المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرب غزة تثير شهيّة الشعراء لنصرة الأطفال الحالمين



رزق الغرابلي
29/12/2009, 11:44 AM
حرب غزة تثير شهيّة الشعراء لنصرة الأطفال الحالمين
غزة – رزق الغرابلي - وكالة الصحافة الفلسطينية صفا
انقشع غبار الدبابات ودويّ المدافع الطائرات في الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، وانقشعت معه أناملُ قَتَلَت وأيادٍ بطشت وحثالةٌ انتهكت، غير أن ذكرياتٍ بقت ترسم لوحتها دماء الجرحى وأشلاء الشهداء، وأنات براعم صغيرة من الأطفال لم ترحمهم "دولة الديمقراطية".

وامتشق الشعراء في أنحاء العالم أسِنَّة أقلامهم ليدافعوا بكل ما أوتوا من حكمة عن أطفال لم تشفع لهم طفولتهم من حميم رصاصات الغدر الإسرائيلية ولا صواريخهم الحاقدة، وتناولوا في قصائدهم حديثا مباشرا مع هؤلاء الأطفال الصغار الحالمين.

وقتلت "إسرائيل" خلال حربها الظالمة على غزة نهاية العام الماضي أكثر من 1400 مواطن فلسطيني، ثلثهم من الأطفال، فيما أصيب أكثر من 5000 آخرين.

وتحت عنوان "نفسي الفداء لكل منتصر حزين" ألقى شاعر المقاومة الفلسطينية الضفاوي تميم البرغوثي قصيدته المشهورة بعد يوم واحد من الحرب الإسرائيلية موجها حديثه للمسعفين ومعرجا على من أنقذوهم من الأطفال، قائلا: "نفسي فداءٌ للرجال المسعفين.. المنحنين على الركام ولم يكونوا منحنين.. الراكضين إلى المنازل باحثين عن الأنين.. حيث الأنين علامة الأحياء يصبح نادراً..".


أطفال بلا ماء ولا مأوى
ويضيف في مشهد تصويري مأساوي يرسم لوحة الأطفال الموتى فيقول: "يرفعون الردمَ، لا أحدٌ هنا.. تبدو يدٌ أو ما يشابهها هناكَ.. ويخرجون الجسمَ رغم تشابه الألوانِ.. بين الرمل والإنسانِ .. يا دهر فلتتذكر الموتى.. هنالك سبعة في الطابق الثاني.. ثمانية بباب الدار.. أربعة من الأطفال ماتت أمٌّهم وبقوا.. لأيام بلا ماء ولا مأوى.. ولا صوت، ولا جدوى".

ويصدح البرغوثي مناديا: "فقل للموت، يا هذا استعد فإنهم .. والله لن يأتوك أطفالاً، ولكن.. كالشيوخ تجارباً ومرارة.. حضِّر دفاعك فالقضاة مضرجين بحكمهم.. قدموا إليك مسائلين".

ويرسم البرغوثي صورة أخرى تدمي قلوب من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فينشد مهددا: "وهناك وجه بينهم يأتي عليه هالة رملية.. طفل يصيح بموته قم وانفض الأنقاض عني.. ولتدعني، أن أقول لقاتلي الغضبان مني.. إنني قد مت حقاً، لا مجازاً، غير أني.. لم يزل لي منبر فوق الأكف وخطبة لا تنتهي.. يا دولة قامت على أجسادنا لا تطمئني.. واعلمي ما تفعلين".

وتجود نفس البرغوثي من جديد على "أسرة جمع الجنود رجالها ونساءها في غرفة.. قالوا لهم، أنتم هنا في مأمن من شرنا.. ومضوا.. ليأمر ضابط منهم بقصف البيت عن بعدٍ .. ويأمر بعدها جرافتين بأن يسوَى ما تبقَّى بالتراب.. لعل طفلاً لم يمت في الضربة الأولى.. ويأمر بعد ذلك أن تسير مجنزرات الجيش في بطء على جثث الجميع.. يريد أن يتأكد الجندي أن القوم موتى، ربما قاموا".


فلتخف من الصغار النائمين
ويتابع يرسم الصورة المحكية: "ويطلب طلعة أخرى من الطيران تنصره على الموتى .. ويرفع شارة للنصر مبتسماً إلى العدسات منتصرا.. سعيداً أن طفلاً من أولئك لم يقم من تحت أنقاض المباني .. كي يكدِّره.. ويسأل نفسه في الليل، ما زال احتمالاً قائماً أن يرجعوا .. فيضيء ليلته بأنواع القنابل".

ويختتم البرغوثي أنشودته بفداء نفسه "للصغار الساهرين.. عطشاً وجوعاً من حصار الأقربين الآكلين الشاربين
المالكين النيل والوادي وما والاهما ملك اليمين .. الشائبين الصابغين رؤوسهم فمعمرين ".

ويتابع "نفسي فداء للصغار النائمين .. بممر مستشفى على برد البلاط بلا سرير، خمسةً أو ستةً متجاورين.. في صوف بطانية فيها الدماء مكفنين.. قل للعدو، أراك أحمق ما تزالْ.. فالآن فاوضهم على ما شئت.. واطلب منهمو وقف القتالْ .. يا قائد النّفر الغزاة أدري بأنك لا تخاف الطفل حياً .. إنما أدعوك صدقاً، أن تخاف من الصغار الميتين ".

ويتألم الشاعر المقدسي سعيد العلمي ألما ليس بأقل من ألم البرغوثي، وينادي غزة العزة، ويطمئن أطفالها أنهم لن يجنوا من بكاء الأقربين غير البكاء، وينادي: "أيا غـزة.. أيا غـزة.. فلسطينٌ بك اعتـَزّتْ.. وقـُدْسٌ فيكِ قد زُفـّتْ.. وما يُجديكِ أن يبكوا.. وما يُجدي ضحاياكِ.. وأطفالٌ وقد هـَلكوا.. وما يجديكِ عـجزُهُمو.. وما نفعُ المسيراتِ.. صراخـُهمو.. هتافـُهُمو.. وما نفعُ الهـُتافاتِ".


هنيئا للقتلة الساديين
ويهنئ الشاعر خضر أبو جحجوح من مدينة غزة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني التي كانت قطبا من ثلاثة اتخذوا قرار الحرب على غزة، قائلا: "هنيئا لها ما لديها.. صهيلُ الأنين على شفتيها.. وشلال مسكٍ يحنِّي الفضاءَ.. وقصفٌ وموتٌ وقتلٌ وصبرٌ وتقوى.. وفيضُ يقينْ.. وشكوى".

ويذكرها بأنات طفل رضيع يصارع الموت من نار البواريد: "وصرخات طفل بريء يغطِّيه طنٌّ من الصخر والنارِ تحت الدمارْ.. ونظراتُ طفلٍ رضيع يمزِّق طائرتين بلحمٍ طريٍ وعظ ٍمفتتْ..ويهدي الدمار إليها دمارا".

"وعلى هامش انتصار غزة" يرجو الشاعر الكويتي خميس محمد من البطل الغزي أن يضرب بقوة على يد قاتل الأطفال،وينشدصادحا:"يا أيهـا الغـزِّيُ، يـا بطـلاً..جعل "القطاعَ" لخصمه قبـرا..ندعو لك الرحمنَ فـي خجـلٍ..فلتلتمـسْ لغثائـنـا عــذرا..واضربْ بنانَ المعتدي، ويـداً..نحرت طفولـةَ غـزة نحـرا".

ويمضي يرصد صورة قاتل الأطفال غدرا "هو نفسه السـاديُّ نذكُـرُهُ..ولمؤمنٍ، قد تنفـع الذكـرى.. البربريُّ السافـلُ الوقِـحُ الـ..متغطـرسُ المتأبـطُّ الشـرَّا..اصبـرْ لساعـاتٍ، فجُعْبتُـه..نَفِدتْ، وكلُّ الصعب قد مـرَّا.. هـذا صـراع إرادةٍ، ولـديْـ.. كَ، إرادةٌ، لا تقبـل الكسـرا".


أطفال يلعبون.. ويقتلون
"أطفال يركضون ويهرولون وأنا أنظر إليهم.. لكنني تعبت من النظر إليهم.. إنني أراهم نشيطين وغير متعبين.. تنتابهم أجمل المشاعر أثناء اللعب.. ها هم يلعبون أحدق بهم النظر.. فتعب نظري من النظر إليهم وهم غير متعبين".

بهذه الكلمات بدأ الشاعر التلحمي مأمون شحادة إهداءته إلى أطفال غزة، ويتابع "ذهبت باكيا من ساحة المعركة الطفولية، ودخلت البيت وارتميت في أحضان سريري لأشكو له همي.. فقال لي السرير: أنت مثلي أيها الطفل.. تحبس ما بين أربعة جدران ولم أنس يوما أنني سجينا بينهما.. فزاد السرير إلىَّ التعب ضعفين".

ويمضي منشدا "وبحرارة احتضنت السرير مرة أخرى باكيا.. فلقد وجدت أعز الأصدقاء.. صديق السجن والجدران أنت أيها السرير.. ذكرني أيها السرير كدت أن أنسى ولكن ذكرني.. كيف يكون الإنسان معصوب العينين ولا يرى إلا الظلام.. فرد قائلا: ارتمي في أحضاني وأطفئ النور.. سوف تجد الظلام والعينين المعصوبتين.. ألم أقل لك أنك نسيت".

ويضيف "فرددت في نفسه اللحن المر وأنا أقول.. اقترب مني كثيرا لأقول لك شيئا.. إن الظلام والعينين المعصوبتين مثل الكلام..فنحن نعرف أن كلامنا مثل ريشة طائرة في الهواء لا تعرف أين تهبط.. أتهبط على بقعة ماء.. أم على قطعة أرض.. أم على كتلة نار فتحترق..فالريشة لا تعرف أين تهبط لأن الريح تأخذها حيث شاءت".

ويبكي الشاعر السعودي حامد الزيد على غزته باكيا: "غزتي.. غزة البريئة.. أنت غزة العزيزة.. تحت الساطور غزتي.. وما أهملك الجزار يا غزة.. وغزة تحت المطرقة والسندان إلى متى.. ما جفت دموعي حين بكيت...! ما توقفت دمائي حين تألمت".

ويستذكر مظهر الأطفال والنساء تذبح، ويردد "الأطفال تذبح.. النساء تذبح.. الشيوخ في الدمار تسبح.. والجنين المقتول ماذا اقترف.. أهل غزة ما الهراء.. ويبصر رب السماء.. والله يمهل ولا يهمل".


ولغزة نرفع القبعة
ويختم لنا التقرير شاعرنا الفلسطيني مجيد البرغوثي مناديا "لِغزّةَ يَنحني المَجدُ احترامَا.. ويرفعُ رأسهُ بينَ النشامَى.. نشامَى أنشأوا أفُقــاً وشمْساً.. مِنً الأنفاق.. واقتحَمُوا الظلامَا.. هوَى سَدُّ الحِصار وصارَ وَرْداً.. وساحاتٍ لهُم.. شرقاً وشامَا.. نشامَى قدَّموا الأرواح وزناً.. لميزان العدالة.. فاستقامَا.. وفوقَ الكفة الأخرى حَديدٌ.. وجيش جُنَّ قهراً.. ثم هامَا".[/SIZE]