودك الذي اجتاحني بغيابه. إنك المنسي الذي عودنا بحضوره الأزلي كأننا ننساك لنذكرك فيا لغرابة عواطفنا كيف نعجنها من طينة التناقض.
من ذا الذي سيتحدث عنا إن لم نتكلم عن شخوصنا؟ فيا أيها الجنون اليتيم، أي جنون أنت الذي تفرد بتلك النقاط التي صنعت بأشكالها علامات للتعجب وأخرى للاستفهام.
لربما سيأتي ذلك اليوم الذي نعرفك فيه لنجهلك فيه، فقد عرفناك زمنا طويلا ولم نعرفك بطول هذا الزمن.
يا أيها الزمن الماضي كيف أنسى حاضرك وأنا حاضر فيه؟، وكيف أمضي عن زمنك وأنا ماض فيه؟إنك تشعرني بالأمل الذي عوَّدني بغروبه ليؤلمني بإشراقته.
عجبا أيها الزمن كيف نمحق عواطفنا ولا ندري لماذا نأسر الكلام في قلوبنا لحظات التيه، ونغني أغنية الصمت في سكون حواسنا، ونضحك بلغة الحزن حين يدركنا بحر الأحزان في عز شبابنا، كأننا نافرون منه إلى شيخوختنا حتى نحكي ماضينا البهيج بكذيباتنا الكبيرة لفلذات قلوبنا.
فعجبا من كل هذا، وعجبا لكوني أقص لك ماضي البهيج بالمآسي في شبابي الحاضر، وأكلمك لحظة ينطوي النهار على ليل مظلم.
فيا أيتها الليالي المظلمة، لقد سوَّدت ظلماء قلبي بنور لآليك فارحمي قلبي إنه يتعذب، دعيه يتعذب بظلمائه !!.
أيتها الليالي المظلمة، أضيئي مصابيحك علها تؤنسني قليلا ولا تؤاخذيني بكلامي فأنا ليلتان في ليلة واحدة.
أيتها الليالي المظلمة، ...في إحدى لياليك تأوهت النجمة الغراء بينما كنت في سباتك العميق وفي سكونك المروع. لقد تركتها تتململ في ظلامك الذي يسحر جميع صفصافات الوادي العتيق.
لقد توجَّعت كثيرا لأن القمر في تمام سعادته المأساوية، لقد كان القمر يمثل مسرحية ليست كمسرحيات الآخرين لأنها ببرقع واقعي مثل المأساة التي خلقت السعادة.. عجبا وهل للمأساة سعادة؟ نعم. هي مأساة لم يعرفها أفلاطون وما عرفها أرسطو وقد جهلها كل الفلاسفة، ذلك أنها مزجت تصوير الواقع المثالي- الذي هو بين الواقع والسماء- في رؤية بين القلب والعين والأذن أو بين العين والأذن والقلب.
لقد تطايرت غرتها إلى السواد ورغم ذلك فقد أبت أن تُذهبَ سكونكِ بتوجعها فكتمت تلك الأوجاع حتى انحلت في سوادك وذهبت في ذهابك. أي صدمة أخذتها من هذا القمر الذي علمها درسا في المأساة ستنساه بعد ليلتها الساكنة. لقد أسكنت كل حركات الكون في لحظة أدركها القمر لا لشدة صمتها وسكونها بل بالسكون الذي خُلق من سكناتها.
وفي إحدى الليالي زاد وهيج ظلمتها فصارت ليلتك النجمة الغراء التي لا نهاية لبياضها في رؤيتنا وصارت هي الليلة التي ترسل أسهم سوادها المشع إلى اللانهاية. فعجيب بياضها وعجيب هو سوادها وعجيب كيف كانت وعجبا كيف ولت.. !!!

أميرة عمارة
01/01/2010, 03:16 PM
الفاضل\ عبد المؤمن منصور
شكرا جزيلا على هذه الدعوة للقراءة لك..

خاطرتك جميلة، تتجلى بها فلسفتك الخاصة..
وبالرغم من السوداوية التي تعم كل سطورها، إلا إنها تبقى حالة شعوية جديرة بالكتابة، وجديرة برسم ملامحها، وبالبحث عن مكنوناتها الخفية...

أبدعت أيها الفاضل، وأهلا وسهلا بك، وفي انتظار نصوصك دائما
تحيتي لك
أميرة عمارة

عـائشة السهلاوي
02/01/2010, 04:30 PM
عجبا أيها الزمن كيف نمحق عواطفنا ولا ندري لماذا نأسر الكلام في قلوبنا لحظات التيه،
بوحٌ يَنْبَثِقُ مِن صَمِيْمْ..
يُتَرجِمُ ضِلالَ الأورِقَة
..فِي جِلبابِ روح!!


أخِيْ الفَاضِلْ../عبد المؤمن منصور*
دوماً نَقِيّ الهَمسِ
أصِيل الحَرف

تَحِيّةٌ ممتَنّة*

عبد المؤمن منصور
13/03/2010, 12:33 AM
الشاعرة أميرة عمارة تحية معبقة بعبير العيون والنظرات الجميلة
دامت نظراتك للكلم جميلة كما أعهدها
شرفني حضورك وإن كان ردي جاء مأخرا
لكن كلماتك رسمت في رباي إيقاعا متناغما
أشكرك عليه

عبد المؤمن منصور
13/03/2010, 12:38 AM
أيتها الطائر المحلق في فضاءات الجمال وفي كون الخيال الشعري والأدبي عائشة سهلاوي
لكلماتك أثر مكتوب على رخام الشعر
لك ذوقك الخاص الذي اراد التميز
فناله من كل زواياه
أشكرك على مرورك الطيب
الذي بعث الروح من الروح
فبسطت العنقاء جناحيها في سماء الكلم.
تحياتي